«عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    المجرشي يودع حياة العزوبية    القضية المركزية    وزير الدفاع يبحث مع نظيره البوركيني التطورات    توجيه بسحب الأوسمة ممن يفصل من الخدمة    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    الهلال يتطلع للحسم أمام الأهلي    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    صندوق البيئة يطلق برنامج الحوافز والمنح    هيئة الشورى تقر إحالة عدد من التقارير والموضوعات    تقويم لائحة الوظائف والنظر في المسارات والفصول الثلاثة.. ماذا تم..؟    ثلاثة آلاف ساعة تطوعية بجمعية الصم بالشرقية    أمير الرياض يحضر افتتاح مؤتمر «المروية العربية»    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    الذكاء الصناعي ركيزة في الرؤية    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    شاركني مشاكلك وسنبحث معاً عن الحلول    القيادة تهنئ ملك هولندا    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    القيادة تهنئ ملك هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    إبعاد "حكام نخبة أوروبا" عن روشن؟.. القاسم يردّ    (800) منتج وفرص استثمار.. الرياض تستضيف أكبر معرض لصناعة الدواجن    مهرجان الحريد    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    60 طالباً وطالبة يوثقون موسم «الجاكرندا» في «شارع الفن» بأبها    أبها تستضيف أول ملتقى تدريبي للطلاب المشاركين في برنامج الفورمولا 1 في المدارس    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    ورحل البدر اللهم وسع مدخله وأكرم نزله    عزل المجلس المؤقت    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    انطلاق تمرين "الموج الأحمر 7" بالأسطول الغربي    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الأول للورد والنباتات العطرية    حتى لا نفقد درراً !    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    وصول التوأم السيامي الفلبيني "أكيزا وعائشة" إلى الرياض    على واقع المظاهرات الطلابية.. أمريكا تعلق شحنة أسلحة لإسرائيل    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    رونالدو يسجل أرقام قياسية بعد الهاتريك    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    النملة والهدهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مريسي: نحن نستقبل ثقافيًّا من الآخر أكثر مما نرتحل إليه.. وليس في ذلك انهزامية
نشر في المدينة يوم 08 - 10 - 2010

يطرح نادي مكة الثقافي الأدبي من خلال اللقاء الثالث الذي تنطلق فعالياته يوم غد السبت تحت عنوان “المثاقفة الإبداعية ائتلاف لا اختلاف” عددًا من القضايا الأدبية والثقافية الكبيرة؛ في ظل ما يراه البعض من انهزامية ثقافية عربية في ظل نشدان التثاقف مع الآخر، في حين يرى القائمون على اللقاء وما سيطرح من المحاور أن المثاقفة مع الآخر تأتي لكشف مسالك المثاقفة الإبداعية إلى الخطاب الأدبي العربي في أنواعه وأجناسه كمًّا ونوعًا، قديمًا وحديثًا.. ومن هذا المنظور لموضوع اللقاء والمحاور التي حددت للكتابة فيها مما له علاقة مباشرة بموضوعه وأبرز القضايا التي ستطرح كان ل”المدينة” هذا اللقاء مع الأمين العام للقاء وعضو مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي والأكاديمي المعروف الدكتور محمد بن مريسي الحارثي فإلى مضابط الحوار..
