خطة سلام محتملة لأوكرانيا: تجميد المواجهة وخارطة طريق غامضة    الأهلي يتعثر أمام الرياض ويُهدر نقطتين ثمينتين    اختتام ملتقى تهامة عسير في التاريخ والآثار بعد يومين من الحضور العلمي والثقافي    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3.610) سلال غذائية بإقليمين في باكستان    المملكة تواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    سبب استبعاد سافيتش من لقاء الهلال والشباب    تطبيق الدوام الشتوي في مدارس الرياض ابتداءً من يوم الأحد المقبل    أمير منطقة القصيم يرعى انطلاق منافسات "باها القصيم تويوتا 2025"    الأمم المتحدة: خطر الفظائع الجماعية في السودان مرتفع    البرلمان العربي و«بارلاتينو» يدعوان إلى محاسبة الاحتلال ودعم إعادة إعمار غزة    وزير الحرس الوطني يستقبل القائم بالأعمال في سفارة أميركا    اتفاقية تعاون بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية ومجلس الضمان الصحي لتعزيز جودة الرعاية    تركي بن محمد بن فهد يزور محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    فيصل بن فرحان ووزير خارجية أوروغواي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    نائب أمير مكة يستقبل نائب الرئيس الصيني ويبحثان تعزيز التعاون المشترك    " الحمدي" يزور مركز نوفا الصحي بجازان ويشيد بالخدمات النوعية في مجال التغذية العلاجية    موجودات المركزي السعودي ترتفع إلى 1.93 تريليون بنهاية سبتمبر    الديوان الملكي: وفاة الأمير خالد بن محمد بن تركي آل سعود    3 % ارتفاع الطلب العالمي على الذهب    90 طالبًا وطالبة من "الجمعيّة الأولى " يتدرّبون على الموسيقى في المركز السعودي بجدة    رونالدو يترك حلم اللعب مع نجله في النصر إلى قرار اللاعب    أمير تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى الدكتور عطية العطوي    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم منتدى المجلس الاستشاري الدولي تحت شعار: "رؤى عالميَّة لمستقبل رائد"    جامعة أمِّ القرى تستعرض تجربتها في ملتقى التَّميُّز المؤسَّسي في التَّعليم الجامعي    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    إطلاق اسم الأمير خالد الفيصل على مركز الأبحاث ومبنى كلية القانون بجامعة الفيصل    مفتي عام المملكة يستقبل أعضاء هيئة كبار العلماء    موعد عودة كانسيلو للمشاركة مع الهلال    تجمع المدينة يطلق أول مختبر للرعاية الأولية في المملكة    لندن تحتضن معرضا مصورا للأميرة البريطانية أليس خلال زيارتها للسعودية عام 1938    دراسة: نقص الأوكسجين يعطل جهاز المناعة ويزيد مخاطر العدوى    حسين بن عايض آل حمد في ذمة الله    سد وادي بيش.. معلم مائي واستراتيجي في جازان    وزير "الشؤون الإسلامية" يُدشِّن مشاريع بأكثر من 74 مليون بمنطقة الباحة    الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة ينمو بمعدل 5.0%    فيرتكس ووزارة الصحة السعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز رعاية مرضى اضطرابات الدم    دور قيادي للمملكة في دعم سوريا وتعافي اقتصادها    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    تقنية VAR تتدخل في البطاقات الصفراء الخاطئة    أكد الدور الاقتصادي للشركات العائلية.. وزير الاستثمار: 3 تريليونات دولار قيمة سوق المال السعودي    تكريم الإعلاميين وطلاب الجامعة ومرشدي