الأحمدي يكتب.. الهلال يجدد عقد السعادة بحضور جماهيره    الصحة: تماثل 6 حالات للتعافي ويتم طبياً متابعة 35 حالة منومة منها 28 حالة في العناية المركزة    الإعلان عن تفعيل الاستثمارات المباشرة وانطلاق العمل الفعلي في صندوق "جَسور" الاستثماري    شركة TCL توحّد على نحو استباقي شركائها العالميين من أجل تحقيق العظمة في مؤتمر الشركاء العالميين لعام 2024    انخفاض معدلات البطالة لمستويات تاريخية    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 686 مليون ريال    وفاة الأمير منصور بن بدر    ليستر سيتي يعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز    اختتام المرحلة الأولى من دورة المدربين النخبة الشباب    اخجلوا إن بقي خجل!    نائب أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بما حققته رؤية المملكة 2030 من إنجازات ومستهدفات خلال 8 أعوام    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    "الشؤون الإسلامية" ترصد عددًا من الاختلاسات لكهرباء ومياه بعض المساجد في جدة    رؤية الأجيال    وزيرة الدفاع الإسبانية: إسبانيا ستزود أوكرانيا بصواريخ باتريوت    منتخب اليد يتوشح ذهب الألعاب الخليجية    الأهلي المصري يضرب موعدًا مع الترجي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    ريال مدريد يهزم سوسيداد ويقترب من التتويج بالدوري الإسباني    الاتحاد يخسر بثلاثية أمام الشباب    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «الدفاع الروسية» تعلن القضاء على ألف وخمسة جنود أوكرانيين في يوم واحد    المخرج العراقي خيون: المملكة تعيش زمناً ثقافياً ناهضاً    "السينما الصناعة" والفرص الضائعة    د. عبدالله العمري يستنطق «ذاكرة النص» وفضاءات نقد النقد    محمد بن عبدالرحمن: طموحات وعزيمة صادقة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    وزير الثقافة يرفع التهنئة للقيادة بتحقيق رؤية السعودية 2030 عدة مستهدفات قبل أوانها    توافق مصري - إسرائيلي على هدنة لمدة عام بقطاع غزة    إغلاق جميع فروع منشأة تجارية بالرياض بعد رصد عدة حالات تسمم    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور قيادة القوة البحرية بجازان    نائب وزير الداخلية يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر الأول لمكافحة الاتجار بالمخدرات    ترميم قصر الملك فيصل وتحويله إلى متحف    النفط يرتفع.. والذهب يتجه لأول خسارة أسبوعية    «مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين بالقصيم لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    "الأرصاد": لا صحة لتعرض المملكة لأمطار غير مسبوقة    السعودية تحصد ميداليتين عالميتين في «أولمبياد مندليف للكيمياء 2024»    نائب أمير منطقة تبوك يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة إنجازات مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠    الأحوال المدنية: منح الجنسية السعودية ل4 أشخاص    الأرصاد: لا صحة عن تأثر السعودية بكميات أمطار مشابهة لما تعرضت له بعض الدول المجاورة    خطبتا الجمعة من المسجد الحرام و النبوي    «الحج والعمرة»: احذروا شركات الحج الوهمية.. لا أداء للفريضة إلا بتأشيرة حج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    أعمال نظافة وتجفيف صحن المطاف حفاظًا على سلامة ضيوف الرحمن    الشاب عبدالله بن يحيى يعقوب يعقد قرآنه وسط محبيه    "واتساب" يتيح مفاتيح المرور ب "آيفون"    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    تفكيك السياسة الغربية    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    مقال «مقري عليه» !    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من غرز دون مخدر في حارة دخنة إلى مايسترو فصل التوائم في العالم
نشر في المدينة يوم 30 - 07 - 2010

هل يمكن أن تكون شهرة شخص مدخلًا لمعرفة بلاده؟ هذا ما حدث مع معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، ففي الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمعية الفرنسية شارل بروا احتفالًا بعضوية الربيعة جاء أن الجمعية عرفت المملكة كبلد الألف أعجوبة وأعجوبة جراحية من خلال شخص الربيعة. وكانت رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز للربيعة وراء حصول المملكة على لقب رائدة عمليات فصل التوائم السيامية، تلك العمليات التي لم تتوصل أي دولة في العالم كله إلى تحقيق نسب نجاح مماثلة لما يحققه الفريق الطبي السعودي. طمحت لأن أسجل اسمي كواحد ممن كتبوا قصة نجاح الربيعة، وسردوا تفاصيلها، كانت تأسرني الجوانب الإنسانية في شخصية الرجل، التقيته مرات ومرات من قبل، أسرتني ابتسامته الدائمة ونحن نتبادل الحديث.
