الرئيس الفلسطيني يشكر المملكة على جهودها    جامعة الباحة تُطلق 9 برامج تدريبية    جولف السعودية تشارك فايف آيرون    سباق الأندية يشتد في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    البرازيلية لوسيانا تتحدى وتلهم الأجيال في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    «فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني للمملكة عند A+    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لإنتاج 1000 طائرة اعتراضية يوميًا لمواصلة الحرب مع روسيا    ضبط شخصين في عسير لترويجهما (26) كجم "حشيش"    الأخضر الأولمبي يخسر بخماسية أمام اليابان في افتتاح مشاركته بالدورة الودية بأوزبكستان    "بيت الشاورما" تعزز دعم المحتوى المحلي من خلال شراكتها مع تلفاز 11    32 لاعباً يتأهلون إلى دور ال16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    ترمب: فرصة التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي 50%    عرض إنجليزي من أجل ميتروفيتش    رئيس مجلس الأعمال السعودي السوري: نؤسس لشراكة تنموية في مرحلة إعادة إعمار سوريا    مركز التنمية الاجتماعية بجازان ينفذ مبادرة"خدمتنا بين يديك"في مجمع الراشد مول بجازان    الخارجية الفلسطينية ترحب بإعلان فرنسا عزمها على الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية    وزير الصحة: انخفاض الوفيات بنسبة 17% ثمرة السياسات الوقائية    الجهني: يدعو لتقوى الله وينهى عن التشاؤم بالأيام    الشيخ القاسم: الرسالة النبوية أعظم نعم الله ومصدر النجاة في الدنيا والآخرة    وزارة الرياضة تعلن تخصيص أول ثلاثة أندية (الأنصار والخلود والزلفي) وفتح المجال للتخصيص في بقية الأندية الرياضية    فتح التقديم لجائزة "إثراء للفنون" بقيمة 100 ألف دولار    أتربة ورياح نشطة على عدة مناطق اليوم    "آل مداوي" يحتفلون بالدكتور "جبران" بحصوله على درجة الدكتوراه    أمير جازان يطلع على جملة المشروعات المنجزة والجاري تنفيذها بمحافظة الدائر    القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    أكثر من 40 ميدالية في ختام بطولة المملكة البارالمبية لرفع الأثقال للرجال والسيدات    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    السعودية تدين مطالبة الكنيست الإسرائيلي بفرض السيطرة على الضفة والأغوار المحتل    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الإبداع الجديد المرئي في الأدب السعودي التباين والتشاكل دراسة في المفهوم والقضايا

إن دلالةَ الإبداعِ الجديد تدلُّ على البعد عن التَّقليد، والبحثُ في الجديدِ، عمليةٌ شاقةٌ ومعقدةٌ ومحفوفةٌ بالمخاطرِ؛ لأنَّ هذا الجديد لم تضح بعدُ أهميته في تطور القديم أو تجاوزه هذا من ناحية، وموقف المتلقي من حيث القبول أو الرفض من ناحيةٍ أخرى، فالجديدُ دائمًا مثير للجدلِ والنقاشِ وإثارتُه للجدلِ والنقاشِ تُعْطِيَهُ قيمتَهُ المعرفية بتحريكِ الفكر، وتحريرِه من قيودِ الإيديولوجية. وانغلاقاته المعرفية، ومن هذه الرؤيةُ النقدية أضعُ مفهومَ الإبداعِ الجديد في الأدب السعودي موضع المساءلة والمناقشة. وقبول النَّاس للجديد يختلف بين قبول الجديد أو التَّصدي له ومهاجمته والدعوة إلى قطيعته. يتضمن هذا الموقف ضد الجديد في كل مناحي الحياة حتى في مسائل الدين، وقد واجه العربُ قُبيلَ الإسلامِ الدعوةَ إلى الدينِ الجديدِ مقاومةً شديدةً، لا لشيءٍ سوى لأنه كان كسرًا للمألوف وخرقًا للعادة. وكان الدينُ الإسلامي هو «العادة» الجديدةُ المستفزةُ للقوم. ولم يلبثوا أن تفهموها واقتنعوا بها ووجدت طريقها إلى قلوبِهم. ولا نقصدُ بالطبع أن نُقارن الإسلام بأية عادة اجتماعية بشرية، ولكننا نقارنُه فحسب بوصفه «عادة» جديدة، ومن معاني الدين «العادة»، كما نعلم. لا شك إذن أن من حق الجديد أن يأخذ فرصته لإثبات وجوده وقيمته بالنسبة إلى المجتمع وتقاليده السائدة. وتهدف الدراسة إلى استكشاف القيمة الأدبية والنقدية الممكنة لخطاب الإبداع الجديد في الأدبِ السعودي لتأكيد مشروعيته بوصفه نوعًا أدبيًّا جديدًا له خصوصيتهُ، يحتاجُ لمساندةٍ نقديةٍ تساعدُهُ، والحاجةُ المعرفيةُ الراهنةُ للممارساتِ النقديةِ تعي جيدًا أهميةَ التَّحولاتِ الاجتماعيةِ وأثرَهَا في التحولاتِ الإبداعية. ولو تذكرنا المجددين في تاريخ الأدب العربي الحديث لوجدنا أن العقاد وطه حسين من أبرزِ المجددِين في الفكر والإبداع، ورغم اختلاف وعيهما بمفهوم التجديد، إلاَّ أنهما استطاعا أن يعطيا قيمةً نقديةً لتحقيقِ نهضةٍ أدبيةٍ، لقد كان العقاد يظن أن تحطيم القديم والخروج عليه هو ما يحقق النَّهضة الأدبية، في حين كان طه حسين مشغولاً بتعبيد جسر الاتصال بين القديم والجديد؛ لأن الجديد من وجهة نظر طه هو القراءة وإعادة التأويل للقديم، ومن ثمَّ إعادةُ إنتاجه في صيغةٍ جديدةٍ تلاءئمُ العصر. ونحن هنا لن نتتبع مفهوم الإبداع الجديد في الأدب السعودي تاريخيًّا وإنما سنقوم بقراءةٍ ثقافيةٍ تسعى إلى رصدِ أشكال الإبداع الجديد في الأدب السعودي في هذه الحقبةِ الحضاريةِ الجديدةِ، الموسومةُ بعصرِ الثَّورةِ التكنولوجية، وتؤسسُ لذائقةٍ جديدةٍ في تلقي الإبداعِ الجديد في هذه الفترة. وما نريدُ استنتاجه من هذهِ القراءة، تحديدُ مستويين لمفهومِ الإبداعِ الجديد في هذه المرحلةُ الانتقاليةُ هما: المستوى الأول يشمل الخطاب الأدبي المكتوب بفنونه الكتابية المعروفة تقليديًا. والمستوى الثاني خطاب الأدب المرئي من الأدب الرقمي، والمسرحي، والسينمائي، والتلفزيوني، والإذاعي. وتحدد هذه الدراسة فكرة مفهوم الإبداع الجديد في الأدب السعودي في إطار الفنون المرئية؛ لذلك قسمتُ الدراسةَ إلى ثلاثةِ محاور: * تحديد مفهوم الإبداع الجديد في عصر الثورة التكنولوجية. * ملامح الإبداع الجديد ودلالاته في إنتاج الأدباء السعوديين. * قضايا الإبداع الجديد في إنتاج الأدباء السعوديين. أما عن سبب اختياري لدراسة الإبداع الجديد في الأدب السعودي؛ فيعود إلى كون الأديب السعودي ينتمي إلى قطر جغرافي مهمّ وثقل ديني وسياسي واقتصادي ذي أهمية بالنسبة لقضايا الأدب العربي وخصوصًا في هذه المرحلة الانتقالية في هذا المنعطف التاريخي، والمجتمع السعودي كباقي المجتمعات الأخرى واجه مشاكل كبرى جديدة لها علاقة بالدين والسياسة في الفترة الحالية، ومشاكل قديمة مختلفة لها علاقة بالعادات والتقاليد والاقتصاد، ودراسة العلاقة بين الفنون الأدبية وأثر الأنماط الثَّقافية والتَّقنية عامل من أهم عوامل تحديد العلاقة بين تفاعل الأديب مع الحضارة الحديثة وقضايا مجتمعه والحفاظ على الثوابت وهويته الحقيقية، وخصوصًا أن الفنون الأدبية على أرض الجزيرة منذ ظهور الإسلام بَعُدت عن الصور الآدمية والحيوانية وانحصرت تقريبًا في الفنون المتعلقة باللغة والخط، وفي ظلِّ هذا المتحول الحضاري في الإبداع الجديد مكن الصورة الثابتة والمتحركة أن تكون من أهم مكونات الفنون الأدبية في الإبداع الجديد في الأدب السعودي. ولا شك أن التَّعرضَ لدراسةِ الإبداعِ الجديد في الأدب السعودي المعاصر يمثلُ، بدايةً، علامة استفهام، ونوعًا من استفزاز