السياحة في جدة    وسط تصعيد عسكري وتحذيرات من الرد على أي خرق.. إسرائيل تعلن استئناف وقف النار في غزة    فشل محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان    «شرطي» يقتل زوجته السابقة وينتحر    أفراح الصعيدي وبالعمش    كسوف كلي يظلم العالم عام 2027    مختص: «السماك» يزين سماء السعودية ل13 يوماً    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    المرافق العامة مرآة الوعي    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    هيئة التراث: أطر قانونية وتعاون دولي لصون الإرث الإنساني    إنزال الناس منازلهم    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    أمير جازان يستقبل مواطنا تنازل عن قاتل والده لوجه الله    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة أديب الناقد
قراءة نقدية لأمنية سحر الناجي القصيرة المطولة
نشر في الجزيرة يوم 22 - 08 - 2000


تطالعنا الكاتبة والأديبة الأستاذة سحر الناجي بين الفينة والأخرى بنص قصصي أو إبداعي كان آخرها وليس أخيرها بإذن الله القصة القصيرة والتي حملت عنوان (أمنية) والتي يسعدني ان أضع بين يدي القارئ الكريم قراءة لها آملا ان أوفق في ما أصبو إليه وأن يجد القارىء ما يفيد ونبدأ من العنوان: لقد حملت القصة عنوان أمنية وهو في الوقت نفسه اسم بطلة القصة تلك الطفلة الصغيرة التي تمثل بطريقة ظهورها ثم أسئلتها التي تحمل الكثير من البراءة والكثير من الذكاء ثم ما يدور بينها وبين خالتها من حوار موضوع القصة لنصل في النهاية إلى أن الكاتبة قد وفقت في اختيار عنوان قصتها وهو (أمنية), وإذا انتقلنا إلى الحديث عن شخصيات القصة نجد أنهم يجمعون بين شخصيات موجودة فعلاً وشخصيات خيالية فالشخصيات الفعلية في القصة هي أمنية وخالتها أما الشخصيات الخيالية والمجردة فتبدأ بالزمن فهي تشير إليه على أنه خيمة انغرست أوتادها في قلب البطلة المجردة صاحبة الأمنية وتحاول الكاتبة من خلال هذا التوظيف لعنصر الزمن وهو البطل الحاضر الغائب في القصة ان تشير إلى الحالة الانفعالية للبطلة المجردة وهي الشعور بالضجر وتسترسل الكاتبة في وصف تلك الحالة على لسان البطلة فتشير إلى حالة من عدم الاستقرار ويتضح ذلك من خلال الوصف الذي استخدمته بطلة القصة وهو : (الجدران الضبابية) ثم تواصل البطلة التعبير عن تلك الحالة في وضع تصاعدي حتى تجد أنه لا مفر لها من أن تقر بالحقيقة وهي أنها تشعر بالضجر إلى حد انها تصفه بالقاتل لتخلص الكاتبة على لسان بطلتها إلى تفجير قنبلة جاءت على شكل سؤال استنكاري يقول:(متى الخلاص) والذي يعني في مضمونه الأمنية التي تتمناها البطلة وهكذا نجد مدى التناغم الكبير أيضا بين عنوان القصة ومضمونها, وفي المقطع الثاني من القصة تصور الكاتبة حال الصراع الانفعالي الذي تعيشه البطلة وهو الشعور بالضجر وبين أمنيتها بالخلاص منه) فنجدها في هذا المقطع من قصتها تحاول توظيف البيئة المحيطة بالبطلة في مساعدتها على الخلاص مستخدمة في ذلك صورا حسية في ظاهرها لكنها تحمل في مضمونها شعورا نفسيا الحياة الجديدة والخلاص من الأزمة ويتضح ذلك من خلال جعل البطلة تتخيل صوت المطر مما يجعلها تهرب ولو مؤقتا من واقعها المعاش بحثا عن الحياة الجديدة وكما هو معروف فإن المطر في حياتنا العربية يعني الحياة الجديدة والدنيا السعيدة وقد وظفت الكاتبة ذلك بشكل جيد لتعبر عن أمنية البطلة كما نلاحظ ايضا ان الكاتبة استخدمت