توسع عسكري إسرائيلي جنوب سوريا يعمق الأزمة ويهدد بالتوتر الإقليمي    جمعية مشاة الزلفي تنفذ برنامج المشي على الرمال بمشاركة 14 مدينة    بلدية محافظة الشماسية تنهي معالجة آثار الحالة المطرية التي شهدتها المحافظة    أكثر من 8 ملايين زائر لموسم الرياض 2025    القيادة السعودية تعزي ملك المغرب في وفاة 37 شخصا بسبب فيضانات آسفي    أمير الكويت يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    المغرب تتغلّب على الإمارات بثلاثية وتتأهل لنهائي كأس العرب    مطار الملك عبد العزيز.. 50 مليون مسافر في 2025    ارتفاع الطلب العالمي على النفط ب 860 ألف برميل يوميا خلال 2026    القادسية في مفترق طرق.. غونزاليس يغادر ورودجرز قريب من الإشراف الفني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل منتخب جامعة جازان    سهم كابيتال تستضيف قمتها العالمية الأولى للاستثمار في الرياض    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    فيصل بن مشعل يتسلّم التقرير الختامي لمبادرة "إرث ينطق"    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    تقييم الحوادث يعلن نتائج تحقيقاته في عدد من الادعاءات المنسوبة لقوات التحالف    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    الكرملين يعتبر بقاء كييف خارج الناتو نقطة أساسية في المفاوضات    دور إدارة المنح في الأوقاف    لقاء تاريخي حافل لأبناء عنيزة القاطنين بمكة المكرمة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات بحق 40 سفينة من " أسطول الظل"    التضخم في المملكة يتراجع إلى 1.9% في نوفمبر مسجّلًا أدنى مستوى في 9 أشهر    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    براك يزور تل أبيب لمنع التصعيد بالمنطقة    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    من القمة.. يبدأ السرد السعودي    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسات استشراف المستقبل و أهميتها للأمة
نشر في المدينة يوم 26 - 12 - 2009


مع بداية كل عام ميلادي جديد تتناقل وسائل الإعلام المحلية و العالمية تنبؤات المنجمين الذين أصبح البعض منهم يتسمى تلبيساً بالفلكيين ، و علم الفلك بريء من ترهاتهم ، عن أهم أحداث العام القادمة فمن متنبئ بنشوب حرب هنا أو هناك أو وفاة الزعيم الفلاني أو بتحسن أو تدهور الاقتصاد المحلي أو العالمي أو عن وقوع زلازل و كوارث طبيعية تحل في الدولة الفلانية ... الخ ، و هذا الضرب من النبوءات قولٌ بعلم الغيب و ذلك إنحراف عقدي كما هو معلوم من الدين بالضرورة يتناقض مع صريح القرآن الكريم ( قل لا يعلم من في السموات و الأرض الغيبَ إلا الله ) ، ورد بشأنه الوعيد الشديد ليس في حق المنجمين و «الفلكيين» و الكهان و العرّافين فقط بل و حتى لمن أصغى لهم السمع أو سعى وراء آرائهم و ترهاتهم ففي الحديث الشريف ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم و في الحديث الأخر ( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ) ، و رحم الله لبيد بن أبي ربيعة رضي الله عنه القائل: لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا .... و لا زاجرات الطير ما الله صانع و ثمة كذلك ضرب آخر من التنبؤات معني برصد التغير في ظاهرة أو ظواهر معينة و محاولة تحديد الاحتمالات المختلفة لتطورها في المستقبل و ترجيح أحد الاحتمالات على غيره ، و تصدر تلك التنبؤات عن دور دراسات استشراف المستقبل العالمية بشكل دوري لا سيما مع بداية السنة الميلادية مبنية على منهجية علمية رصينة معروفة لدى المتخصصين تعتمد على استقراء الظاهرة المعنية في الماضي و ملاحظة متغيراتها الحاضرة و الربط بينهما و بين أنماط أحداث المستقبل التغيرية في عصر لعل أبرز سمة من سماته تسارع وتيرة التغيرات ، و هذا النوع من دراسات التنبؤ بالمستقبل هامٌ جداً قامت له مؤسسات متخصصة في العالم الغربي خصوصاً في الولايات