يقول الدكتور الربيعة: ولدت في رحلة حج في مكة المكرمة، ونشأت في بيت صغير مبني من الطين بحارة دخنة الغربية في العاصمة الرياض، عائلة تتكون من سبعة أفراد: رجل أعمال بسيط، وزوجة وخمسة إخوة (اثنين ذكور وثلاث من الإناث) أصغرهم فهد الاستشاري في مستشفى التخصصي. وعن «دخنة» يقول الربيعة: لم تكن السيارات تدخل أزقتها، ورغم ذلك كنا نجتمع فيها ونلعب، وحين نزورها الآن نستغرب كيف كانت الحياة فيها، وجمالها ومعرفة الناس فيها والجيران.
كيمياء التواضع
عبدالله الربيعة الذي رأى النور في مكة المكرمة إبان موسم الحج في عام 1955م وانتقلت أسرته بعدها إلى الرياض، لا يمكن أن تجد صعوبة كبيرة في الوقوف على شفرة نجاحه منذ سنوات عمره مبكرًا، إنها كيمياء التواضع، ورقة القلب، وحب البشر الذين بادلوه الحب والتقدير من اصقاع الارض كافة. مجموعة من المشاهد في الذاكرة تكشف عن البعد الإنساني للرجل المسؤول عن الصحة بالمملكة، فهذه الأم تتذكر بمزيد من الامتنان له منذ سنوات قليلة تجاوبه وتواضعه البالغين عندما اتصلت به تناشده بقلب الام الموافقة على ان يجرى بنفسه جراحة لطفلها الذي يعاني من 10 سنوات من آلام مزمنة في القولون، وعلى الرغم من مشاغله المتعددة بين العمل الإداري والطبي أجرى الجراحة، وكم كانت سعادتها بالغة عندما خرج من العملية يبحث عنها بين الطرقات ليخبرها ويبشرها بنجاح العملية. وتحفظ له الذاكرة أيضا هذا المشهد الإنساني على الهواء مباشرة للعالم بأسره عندما تقدمت أم التوأم البولندي تحاول أن تقبله امتنانًا له بعد نجاح عملية فصل ابنها السيامي الأمر الذي دفع الأمير متعب بن عبدالعزيز إلى مداعبته بالقول: «زوجتك لن تسامحك، جهزت لك غرفة في منزلي، حياك الله». والحقيقة أن الربيعة المسكون بالتواضع وحب العمل يمكن أن تجده في أي مكان بالمستشفى بداية من المختبر وحتى الاستقبال ومشاركة أي طبيب تشخيص أي حالة مرضية مستعصية، وهو لا يجد غضاضة على الاطلاق في أن يجلس على الكرسي المجاور للطبيب صاحب العيادة ليناقش ويقنع ويقتنع في تواضع العلماء ونبلهم دون مصادرة الرأي الآخر. والربيعة الذي التصق بالأطفال يجد نفسه قريبًا إلى البكاء في أحيان عديدة لشفافيته ومحبته لهم إذ يتذكر بمزيد من الألم حالة هذا الطفل في المستشفى التخصصي عندما تمكن منه مرض السرطان وكلما طالعه وغيره من الأطباء شعر وكأنه يتوسل إليهم لبذل كل جهد لتخفيف آلامه. والربيعة المشهور محليا وعالميا بسبب عمليات فصل التوائم التي برع بها هو بطل رواية أوروبية قامت بكتابتها الأديبة الرومانية دومنيكا اليزل تعبيرًا عن امتنانها لما قام به من أعمال.