على لسان بطلتها كلمة انسياب الطفلة أمنية وهذا هو حال المطر حينما ينساب جاريا على الأرض بعد هطوله من السماء، ثم تنتقل الكاتبة وفي تواصل مميز إلى التعبير عن امنيتها من خلال تقديم وصف شكلي للبطلة الصغيرة أمنية في حين أنها في الوقت نفسه تصف العالم الذي تحلم بالحياة فيه، عالم يعبق بالصفاء والابتسامات العذبة والأمل في الغد الأجمل كما يعبق ذلك العالم بالبراءة وهي أهم صفة تسعى البطلة إلى الحصول عليها في عالمها الجميل الذي تحلم به, وتصور الكاتبة في حركة تصاعدية للأحداث وصولا إلى العقدة الرئيسية من القصة التي نحن بصددها وهي قصة امنية للكاتبة المعروفة سحر الناجي العلاقة بين أمنية الطفلة أو بمعنى أدق بالبطلة الرئيسة في القصة وبين خالتها صاحبة الأمنية وتبدأ تلك العلاقة بينهما باقتراب من أمنية الطفلة الصغيرة نحو خالتها وحينها يحدث الالتحام بين البطلتين ولكن تسبقه لحظة حيرة من أمنية الصغيرة في تلميح من البطلة إلى الانتقال إلى الجو الجديد الذي بدأ ينشأ في القصة ولكن كيف تكون بداية العلاقة بين البطلتين, تصور الكاتبة تلك اللحظة تصويرا جميلا جدا يشعر القارئ من خلاله أن الأحداث وصلت إلى قمتها وأنها في مرحلة التصاعد المستمر حيث تمد أمنية ساعدها الصغير باتجاه كتف خالتها وتهزه في إشارة إلى حدوث أولى هزات التغيير والوصول إلى الحل لتتطور العلاقة بين أمنية وخالتها بشكل سريع جدا يصل إلى حد التجاور في إشارة مباشرة إلى حدوث الانفراج وتمهيدا للحل يدور على لسان البطلتين المتجاورتين حوار يمكن تسميته بجواز سفر المرور نحو عالم البراءة الذي تبحث البطلة عنه ويتضح ذلك من كم الأسئلة الكثيرة التي وجهتها أمنية الصغيرة إلى أمنية الكبيرة إن جاز لنا تسميتها مجازا فكل الأسئلة طفولية وبريئة ولا تخلو من لمحات ذكاء, والملفت للنظر هنا ان الكاتبة نجحت وبذكاء في جعل تلك الأسئلة جسر العبور إلى خط النهاية أو إلى الحل بمعنى أكثر دقة وتصل البطلتان معا إلى العالم الذي تريدان إلا أن البطلة وبذكاء من الكاتبة لم تجعل الدخول إلى العالم الجديد الا حياة فيه بل إنها أشارت إلى عدم قدرتها على الرؤيا فعبرت عن ذلك بالقنديل ذي الضوء الهزيل وعدم قدرتها على الرؤيا لتدخل البطلة الصغيرة أمنية وتلعب دورها الرئيس وهو طوق النجاة لبطلة وتمسك بيد البطلة ليسيرا معا نحو طريق النور وذلك من خلال أسئلة أمنية الصغيرة البريئة ونصل مع البطلتين إلى لحظة الحل بعد ان نجحت امنية في الوصول بالبطلة إلى ساحة النور بعد ان ادت دورها ببراعة وهو طوق النجاة وتضعنا الكاتبة من خلال البطلة في موقع جديد عنوانه (ضحكة كبيرة مزقت ستائر الصمت) وتثبت البطلة هذه الحقيقة مما يدور بين البطلتين من حوار والذي تناول الحديث عن المستقبل هذه المرة في إشارة إلى الأمل في الغد المشرق والمستقبل الواعد، ولكن ليس هذا كل شيء فقد بقي سؤال هام لابد من الإجابة عنه وهو (ما سبب هذه الحالة السابقة؟) وتبدأ البطلة الإجابة بقولها لأمنية الصغيرة ما نصه (غداً ستنضجين يا أمنية وستعرفين معنى أن تكوني صغيرة أم كبيرة في هذه الحياة) فإذا تأملنا هذا السطر من الكلمات على لسان البطلة نجد أنها تشعر بأنها صغيرة بل وتعاني من إحساس بالتقزم وسببه كما تقول البطلة هو (غدر الرجل) والذي لم توضح سببه إلا أن ما يؤخذ على الكاتبة في هذا الجانب هو الإغراق في السوداوية والتعتيم ثم ماتلبث أن تصرح البلطة وفي محاولة لمداواة ما تبقى من جرح الماضي