المشترك التناسبي
* تطرحون في هذا اللقاء موضوع “المثاقفة الإبداعية ائتلاف لا اختلاف”.. فلماذا المثاقفة بالتحديد؟
أولا لا يمكن أن تعيش حضارة بمعزل عن الحضارات الأخرى؛ فهناك تبادل مشترك بين الحضارات، والحضارة العربية الإسلامية حضارة حيّة مستمرة في هذه الحيوية الديمومية – إن صح لنا هذا التعبير -؛ لأنها مبنية على بعد سماوي ليس من صناعة البشر؛ وإنما هو صناعة إلهية، وهذ الصناعة الإلهية إنما نزلت للناس جميعًا، ومن أراد أن يدخل في شرط هذه الحضارة الروحية السماوية فله ذلك، ومن تمنّع وصد عنها فله ذلك “لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”. ثم إن مشتركات الحضارات تؤثر بعضها في بعض، وتتقارب وتتنافر وتأتلف بناء على ما يمكن أن يحدث من أسباب وعوامل التقارب، أو ما يحدث من عوامل وأسباب التنافر. ونحن إنما نبحث مع الحضارات الأخرى عن المشترك التناسبي الذي تتآخى فيه الحضارات لأي وجه من وجوهها، وفي أي صورة من صورها. والمثاقفة الإبداعية شأنها شأن المثاقفة في أي شأن آخر قد تكون غير إبداعية؛ فقد تكون مادية، وقد تكون سياسية، وقد تكون اجتماعية، وقد تكون شيئًا من ذلك، ومن هنا كان لابد أن نبحث عن مواطن ائتلاف مشتركات الإبداع الفني وبخاصة في الأدب، ومدى تقبّل الأدب العربي للآخر، ومدى ما يمكن أن يفيد به الآداب الأخرى.
الطريق الأقرب
* في ضوء ما تقول.. هل من الممكن أن تحل المثاقفة صراعًا قائمًا أو تنشىء صراعًا جديدًا؟
نعم ممكن، وممكن أن ينتج عنها صراع جديد، وممكن أن تخفّف على أقل تقدير من بعض الصراعات القائمة بين الحضارات؛ لكن قضية الصراع الآن لم تعد ذلك الأمر المخيف لما يخص المشترك بين الحضارات؛ لأن الصراع لا يكون إلا عن طريق طلب الغلبة؛ والحضارات لا تطلب الغلبة وإنما تطلب التآخي والتناسب والإفادة من بعضها البعض؛ فإذن أصبحت المثاقفة هي الطريق الأقرب إلى ما وصل إليه العالم الآن من قضية العولمة، وهي اتساع وانزياح المشتركات من أجل أن تدخل كل حضارة في هذه العولمة بما لديها من مقومات حضارية ذاتية، وبما يمكن أن يفيد الآخر من هذه المقومات الحضارية الذاتية، فقضية المثاقفة هي قضية المشترك على كل الأصعدة سواء كانت فنية أو غير فنية.
ائتلاف وليس اختلاف
* بالنظر إلى المثاقفة والغزو الفكري.. هل هناك ما يعرف بالغزو الفكري حاليًا كما كان ينظر إليه في السابق في ظل هذا الانفتاح العالمي غير المسبوق عبر وسائل الاتصال المختلفة والبث الفضائي؟
كلام جيد في هذا لكننا نبحث عن الائتلاف وليس الاختلاف؛ لأن الاختلاف هو المفضي إلى ما يمكن أن يكون غزوًا أو صراعًا أو ما إلى ذلك، ولكننا في هذا الملتقى نبحث عن مواطن الائتلاف وليس مواطن الاختلاف، وهذا ما أشار إليه موضوع هذا الملتقى .
مفهوم المثاقفة
* برأيك.. هل بوسع هذا الملتقى بما يطرحه من محاور أن يخلص إلى خطاب تثاقفي يستطيع أن يتعامل مع الآلة الموجودة لتصل إلى هذه الرؤية المطروحة في محاور اللقاء؟
في الإشارة إلى الصراع والغزو وقد أثار لديكم هذه الأسئلة إنما كانت في محورين: المحور الأول ونحن نبحث في مفهوم المثاقفة ما المثاقفة؟ وهذا هو التأسيس الذي يقوم عليه مفهوم المثاقفة بين الأمم والشعوب، والمحور الثاني هو عن مسالك المثاقفة؛ كيف كانت مسالك المثاقفة بيننا وبين الآخر، فالمثاقفة أن نستقبل وأن نتحد إلى الآخر بما لدينا من إبداع لنوسع به نظرتنا إلى الحراك الثقافي الإبداعي عند العرب، ومن هنا لابد من الإشارة إلى هل الصراع مسلك من مسالك المثاقفة.. وهل الغزو مسلك من مسالك المثاقفة.. وهل الاختيار من الثقافات الأخرى هو المسلك الصحيح؟ نحن نبحث عن الاختيار الصحيح أو الاختيار الذي يرغب فيه المتأثر بالثقافات الأخرى سواء إبداعية أو غير إبداعية، فالمشترك أو الائتلاف هو الذي يبحث عن قضية الاختيار، والاختيار لا يكون إلا عن قناعة، ولا يكون عن غزو ولا استئثار بأي مسلك آخر.
