ربيع الذي يحمل بين آماله طموح الخير ورسم البسمة على شفاه الآخرين شاب لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره حتى رحل إلى الدار الآخرة بعد أن بدأ برسم طموحاته وآماله التي كان يريد أن يحظى بها من يستحقها في هذه الدنيا وفضل أن يرسمها على شفاه الأيتام الذين أراد أن يجعل منهم لنفسه الشغل الشاغل راجياً من ذلك عفو ربه ومغفرته ولكن حقت {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، {... وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...} ربيع الصالحي الذي كان يحمل وسط قلبه معنى الربيع، فقد أظمأ زرع نفسه ليروي به ابتسامات الأيتام، ربيع الذي كان عوناً مع زملاء له جعلوا من وقت راحتهم سعادة لغيرهم فربما علموا أن السعادة لا تكون بالسفر والسياحة والتنزه ولا بجمع مال فحطام هذه الدنيا زائل ولكنهم علموا أن السعادة هي جنة عرضها السموات والأرض وأن السعادة في العبادة لأنهم قد وثقوا بالله عز وجل وقصدوا الأجر عند الله والمثوبة فنعم الثقة ونعم القصد. لقد كان ربيع منذ صغره محبا للخير بشوشا مبتسما لا يرد سائلا محافظا على دينه وأخلاقه ملتزماً بشرع الله وهدي رسوله حيث كان من خيار الناس فقد كان مؤذناً لأحد المساجد عندما كان في المرحلة الثانوية وكان كثير الاعتكاف في مسجده مع زملائه الذين أعانوه على التمسك بطريق الحق حتى انتقل بعد مرحلته الثانوية الى المرحلة الجامعية التي أبعدته خارج منطقته ليكمل مشواره الدراسي في جامعة الملك فيصل في قسم هندسة الإنشاء، ولقد كان مبدعا متميزا في دراسته محبوبا بين زملائه ومعلميه وأساتذته مثالا للطاعة والتقرب إلى الله في المسجد وفي الجامعة. لم يقف ربيع حينما انتقل عن منطقة دراسته في الإجازة بل أعطى وقته الذي كان لبيته لمن هم بحاجة إليه فلقد قام وهو في دراسته بالجامعة بزيارة دار الأيتام بالمنطقة الشرقية والذي كان له بالغ الأثر والسعادة في نفوس الأطفال الذين ربما نغفل أو تغافل المجتمع عنهم. وعندما قدم ربيع إلى منطقة القصيم ليقضي إجازته بين والديه وإخوته أحب أن يكمل ما تبقى من ساعات التطبيق استعدادا لتخرجه في السنة المقبلة وفعلا تم ما أراد والتحق بجامعة القصيم بقسم إدارة المشاريع وفي المساء كان يحب أن يقضي وقته بالمفيد ليستقر اختياره برعاية الأيتام في محافظة عنيزة ليبدأ مشواره في برامجه مع الأيتام. كان رحمه الله عندما يحضر إلى المنزل بعد برنامجه يخبرنا جميعا عن نشاطاته اليومية ويعرض ما لديه من معروضات عن الأيتام وما قدم لهم. طرح لي قبل أيام من رحيله فكرة لديه بأن نذهب سويا إلى دار الرعاية الاجتماعية بعنيزة وقد لاقت الفكرة استحساني وسروري وقال لي بأني سوف اشتري بعض الهدايا لنهديها لهم ونصحني نصيحة قبل أن نذهب لهم حيث قال لتكن قوياً في قلبك ولا تحسسهم بأنك أفضل منهم في شيء بل أحسسهم بأنهم أفضل منك، ولكن القدر حال بيني وبين أخي ولكني سأعمل ما بوسعي للعمل بفكره؛ وذلك تحقيقاً لرغبته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته سائلاً المولى عز وجل أن يجعل عوائده خيراً وربيعاً ونوراً في قبره وظلاً لمحشره وسبباً لدخوله الجنة. ليس ربيع هو الوحيد من بين شبابنا عمد إلى فعل الخير وما زالوا أحياء يريدون المساعدة فقط ولن يغلق فعل الخير بوفاة ربيع بل إنه ممتد إلى فناء الدنيا ولكن ليجعل الله منا أناسا يعينون على فعل الخير منهم الجهد ومنا الدعم. ومع قلة الدعم لم يتوقف ربيع وأمثاله عن العمل الدعوي. قد أكون مجروحا في شهادتي لأخي ولكن ما قيل عن ربيع رحمه الله زاد يقيني أن شهادتي فيه ما هي إلا زيادة فيما هو فيه. رحمك الله يا أبا عبدالرحمن [email protected]