بعض المشاعر والتقاليد المحافظة في مجتمع محافظ بطبيعته، وخصوصًا إذا تعلّق هذا الجديد بالتعبير الفني عن الفكر والشعور. ولكن لا بدَّ من مواجهةِ الواقع، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا. وهذا الواقع يقول لنا: إن المجتمعَ السعوديَ المعاصر منفتحٌ على الفنونِ وخصوصًا تلك المتعلقة بالصورة السينمائية والتلفزيونية والكاركاتيرية والفوتوغرافية. وقد عالجت هذه الفنون التصويرية قضايا مجتمعية مهمة وملحة في مجتمعنا المعاصر من مثل حقوق الإنسان، كحقوق الأقليات الدينية والمذهبية، وحقوق الطفل، ومشاكل تتعلق بالشباب والتعليم وأوقات الفراغ والتثقيف والمشاركة السياسية والإرهاب، ومشاكل تتعلق بالمرأة وقيادة السيارة والحجاب والتحرشات والتفرقة العنصرية ضدها، ومشاكل الهوية من نحن؟ ومن أصدقاؤنا؟ ومن أعداؤنا؟ وماذا نأخذ من تراثنا؟ وما هي علاقتنا بأجدادنا؟ كلُّ تلكَ المشاكلُ القديمةُ والجديدةُ ومشاكلٌ مختلقةٌ يتاجرُ بها أعداءُ الإسلامِ عالجَها الإبداعُ الجديد في الأدبِ السعودي، ليُبرْهِنَ على أنَّ الأديبَ السعودي قادرٌ على التَّفاعلِ مع المتحول الحضاري بكلِّ أنواعه، ويجمعُ بين الحضارةَ الحديثةَ والحفاظَ على هويتِهِ الحقيقية التي لا تتعارض مع الاحتفاظُ بالثَّوابت والإطار العام للشريعة الإسلامية . ونسعى في البحث الإجابة عن التساؤلات التالية: * ما المقصود بمفهوم الإبداع الجديد المرئي في الأدب السعودي، وما الشكل غير التقليدي الذي يظهر فيه الإبداع الجديد، وما الخصوصية الثقافية للبيئة المحلية التي يقدمها، وهل يختلف خطاب الإبداع الجديد عن خطاب الأدب المكتوب السعودي ؟ * ما الاشكالات التي يواجهها الإبداع الجديد في إطار تجاهل الرعاية المؤسساتية الرسمية له والاهتمام النقدي؟ * ما هي قضايا الإبداع الجديد؟ وهل الممارسة النقدية للإبداع الجديد هي ذاتها التي يمارسها الناقد على الأدب المكتوب، أم أنه يحتاج أكثر من منهج ليفرز نتائج مغايرة وجديدة؟ ونشيرُ إلى الجديدِ في هذه الدراسة وهو توظيفُ مصطلحي التَّشاكل والتَّباين كتقنية جديدة في تحليل الخطاب الأدبي، وقد سبقنا بعض الباحثين المعاصرين إلى توظيف هذين المفهومين في تحليل الخطاب اللغوي بوصفهما مفهومين لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر وبهما يحصل الفهم للنص، وعلى اعتبار أن مفهوم التشاكل يقوم على أساس التكرار، والتباين يقوم على أساس التأليف بين أطراف متناقضة ويرصد العلاقات المتنافرة فسوف نرصد أشكال الإبداع الجديد في إنتاج الأدباء السعوديين والتي أسهمت حركة التطور الحضاري في إيجادها، بهدف الوقوف على الثابت والمتغير من المنجز الأدبي، فالمقالة والقصة والرواية من الأنواع الأدبية الثابتة والمألوفة في الخطاب الأدبي والنقدي المعاصر، في حين الإبداع الرقمي من الأشكال الجديدة والخارجة عن المألوف في الأدب. 1- تحديد مفهوم الإبداع الجديد في عصر الثورة التكنولوجية. في المحور الأول نتناول الحديث عن ماهية الإبداع الجديد وننطلق من التعرفِ على مشتملاتِ هذا الخطاب، ومكوناتِه، ومرجعياتِه، ودلالاته التي قد تتقاطع مع دلالات أخرى كالحديث، والمعاصر، وحركة البعث في الأدب، وثورة الأدب فكل هذه الدوال اللغوية تتقاطع في حقولها الدلالية مع دلالة مصطلح الإبداع الجديد، وتكادُ تشكل بعض أبعاده. ولكن البحثُ في المدلول المعجمي للإبداع الجديد لن يسلطَ لنا الضوءَ على الأعمال الإبداعية التي بُنيت على أساسٍ إبداعي تجديدي كالتي ظهرت في عصر الثورة التكنولوجية؛ ونخلص من هذا المحور بنتيجة مؤداها