أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "تجهيز العروس الجيزانية"    رياح نشطة على معظم مناطق المملكة وسحب على جنوبها    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية"    الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    ولي العهد يهنئ ألبانيزي بتنصيبه رئيسًا لوزراء أستراليا    أسرار رونالدو!!    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    ولي العهد وولي عهد أبوظبي يستعرضان العلاقات الثنائية    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    "منصة "قوى" تعزز توظيف القوى العاملة في السعودية    «جودة الحياة»: زيادة جاذبية المدن السعودية للعيش والاستثمار    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    في الشباك    كوستا الاتفاق يخضع للجراحة    السعودية وأميركا.. خارج إطار النفط    نباتات عطرية    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    10 مسارات إثرائية دعوية في المسجد النبوي    الإسناد المجتمعي ومعادلة التنمية    عظيم الشرق الذي لا ينام    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    تدخل نادر ينقذ مريضة من استئصال الكبد    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    الفلسطينيون يحيون الذكرى ال77 للنكبة: لن نرحل.. لا للتهجير والتوطين والوطن البديل    واشنطن تعاقب شركات تنقل نفطاً إيرانياً إلى الصين    لا حج إلا بتصريح    لجنة الاستئناف قبل"استئناف"نادي الوحدة وتعيد قضية احتجاجه ضد النصر إلى لجنة الانضباط    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    أدبي المنطقة الشرقية يُكرّم الأمير عبدالعزيز بن سلمان والسفير المعلمي بجائزة «الموقف الأدبي»    تعليق الحياة ليوم واحد    القبض على (4) مقيمين لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بإيهام ضحاياهم بذبح الهدي عنهم مقابل مبلغ مالي    94% زيادة سياحة الأعمال بالأحساء    77% نموا بمطالبات التأمين    صحف وقنوات عالمية تبرز مخرجات القمة السعودية الأمريكية    الشورى يطالب بتفعيل الأطر التشريعية للمحتوى التعليمي الإلكتروني    الوساطة السعودية تنتصر لسوريا برفع العقوبات    برامج توعوية وإرشادية    عماد التقدم    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    ختام ناجح للبطولة العربية للجولف للناشئين والسيدات في القاهرة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    جامعة أم القُرى تكرِّم 27 فائزًا بجائزة جامعة أمِّ القُرى للتَّميُّز لعام 1446ه    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشتاء ولياليه..!
نشر في المدينة يوم 02 - 02 - 2017

تتغيَّرُ فصولُ العام باستمرار، وتتغيَّرُ أحوالُ الإنسان تبعًا لها، وهذه طبيعة كونيَّة، تستحق التفكُّر في إبداع الله تعالى، فالإنسانُ ابنُ بيئتِه، يتأثرُ بها، ويؤثِّر فيها. يأتي الصيفُ، وهُناك مَن يُحبّه وينتظره، ويليه فصلُ الخريف باعتدال جَوِّه؛ ليحفّزَنا على التأمُّل في لوحة الطبيعة الممتزجة الألوان، ما بين اخضرار الأوراق واصفرارها، وزُرقة السماء وتلبُّدها بالغيومِ أحيانًا، ويحلُّ فصلُ الشتاءِ بعواصِفه وشِدَّة بَرْدِه ورعوده؛ لننكفئَ على أنفُسِنا، نتدفأ على وقودِ الذكريات، وقديم الحكايات، حتَّى إذا أَطلَّ الربيعُ بمحيَّاه البهيج؛ بَثَّ فينا الأملَ، وكسانَا حُلةً مِن الفرح، كما تكتسي الأرضُ لباسَها الأخضر، وهكذا.. تدورُ عجلةُ الحياة، لتستمرَّ قِصتُنا مع تبدُّل الفصولِ الأربعة وتعاقُبها.
