الأوقات الجميلة تنتهي سريعًا مهما حاولت أن تُبطئ من سرعتها، أو تطيل عمر الاستمتاع بها، فإنها تنتهي وأحيانا بسرعة البرق، ولا تملك إلا أن تبذل ما في وسعك للاستمتاع باللحظة التي أنتَ فيها، وتُوفِّر الجهد والوقت الذي ستعمل على بذله لوقف تلك الأوقات في الاستمتاع بها بدلًا من الحسرة على فقدانها. بدأ الشهر الكريم يوم السبت، وها نحن نُودِّعه في يوم السبت (أربعة أسابيع) انقضت سريعًا، فبعد أن كُنَّا ننتظر الشهر الكريم بفارغ الصبر، وكُنَّا نسأل الله أن يُبلِّغنا إياه، ها نحن نُودِّعه ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يتقبَّل مِنَّا أعمالنا في هذا الشهر المبارك، وأن يُعيده علينا وعلى وطننا وأمتنا العربية والإسلامية وهي في حال أفضل مما نحن فيه اليوم، وداعنا اليوم لرمضان يجب أن يكون وداعًا سعيدًا بالرغم مما فيها من ألمٍ وحزن على فراق الشهر الكريم، إذ يجب أن نفرح بما قدَّمنا من أعمال صالحة في هذا الشهر المبارك، من صلاةٍ وصيام وصدقة، وأن لا نقطع ما بدأنا في تأسيسه من برامج وأنشطة إيجابية، فقد نقول وداعًا يا رمضان، ولكن يجب أن لا نقول وداعًا لحفظ اللسان، ولا وداعا للصبر وكظم الغيظ والحِلمِ على الجاهلين، ولا نقول وداعًا لصلة الأرحام وزيارات الأقارب والأصدقاء، فمن الجهل أن يهدم الإنسان ما سعى لبنائه على مدار شهر كامل، ومن الحمق أن يقطع الإنسان بيديه صفحات بيضاء بقي شهرًا كاملًا يكتب فيها، أو أن يعود على ما كان عليه من إسرافٍ وضياع. لنفرح بالعيد ولنسعد بلحظاته، ولنجعل هذه السعادة منهجًا أساسيًا في حياتنا، فديننا دين السعادة والتفاؤل والمحبة، وهو دين البناء والتنمية، ولذلك يجب أن نستمتع بكل لحظة من لحظات العيد السعيد، وأن نفرح ونبتهج بقدومه ونحتفل بأن أكرمنا المولى بإتمام صيام شهر رمضان الكريم، فنزور الأقارب والأرحام والأصدقاء، ونهنئهم بالعيد السعيد، ونتبادل الهدايا، ونخرج للنزهة والفسحة مع العائلة، ونبذل ما في وسعنا لجعل هذه الأوقات من أجمل الأوقات في العام. كما كان شهر رمضان فرصة ذهبية للطاعات، يأتي العيد ليكون فرصة ذهبية أخرى لمزيدٍ من الأعمال الصالحة والمبادرات الاجتماعية الإيجابية بشكلٍ جديد تساهم من خلاله في تقوية أواصر الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة بشكلٍ خاص، والمجتمع بشكلٍ عام.. وكل عامٍ وأنتم بخير.