مارست طفولتي بمرح
ويضيف: تلقيت تعليمي الابتدائي في حارة المحمدية بالرياض في مدرسة ابن زائدة ثم المدرسة المحمدية، والمتوسطة في متوسطة فلسطين بالرياض والثانوية بثانوية اليمامة بالرياض وهي من أعرق المدارس الثانوية بالمملكة، مارست طفولتي بمرح وشقاوة، كنت محبًا للدراسة والمرح مع اقراني وزملائي الذين أعتز بزمالتهم وأحتفظ بصداقتهم، وأكثرهم في حقل الطب ومنهم في المجالات الأخرى مثل: سعد السياري وكيل وزارة الزراعة، ومن زملاء الثانوية وهم أطباء مشهورون الآن مثل: الدكتور محمد صالح عطالله، والدكتور عبدالله الصانع ومجموعة كبيرة وعلاقتي بهم لم تتغير.
من جرح في الرأس إلى الطب
ويرجع معالي وزير الصحة إلى الوراء قائلا: قصتي بدأت مع الطب من جرح في رأسي، لم اكن أسعى لأن أكون معروفًا ولكن كنت أحلم بالطب، في المرحلة المتوسطة اشترى لي والدي دراجة، وفي يوم من الأيام كنت ألهو بها، وأصبت بجرح عميق في الرأس، كان الطب في بداياته، وعمل لي الطبيب غرزا بدون بنج، وغضبت منه، وقال لي والدي: إن شاء الله تصير في المستقبل طبيبا وتصلح الحال، وبدأت أنظر للطب من زاوية انه مهنة إنسانية حتى دخلت المرحلة الثانوية، وبدأت أحلامي الطبية تكبر عندما درست الاحياء والمواد ذات العلاقة بتركيبة جسم الانسان. ويواصل الربيعة: في المرحلة الثانوية كان لدينا برنامج زيارة الطلبة للكليات الجامعية تبناه مدير المدرسة آنذاك الأستاذ عبدالرحمن العجاجي، وقد اخترت زيارة كلية الطب ومن الاماكن التي زرتها (المشرحة) التي نأى كثير من الزملاء عن زيارتها. وحاولت الاستفسار عن كلية الطب أكثر من بعض الزملاء، وأحببت الكلية وقررت الدخول إلى المهنة.
جراحة الأطفال
وينتقل الحوار إلى التخصص الذي فضل الربيعة أن يمارس مهمته الإنسانية من خلاله فيقول: دفعتني لجراحة الأطفال حادثة طريفة فمنذ البداية ولدى دخولي كلية الطب كان لقسمي الأطفال والجراحة مكانة خاصة، وأصابتني حيرة شديدة في الاختيار، بينما جسد الطفل كما هو معروف يمرض بسرعة وإذا وفق الطبيب في العلاج فإنه يشفى بسرعة أيضًا والطفل بريء لا يشتكي والتعامل معه يحتاج إلى شخصية معينة، والجراحة علم تقني وكنت أميل إلى ذلك وبعد الانتهاء من الدراسة بالكلية أجريت لنا مقابلات شخصية وكانت درجاتي جيدة لذلك تم اختياري كمعيد في كلية الطب بجامعة الملك سعود وأجرى لي المقابلة شخص لن انساه وهو الدكتور حسن كامل أخو الدكتور صالح كامل ووقتها كان عميدا للكلية وسألني ماذا تريد ان تصير؟! أجبته: أنا أحب الأطفال والجراحة، قال لي: إذن لتكن جراح أطفال. واخترت هذا التخصص الذي لم يكن معروفًا آنذاك بالمملكة، وتم قبولي في نفس المقابلة في ذات التخصص معيدًا وبدأت رحلتي بعدها إلى كندا وكان هذا عالمًا جديدًا بالنسبة لي ولم تكن تلك البلاد معروفة بالنسبة للسعوديين.
