الهلال «المنقوص» يقصى الاتحاد ويحجز مقعداً في نهائي «أغلى الكؤوس»    سمو محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة سمو أمير المنطقة    سمو أمير منطقة الباحة يستقبل مدير شرطة المنطقة ويتسلم التقرير السنوي لعام 2023    الأمان في دار سلمان    المملكة ترشد 8 ملايين م3 من المياه    مشروع سياحي استثنائي ب"جبل خيرة"    أمير منطقة الباحة يشهد اتفاقية تعاون بين تجمع الباحة الصحي والجمعية السعودية الخيرية لمرضى ( كبدك )    الهلال يتفوق على الاتحاد ويتأهل لنهائي كأس الملك    الدراسة عن بُعد بالرياض والقصيم بسبب الأمطار    الوسط الثقافي والعلمي يُفجع برحيل د. عبدالله المعطاني    من أحلام «السنافر».. مانجا تعزز دورها في صناعة الألعاب    خبير قانون دولي ل«عكاظ»: أدلة قوية لإدانة نتنياهو أمام «الجنايات الدولية»    مدرب بلجيكا يؤكد غياب تيبو كورتوا عن يورو 2024    أمريكا تطلب وقف إمداد الأطراف المتحاربة في السودان بالأسلحة    نمر يثير الذعر بمطار هندي    تطوير العمل الإسعافي ب4 مناطق    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية المكسيك يناقشان آخر التطورات في قطاع غزة ومحيطها    موسم الرياض يطرح تذاكر نزال الملاكمة العالمي five-versus-five    مهتمون يشيدون ببرنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونيسكو    41 مليون عملية إلكترونية لخدمة مستفيدي الجوازات    محافظ الريث يستقبل مفوض الإفتاء الشيخ محمد شامي شيبة    عسيري: مناهضو اللقاحات لن يتوقفوا.. و«أسترازينيكا» غير مخيف    «جامعة نايف العربية» تفتتح ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب.. في الرياض    أغلى 6 لاعبين في الكلاسيكو    دوريات «المجاهدين» بجدة تقبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    ميتروفيتش ومالكوم يقودان تشكيلة الهلال ضد الاتحاد بنصف نهائي كأس الملك    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لجودة الحياه    مساعد وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية والعالمية في إسبانيا    نائب أمير مكة يطلع على الاستعدادات المبكرة لحج 1445    وزير الصناعة والثروة المعدنية يرعى أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2024    اجتماع الرياض: إنهاء حرب غزة.. والتأكيد على حل الدولتين    مفوض الإفتاء بالمدينة: التعصب القبلي من أسباب اختلال الأمن    مجلس الوزراء يجدد حرص المملكة على نشر الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم    3000 ساعة تطوعية بجمعية الصم وضعاف السمع    الحقيل يجتمع برئيس رابطة المقاولين الدولية الصينية    شؤون الأسرة ونبراس يوقعان مذكرة تفاهم    مدير هيئة الأمر بالمعروف بمنطقة نجران يزور فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    فهد بن سلطان يطلع على الاستراتيجية الوطنية للشباب    وزير الطاقة: لا للتضحية بأمن الطاقة لصالح المناخ    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    أمير الرياض يستقبل ممثل الجامعات السعودية في منظمة سيجما الدولية    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    الذهب يتراجع 4.6 % من قمته التاريخية    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    وهَم التفرُّد    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    لوحة فنية بصرية    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تسكن المكان / آن يسكنك
