برعاية الرئيس السوري.. المنتدى الاستثماري السعودي - السوري يبدأ أعماله في دمشق    أسواق الأسهم الآسيوية تواصل مكاسبها معززة بأرباح قطاع التكنولوجيا    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    هل نكتفي بالظهور في وسائل الإعلام؟ أم نصنع تأثيرًا حقيقيًا؟    دول ومنظمات إسلامية وعربية تدين مصادقة الكنيست على فرض "السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    القادسية يختتم المرحلة الأولى من معسكره التحضيري في هولندا استعدادًا لموسم 2025/2026    وزارة الطاقة تطلق مسرعة لدعم ريادة الأعمال وتشجيع الشركات الناشئة في القطاع    أعيان صبيا يهنئون رئيس البلدية الجديد ويناقشون سبل التنمية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    إدانة عربية إسلامية على مصادقة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    برعاية أمير الباحة تنظيم مسابقة الدرمحي لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية    الصندوق العقاري يودع مليارا و51 مليون ريال لمستفيدي برنامج الدعم السكني    أبوظبي تفتتح قريبًا أحد أكبر تجمعات التجارب الثقافية بالعالم    انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن    رخصة "موثوق" لعبت دورا كبيرا في حماية السوق من الإعلانات الاحتيالية    اجواء شديدة الحرارة على معظم مناطق المملكة مع رياح مثيرة للاتربة    ترامب يشترط فتح الأسواق الأوروبية أمام الشركات الأمريكية    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض "المدينة المنورة للكتاب"    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    بين ضغوط ترمب ومواقف متصلبة.. محادثات بين موسكو وكييف في إسطنبول    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    موجز    فرنبخشة يتغلب على الاتحاد برباعية في أولى وديات معسكر البرتغال    انطلاق بطولة الهيئات المفتوحة لرفع الأثقال في الرياض بمشاركة 94 لاعباً ولاعبة    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    تصفيات ومواجهات ومتأهلين في عدد من الألعاب في الأسبوع الثالث    أمازون السعودية تُطلق 7 أيام متواصلة من عروض "يوم برايم 2025" الحصرية لأعضاء برايم من 25 – 31 يوليو    ضرورة مطابقة المركبة لمتطلبات الأمن والسلامة.. 10 ضوابط لسائق النقل التعليمي والسماح للفرد بالنشاط    المبعوث الأميركي: المطلوب قرار من حكومة لبنان لحصر السلاح    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    أواصر راسخة    ابن فرحان يتلقى رسالة من لافروف واتصالاً من وزير الخارجية البريطاني    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    تركي آل الشيخ يعلن فعاليات رياضية عالمية ضخمة في موسم الرياض المقبل    القيادة تعزي رئيس بنغلاديش    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    هيئة مدينة مكة تُطلق أعمال المسح الاجتماعي الاقتصادي    أمير جازان ونائبه يتفقدان مشروعات فيفاء    155 ألف مستفيد من خدمات مستشفى ينبع    حكمي.. قصة تحدٍ ملهمة في عالم التوحد وحفظ القرآن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    سبعة آلاف طفلٍ في مركز ضيافة المسجد النبوي    "هلال مكة" يفعل مساراته الطبية الإسعافية القلبية والدماغية    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة فيفاء    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون البدعة في التشريع الإسلامي (2-2)

توقفنا في الحلقة السابقة عند بيان أن قوله صلى الله عليه وسلم: “كل بدعة ضلالة” ليس ذمًَا لمطلق البدعة كما يفهمه بعضهم فهو وإن جاء بصيغة العموم فهو من قبيل العام المخصوص وهذا الحديث نظير قوله صلى الله عليه وسلم: “كل عين زانية” فقد جاء بصيغة العموم والمراد منه: كل عين ناظرة للحرام فهي زانية لا كل العيون. ونواصل”..
قال الإمام الحافظ الفقيه محيي الدين النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه والسلام: “وكل بدعة ضلالة” هذا عام مخصوص، والمراد غالب البدع”.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”. فهذا الحديث حجة لما سبق من تقرير فإن الإحداث المذكور إنما هو الإحداث في الدين الذي يخالف الشرع وليس له مستند من كتاب أو سنة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه”.أ.ه [فتح الباري لابن حجر 5/302]
فقوله رحمه الله: “ما لا يشهد له أصل” صريح في أن هناك حوادث محدثة في الدين يشهد لها أصل، وهذا هو الذي دل الحديث عليه بعينه، ودل عليه ما سبق من تقرير.
