5 مصابين في هجوم روسي على أوديسا    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أبانمي ترعى برنامج عطاء الصيفي بمشاركة ٢٥٠ يتيم    الأهلي يكشف شعاره الجديد ويدشّن تطبيقه ومنتجاته    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    القبول في الكليات العسكرية للجامعيين.. الأحد المقبل    الإطاحة بمشعل النار في محمية طويق الطبيعية    شدد على أهمية الانخراط في تسوية سياسية عادلة.. المبعوث الأممي يدعو اليمنيين لإنهاء الحرب    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    روسيا: فرصة لتسريع نهاية الحرب.. أوكرانيا تحذر من تبعات تأخير الأسلحة الأمريكية    ترأسا الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المشترك.. ولي العهد ورئيس إندونيسيا يبحثان تعزيز التعاون    في أولى مواجهات دور ال 8 لكأس العالم للأندية.. الهلال يواجه فلومينينسي بآمال التأهل نصف النهائي    صراع قوي في ربع نهائي مونديال الأندية.. نهائي مبكر بين بايرن وباريس.. وريال مدريد يواجه دورتموند    إحالة محاسبين غير مرخصين إلى النيابة العامة    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    أمطار على جنوب وغرب المملكة الأسبوع المقبل    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    "الغذاء والدواء": جميع المنتجات تخضع للرقابة    منتخب الصالات يقيم معسكراً في البوسنة    أخضر السيدات يخسر أمام هونغ كونغ في التصفيات الآسيوية    لبنان يؤكّد الالتزام بالقرار 1701    رؤيتنا الوطنيّة 2030 تبني مناهجنا    المؤسسات العلمية في عالم المتغيرات    محافظة شقراء والأمن الغذائي    المخدرات الموت البطيء    الوهيبي ل«الرياض»: أتمنى استضافة المملكة للمخيم الكشفي العالمي    حرس الحدود ينقذ مواطنًا من الغرق    وزارة الرياضة تعلن انتقال أعمال لجنة الاستدامة المالية إلى رابطة الدوري السعودي للمحترفين    اللقاءات الثقافية في المملكة.. جسور وعيٍ مستدام    «الكتابات العربية القديمة».. أحدث إصدارات مركز الملك فيصل    باب البنط بجدة التاريخية.. ذاكرة الأصالة والتراث    الإنجاز والمشككون فيه    الجامعات السعودية تنظم ملتقى خريجيها من البلقان    تكريم عائلة المشجع المكمل ل«المليونين» في المونديال    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الشكوى هدية    عبدالعزيز بن سعد يطلع على خطط «شرطة حائل» ومشروعات التطوير    اتحاد القدم السعودي يوافق على تقديم فترة تسجيل اللاعبين    ملتقى "مشروع مجتمع الذوق" يجمع قادة المؤسسات في المنطقة الشرقية    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ عدة مناشط دعوية في الجوامع والمساجد    أمير منطقة جازان يشهد توقيع اتفاقيات انضمام مدينة جيزان وثلاث محافظات لبرنامج المدن الصحية    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    الأمير محمد بن عبدالعزيز يتسلّم تقرير غرفة جازان السنوي 2024    مركز الأمير سلطان للقلب بالقصيم ضمن الأفضل عالميًا    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    أمير تبوك يدشن مبادرة جادة 30 ويرعى توقيع اتفاقيات تعاون بين عدد من الجهات والهيئات    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    صدقيني.. أنا وزوجتي منفصلان    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    المفتي يتسلم تقرير العلاقات العامة بالإفتاء    سعود بن بندر يلتقي العقيد المطيري    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد العثيم
هل المبدع في عالم خارج المشروعية المنهجية أم فيها؟
نشر في الجزيرة يوم 24 - 08 - 2000

في زمن التجريب من أجل الإبداع وبعد الخروج على الكلاسيكية قبل مايزيد على قرنين ونصف ظهر مفهوم الشرعية أو المقبول والمرفوض أو المعنى المزعوم والمدعى وناقش كثيرون سؤال الفكرة وهل تقوم على أساس مفهوم فلسفي نظري في عبارة تسند مسألة المقبول معرفياً وغيرة من العطاء الإبداعي الذي لاتمكن نسبته إلى منهج سابق أو تراكم معرفي في نفس السياق ثم تؤكده مفهومية مقبولة للعام والخاص.