الدراسة في كندا
ويضيف الدكتور الربيعة الذي قضى سبع سنوات في كندا للدراسة: لم أكن أعرف إلا اسمها وأنها منطقة باردة وعندما قبلت كانت المرحلة الأولى إجراء امتحان للمعادلة لأن تخصص الطب ليس دراسة فقط،لكنه دراسة وعمل وكان وقتها يجرى الامتحان في جدة وتنظمه السفارة الكندية، وتم إجراء الامتحان الذي استغرق 6 ساعات وكان صعبا والحمد لله نجحنا في شهادة معادلة كندا ومن ثم أجريت لنا المقابلات الشخصية وقبلت في أكثر من جامعة واخترت جامعة البيرتا في غرب شمال كندا وهي عريقة في الجراحة، ومن المفاجآت التي قابلتني أنني غادرت الرياض وكانت درجة الحرارة فوق ال40 درجة مئوية وعندما وصلت هناك وبعد أشهر قليلة كانت 50 تحت الصفر وهذه كانت نقلة كبيرة بالنسبة لي ولزوجتي لأنني بدأت التعامل والتعايش مع جو مختلف وبيئة مختلفة وكان العمل شاقًا بحيث نبدأ من الساعة السادسة صباحًا إلى الساعة التاسعة مساء وكما أن هناك دوامًا بالمستشفى إضافة إلى التحصيل والدراسة، وعليك أن تثبت تميزًا باعتبار أنك سعودي، فقد كانوا لا يعرفون عن السعودية شيئا، وكانت الدراسة مجهدة.
مدينة الملك عبدالعزيز الطبية
وينتقل الدكتور الربيعة إلى الحديث عن المملكة بعد عودته فيقول: عدت من كندا في نهاية العام 1987م كعضو في هيئة التدريس بجامعة الملك سعود جراحة الأطفال وعملت في سلك التعليم لثلاث سنوات وبدأنا في بناء نواة لجراحة الأطفال في الجامعة وصارت معروفة حتى جاءت حرب الخليج الثانية ووقتها غادر الكثير من الكوادر الأجنبية المملكة، وكان مستشفى التخصصي بحاجة إلى تخصص جراحة الأطفال وبناء على طلب من مدير المستشفى الدكتور فهد عبدالجبار تمت إعارتي لمستشفى الملك فيصل التخصصي لمدة 5 سنوات وأنشأنا وحدة لجراحة الأطفال بالمستشفى وكان لها نشاط ملحوظ، ثم بعد 5 سنوات وبتكليف من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والذي كان وليًا للعهد وجه بأن انتقل للعمل في الطب والإدارة برئاسة الحرس الوطني وظللت سنوات طوال بالحرس الوطني. وفي مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس بالرياض وبدأت تأخذ نظامًا يتسم بالنضوج وبدأنا في توطين الفريق بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية وحرصنا على ان يكون كل الفريق من الكوادر السعودية، ثم تحولت الخبرة من خبرة مستشفى الى خبرة وطن وعملنا جاهدين على إشراك أطباء من قطاعات صحية مختلفة وتدريب اوجه جديدة في كل عملية.