نشر في المدينة يوم 23 - 06 - 2010

كانت الكتابة ولا زالت فنًا معبّرًا عن معانٍ تسكن ذاكرة ووجدان الكاتب من خلال صياغة محكمة وأسلوبية مميزة، وعرف الإنسان الكتابة منذ القدم إذ أنه كما يقول الدكتور أحمد شوقي رضوان بعجزه عن تذكّر الأحداث، والأعداد والتواريخ، عمل على التدوين ليمكنه حفظها والرجوع إليها. (1) ولو بحثنا في تاريخ الكتابة لطال بنا المدى، واستهلكنا الوقت كون الحضارات الإنسانية تواصلت مع بعضها من خلال الكلمة، المكتوبة منها على وجه الخصوص، ولعل من توثيق آبائنا وأجدادنا لبعض قضاياهم اليومية، يظهر لي أن الكتابة في المجتمع السعودي بدأت على يد الفقهاء، فالفقيه في قريته وقبيلته في قرون مضت أقدر الناس على تلبية احتياج الأهالي في كتابة ديونهم، وعقود الأنكحة، وحجج الأملاك الثابتة والمنقولة، ما يعني أن مجتمعنا مدين للفقهاء بحفظ ذاكرة الشعب، عبر مدوّناته المتواضعة مقابل مد من بُرٍ أو صاع من تمر، إضافة إلى تدوين ذكريات أو مذكرات، ولم يعرف المجتمع السعودي كتابة المقالة إلا مع ظهور الصحافة، سواء في الوطن العربي، أو في داخل السعودية. كلما نجح الكاتب في استقلاليته كلما نجح في تحقيق الحياد وفي رفع سقف حريته واكتساب الموضوعية، ذلك أن الكاتب الخاضع لجهة أو تيار أو مذهب، تسيطر عليه نوازع النفعية وتعتريه هواجس الاسترزاق، ومراعاة مشاعر قريب أو مقرّب، ما يفقده مع الوقت مصداقيته، وتذوب في ثنايا الاستهلاك معاني كلماته، ولعل أنجح الكتّاب في صحفنا، وأصدقهم لهجة، أقدرهم على رفع سقف مظلة حريته، وتجاوز حواجز الرقيب على عصا الأسلوبية المتقنة. استشعر في بعض الأحيان أن رقيب صحافتنا المحلية خجل من تواضع أداء بعض الكُتّاب، ووجلهم من رفع الرؤوس خشية الاحتكاك والتعرض للجرح والإصابة، وافتقادهم لروح المبادرة، واشتغالهم على التطبيل وكيل المديح، وأزعم هنا أن فوبيا الرقيب تسيطر على البعض من كُتّابنا ما يذكّرنا بقصة جند سليمان عليه السلام من الجن والطير وسائر الخلق إذ ظلّوا ما يقارب مائة عام كما ورد في التفاسير يأتمرون بأمره وهو ميت، ظنًّا منهم أن اتكاءته على عصاه من قبيل الراحة فقط مستبعدين فكرة الموت حتى دبّت حشرة فنخرت العصا فخر الجسد واهنًا، وعلم الخلق أن قدرات الجن محدودة كونها لبثت تعمل تحت امرة نبي فارق الحياة منذ زمن!! وفي أمثالنا الشعبية “قالوا للديك: كيف تفزع من الحدأة وهي أصغر منك حجمًا، فأجاب مبررًا: أفزعتني وأنا صغير فظل الرعب منها يسكنني”، ولا عزاء للديكة!! ورب ما شكّل خوف الرقيب عقدة عند بعضنا ما يدفع بعض كُتّابنا إلى إيثار السلامة وتبنّي منهج الطبطبة