أن لفظة (الحديث) أعمّ وأشمل لزمن ما بعد النهضة الأخيرة، بينما تدلّ لفظة (المعاصر) على الزمن الذي نعيشه، والإبداع الجديد فهو يعني الأدب المرتبط بثقافة الصورة والفنون المرئية، والجانب الاتصالي الجماهيري والجانب البصري هو من أهم جوانب التجديد في مدلولات الإبداع الجديد. من مثل الأدب الرقمي، أو الأدب الدرامي التلفزيوني، أو رسائل الجوال الهاتفية، ولو نظرنا إلى عناصر هذا الإبداع يمكن أن نحددها في أربعة عناصر أساسية: 1. العنصر الأول عنصر اللغة والانزياح من الفصحى إلى اللهجات المحلية. 2. العنصر الثاني عنصر الشكل الفني حيث يحوي أنماطًا وأشكالاً فنية جديدة مختلفة عن الأدب المكتوب. 3. العنصر الثالث عنصر أداة التوصيل وهو الاتصال الجماهيري. 4. العنصر الرابع عنصر التغذية المرتدة والاستبصار الذاتي للمتلقي؛ الذي يعكس البعد الحضاري للأدب. 2- ملامح ودلالات الإبداع الجديد في إنتاج الأدباء السعوديين أما المحور الثاني فخصص لوضع تصور عام لكيفية رصد الإبداع الجديد في الفترة الحالية، ونجدُ في هذه الأنماط الجديدة استلهامًا للأشكال الأدبية التقليدية وتوظيفًا للأنواع الأدبية التقليدية في شكل فني جديد، من مثل توظيف الرسالة، والقصة، والرواية في شكل فني جديد، ولكننا حينما نتتبع الدراسات النقدية حول أشكال الإبداع الجديد ودلالاته تشيرُ في معظمها إلى أننا أمام نصٍّ خارج عن النسق المألوف والمتشاكل مع الأنواع الأدبية من حيث الشكل والبنية وطريقة الطرح، وقد يتعرض إما للتجاهل أو التشويه أو التقليل من أهميته، وهذه من أهم الإشكالات التي يواجهها الإبداع الجديد في الإطار النقدي العربي، ومن عوامل هذا التجاهل عدم الرعاية المؤسساتية السعودية لهذا النوع من الإنتاج، في حين وجد الإبداع الرقمي اهتمامًا كمواقع أدبية محفوظة الحقوق ودراسةً وتحليلاً من قبل الباحثين المغاربة على سبيل المثال، فالإبداع الرقمي والرواية الرقمية كنص إبداعي جديد لم تلقَ اهتمامًا في الخطاب النقدي السعودي، لعدة أسباب منها قد يكون عامل عدم تشاكل هذا الإخراج الفني الأدبي مع المألوف المتداول هو من أهم الإشكالات التي يواجهها الإبداع الجديد. وعلينا ألا ننسى أن هذه البنية الشكلية للإبداع الجديد هي مفتوحة ومتجددة في الوقت نفسه، تتشاكل مع الأنواع الأدبية التقليدية في توظيف الشعر والسرد والخط والصورة، وتتباين في تأخر بعض الأنواع الأدبية المرئية في المجتمع السعودي عن بقية بعض الدول العربية كحضور الرواية في المشهد الدرامي وسبقتها بكثير ويبدو قيمة أساسية في أعمال نجيب محفوظ بحيث كانت تعالج قضايا مجتمعه المصري. وقد يكون السبب الرئيس في ذلك التحولات الاجتماعية التي تسهم في وضع معيار الإبداع ويمثل جزءا من ثقافتها الجديدة. فإلى عهد قريب لم يكن هناك عروض سينمائية في المجتمع السعودي ومع التحولات الاجتماعية أصبح هناك فعاليات للسينما وظهر معها الفيلم السعودي بأنواعه المختلفة من الفيلم الوثقائي، والفيلم القصير، والفيلم الروائي الطويل. 3- قضايا الإبداع الجديد في إنتاج الأدباء السعوديين. أما المحور الثالث والأخير فهو يرصد قضايا الإبداع الجديد وقد تمس قضايا كبرى وقد تلامس خفايا وزوايا غير واضحة على السطح، من مثل مسلسل طاش ما طاش الذي تم فيه معالجة قضايا تخص المجتمع السعودي عن طريق الفكاهة وقد يعجز الأدب المكتوب عن معالجتها بطريقة الإبداع الجديد البصري الفني الذي كان ضد الإيديولوجية والثوابت المحافظة، بل استطاع هذا الوافد الجديد أن يجد له مكانًا وأنصارًا من أصحابِ الاتجاه المحافظ وتوظيفه وفق خصوصية المجتمع السعودي والثوابت الدينية من مثل قصيدة عائض القرني التي غناها محمد عبده مؤخرًا بالدفوف بدون استخدام الآلات الموسيقية. الخاتمة لقد حاولنا تحديد صياغة أدبية ونقدية من حيث الشكل والمضمون لمفهوم للإبداع الجديد في الأدب السعودي، ورصدنا أبرز قضايا الإبداع الجديد في إنتاج الأدباء السعوديين ووضحنا الفرق بين قضايا الإبداع الجديد المرئي والأدب المكتوب، وهي قضايا متنوعة ومختلفة ولكنها في معظمها تعكس