تنشيط وليس تأسيس
* هل يسعون بهذا الملتقى إلى تأسيس ثقافة جديدة أم أنتم تسيرون في مسار سابق واللقاء يساير المتطلبات الحضارية وينطلق من قاعدة تثاقفية سابقة؟
المثاقفة أمر واقع وليست وليدة العصر الحديث؛ إنما نشأت بنشوء الحضارات، فأي ثقافة تتثاقف مع غيرها من الحضارات في تحولاتها الزمانية والمجتمعية والمعرفية، ونحن لا نريد أن نؤسس ثقافة جديدة وإنما نريد أن ننشط هذه المثاقفة التي تقوم على اختيارنا نحن لما يمكن أن نتثاقف معه، نريد أن ننشط هذه المثاقفة عن طرق مراكز الترجمة من الآخر إلى اللسان العربي ومرونة استقبال الآخر وما وصل إليه من تقنيات إبداعية ثقافية، ومن الممكن أن نوسع نظرتنا في المثاقفة لما هو أبعد وأكبر مما هي عليه الآن، فنحن لا نريد أن نؤسس لأن الثقافة العربية تأسست منذ نزول القرآن الكريم وستبقى هذه الثقافة في استمرارها وفعلها والالتفاف حولها وإفادتها للمجتمعات الآنية والمستقبلية.
ثقافة استقبال
* لكن هل واقعنا الأدبي المعاصر بهذه القوة التي يستطيع من خلالها التثاقف مع الآخر؟
المثاقفة الآن مع الآخر هي ثقافة استقبال أكثر مما هي ثقافة ارتحال؛ لأن الارتحال يحتاج إلى عدة وقوة وإلى مسالك واضحة وإلى حاملي فكر متطور ومؤهلين للوصول إلى الآخر حتى عن طريق فتح نوافذ ممكن مساعدة الذات لتتسع المنافذ التي تصلنا إلى الآخر؛ لكننا في هذه المرحلة نحن نستقبل أكثر مما نرتحل إلى الآخر.
موروث ضد الانهزامية
* لكن البعض يرى في هذا “الاستقبال” نوعًا من الانهزامية.. فما قولك؟
لا ليست هناك انهزامية؛ نحن نعرف أن الثقافة العربية ترتكز إلى موروث شرعي وموروث سماوي، وهو موروث منفتح على العالمين، فإذا كان موروثنا الأساس منفتح على العالمين، وأنه يصلح لكل زمان ومكان، وأنه يصلح لكل الأمم ولكل الأجناس فلماذا نخاف من الآخر؛ إنما إذا سمع الآخر صوتنا فربما هذا الصوت يبعث عنده مجموعة من الأسئلة فيما نحن فيه من معرفة ومن إبداع ومن ثقافة، ولعل هذا إذا وصل إلى حقيقة ما نحن فيه من ثقافة ومن معرفة لها خصوصية سماوية تشترك معنا فيها الأديان الأخرى ولسنا منفردين بها لعله يفكر فيما نحن فيه، ثم لعله يطمئن إلى ما نحن فيه، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة هل يتأثر بنا أو لا يتأثر بنا هو حر في هذا.