لذي جاه أو منصب، علمًا بأن ذوي السلطة وأصحاب الجاه لهم بطانتهم المتكفّلة بمديحهم وإطرائهم، وربما غفل أو أغفل البعض من كُتّابنا مهمة الكاتب الأصلية، المرتبطة بأمانة الكلمة، وأداء الدور التنويري والحضاري، والتوعية العامة للناس من كشف شبهة أو انحراف أو تشنيع على ظالم، ودعوة لرد مظلمة أو الحد من مفاسد. أزعم أن المدرسة المدنية من أوائل المدارس الحاضرة في مشهدنا الثقافي، نظرًا لما للمسجد النبوي من أثر ملموس على سُكّان المدينة ومن جاورها، علمًا بأنّ المدينة زخرت بمراكز حضارية تمنح زائرها المسلم فرصة التواصل مع سكّان طيبة وأهلها، ما أسهم في صياغة وجدان محبّي العلم والشغوفين بالمعرفة، وأنتج استقامة الألسن، ووفّر أفق التعدّد الفكري، وأسّس لقابلية الاختلاف، والتنافس والنزوع نحو الأميز من الكلم والحرف. وتعرّف المقالة الصحفية بحسب الموسوعة العربية العالمية بأنها “بحث قصير غير قصصي، يعرض رأي الكاتب في موضع معين، أو تحليله له”. فيما عرّفها البعض بأنها “قطعة نثرية معتدلة الطول تعالج موضوعًا ما من وجهة نظر كاتبها”. وتشكّل المقالة جزءًا كبيرًا من الأدب النثري، والمقالة إمّا شخصيّة وأوّل من ابتكرها الفرنسي ميشيل دي مونتين،1580م، وإما منهجية طوّرها فرانسيس بيكون 1590م، أمّا في العالم العربي فعرفت المقالة منذ ظهور رسائل إخوان الصفا، إلا أنها ارتبطت بنشوء الصحافة العربية مطلع القرن العشرين. يمكن أن تعبّر المقالة عن ذات كاتبها أكثر مما تُعبِّر عن موضوعها، لأن كاتب المقالة يرى الأشياء من خلال ذاته، وما يعمل فيها من مشاعر وانفعالات ومن هنا جاء تقسيم المقالة إلى ذاتية وموضوعية؛ فهو في الذات معبّر عن حالة خاصة، فيما تقتضي الموضوعية أن يلتزم بطرح قضية دون إبداء وجهة نظر فيها سوى أنه يرتب مقالته وفق خطة تتضمن مقدمة وحيثيات ونتيجة. عناصر المقالة المادة والأسلوب فالمادة: هي مجموعة الأفكار، والآراء، والحقائق، والمعارف والنظريات، والتأملات، والتصورات، والمشاهد، والتجارب والأحاسيس، والمشاعر، والخبرات التي تنطوي عليها المقالة، ويجب أن تكون المادة واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، وأن تكون صحيحة بعيدة عن التناقض، بين المقدمات والنتائج، فيها من العمق ما يجتذب القارئ، وفيها من التركيز ما لا يجعل من قراءتها هدرًا للوقت، وفيها وفاء بالغرض، بحيث لا يُصاب قارئها بخيبة أمل، وأن يكون فيها من الطرافة والجدة بحيث تبتعد عن الهزيل من الرأي، والشائع من المعرفة والسوقي من الفكر، وفيها من الإمتاع، بحيث تكون مطالعتها ترويحًا للنفس، وليس عبئًا عليها. المقالة في الأدب السعودي. أما أسلوب الكاتب: فهو الصياغة اللغوية، والأدبية لمادة المقالة، أو هو القالب الأدبي الذي تصب فيه أفكارها، ومع أن الكُتَّاب تختلف أساليبهم، بحسب تنوّع ثقافاتهم، وتباين أمزجتهم، وتعدّد طرائق تفكيرهم، وتفاوتهم في قدراتهم التعبيرية، وأساليبهم التصويرية، ومع ذلك فلا بد من حدٍّ أدنى من الخصائص الأسلوبية، حتى يصحّ انتماء المقالة إلى فنون الأدب. مسيرة المقالة السعودية: قلّ ما يجد متابع وراصد لحركة المقالة قبل تأسيس المملكة العربية السعودية تميزًا للمقالة واستقلالية تميزها عن غيرها من الفنون النثرية إذ يلاحظ أنها مليئة بالمحسنات البديعية المتكلفة، وتتفاوت أفكارها وأسلوبها بين رصين جيد وبين مخلخل ضعيف، ويذكر الدكتور محمد العوين في كتابه المقالة في الأدب السعودي الحديث أن المقالات انتهجت المحاكاة للكتاب المصريين والسوريين الذين عملوا في جريدة القبلة، كونها المدرسة الأولى التي علمت أبناء الحجاز والسعوديين فن كتابة المقالة. وأعقبتها صحيفة أم القرى التي شاركت القبلة في إرساء ونهضة هذا الفن، مع ملاحظة تحررها من الأسلوب القديم، واختيار موضوعات ذات أهمية للمجتمع العربي والإسلامي، وعرض الأفكار في وضوح وبساطة. أما بعد الحرب العالمية الثانية فظهرت مجموعة من الصحف السعودية كان لأصحابها فضل كبير في نهضة الأدب السعودي عامة وفن المقالة خاصة، ومع تحوّل الصحف من صحافة أفراد إلى صحافة مؤسسات برزت أسماء لا حصر لها ومن أبرز رموز المقالة المؤسسين محمد أحمد باشميل، وأحمد عبدالغفور العطار، وحسن آل الشيخ. ولا ريب أن كتابة المقالة تطورت وارتقت بالمشهد الثقافي السعودي، أسلوبًا ومضمونًا، وأتاحت الصحف لعدد من الكُتّاب مساحات يومية أو أسبوعية لاستعراض مهاراتهم، وإبراز مفاتن أساليبهم، وهم يتناولون في نزال مستمر الكثير من القضايا ذات الأبعاد الوطنية والإنسانية والفكرية، ومنهم من يمتلك حدس تحديد الخطوط الحمراء فلا يتجاوزها، ومنهم من يندفع بعاطفته تجاه قضية أو حدث فيقع في دائرة الحظر وبؤرة المنع، المتضائلة في عصرنا الحالي بشكل ملموس، في حين ظل بعض الكتبة متمسكًا بتقليديته في تناول المواضيع ما أفقده وهج الحضور، وتكدس الجمهور، ما حدا بالبعض إلى المحاكاة، أو الاستعانة بداعم “لوجستي” يسهم في تصحيح مسار هؤلاء الباحثين عن وجاهة يريدون نقشها قسرًا في ذاكرة الناس من خلال الرسم بالكلمات، وإن كان هناك من مدارس للكتابة المقالية في السعودية. يرصد الموثّق لنوع المقالة في الصحافة السعودية أنها تتنوّع بتنوّع توجهات كتابها ونزعاتهم إلى دينية وسياسية وعلمية وفلسفية وأدبية واقتصادية وفكرية وفي هذه الأنواع تتداخل الذاتية بالموضوعية، ولكل نوع كُتّابه، وربما تناول كاتب ما أكثر من نوع من أنواع المقالة. * لماذا حمدان والعرفج؟ أشعر أن الدافع لتناولي الكاتبين ذاتي أكثر منه موضوعي، لعلاقة صداقة جمعتني بهما، ولست هنا أؤرخ لكاتبين فالدكتور عاصم له تلاميذ كثر، وتبنى الوجيه عبدالمقصود خوجة تكريمه وطباعة أعماله كاملة، أمّا العرفج فما يدفعني لقراءته نزعته التمردية، ومحاولته النيل من أصدقائه ومعارفه كتابيًا فهو مصارع لا يبالي بمنازله في حلبة الكلمات، إنه الحاضر الغائب، أو الغائب الحاضر يغويك ويغريك، ويسخر منك إن ادعيت أنك فهمت مراده وكأنما هو عند نفسه نص متشابه لا يعلم تأويله إلا الله. 1- الهدف من دراسة الكاتبين • تقارب وتفارق سيرة الكاتبين كونهما سكنا المدينة، وانتقلا إلى جدة ومكة، ثم لندن، ولكل منهما أسسه تراثية، وعلاقته الوطيدة