تقسيم آخر: قد تكون البدعة واجبة وقد تكون مندوبة وقد تكون مباحة وقد تكون مكروهة وقد تكون محرمة باعتبار ما تندرج تحته وقد بسط ذلك جماعة من العلماء ومنهم: الإمام النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء واللغات، وها أنا أسوق لك كلام الإمام العز بن عبدالسلام رحمه الله في ذلك -بتصرف- وقد بين فيه طريقة معرفة حكم البدعة فقال: قال العز بن عبدالسلام:
“البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى:
بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة. وللبدع الواجبة أمثلة: أحدها: الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
المثال الثاني: الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم. وللبدع المحرمة أمثلة: منها مذهب القدرية، ومنها مذهب الجبرية، ومنها مذهب المرجئة، ومنها مذهب المجسمة. والردُّ على هؤلاء من البدع الواجبة.
وللبدع المندوبة أمثلة: منها: إحداث المدارس وبناء القناطر، ومنها كل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها صلاة التراويح. وللبدع المكروهة أمثلة: منها زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف.
وللبدع المباحة أمثلة: منها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام..”أ.ه [قواعد الأحكام 2/384بتصرف]
على أنه ينبغي أن يعلم أن السنة التقريرية في أصلها بدعة فعلها الصحابي فأقره النبي صلى الله عليه وسلم عليها لاندراجها في أصل من أصول التشريع لا تخالفه.
ولذلك أمثلة كثيرة في السنة النبوية ومن ذلك:
- ما جاء عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: “يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك في الجنة” قال: ما عملت عملًَا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًَا قط في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي”. [بالبخاري رقم: 1098، ومسلم برقم: 2458] فانظر رعاك الله إلى سيدنا بلال رضي الله عنه كيف أحدث عبادة لم يرد بها نص من قرآن، أو أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصها بعينها، وواظب عليها مدة من الزمن دون الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقعت موقع القبول من الله تعالى بحيث كانت سببًَا في دخوله الجنة، فهذه بدعة أحدثها رضي الله عنها وفعلها مدة من الزمن مع عدم الدليل الدال عليها إلا أنها لا تخالف أصل الشريعة ولذا جاء الإقرار بفعلها بعد ذلك.
- ومنها ما رواه البخاري وغيره عن رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: “سمع الله لمن حمده”. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًَا كثيرًَا طيبًَا مباركًَا فيه، فلما انصرف قال: “من المتكلم؟” قال: أنا: قال: “رأيت بضعة وثلاثين ملكًَا يبتدرونها أيهم يكتبها”. [البخاري برقم: 766]
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور اه. [فتح الباري 2/287]
- وجاء في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًَا، والحمد لله كثيرًَا، وسبحان الله بكرة وأصيلًَا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من القائل كلمة كذا وكذا” قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله. قال: “عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء”. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. [مسلم برقم: 1386]
فانظر إلى هذا الذكر الذي فتحت له أبواب السماء، وقد قاله الصحابي ابتداء من نفسه دون أن يكون له مستند من كتاب أو سنة، ثم أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر فضيلته فصار سنة نبوية شريفة التزمها سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما ومن بعده من الأمة كثيرون.
فإن تحجج بعضهم بأن ذلك إنما كان في حياته صلى الله عليه وسلم فتلك حجة واهية والتفريق بين ما كان في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته غير صحيح إذ إن من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من أحدث أشياء ليس له فيها نص بعينها، وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر فيما فعل أهو سنة حسنة أم بدعة ضلالة، ومن ذلك صلاة سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه ركعتين قبل أن يقتل حيث جاء في حديث البخاري: فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرًَا. [البخاري برقم: 2880] فهل مات سيدنا خبيب رضي الله عنه ضالًَا مبتدعًَا بإحداثه هاتين الركعتين قبل أن يعرض أمره على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقره عليهما؟!! حاشا وكلا، بل هو المؤمن الصالح والشهيد الكريم الذي رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامه فقال: “وعليك السلام يا خبيب قتلته قريش” وقطعًَا هاتان الركعتان لم تخفيا على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كانتا بدعة ضلالة لم يجز له تأخير بيان حكمهما عن وقت الحاجة!! فتقرر ما ذكرناه سلفًَا على أن الناظر في كتب الفقهاء رحمهم الله تعالى يجد أمثلة مثل ذلك فقد أحدث سيدنا عثمان رصي الله عنه الأذان الأول يوم الجمعة وقد أحدث سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه تعدد صلاة العيد في المصر الواحد وغير ذلك مما هو متقرر في كتب الفقهاء رحمهم الله تعالى. ولذا لا يجوز التعجل بالحكم على شيء أنه بدعة ضلالة حتى يتبين القائل ويعيد النظر كرة بعد كرة في أصول التشريع حتى يعرف ما يندرج تحته مما لا يندرج وحتى يميز بين بدعة ضلالة وسنة حسنة.
•المشرف العام على موقع الإبهاج
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.