بعبارة أخرى ما الذي نقبله أو نرفضه خصوصاً إذا ما ادعى المبدع انه يذهب إلى عوالم لا نصلها أو أنه أتى بما لم تستطعه الأوائل,, أو أنه في عالم الوسيلة مجرباً وليس في عالم مسؤولية المعنى والمنهج والمضمون,, ماهي مشروعية هذا العمل أو ببساطة كيف نقبله خصوصاً عندما يكون المعنى تأويلياً كما هو الحال في معظم إبداع العطاء الفني المتأخر؟.
تجد في هذا الاطار سؤال المشروعية الإبداعية أو نسبة الإبداع إلى المفهوم وقبوله، وكان في البلاد العربية الكثير من المزاعم حول إبداع بالشكل والمضمون دخل الحياة الثقافية وأثار الزوابع حول التحديث والتجديد والإبداع وبنفس الوقت أضر بالسياق المنهجي للحداثة.
ولم يكن المسرح خارج اللعبة بل إنه ربما طليعة اللعبة الحداثية، حيث أنه في البداية لم تجد المشروعية مدخلاً إلى العرض خصوصاً في الأعمال الحديثة التي تعتمد الحوار الفعلي الحركي اكثر من النص الأدبي ثم في ارتجالات الجسد، لكن المسرحيين الكبار مثل تروتوفسكي وبيتر بروك تجاوزوا هذا بمخرج معرفي هو النص المرئي (شيء مثل السيناريو) أو المفعول الذي يولد قبل العرض,, وآخرون تجاوزوا المشكلة بوضع أعمالهم تحت مظلة شرعية أو أخرى مثل مظلة الأسماء الأدبية في النص ومنها (الشكسبيرية) أو (الراسينية) أو (الإيسينية) وذلك لتوليد مشروعية العرض بنسبته إلى أصل ابداعي ثقافي غير تشكيلاته الجسدية أو وضع منهجاً لجذوره المعرفية من خلال اللجوء لأدبيات سابقة تعضده ولو بإدعاء التصرف والإعداد.
من الأمثلة على ذلك أن برخت نفسه بصورة مختلفة بحث لمسرحه عن مشروعية من خلال الأساطير أو الحكم أو القصص الخيالي الشائع وأبعد من ذلك خرج شكسبير بتجديداته المسرحية من منطلق مشروعية تتكىء على التاريخ أو الحياة بأبهى صورها.
وللتقارب مع قارىء هذا المقال أقدم السؤال الذي يثيره أكثر المسرحيين والسعوديون بالذات هل أستطيع أن أرتجل ما أريد وأبقى في حدود المشروعية؟,, والسؤال غير شرعي أصلاً لأننا نريد أن نسأل السائل هل تريد أن ترتجل كل يوم مسرحية أم أن هناك إطاراً عاماً صادف أن ارتجل عليه الممثل؟ وهل كتب الارتجال سواء كان حركة أم لفظاً أم نصاً ليكون في صيغة نص لاحق للبروفات الأخيرة قبل العرض وفي إطارها الحيوي نفسه؟.
كما ترون أن الأسئلة توحي بمضامين الإجابة وقد رأيت بنفسي عروضا متكررة يرتجل فيها فنان في كل يوم نصاً وهو هنا يشي بأنه لايحمل مضموناً محدداً يريد ايصاله بل يوحي بأن يلهث وراء عباراته مما يستدعي سؤال حول المشروعية الأدبية وحقيقة نوع التلقي لعمل فج وهي موضوعات يضيق عنها هذا السياق.
وقبل الابتعاد كثيراً عن الموضوع إلى الارتجال وهومتشعب سأذكر من كتاب (جوليان هلتون) الصادر عن أكاديمية الفنون بالقاهرة خمسة عناصر تتكىء عليها المشروعية في العرض خصوصاً عند بيتر بروك الذي دعا إلى دراما تبتعد عن المشروعية الأدبية لبيكت وبرخت والنظم الشرعية المتعلقة بعروضهم وإيجاد عروض تتكىء على مفاهيم جديدة في المشروعية وهي:
(1) الحيوية بتبني عرض من الواقع المعاش وعدم الاستكانة لنمطية العرض والاستسلام لتكراره.