بالحس الإنساني. • العرفج أقرب للانفتاح وتبني منهج الحداثة كتابة وسلوكًا، فيما يحافظ الدكتور عاصم على منهجه التراثي الأصيل وينافح عن فكرته ويدافع عن قناعاته بكل ما تسعه اللغة. • يظهر أن الدكتور عاصم يتناول الغرب ناقدًا له غالبًا مع ذكر بعض المحاسن، فيما لا يتحرج العرفج من افتتانه بالغرب في جانبه السلوكي والمدني. كشف جانب من سيرة الكاتب سيرة الدكتور عاصم حمدان علي: - أكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي بالمدينة المنورة - حصل على بكالوريوس اللغة العربية وآدابها “بمرتبة الشرف الأولى” في جامعة أم القرى بمكة المكرمة عام 1396ه، ودرس في جامعة لانكستر وتحصّل على الدكتوراة في الفلسفة 1406ه، - يعمل حاليًا أستاذًا مشاركًا في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز. - عمل مستشارًا غير متفرغ لوزير الحج. - عمل رئيسًا لتحرير مجلة الحج الصادرة عن وزارة الحج. - عمل مستشارًا لهيئة تحرير مجلة «الحج». العضويات: - تمتع بعضوية العديد من اللجان العاملة بمجالات الأدب والثقافة ومناهج الدراسات العليا. الجوائز: - نال جائزة علي وعثمان حافظ الصحافية كأحسن كاتب عمود صحفي خلال العام 1996م. - نال درع نادي المدينة المنورة الأدبي، وشهادته التقديرية تقديرًا لجهوده في مجال الثقافة والتربية الأدبية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة عام 2000م. المؤلفات - التآمر الصهيوني الصليبي على الإسلام. - حارة الأغوات، حارة المناخة، نحن والآخر. - أشجان الشامية، دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي. - المدينة المنورة بين الأدب والتاريخ، هتاف من باب السلام. - ذكريات من الحصوة، صفحات من تاريخ الإبداع الأدبي بالمدينة المنورة. - قراءة نقدية في بيان حمزة شحاته الشعري. - له بحوث عدة منشورة، ومشاركات صحافية قيمة، بالإضافة إلى نشاطه العلمي والثقافي والفكري والأكاديمي، ومشاركاته في بعض المؤتمرات ذات العلاقة بتخصصه. ولعل من يقرأ عناوين مؤلفاته يشعر بالارتباط الوثيق بين المؤلِف والمكان، وهذه الحميمية غير مستنكرة فمن عادة الأسوياء أن يألفوا ويؤلفوا. لفتة: لعل البعض لا يعلم أن الدكتور عاصم هو أحد أبناء قبيلة غامد، وله أسرة عريقة في منطقة الباحة، إلا أنه من النادر أن يرد لقبه القبلي، وهذه أسبقية له في الخروج من بؤر التعصب، والانتماء للوطن بأجمع لأن اللقب إن لم تضف إليه غدا عبئًا عليك. سيرة أحمد العرفج: ولد في بريدة بين عامي 1965- 1968م وهو يؤكد أنه لا يعرف تاريخ ميلاده لأن والدته تحيله على خالته منيرة وخالته تحيله على الأمراض والكوارث من سنة الغرق إلى سنة الجدري إلى سنة الحصبة إلى سنة الجوع ما اضطر مدير مدرسته إلى إحالته إلى ممرضة حسناء لتسنينه مثل ما يكشف زائر لسوق الغنم عن سن شاة يريد شراءها. أكمل الدراسة الابتدائية في المدينة ثم المتوسطة والثانوية بين جدة والرس والدمام، إلى أن نال البكالوريوس من الجامعة الإسلامية تخصص لغة عربية، ونال الماجستير 2000م من جامعة أم القرى قراءة في شعر المتنبي. له ديوان شعري واحد، وكتيب صدر عن المجلة العربية. كتب في صحف عدة ومجلات عربية. 2- مناسبة مقالة الكاتبين: يخرج المتابع أن الدكتور عاصم حمدان يتفاعل مع المناسباتية، فهو كاتب القدس إن مرّت ذكرى الاحتلال، وكاتب العروبة إن تنادت الأعراق والشعوب، وهو كاتب الوطن إن