خصوصية الحداثة العربية
* من المحاور المطروحة “التحولات في القصيدة العربية”.. كيف تقيمون هذه التحولات.. وهل تأثرت القصيدة العربية بالثقافات الأخرى.. وهل هذا التأثر تطوير أم جمود أم عودة؟
هذا سؤال جيد يقودنا إلى أن نوضح أكثر عن مهمة هذا الملتقى وهو أن تكون المثاقفة بين الأجيال في الثقافة الواحدة، فتكون هناك مثاقفة بين جيل وجيل؛ بمعنى أن جيل المتقدمين يؤثر في المتأخرين، والمتأخرون يؤثرون في المتقدمين بإضافاتهم الجديدة إلى ما أنتجته الأجيال السابقة، فارتحال القصيدة العربية في تحولاتها البنائية من حالات وصور عديدة هو واضح للراصد لحركة الأدب العربي والشعر العربي، فالقصيدة العربية من الجاهلية لها نمط بنائي معين، والقصيدة الإسلامية منذ فجر الإسلام والتحولات التي طرأت على الحياة المجتمعية العربية في عصور الإسلام المتتالية لابد أن تلمس هذه التحولات في بناء القصيدة العربية، يعني الحداثة العربية في القصيدة العربية بدأت من بشّار، كما يؤرخ كثير من الدارسين، وأنّ بشّار هو رأس مدرسة الحداثة العربية في الشعر، وهنا الحداثة العربية المعاصرة تنظر للحداثة القديمة على أنها المؤسس الأصل للحداثة المعاصرة الآن، وما تنبهوا إلى أن للعرب حداثة غير الحداثات الأخرى التي عند الأمم، وحداثة العرب تنبع من خصوصية المعرفة العربية ومن أصول هذه المعرفة سواء كانت إلهية أو بشرية؛ فإذن ليست القضية قضية أننا نقايس أنفسنا على الآخر، فالشيء الموجود عند الآخر نبحث عنه هل عندنا ملحمة كما عند الآخر .. هل عندنا بناءات معرفية نشترك فيها مع الآخر.. هل لدينا بناءات نشترك مع الآخر أو نختلف عنه، ولذلك كان الفلاسفة العرب يقولون لو وجد في الأدب اليوناني بعض القضايا الموجودة في الأدب العربي لعدل أرسطوطاليس من فكرته في النظر في قضايا الشعر المعرفية والفنية، ولكن الأدب العربي له قضاياه وتشكيلاته والآداب الأخرى لها تشكيلاتها أيضًا؛ فإذن لا خوف لدينا من الآخر عندما نلتقي معه في المشتركات.
الحداثة الأكبر
* لكن البعض يرى أن هذه المثاقفة لم تفد الأدب العربي بقدر ما أضرت به وشاهدهم في الحداثة المعاصرة.. فهل هذه النظرة عند من يرى الحدية في سياق هذا اللقاء أم تختلف معه.. وما الذي يرجوه هذا اللقاء إن اختلف مع هذا الرأي؟
هذه النظرة تنطلق من مغالطات في الدرس الحداثي العربي المعاصر، هذه المغالطات حاولت أن تجر الأدب العربي الحديث إلى بؤرة الحداثة التي بدأها بودلير في القرن التاسع عشر الميلادي، ثم امتدت إلى ما جاء بعد الحداثة وإلى العولمة وإلى ما ستنتهي إليه حركة التاريخ وفق التصور الآخر لحركة التاريخ؛ بينما الحداثة العربية هي حداثة مستقلة عن هذا؛ هي حداثة بدأت من القرآن الكريم الذي هو أكبر حداثة عرفتها المعرفة العربية؛ لأنها حداثة التغيير. القرآن الكريم غيّر الحياة العربية من حالات إلى حالة من حالات التشتت والتصورات غير الإلهية إلى تصور واحد وهو التصور الإلهي للكون وللحياة وللإنسان وحركته على هذا الكون؛ فإذن عندنا حداثة بدأت من نزول القرآن الكريم وستستمر هذه الحداثة في واقعها التجديدي وليس في واقعها التغييري؛ لأن الواقع التغييري انتهى بنزول القرآن الكريم، فإذن التغيير حدث بعد أن كان العرب شعبًا وأصبح العرب أمة، وأصبحت الحداثة حداثة أممية؛ بمعنى إننا أمة الحداثة العريقة الأصيلة التي تنتمي إلى السماء ولا تنتمي إلى الصناعة البشرية، وهذه الحداثة بعدما انتهى نزول القرآن “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي” أصبحت الحداثة عندنا تجديدية وليست تغييرية، لأن الله تعالى سيبعث على كل رأس مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وتجديد أمر الدين ليس التغيير في القرآن ولا في معاملاته ولكن التنبيه إلى ما غفل عنه الناس من هذه المعاملات الفقهية، ومن هذه الاعتقادات العقدية التي جاء بها القرآن الكريم وتصحيح ما وقع فيه الناس من خروج عن هذا الأصل الحداثي؛ فإذن لنا حداثتنا ولغيرنا حداثته.
