المملكة والعراق توقعان مذكرة تفاهم في مجال منع الفساد ومكافحته    الرئيس الفلسطيني: 120 ألف مدني ضحايا العدوان الإسرائيلي    السعودية للكهرباء تعمل على تصنيع قطع الغيار بالهندسة العكسية وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مع نامي    «أبشر» تتيح الإبلاغ عن الاحتيال المالي على بطاقات «مدى».. وتمديد مهلة سداد المخالفات    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    الرئيس الصيني يؤكد أن الحل في أوكرانيا سياسي    ولي العهد يلتقي رئيس الوزراء الكويتي    الشيخ بن حميد في منتدى "كاسيد": الإسلام يدعو للتسامح    "سمو العقارية" و"كاتك العربية" توقعان مذكرة تفاهم بخصوص أنظمة محطات الشحن الكهربائي    " تطبيقية الرياض " تنظم المعرض السعودي للاختراع والابتكار التقني    ديربي النصر والهلال.. فوز أصفر غائب في الدوري منذ 3 سنوات    كيف جاءت نتائج 13 مواجهة بين الاتحاد والخليج؟    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    النفط يرتفع والذهب يلمع    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    المملكة تدين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بالفائزين بجائزة "تاج"    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    أمير القصيم يسلم "بشت" التخرج لأبناء طالب متوفى    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    صفُّ الواهمين    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    السفير الإيراني يزور «الرياض»    وزير الاستثمار: الاقتصاد السعودي الأسرع نموا وجاذبية    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«جماليات الوفاء والبناء».. رثاء الأم والوفاء لها
نشر في المدينة يوم 24 - 10 - 2019

اعتدنا على أن نقرأ قصائد كثيرة في رثاء الزوجة، قديما وحديثا، وهناك العديد من الدواوين الشعرية التي خصّصها الشعراء لرثاء زوجاتهم، واطّلعنا على كم وافر من الشعر في الأم وفضلها ودورها والحزن على فراقها، فقد كتب الشعراء الكبار منذ عهد الإحياء والبعث أمثال شوقي وحافظ إبراهيم قصائد ومقطوعات شعرية، وكذلك فعل بعض الشعراء الوجدانيين أو الرومانسيين من أمثال أبي القاسم الشابي وأضرابه، وشعراء القصيدة الجديدة، مثل نزار قباني وفاروق جويدة وغيرهم؛ ولكننا لم نقرأ قط ديوانا كاملا في رثاء الأم والوفاء لها على نحو الديوان الذي سطّره «الشاعر حسن محمد الزهراني» بدموع عينيه ومداد قلبه وفاء لأمه الراحلة تغمّدها الله بواسع رحمته: ديوان كامل بعنوان «ريشة من جناح الذل»..
العنوان.. مفارقات التشكيل والتأويل
يحيلنا العنوان منذ البداية إلى مرجعين: الأول كتاب الله العزيز في سياق البر بالوالدين «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة» ونفهم من هذا السياق أن هذا الديوان وفاء لوالدته كما أوصى بذلك رب العالمين، وأنه لا يبلغ المدى الذي طلبه الله (منا عز وجل) بل هو بعض مما ينبغي أن ننهض به، وهذا يمثل شعريا ذروة الشعور بالتقصير والعجز عن الوفاء معبرًا عن إحساس الشاعر الذي يذرف الدمع في كل لفظة من ألفاظه، وفي الوقت ذاته يبلغ به الحب للفقيدة حد الفناء، مفارقة هي جوهر الفن في الشعر، أما المرجع الدلالي الثاني فهو ما دار بين أنصار القديم والمحدث في تاريخنا الأدبي والنقدي؛ إذ سمع أحدهم قول أبي تمام:
لا تسقني كأس الملام فإنني
صب قد استعذبت ماء بكائي
فقال له، فأتى له بقارورة وطلب منه شيئا من ماء الملام فرد عليه بقوله «أعطني ريشة من جناح الذل» في إشارة إلى الآية السابقة، ولكن السياق يدل على المعنى الأول على الرغم من أن التأويل قد يلامس أفق المنى الذي أراده الشاعر؛ فهو يشير إلى أنه ذهب بالاستعارة مذهبا بعيدا يتعالى على المألوف آنذاك إذ كان يشترط في المماثلة بين المستعار منه والمستعار له حدّ التطابق، بينما يمكن أن تتسع هذه الاستعارة للتأويل، فقد ذهب الشاعر في تصوير حزنه إلى درجة التجريد الذي ذهب إليه أبو تمام فبلغ قمة البلاغة في تجسيد المعنى وتجريد الدلالة، وهذا لون من ألوان التناص القائم على الامتصاص والتحويل أي إعادة إنتاج المعنى وتوجيهه الوجهة التي يقتضيها المقام، ويوحي العنوان برؤية الشاعر الكلية في الديوان؛ فهو ليس عنوانًا لإحدى قصائده كما تعوّدنا في كثير من دواوين الشعر؛ فالديوان يتألف من ثلاث عشرة قصيدة تدور كلها حول «الأم» إحساسا عميقا بافتقاد حضورها ملء الروح والقلب والجوارح، وحزنا عليها واستذكارا لمواقفها ومناقبها (رحمها الله).
الإهداء - اشتعالات الفقد والحرمان
ومنذ الإهداء يطل علينا الشاعر بمواجده واشتعالاته وإحساسه بالفقد والحرمان، فهو يبدأ بالشمعة رمزا للفقيدة، وهي في الوجدان الشعبي مبعث النور الذي يبدد الظلام ويهدي المدلجين في عتمة الدروب.
الأبيات الأخيرة.. موقف وجداني
ولقد جاءت الأبيات الأخيرة من القصيدة لتعبّر عن موقف وجداني بلغ الذروة حسرة وألما تستذكر الرحيل الذي تتكرر مفرداته وتنثال سلسلة من الأسئلة الملحاح تنهمر تداعياتها في قوله «من أين لي من بعدها قلب».
التي تكررت مرات ثلاث لتنتهي القصيدة والجرح النازف باق على ما هو عليه وأبواب القصيدة مشرعة .
وأخيرًا..
لن ينتهي الحديث عن هذا الديوان ببضع كلمات ينثرها القارئ نافضا يديه ليفرغ لشأن آخر بعد أن يأتي على خصائصها الأسلوبية و معجمها الحزين ومشاهدها المكتوبة بمداد القلب وأسئلتها الحائرة وتداعياتها التي تنهمر بلا انقطاع وتماسك التجربة الشعرية المسكونة باللوعة وانسجامها سبكا وحبكا وتقاطر عوالمها و وحدتها وا تساق عناصر شعريتها في شبكة منسوجة من علائق تكفل لها جماليات التعبير و التصوير ؛ فالمسألة أبعد من ذلك و أعمق غورا ، إنها وثيقة وفاء مكتوبة بدم القلب للأم بدلالاتها المطلقة من قيود الزمان و أسوار المكان . رحم الله الفقيدة ورحم أمهاتنا جميعا وأسكنهن فسيح جنانه وجزى الله الشاعر عن هذا الوفاء خيرا.
* أستاذ النقد الأدبي الحديث- جامعة حائل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.