فتعترف أنها ما زالت حبيسة ما تبقى من تجربة حب فاشلة ولكن سرعان ما تخرج البطلة من عالمها السوداوي ذاك ميممة وجهها شطر العالم الجديد مع الصغيرة أمنية وبطريقة تشير إلى شعور البطلة بالتفاؤل بسبب غناء الصغيرة ولكن أمنية البطلة لم تتحقق فما أن أخذت البطلة تعيش في العالم الجديد بصحبة رفيقة دربها حتى عادت لتشعر بالتشتت من جديد ويتضح ذلك من الطريقة التي استخدمتها الكاتبة في إنهاء دور البطلة أمنية وهي خلودها للنوم في إشارة إلى عدم وجود أمل في الوصول إلى العالم الجميل، لتعود البطلة بهذه الطريقة إلى واقعها الحزين لنجد أنفسنا ثانية امام عقدة صراع جديدة اسمها (ألم التجربة) حيث تصف البطلة تلك التجربة الفاشلة (بالماء الآسن في جوفي) فهي تعترف في ثنايا تلك العقدة الجديدة ومن خلال استعمال أسلوب (المونولج) انها لا تستطيع نسيان تلك التجربة ولكنها تستمر في الحوار معبرة عن أمنيتها في النسيان وهي تلك الأمنية التي لا تتحقق ويتأكد عدم تحققها من خلال دخول شخصية ثانوية وهي والدة أمنية الصغيرة التي تبحث عن أمنيتها هي الأخرى فتجدها ولتبقى بطلة القصة تتمنى ان تتحقق أمنتيها ولكنها لا تتحقق, ان المتأمل لقصة أمنية للكاتبة سحر الناجي يجد فيها العديد من الجوانب التي تستحق الإشارة ولعل في مقدمتها أسلوب الكتابة فقد استطاعت الكاتبة وبقدرة فائقة ان تستخدم أكثر من أسلوب في آن واحد فالبداية حديث رمزي تجريدي في وصف الزمان ثم أسلوب المونولج ثم أسلوب الحوار بين أبطال القصة وهما هنا أمنية الصغيرة وبطلة القصة لنجد أنفسنا في النهاية امام تنوع أسلوبي لطيف يعطي للعمل مزيدا من المتعة والتشويق، كما نجد قدرة على التصوير من خلال استخدام صور تجريدية وأخرى رمزية وثالثة واقعية ملموسة مثل استعمال صوت المطر وغيرها مما يشير إلى أن المخزون التراكمي للصور الإبداعية وفير عند الكاتبة مما جعلها أكثر قدرة على الاختيار المناسب للتعبير عن فكرة القصة وهو تصوير معاناة عاطفية إنسانية، وإذا انتقلنا إلى الحديث عن العاطفة عند الكاتبة فيمكننا القول ان الكاتبة إضافة إلى كونها امرأة فهي صادقة العاطفة جياشة المشاعر فالكاتبة يمكن ان توصف بأنها صاحبة الأسلوب السهل الممتنع الذي تشعر ببساطته حينما تقرأه لكنه يحتاج إلى مزيد من التعمق لتكشف مكنوناته كما استطاعت الكاتبة أيضا ان تدير حوارا طويلا بين أبطال قصتها لكن يؤخذ عليها اطالتها في الأسئلة التي تدور على لسان البطلة أمنية الصغيرة فالشخص حينما يشكو من شعور بالمملل لا يكون ميالاً إلى الحديث المطول مع أحد فتكون إجاباته قصيرة مقتضبة وعبر فيما تعبر عن الحالة الشعورية التي يمر بها, كما ان من بين ما يؤخد على الكاتبة تعمدها التعميم في مسألة غدر الرجال وهي بهذا شأنها شأن كل النساء في كل الأزمان، ومن بين ما نلحظه على قصة أمنية ميل الكاتبة وعلى لسان البطلة إلى إدارة حوار عميق يعتريه الكثير من الأفكار الفلسفية وكأنها بهذا تريد ان تقول انها تكتب للنخبة ولا تكتب للعموم وهذه فكرة قد يقرها البعض وقد لا يقرها ولكني أعتقد، وهذا رأي شخصي فقط، ان من سمات الكاتب الناجح الكتابة بأسلوب يقرأه النخبة ولكن يستوعبه الجميع, وفي الختام نهمس في أذن الكاتبة مع التحية والتقدير لكل ما تكتب ان تقلل من الغرق في السوداوية والتشاؤم الذي يكبل قلمها فما أحوجنا جميعا للتفاؤل فما زال في الحياة الكثير الذي يستحق الحياة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.