فصل التوائم السيامية
أما عن العمليات التي اشتهر الربيعة بإجرائها وهي عمليات فصل التوائم فيقول: أجريت أول عملية فصل للتوائم السيامية في المملكة صباح الخميس 25 جمادى الأولى 1411ه الموافق 13 ديسمبر 1990م، وكان الالتصاق في التوأم السيامي السعودي على الجلد وجزء صغير من الكبد، وسجلت هذه العملية انطلاقة حقيقية لعملية فصل التوائم، واللبنة الأساسية في الإنجاز والعطاء، وبفضل الله نجحت العملية، والبنتان اللتان تم فصلهما تتمتعان الآن بصحة جيدة. وعن ثاني تجربة في وصف التوائم يقول معالي وزير الصحة: كان يوم السبت 4 شعبان 1412ه الموافق 8 فبراير 1992م موعدًا جديدًا مع حالة نادرة ومعقدة لطفلتين سودانيتين ملتصقتين، ولدتا بعملية قيصرية في مستشفى في السودان، إحداهما كان جسدها هزيلًا وتبدو ضعيفة مقارنة بأختها، بجانب وجود فراغ كبير في الجسد تصعب تغطيته مما تسبب في حيرة للفريق الطبي، ما دعاني للاتصال بالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله لاستفتائه في النظرة الشرعية لفصل التوائم، وأفاد ابن باز بثقة العالم، أن الرأي الشرعي يتفق مع الرأي العلمي بضرورة المحافظة على حياة الإنسان، وعدم التضحية بطفل على حساب الآخر، وهنا بدأ التحدي الحقيقي لمحاولة إجراء العملية والمحافظة على سلامة الطفلتين، واستمرت العملية أكثر من 18 ساعة ونصف الساعة، والفريق يواصل عمله بروح وعزيمة صادقة، حتى تكللت بالنجاح. ويوضح الدكتور الربيعة أن التصاق الأجنة (التوائم السيامية) من العيوب الخلقية المعقدة، ونظرًا للتطور الكبير في التقنية الطبية أصبح من الممكن تشخيص هذه الحالات في بداية الحمل بعد الأسبوع الثاني عشر. ومن المؤكد أن التشخيص المبكر يساعد على وضع خطة علاج مبكرة وتساعد الباحثين لوضع بعض الحلول لحالات معينة من التوائم الملتصقة وفي بعض الدول الغربية يسمح بإجهاض الأم الحامل بتوأم سيامي إذا ما تم تشخيصه مبكرًا وكانت الحالة مستعصية، كما أن هناك بعض المحاولات للعلاج داخل الرحم والتي هي في طور البحث.
كل مريض جزء من عائلتي
ويعترف معالي وزير الصحة بأن من أصعب المواقف هو التعامل مع حياة الإنسان خصوصًا عندما يكون ذلك الإنسان طفلًا بريئًا مصابًا بعيوب خلقية تعيق حياته الاجتماعية والأسرية. ويؤكد: كنت أسعى من وراء تخصصي مساعدة كل أب وأم على الفرح مجددًا بشفاء طفلهم، حيث أصبحت أنظر لكل مريض مع عائلته كجزء من عائلتي، حتى بعد سفرهم أكون على تواصل معهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، وجراح الأطفال دائمًا يتعامل مع مريضه (الطفل) بشكل أسري، وبالنسبة لي، حياتهم هي جزء من حياتي حتى آخر العمر.
المملكة رائدة في فصل التوائم
ويشيرالربيعة إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت رائدة في عمليات فصل التوائم السيامية والكثير من التخصصات الطبية، ومن المفرح أن خبرة المملكة العربية السعودية في عمليات فصل التوائم السيامية تعتبر واحدة من أكبر الخبرات في العالم، ولقد أوجدت المملكة العربية السعودية وبدعم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله– قاعدة متينة من الخبرة الطبية والقوى العاملة الفنية مدعومة بتقنية حديثة تواكب الخبرة البشرية. ويلخص الربيعة تجربته في فصل التوائم السيامية في كتاب من أربعمائة صفحة بعنوان «تجربتي مع التوائم السيامية»، منوهًا بمهارة الطبيب السعودي، والعمل الجماعي في العمليات، فيقدم وصفًا ل 20 حالة توائم من مختلف الجنسيات تم فصلها في المملكة، معددا أسباب التصاق التوائم وأنواعها على مستوى العالم.
نقل عبر الأنترنت
ومن هذه الحالات عملية فصل ثلاث إناث إحداهن طبيعية والاثنتان ملتصقتان في منطقة البطن وأسفل الصدر في صباح يوم 21 يناير 2002م، هي المرة الأولى التي يتم فيها نقل مباشر عبر الأنترنت وحوارات واستفسارات من والد الأطفال والإعلاميين أثناء إجراء العملية، حيث بعد ولادتهم مباشرة نقل الأطفال إلى غرفة الإنعاش، وبتحديد موعد العملية بعد عدة اجتماعات للفريق الطبي، أظهرت الفحوصات عيوبًا خلقية في القلب لدى التوأم، ووجود ثقب بين البطنين، مع اشتراك في أغشية القلب وفي الكبد واشتباه بوجود اشتراك في الأمعاء، وكانت نسبة النجاح 80 في المئة واستغرقت أربعة أسابيع، وجودهم بالمستشفي غادرتا بعدها المستشفى بصحة وعافية.
