تسعي معظم الدول إلى تطوير أنظمتها التعليمية وفق أفق وتوجهات عالمية وإقليمية، مع دراسة الإمكانات والطموحات المحلية، ويعتمد صناع القرار في تطوير الأنظمة التعليمية على نتائج البحوث التربوية في بناء قاعدة كبيرة من البيانات والمعلومات تتضمن التجارب الناجحة، والدراسات الاستقصائية، وطرح الحلول للمشكلات التعليمية الميدانية، لذا يمثل البحث التربوي ضرورة كبيرة في صناعة القرار، حيث يأتي دور البحث التربوي قبل اتخاذ القرار في دعم متخذ القرار بالخطوات والمسارات الصحيحة لاتخاذ القرار وتبعاته، كما يأتي دور البحث التربوي بعد اتخاذ القرار في متابعة تنفيذه في الميدان، وتقديم الحلول للمشكلات التي تظهر، وتعوق تنفيذه، بما ينعكس على تحقيق الأهداف المنشودة. كما تكمن أهمية صناعة البحوث في الوقت الراهن، انطلاقاً من كونها أداة تصنيف المؤسسات التعليمية والجامعات، لذا تعمل تلك المؤسسات على إقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل في صناعة وتحرير ونشر البحوث وفق المعايير الدولية، لتعزيز مكانتها بين المؤسسات دولياً، بما ينعكس على تحسين ترتيبها، ومكانتها بين المؤسسات الدولية، وينعكس على منسوبيها من السمعة العلمية المتميزة.. لذا فإن الاهتمام بصناعة البحوث ضرورة ملحة تفرضها طبيعة العصر الحالي، بما يتضمنه من سرعة الإنجاز المعرفي، والكم الكبير والمتنوع في مصادر المعرفة، كما أن صناعة البحوث تمثل ضرورة لمراكز دعم واتخاذ القرار، وتمثل ضرورة للباحثين الراغبين في التنمية المهنية المستمرة، كما أن نتائج البحوث تقدم العديد من المسارات والأساليب والطرائق لمعالجة المشكلات والظواهر التعليمية والمجتمعية. ويعد مقترح إنشاء «المركز الوطني للبحوث التربوية والاجتماعية» والذي نتمنى أن يكون منبراً متميزاً لإعداد البحوث بما يتفق مع المعايير الدولية في المحتوى والمنهجية، داعماً للباحثين في المؤسسات التعليمية، والمؤسسات الاجتماعية، حيث لا يقتصر المركز على البحوث التربوية، بل يتخطاها إلى البحوث في المجالات الإنسانية والاجتماعية باعتبارها قطاعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجالات التعليمية، ويدعم المركز الباحثين والمؤسسات بجميع الخدمات البحثية وتشمل الدراسات الاستشرافية والاستقصائية لبناء الخطط البحثية وفق أولويات البحث التربوي والعلمي، مع خدمات جمع البيانات من قواعد البيانات العالمية التي تتضمن مجلات ودوريات علمية ذات معامل تأثير مقبول دولياً، كما يعزز الباحثين في بناء وتصميم البحوث، وتقديم الخدمات في مجالات الترجمة، والتدقيق اللغوي، والمعالجات الإحصائية، وضبط وتقنين المقاييس والاختبارات، وتقديم خدمات التحرير للنشر العلمي، مع ضمان درجة عالية من الموثوقية، ودرجة مقبولة من الاقتباس وفق المعايير الدولية.