تجاوز مغامر على ثوابتنا، وهو كاتب إسلامي الهوية، عربي الهوى، مدني الفطرة، وإن فقد أحدًا من رفقته أو صحبته وجدته بكائي العاطفة، بينما يحاول العرفج أن يخرج عن الأطر والمسارات التي يمكن أن توازن فيها بين ذاتيته وموضوعيته، أو بين العاطفي والعقلي، أو بين الاجتماعي والثقافي، أو بين الساخر والجاد إلا أنه بعد تدقيق وترصد، من أنجح الكتاب مخاتلة للرقيب لتمرير فكرة، فهو مراوغ بالمفردة ليلذع الخصم ما دفعني لوصفه بكاتب خطه مستقيم وحرفه أعوج، ولعل عناوين مقالاته تدل على جانب من إشكاليته الكتابية ومنها “الكتابات الفولية/ سب الحكومة/ الفحولة المستعارة / وزارة المكافحات/ خصوصية الشيطان. 3- بيئة المقالة زمانًا ومكانًا ينطلق الكاتب الدكتور عاصم حمدان في مقالته غالبًا من المسجد النبوي، ويطغى عليه الحس “النوستالجي” متخذًا من التاريخ منطلقًا للحاضر، ومن الذكريات متكئًا لمناقشة الواقع، معبأ باللغة، مقتدرًا في علاقته بالبيان، مشبعًا بالمسافة بين داخله وخارجه، فيما يتعذر القبض على العرفج الذي يتبنى نظريات اليوم وينقضها غدًا، وينطلق من ثوابت الأمس ليهدمها اليوم، أشبه بكاتب المنفى، أو منفى الكتابة، ولعله وعى مؤخرًا أهمية جمع نتاجه فأخرج “هذه صناديقي مقاولات عامل معرفة”. ويرى الكاتب أحمد العرفج أن ما اتفق عليه نقّاد المقالة عن مهمة الصحافة يتطور بتطور العصر إلا أنه لا يذهب إلى أبعد من كشف المخبأ، وفضح المستور، وإبراز الخلل، وتقويم المنحرف مع تشكيكه في قدرة الكاتب على توفير الحلول الناجعة والإشكالات المتراكمة إذ يقول “لقد وقف قائد البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على حقيقة مشكلة الفقر وزار الأحياء الفقيرة ورأى أوضاع الفقراء المزرية، إلا أنه لم يتغير شيء، فهل ستغير المقالات الحال، وتعالج الوضع علمًا بأن الزيارة لم تغير شيئًا”. يحاول الكاتب أحمد العرفج أن يحتفظ باستقلاليته كاتبًا، مؤكدًا فيما يكتب وفي أحاديثه لأصدقائه ومعارفه عدم التبعية لتيار بعينه، أو الانضواء تحت مظلة توجه، علمًا بأنه يراعي توجه الدولة العام لاعتبارات عدة، ولا يلزم نفسه بتبني قضية أو فكرة لتكريسها وترسيخها فهو الكاتب التقليدي حينًا والحداثي أحيانًا أخرى، وهو التقدمي والرجعي في بعض أفكاره، وهو الذاتي وهو الموضوعي، بينما نجد الدكتور عاصم يتبنى فكرًا إيديولوجيًا يميل إلى الأصالة أو التقليدية، فنجده ينافح عن المأثور، ويشنّع على أفكار الحداثة ورموزها في مقالته الأدبية، ويرصد عور المستشرقين في كتاباته الفكرية، ومن مقاله ملحق التراث والتيارات الفكرية المعاصرة “لقد تبين لأعداء الإسلام أن أنجح وسيلة لحرب الأمة الإسلامية والعربية هو محاربتها من الداخل أي بأيدٍ عربية شرط أن يتحقق فيها انعدام الهوية، واستلاب