ما لم يتحقق في ماليزيا وبريطانيا
ويضيف الدكتور الربيعة: لم يكن التوأم الماليزي أحمد ومحمد مجرد توأم سيامي فحسب، بل كانا نقطة تحول نوعية في جراحات التوائم في المملكة، فشكل هذا التوأم تحديًا كبيرًا لخبرتنا في هذا المجال، لأن المهمة كانت ضخمة باعتبار أن هذه الحالة هي الأولى من خارج العالم العربي والنجاح في جراحتها، ويحقق بعدا إسلاميا وآسيويا، وربما عالميا وقبول الحالة يضعنا أمام تحد حقيقي لأن ذلك التوأم يختلف عن بقية التوائم الأخرى، فبعد أن أعلن أحد مستشفيات بريطانيا الكبيرة التي لها باع طويل في هذا المجال، رفضه لإجراء العملية لصعوبتها، وسماع خادم الحرمين الشريفين «ولي العهد آنذاك» بمعاناة التوأم الماليزي، أمر حفظه الله بمحاولة فصله في مستشفيات الحرس الوطني في المملكة لثقته في الأيدي السعودي والفريق الطبي، الذي أجرى عدة عمليات ناجحة.
من أرض الكنانة إلى عاصمة الإنسانية
وعن تاليا وتالين (طفلتين مصريتين ملتصقتين في منطقة أسفل الصدر والبطن) وصف الربيعة: هي عبارة عن ثقب بين البطنين مع هبوط أسفل الصدر والبطن، كما كانت نسبة النجاح التقريبي للعملية 80 في المئة، وفي يوم السبت 7 شعبان 1424ه الموافق 4 أكتوبر 2003م تمام السابعة والنصف صباحا، شرع فريق التخدير بمهامه تلا ذلك عملية التعقيم، وبعدها بدأت عملية الفصل، بفتح عظام وعضلات الصدر وعظمة القفص، ولوجود اتصال في أغشية القلب، تمكنا من فصلها وإبعاد قلب تاليا عن قلب تالين، وإقفال الأغشية مرة أخرى، ثم فصل الكبد وفصل الالتصاق البسيط في الأمعاء، وبدأ العد التنازلي لإكمال عملية الفصل، بمشاركة البث الحي عن طريق التلفاز، واستمرت العملية قرابة السبع ساعات، واكتملت بنجاح.
بعد عالمي
ويضيف الربيعة في كتابه: تماما كما أعطى التوأم الماليزي بعدًا إسلاميًا لهذه الخبرة العالمية الإنسانية، استقبلت المملكة توأما من دولة الفلبين، ليعطي بعدًا عالميًا وزخمًا إعلاميًا دوليًا، جعل اسم المملكة على ألسن مئات الملايين من البشر، مع اهتمام واضح من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، فبعد 8 ساعات نجح الفريق الطبي في عملية الفصل، مسجلا إنجازا عالميا جديدا للوطن وللعالم العربي والإسلامي، وبعد مكوث الطفلين في العناية المركزة لمدة 10 أيام، تم نقلهما إلى جناح الأطفال لمدة 5 أسابيع، بعدها غادرا المستشفى بصحة وعافية.