الواقع المحلي وتعالج قضايا المجتمع السعودي وتجسد التراث السعودي الوطني وتأثير مناطق المملكة عليها كبيئة ومكان. وفي هذه النقطة تحديدًا فإن قضايا الإبداع الجديد تعالج قضايا المجتمع الخاصة بعيدًا عن قضايا الإنسان العامة كالتي يعالجها الأديب في النص المكتوب. لنخرج بملاحظة هامة عن خطاب الإبداع الجديد في الأدب السعودي بأنه خطاب يتميز عن خطاب الأدب المكتوب خطاب يتلقاه الجميع في نسق جمعي جماهيري ويمس قضايا الإنسان السعودي ليصبح نسقًا من الأنساق الأدبية الأخرى ولكنه نسق وطني يعلي من شأن الهوية الدينية الإسلامية والوطنية، والعلاقة الجوهرية بين الخطابين بأنه يوظف الشعر وكل الفنون السردية وفق سياقها الثقافي والسياسي والاجتماعي المحلي بهدف تأصيل الهوية الوطنية السعودية فهناك فرق بين اللغة المؤطرة للكتابة واللغة المؤطرة للحكي. ولعل أهم قضيتين جعلت خطاب الإبداع الجديد كظاهرة أدبية يعبرُ عن ثقافة المجتمع هما: * قضية اللغة الإعلامية الجديدة والسعي للتغير والتطور وتأصيل الهوية الوطنية، فالإبداع قادر على كسر الحواجز واختراق الأطر القديمة أكثر من القرارات السياسية. * قضية الحوار والمساواة وحرية التعبير التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، ليخوض الإبداع الجديد الحوارات والسجالات والنقاشات في تعددية المذاهب والتيارات الفكرية التي شهدتها المملكة في عصر الانفتاح الإعلامي. لنخلص من هذا كله بسؤال عن طبيعة الأدب الذي قمنا بتحديد مفهومه وأشكاله، وقضاياه، ماذا نسمي أدب الإبداع الجديد المرئي أدبًا للشعب؟ فمن العبّارات التي تطلق كثيرًا في مختلف الآداب «أن الأدب للشعب» وقيل أن: «القلم كالسياسة يتبع الحاكم» ففي العصور القديمة تراجيديات سوفوكليس وأمثاله كانت تُعرض في الساحات ويحضرها الشعب، وينتفع بها. وفي العصر الحديث كاتب مثل أبسن قضى حياته يؤلف المسرحيات الاجتماعية التي يُعلن فيها الثورة على الآراء القديمة والأوضاع الرجعية، ولكن الشعب لا يعرف عمله ولم ينتفع به. والإبداع الجديد المرئي نابع من مشكلات موضوعية ويعالج قضايا حية من مثل كارثة جدة الأخيرة وصفها بتراجيديات تصور الواقع الحقيقي والجاري، إذًا ماذا نسمي هذا النوع من الأدب؟ ليس المهم الإجابة عن هذا السؤال الأهم وجود أدب يتفاعل معه الجمهور وينتفع به ويصل إليهم ويعبر عن واقعهم اليومي. ولعل هذا بدوره يسلط الضوء على طرائق قراءة الأدب التي تسفرُ عن نتائج مغايرة ومتنوعة، إن مثل هذه الدراسة من شأنها أن تعيدَ النظرَ في الممارسةِ النقدية للإبداع الجديد في الأدب السعودي بحيث تكون ممارسةً نقديةً تتطلب أكثر من منهجٍ نقدي، النقد الأدبي، والنقد الفني، والنقد الوسائطي، أما أن ينمو الإبداع الجديد في تيار قراءة نقدية تقليدية فلن تضيف شيئًا للحراك الثقافي في الأدب السعودي. أما عن نتائج هذه القراءات المتنوعة والمتخصصة فمن المؤكد أنها ستمدنا بجوانب جديدة عن إبداعنا الجديد؛ الذي يعكس واقعنا الحالي بكل تفاصيله وثقافته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.