الإرادة، وشذوذ المنزع والهدف”، ثم يستعرض أسماء هؤلاء المعنيين بحربنا من الداخل ومنهم مارون غصن، وسلامة موسى، ولويس عوض، ويوسف الخال، وأدونيس، وحسن حنفي، ومحمد أركون، ومحمود العالم، ومحمد الجابري، وعبدالله العروي، وغالي شكري، ومحمد برادة؛ مشيرًا إلى ارتباط هذه الأسماء بالفكر الماركسي» ومن عناوينه “النقيدان وتزوير حقائق التاريخ،يقول «أتى منصور النقيدان على مسائل لم ينصف فيها نفسه قبل أن ينصف الآخرين وأساء إلى جوهر تعاليم الإسلام» وهذا يتجلى في معظم مقالاته التي تبنى فيها قضايا الأمة الإسلامية بعامة وقضية القدس بصفة خاصة، إلا أن جانبه الإنساني يتجلى في أسلوبه الشجي المحمّل بالشجن إن لم يستثر ويدخل في حوارات ساخنة وأزعم أن تقاطعًا واضحًا يجمع بينه وبين محمد حسين زيدان يتجلى في فن السرد الاسترجاعي واستعادة الأحداث وتداخلها «من مقالة السيد الفقي وشموخ بين الحسين والجيزة يكتب «لا يتذكّر الفتى من رحلاته الأولى إلا تلك الأحياء الشعبية في الحسين والسيدة زينب ،التي تذكّره بالمناخة وسويقة، وسوق الليل، ومرابع العلوي» وكذلك رثائياته الكتابية، ومدائحيته وذكر محاسن الأصدقاء. المدينة وأثرها في الكاتبين سكن الدكتور عاصم حمدان المدينة فسكنته بإنسانها وأحيائها فكتب لها وعنها بعض ما كتبته في نفسه، وبالتتبع لمقالة حمدان نجدها لا تخضع لفضاء محدد، ولا ملامح ثابتة، فهو الكاتب الموسوعي والأنثربولوجي والأكاديمي والناقد ومن مقالته «سيد الكلمة المرتجلة محمد حسين زيدان« كتب «لن أنسى يومًا من أيام النشأة في البلد الطاهر حيث المقام الذي تهفو إليه قلوب المحبين« ليستعيد بعدها شخصيات محمد حميدة، ودروب «وأسلك الدرب من باب جبريل إلى برحة باب السلام، ومكتبات «حيث تقوم مكتبة الشيخ عبدالمحسن وانطلق للصفة» ثم ينتقد بعض الفضوليين من تيارات تناقشك فيم تقرأ وأين تقرأ قائلاً «ولم يكن يومها يسألك أحد لماذا تقرأ كتابًا هنا، أو لماذا تقف أمام المواجهة الشريفة، ليتساءل «هل كان الناس أكثر اتساعًا في أفقهم ورحابة صدورهم؟،ثم يعود متناولاً الزيدان ومسترجعًا بذاكرته الدكتور عبدالله منّاع، والرافعي، وأحمد عبيد المدني، وصلاح الدين عبدالجواد، وعبدالقادر الشلبي، وحارة الأغوات، وعينها الصافية، وأحمد الشلبي، وإسماعيل مصلوخ، وأبا سعد، وحلقات القشاع، والأصوات الندية لحسين وعبدالستار بخاري، ومحمود نعمان، والسيد عبدالرزاق النجدي، والسيد هشام غباشي، مضيفًا حدثني يا أبتاه لماذا غابت البسمة عن الشفاه، والفرحة عن القلوب، والمشهد الجميل عن العيون، وأين المقامات الرفيعة صاحبة الثياب المنشاة، والعمائم الصفراء». هذا النموذج من مقالة واحدة جمعت الإنسان والبيئة والفضاء المكاني، والأزياء، ونقدت السلوكيات والتحوّلات في ذات الوقت ما يؤكد ما ذهبت إليه من موسوعية الدكتور عاصم وإلمامه بالتفاصيل الصغيرة لشخصيات وقضايا كبرى. فيما سكن أحمد العرفج مدنًا ومناطق تعلّق منها بالبسطاء وحاول الوصول إلى الأثرياء وتعرّف إلى الوجهاء والصعاليك وحقق نجاحات باهرة في استغلال العلاقات الإنسانية