(2) التشارك الجماهيري وعدم التلقي السلبي بتحفيز العرض للمتلقي ليكون في اطاره العام.
(3) تأكيد الارتجال بحسب حال المعايشة والحيوية وعدم التعلق باتجاه النص في حال ظهور اتجاه آخر للعرض يخدم المعنى وهو هنا يقرر الحالة المتغيرة للعرض الثابت ولكن لايفهم هذا بالخروج من المسرحية نفسها.
(4) أن يكون المسرح متكاملاً مع السلوك لخلق المشروعية المطلوبة ويشرح ذلك بمضادة الواقع الاجتماعي ونقده بصفته سلوكاً متغيراً وهنا تقاطع كبير عند بروك مع المشروعية حيث تصير المشروعية تعني تجاوز المشروع ونقده بصفته معايشة حقيقية وعدم الانتماء إليه بالعرض الذي يكون في الغالب واقعياً لا حلما.
(5) تجسيد إرادة التغيير ليكون المسرح فاعلاً في حياة الناس.
ولعلك تلاحظ أن تفسير جوليان هلتون لبيتر بروك في أسسه خصوصاً عنصريه الأخيرين يبين مدى التشبث الأيديلوجي بالتحريض وسوف ترى أن تفسير الأساسين الأخيرين مضموني، أما الثلاثة الأولى فهي شكلية مما يجعل الكلام لايتعارض في إقامة أسس على أن القارىء قد يجد في المضامين بعض التقابل أو التوافق معه وهذه مسألة لاتقدم أو تؤخر في وصول المعنى الذي يضع أسساً للعرض شكلاً ومضموناً.
هذا الكلام قد يكون مناسباً في هذه الأيام ونحن في معمعة الاستعداد للمهرجان التجريبي بالقاهرة وما نسمع من تجاوزات في قضايا التجريب واحياناً من النقاد أنفسهم حيث يتجاوز البعض المشروعية في التبرير للقفز في الظلام المجهول,, المشكلة في مثل هذا الموضوع أن القافز يقفز من لاشيء إلى لاشيء أحياناً وتحت مظلة مشروعية العرض الحر ولذلك فإنه في كل عام في أول شهر سبتمبر ينشط الكلام في المسرح حول ماهو مقبول وماهو مرفوض في موضوع التجريب تزامنا مع المهرجان التجريبي للمسرح في القاهرة.
والسؤال وإن بدا مسرحياً إلا أنه يتعلق بطرف من قضية الثقافة عامة وأقصد به مشروعية العمل في إطار الصنعة والقبول أو التجاوز إلى عالم جديد غير عابئين بتقاليد وأدوات الصنعة المسرحية التي تعطيها حق اجتياز حاجز الصحيح وغير الصحيح ومايرى أولا يرى.
قبول العمل في الأطر المعروفة التي قد تعطيه الحق بأن يقبل ويناقش حتى وإن كان خارج المألوف أو أن يرفض من أوله,, وقد أدى هذا المفهوم في المشروعية إلى جدل عقيم وطبق على أعمال كثيرة حكم على بعضها بالمرفوض لكنها قفزت على القرار ورسخت نفسها في اطار المشروعية وحكم على بعض هذه الأعمال بالقبول لكنها نسفت من أساسها مما حدا البعض إلى التأكيد على البحث عن أسس وعناصر للمسائل التي تعتبر في إطار المشروعية مثل تلك التي أوردناها عن بيتر بروك,, ومن نتائج ذلك الجدل ان صار على الأعمال المتقدمة أن ترفق عن نفسها شريطاً مسجلاً يعطي لجنة التقييم المبدئي فكرة عن العمل لترى اللجان موثوقة التجريب وهل العمل تجريبي أم أنه خارج منهج الثقافة مع أن الشريط المسجل يشي أصلاً بفشل المعنى للعرض المتحرر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.