تمتلئُ الذاكرةُ بقصصٍ، لا تكادُ تنتهي، عن الشتاء ولياليه، والقاسم المشترَك بين تلك القصص جميعًا: الأبُ والأمُّ، وهنا يَرجَعُ الزمنُ بي إلَى سنواتِ دراستي بالمرحلةِ الابتدائيَّةِ، لأستعيدَ الذكرياتِ السَّعيدة مع أبي -رحمه الله- وأتذكَّر أنَّه بالرغم مِن قسوة البرْد شتاءً، إلاَّ أنَّ المرضَ، أو ما تُسمَّى بالإنفلونزا، لا تزُوْرُنا إلاَّ نادرًا، لقد كانَ لوالدي -غَفَرَ اللهُ له- ولكثيرٍ مِن الآباءِ، طريقة سهلة وفعَّالة لوقايتِنا مِن رياح الشتاءِ وبرودته، وهي ربْط الشماغ علَى الرأسِ، ثُم الرقبة بطريقةٍ التفافيَّة مُحْكَمة، تَجعلُ وصولَ البرْدِ إلى آذانِنا وصُدورنا مستحيلاً، وكَم ضَحِكْنا طويلاً على تلك الأيام، بعْد أنْ مضى العمْرُ، وأصبحَت الطفولةُ ذكرى سعيدة.
قامت أمّي -حَفِظها الرحمن، ومتّعها بموفور الصحة والقوة- بِدورِها الكبير والمهم في تدفئة أجسادنا وأرواحنا، وهلْ أَنسى الحليبَ الدافئَ الممزوجَ مع الزنجبيل؟!، حتَّى أكاد أتخيَّل أنَّ طَعمَ الحليب كان ألذَّ في تلك الأيام الماتعة، ولا أنسى أكلْةَ القُرَّاص، الوجبةَ الشَّعبيَّة الشتويَّة اللذيذة بمنطقة الباحة جنوب السعوديَّة، وهي نبتةُ القُرَّاص المطبوخة مع الدقيق، حيث تنمو بعد هطول الأمطار، أمَّا ارتداء الجوارب فَلها حكاية مُضحِكة، وأتذكَّرُ أنَّ أمِّي -رعاها الله- طلبتْني، ذات ليلة، أنْ أمدَّ قدمي، لتُلبِسَني الجَورب «الشُّرَّاب»، فما كان مِن أخي إبراهيم إلاَّ أنْ بادَر بمدِّ قدَمِه مِن تحت اللحاف، ولا عِلم لأمِّي بصنيعه، إذ كنا نحن الإخوة ننامُ متجاورِين، نتدفأ بلحافٍ واحدٍ، وكم ضحِكنا ليلتها، قبْل أن نُغمضَ أعينَنا للنوم.
كان الشتاءُ في طفولتنا يمتدُّ لعدَّة أشهُر في منطقة الباحة ذات الطبيعة السياحيَّة الفاتنة، ومع ذلك، كانت قلوبُنا تفيضُ بالسعادةِ، نستيقظُ مع الطيورِ صباحًا، نركضُ؛ فتسابق خطواتُنا الريحَ، أحببنا الحياةَ؛ فأحبَّتْنا، لَعِبْنا تحتَ الأمطار، وتلطّخَتْ ثيابُنا وأجسادُنا بالطِّين، تسلَّقْنا الأشجار، وراقَبنا الشمسَ مِن الشروق إلى الغروب، وكان مِن النادر أنْ يتغيَّبَ التلميذُ عن المدرَسة، نستيقظ على صوت أبي -رحمه الله- ينادينا لصلاةِ الفجر، تصنع لنا أمِّي فطورًا بسيطًا، نذهب إلى مدارِسِنا سُعداء، وكأنَّنا في نزهة، نجتمعُ في ليالي الشتاءِ حوْلَ أمِّي، نتدفأ بصوتِها وحكاياتِها، يتلاشى الزمنُ، ويبقى صوتُ أمِّي الساعة التي تحدِّد موعدَ نوْمِنا.!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.