معرفيًا وتوظيفها كتابيا ما يعني أن الإلهام الكتابي شعبي في درجته الأولى فهو يفتتح المقالة غالبًا بحوار دار بينه وبين صديق، وللحقيقة أني لاحظت العرفج في أكثر من مناسبة داخل السعودية وخارجها بعد أن يجمع ثلة من أصدقائه ومحبيه، ويرمي بفكرة قابلة للنقاش، ثم يخرج ورقة وقلمًا ويظل يلتقط من كل محاور موضوعًا أو فكرة تصلح لمقالة. العرفج والكتابة الساخرة يجنح أحمد العرفج في بعض مقالاته إلى الكتابة الساخرة حتى من نفسه» أكرمني الله بأن أكون مشطورًا في نموي وطفولتي، فأنا حجازي الهوى، قصيمي المولد، مديني التعليم، بريداوي التربية، جداوي السكن، نجدي الجذور، اتحادي الميول، رائدي الإعجاب،كل هذا الخليط وليس الاختلاط حتى لا تتحسس بعض أجهزة الفضيلة جعل لساني ثنائي الإنتاج، مزدوج الصناعة، زوجي النطق» وإذا عدنا إلى تقسيم النقاد الفن إلى طبع وصنع فإن الغالب على كتابات الدكتور عاصم أنها مطبوعة فيما تتلبس كتابات العرفج الصناعة بدءا من سجعه للعناوين، مرورًا باللعب بالمفردات لتمرير الفكرة، والتحايل على الرقيب لاستساغتها وإجازتها. (ختامًا) أزعم أن الكاتبين يعبّران من خلال آلية صادرة عن وعي، يرتبط جزء منها بذاتية التربية والمنشأ، والعودة إلى الجذور الأولى «المدينة المنورة»، كونها رافدًا روحيًا، ومجتمعها يقوم على تعددية متعايشة، خلقت في داخل كل منهما مساحة كافية للتسامح، وإن طغى حماس الدكتور عاصم في التصدي لما يظنه ضد الدين أو العرف، بقدر ما يدخل الكاتبان بؤر الحوارات الساخنة، بقدر خروجهما من دوائر الصراع الحادة، إلا أن شخصية الدكتور عاصم تكونت في رحم البسطاء، المعتدِّين بالقيم الإنسانية والجمالية، ذات البعد الحميمي، وتنامت شخصيته في رحاب الوجهاء والمسؤولين من أصدقائه، ما يصبغ كتابته بالتأمل، من خلال منهج يقارب الرواية التاريخية، أو السيرة الروائية، وتضمين ما يكتب من مقالات رؤية تحليلية، ومعالجة متأنية تجمع بين التوثيق والفحص، فيما تأتي كتابات العرفج مكتظة بحمولات عدة، ومناوشات قلقة تتقاطع مع شخصيته، وعلاقته بالأماكن اللامستقرة، فارتباطه بجدة والرس والدمام ومن بعد لندن خلقت منه شخصية عولمية، ينزع إلى النخبوية، وتلمس المسكوت عنه، ما جعل منه كاتبًا إشكاليًا بامتياز، ولعله يصعب على المتابع لمقالات العرفج الفصل بين ذاتيته وموضوعيته، فهو ممن يرى الأشياء غالبًا من خلال ذاته أولاً، ويجهد تاليًا في سبيل تثبيت الموضوعية المتعذرة أحيانًا، وبحكم قربي منه في مواقف، ومعرفتي بوجهة نظره الحادة والمسبقة تجاه قضايا وأفراد يمكنني القول إنه إن أحب أسرف في المدح، وإن تحفّظ أشرف على القدح، وهذه المنهجية وإن قبلناها في المقالة الصحفية إلا أن مناهج البحث العلمي تأبى الخروج من دائرة الموضوعية، والعرفج كثيرًا ما صرّح بأنه يكتب لترى والدته صورته، ولتقاضيه مبلغًا محترمًا مقابل ما يكتب، إلا أني أشعر أنه يكتب لأنه يقرأ ويصغي بل ويحسن الإصغاء ويجيد التقاط الأشياء الصغيرة ليصنع منها مجسمًا لافتًا وفاتنًا أحيانًا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.