وأنا أقرأ أحدث تقرير عن الحوادث المرورية في المملكة وما نتج عنها من خسائر مادية وبشرية كبيرة، رجعت بي الذاكرة لأيام البعثة، عندما كان الحصول على رخصة قيادة المركبات يعد من أصعب الأمور بسبب الاختبارات العملية والشفهية التي يجب على المتقدم اجتيازها قبل تمكينه من قيادة المركبة، أعرف كثيراً من زملائي المبتعثين من حاول غير مرة ولم يوفق.. لا زال في الذاكرة، قصة أحد الزملاء من جامعة الملك عبدالعزيز والذي امتدت إقامته لأكثر من أربع سنوات، حاول أكثر من خمس مرات ولم يوفق، لدرجة أن مسؤولي المرور أصبحوا يعرفونه بالاسم. ذكر لي ذلك الصديق أنه بعد انتهاء دراسته، قام بإعادة محاولة نيل الرخصة البريطانية قبل رحيله الي المملكة.. وفي يوم الاختبار -والكلام للزميل- قال نظرت الى الممتحن الذي يقعد بجانبي، وقلت له: أنا حصلت على درجة الدكتوراه للتو، ولا أظن ان الحصول على رخصة القيادة سيكون أصعب، خاصة ولدي خمس محاولات سابقة لم يكتب لها النجاح. قال: نظر الي الممتحن، قائلاً: أتمنى لك التوفيق. بدأ الامتحان العملي والشفوي وكانا على أحسن حال، بعدها بدأ امتحان الإشارات المرورية. سألني الممتحن عن شكل الإشارة التي تواجه السائق عند ولوجه الي الطريق السريع، عندها أدركت أنني سوف أحصل على الرخصة. قلت له وأنا في قمة السعادة: إنها على شكل دوائر تبدأ بالتدريج من الصغيرة الي الأكبر منها، وبعدد سبع دوائر بألوان مختلفة. عندها قال الممتحن: صحيح ولكن سؤالي هو ما هي هذه الألوان بالتدريج؟ بالتأكيد، لم أكن أتوقع هذا السؤال، من أجل ذلك لم أستطيع الإجابة عليه، عندها أعتذر الممتحن وقدم أسفه على عدم تمكني من اجتياز الاختبار متمنياً لي النجاح في المرات القادمة. من هذه القصة يتضح لنا الأهمية التي يوليها النظام في بريطانيا لمن يريد الحصول على رخصة قيادة، لأن عدم تأهيل قائد المركبة، ربما يؤدي الي كوارث لا تحمد عقباها. وفي المقابل كان النظام يسمح لحامل الرخصة الدولية أو المحلية بالقيادة لمدة لا تزيد على سنة، حتى يتأقلم على طريقة القيادة، لأن قيادة المركبات في المملكة المتحدةومستعمراتها علي يسار الطريق، وجلوس قائد المركبة في المقعد اليمين. بعد انتهاء السنة يجب حسب النظام على الشخص التوقف عن القيادة لحين الحصول على الرخصة. كم نحن بحاجة إلى التأهيل قبل التمكين.