أنسنة الأدب
* محور “أنسنة الأدب”.. يشي بأن الأدب غير إنساني.. فلم طرحتم هذا المحور بالذات؟
نريد أن نبحث عن هذه الحقيقة ومدى موافقتها لأنسنة الأدب؛ فالقضية ليست البحث من جديد عن الأنسنة؛ لأن الأنسنة هي الظاهرة الأدبية، ولكن هل هي متحققة أو غير متحققة هذا هو الهدف.
تحدّي مواجهة
* بطرحكم لمحور “دعاوى الذوبان في الآداب الأخرى”.. هل هو بحث عن مظاهر الذوبان والانهزامية أم رد على الدعاوى؟
البحث عن الانهزامية والتأخر بحث الضعفاء وليس بحث للأقوياء. الأقوياء ينظرون لما يمتلكون من أسباب المواجهة والتحدي في الحياة، والحياة هي مواجهة وتحد؛ إما نكون قادرين على التحدي ومؤهلين له وإما أن نكون انهزاميين وضعفاء وأذلاء إلى غير ذلك، والتأخر لا يعني الذلة والانهزامية وإنما يعني عدم امتلاك القوة الشاملة أو الكاملة التي تؤهلنا لمواجهة التحديات سواء كانت تحديات ذاتية داخلية أو تحديات غيرية خارجية.
نظرة تشاؤمية
* بوصفك الأمين العام لهذا اللقاء كيف تنظر لواقع الأدب العربي المعاصر في هذه الفترة؟
قال الأولون الناس أشبه بعصورهم؛ بمعنى أن متطلبات العصر وحياته هي التي تشكّل الناس الذين يعيشون فيه، وهي بالتالي مشكّلة لإنتاجهم سواء كان إنتاجًا إبداعيًّا أو غير إبداعي، فقضية النظرة التشاؤمية إلى أننا متأخرون عن الآخر في آدابنا أو في فعلنا المادي أو التجاري أو السياسي أو العسكري أو ما إلى ذلك هذه نظرة لا يمكن أن يقول بها عاقل؛ لأن الأحكام المطلقة لا يمكن أن تجري على قضايا الأمة وعلى ما تمتلك الأمة من محفزات وصفات وأسباب تؤهلها إلى التعاون مع الوعي بذاتها وأيضًا مع الوعي بالآخر بما يتعلق بالالتقاء حول المشتركات بيننا وبين الآخر الآن. العالم أصبح في المشترك يكاد يكون شعبًا واحدًا أو أمة واحدة، لكن تبقى هناك ملامح الخصوصية لكل أمة، ولا يمكن أن تذوب أمة في أمة أو شعب في شعب بناء على ما يعتري الحضارة من نقص أو تأخر أو من ضعف أو من تشويش على ما هي فيه، ربما كان هذا التشويش ليس صحيحًا في الحقيقة الكونية الحضارية التي يتمتع بها أهل الحضارة.