المتحدة و منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية و فتحت بعض الجامعات العالمية المرموقة تخصصات الدراسات المستقبلية نظراً لما تشكله هذه المعارف من قدرة على معرفة أكبر قدر ممكن من الاحتمالات الممكنة لظاهرة ما و التوصل لأفضل السبل لمواجهتها و إتخاذ القرارات الاستراتيجية لصناعة المستقبل و تشكيله بشأنها ، و يعوز عالمنا العربي و الإسلامي الكثير الكثير في هذا المجال العلمي الحيوي بمختلف جوانب الدراسات المستقبلية في حقول الإجتماع و الإقتصاد و السياسة و التقنية ... الخ حيث ينفق العالم النامي 3% بينما ينفق العالم المتقدم بمؤسساته العسكرية و شركاته متعددة الجنسيات 97% من إجمالي الإنفاق العالمي على الدراسات المستقبلية. و من البدهي القول إن الدراسات المستقبلية تتيح للمجتمعات إضفاء بعد مستقبلي بعيد المدى على منهجية التفكير و طريقة إتخاذ القرارات الرشيدة نحو مستقبل أفضل ، ذلك أن ما نتخذه من قرارات في الحاضر سوف يؤثر بصورة أو بأخرى على مستقبلنا و مستقبل أجيالنا القادمة ، و إذا أردنا لهذا المستقبل أن يكون أقرب ما يكون فلا بد لنا أن نصنع ذلك المستقبل على شاكلة نرضاها لمستقبلنا من خلال إتخاذ القرارات التطويرية الآخذة بعين الاعتبار النتائج والتداعيات المحتملة لهذه القرارات على مدى زمني بعيد نسبياً ، و هنا يأتي دور الدراسات المستقبلية على استطلاع هذه النتائج و التداعيات على المسارات المستقبلية. فإذا كانت النتائج والتداعيات تسهم في تشكيل المستقبل المرغوب فيه إعتمدناها ، و إذ لم تكن تسهم في ذلك، فإننا نسعى إلى تعديل هذه القرارات حتى تأتي نتائجها وتداعياتها متوافقة مع المستقبل الذي نريده هذا وإن حصل ذلك، فإننا نكون قد شاركنا بشكل إيجابي في صنع المستقبل، بدلاً من أن ننتظر في سلبية مستقبلاً تأتي به الأقدار، أياً كانت صورته، أو بدلاً من أن نقنع أنفسنا بالتأقلم أو التكيف مع ما قد يقع من أحداث مستقبلية ، و للدراسات المستقبلية عدد من الفوائد المتوخاة. منها القدرة على إكتشاف المشاكل قبل إستفحال أمرها و الإستعداد لمواجهتها أو التقليص من مخاطرها لأدنى حد ممكن فكأنها نوع من الإنذار المبكر للإستعداد المسبق للطوارئ و التدرب على مواجهتها و يمكن إسقاط هذا المفهوم على ما وقع من كارثة السيول في مدينة جدة مؤخراً إذ أن إجراء أبسط دراسات المستقبل على الوضع الذي كان قائماً كان سيبين بشكل شبه حتمي السيناريو الذي وقع مما يؤدي لإتخاذ القرارات اللازمة لتلافيه. كما أن الدراسات المستقبلية في نفس الوقت ممكن أن تبين نقاط القوة الكامنة في المجتمعات مما يمكنها من تحقق ما نصبو إليه من تنمية مستدامة ، و توليد الثقة بالنفس و وزيادة مكامن القوة و تعبئة الطاقات لمواجهة تحديات المستقبل بفضل الله. كما تمكن دراسات المستقبل من بلورة السيناريوهات المحتملة و ترجيح أيها أقرب للواقعية و تظهر زمن وقوعه التقريبي ضمن مساحة خطأ صغيرة عملية المفاضلة بينها ، الأمر الذي يتيح قاعدة معرفية قوية لصناع القرار يمكن من خلالها أن يخططوا استراتيجياً لمستقبل البلاد السياسي والاجتماعي والاقتصادي و العلمي. من المهم أن نشير هنا إلى أن دراسات استشراف المستقبل شيء غير التخطيط الاستراتيجي إذ تعنى الأولى بالتعرف على إحتمالات ما سوف يكون في المستقبل أي أن نتائجها متعددة الاحتمالات مع محاولة ترجيح أي الاحتمالات أكبر واقعية دون أن تكون معنية بالوصول لنتيجة محددة ، بينما يعنى التخطيط الاستراتيجي بتحديد هدف معين مسبقاً و محاولة الوصول إليه و بالتالي فإن الدراسات المستقبلية تساعد بشكل كبير في توجيه التخطيط الاستراتيجي. من هنا يتضح أهمية إنشاء مؤسسات و دور إستشارية للدراسات المستقبلية في بلادنا العربية و الإسلامية و إدخالها ضمن الدراسات الجامعة و العليا لكي نستطيع أن نواجه تحديات المستقبل مسلحين بنفس الأدوات التي تلجأ إليها دول العالم المتقدم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.