تطلع إلى أمريكا
ويستكمل الربيعة سرده لمشوار النجاح: بعد ولادة امرأة بولندية لطفلتين ملتصقتين في منطقة الورك والحوض، غرقت كثيرا في همومها، وكيفية إجراء عملية فصل، لاسيما وهم من الطبقة الأقل من المتوسطة في بولندا، فعمدت والدتهما إلى الأنترنت كوسيلة تناجي وتستغيث فيها مستشفيات أمريكا، لتكون المنقذ لها، وطال الانتظار إلى أن سمعت رنين هاتفها، فكان على الطرف الآخر قريبها الذي يعيش في أمريكا، ليخبرها بأن الاستجابة جاءتها من دولة لم يسبق أن خطرت على بالها طوال حياتها على الإطلاق، من المملكة العربية السعودية. وصلت صيحة إغاثتها إلى خادم الحرمين الشريفين «ولي العهد آنذاك» فلم يتردد لحظة في الاستجابة لنداء هذه الأسرة، إذ وجه بسرعة نقلهم من بولندا إلى المملكة،.
تاريخ التوائم
في الفصل الثاني من الكتاب يتحدث الربيعة عن التوائم السيامية تعريفها وأسبابها، ونسب حدوثها وأنواعها، وعرف الربيعة في كتابه التوائم السيامية، بأنها تنشأ من بويضة ومشيمة واحدة وتعد متشابهة ومتطابقة، وتولد متصلة في منطقة أو أكثر من الجسد، وهي متطابقة الجنس والصفات الوراثية.
---------------------
السيرة الذاتية
• معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة
• تاريخ ومكان الميلاد: 11/11/1954م في الرياض
• الابتدائية من مدرسة المحمدية عام 1386ه.
• المتوسطة من مدرسة فلسطين عام 1389ه.
• الثانوية من مدرسة اليمامة عام 1392ه تقريبًا. بعدها بكلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض، وتخرج فيها عام 1399ه، وكان الأول على دفعته.
• أنهى رسالة الماجستير عام 1985م من جامعة البرتا بكندا.
• حصل على الدكتوراة بالزمالة في الجراحة العامة من جامعة البرتا عام 1986م بكندا.
• كما حصل على الزمالة في جراحة الأطفال من جامعة البرتا بكندا عام 1987م.
مناصب شغلها
• المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني، من عام 2003م.
• استشاري جراحة الأطفال بمستشفى الملك خالد بالحرس الوطني بجدة من عام 1995م.
• استشاري جراحة الأطفال بمستشفى الملك فهد بالحرس الوطني بالرياض من عام 1990م.
• استشاري جراحة الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض من عام 1991م.
• نائب المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني، من عام 1995م إلى أغسطس 2003م.
• مدير برنامج التدريب في قسم الجراحة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من عام 1994م إلى عام 1996م.
• مساعد مدير المركز الطبي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث من عام 1994م إلى عام 1995م.
• مدير برنامج التدريب في قسم الجراحة بمستشفى الملك خالد الجامعي من عام 1989م إلى عام 1991م.
• استشاري جراحة الأطفال بمستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض من عام 1988م إلى عام 1991م.
• كبير الأطباء بمستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض لشهري أغسطس وسبتمبر من عام 1990م.
حاصل على عضوية المجالس والجمعيات التالية
• الجمعية السعودية للأمراض المعوية.
• الجمعية السعودية للأطفال.
• الجمعية الكندية للجراحة.
• الجمعية الكندية لجراحة الأطفال.
• الجمعية السعودية للتخصصات الطبية.
• عضو تحرير مجلة الجمعية السعودية للأمراض المعوية.
• عضو المجلس العربي لجراحة الأطفال.
الأوسمة التي حصل عليها
• حصل على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى رمضان 1423ه.
الجوائز والشهادات التي حصل عليها:
• حصل على الترتيب الأول على خريجي كلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض عام 1979م.
• درجة التميز خلال فترة التدريب.
• جائزة أفضل بحث خلال عام 1985م بجامعة البرتا بكندا.
• أفضل طبيب مقيم في الجراحة بجامعة البرتا بكندا.
• جائزة أفضل مدرس بكلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض خلال عام 1989م.
أبرز إنجازات الدكتور عبدالله الربيعة
• عين كوزير للصحة 14 فبراير 2009م.
• برع في عمليات فصل التوائم واجري 18عملية تمت جميعها بنجاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.