أدب واحد
* المحاور المطروحة وحديثنا هنا يتناول الأدب العربي إجمالاً.. فماذا عن أدبنا السعودي؟
الأدب السعودي لا يمكن أن تنظر إليه مستقلاً عن حركة الأدب العربي؛ فالأدب السعودي هو أدب عربي، لغته عربية، وقضاياه عربية إسلامية؛ فإذن هو يتحرك في دائرة أوسع من البيئة السعودية، وما تجده من قضايا في الأدب السعودي وما تجده من تشكيلات لغوية قد تطل منها من حيث القضايا إلى الأدب الإسلامي بشكل عام. الذي يقال في قضايا الأمة الإسلامية من ألسنة غير عربية وقد يكون له حساسية أكبر بناء على ما يمتلك التشكيل اللغوي عند الأديب العربي بالذات والسعودي منه أيضًا يمتلك حساسية لغوية شفافة وأيضًا مثيرة لإزعاج المزاج بما يوحي به هذا الشعر من بعض الإشارات إلى ما كنت طرحته أنت من بعض الأسئلة كقضية الانهزامية والتسليم بالآخر وما إلى ذلك، فهناك نظرة تشاؤمية، نظرة إحباط أكثر منها تشاؤمية عند الأديب سواء كان سعوديًّا أو عربيًّا، لأنه يتصور أننا نعيش هذه المرحلة في أزمة وأن هذه الأزمة هي أزمة قوة وليس أزمة ذات روحية مثلاً أو ذات تبحث عن مكوناتها الوجدانية، فهذه التصورات ربما يكون الدافع إليها إحساس غير صحيح في تطبيق المنتج على هذا الإحساس، وإنما هذا الإحساس ربما يعدل، وربما يوجه، وربما يؤخذ من أكثر من زاوية من أجل أن تتبين الحقيقة الإبداعية الفنية في مستوياتها من حيث الرؤية ومن حيث التشكيل.
بحوث مشروطة
* “الحداثة.. التغيير.. التجديد.. موت النقد الأدبي.. النقد الثقافي” كلها محاور واردة في طاولة الملتقى.. البعض يراها قضايا نقدية تجاوزها الأدب العربي الحديث.. هل كانت النظرة أن طرح هذه القضايا بالذات لأنها تشمل غيرها من الجديد؟
تم الاختيار هنا لأن هذه القضايا تعد الأقرب لإثارة مفهوم المثاقفة، ولم يتم وضعها على أنها القضايا المصيرية، ولكن لأنها الأقرب لإثارة مفهوم المثاقفة بين الأدب العربي وغيره من الآداب الأخرى. والحقيقة عندما وضعنا هذه المحاور وضعنا شروطًا للبحوث، وهذه الشروط نظرت للنوعية في إعدادها وليس إلى الكثرة، ولذلك كانت هذه النظرة فرصة لمن يستطيع أن يقدم نوعًا من البحوث ذات العلاقة بهذه المحاور سيستجيب لدعوة النادي ومن يريد أن يتكثر دون النوع سيحجب عن المشاركة في اللقاء؛ ولذلك جاءتنا ملخصات كثيرة بعد أن وجهنا الدعوة إلى غير منبر من منابر الثقافة كالأندية الأدبية والجامعات والوزارات والأفراد المعنيين بالشأن الثقافي الذين ستثري كتاباتهم البحثية المحاور المطروحة في اللقاء. ومن هنا أوجه الدعوة إلى الجمهور للتفاعل مع جلسات اللقاء؛ فالثقافة شأن المجتمعات وليست مقتصرة على فئة بعينها.
المضي في المثقافة
* هل هذه الدعوة قاصرة على الجمهور أما إنها تشمل كذلك المشتغلين بهذه المثاقفة ممن هم يعيشونها؟
المشتغلون بهذه المثاقفة ويتطلعون إليها نقول إمضِ في طرقك وتثاقف مع الذات وتثاقف مع الآخر تثاقف مع الأجيال القديمة واطرح رؤيتك للأجيال المستقبلية، لأن هذا سيفيد المثاقفة الذاتية، وانظر للمثاقفة عند الآخر وما يمكن أن تستفيد منه وما يمكن أن يوسع نظرتك إلى فنك سواء كان في الشعر في القصة في المقالة في الرواية وفي أي منشط في الفن التشكيلي في المسرح وكل المناشط الإبداعية الثقافية، لا تبخل على نفسك لأن تتثاقف مع الآخر لأن هذا هو الطريق إلى النضج الفني وفي الإبداع والمعرفة وإلى تنمية الذات أيضًا من خلال الآخر، فالذات تنمى من الذات وتنمى من الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.