الحلق والبلعوم والمجاري التنفسية الأخرى عرضة للإصابة بالأمراض الكثيرة الفيروسية والجرثومية العديدة، والتهاب البلعوم الحاد هو أكثر التهابات المجاري التنفسية العلوية شيوعاً، ويستخدم تعبير التهاب البلعوم الحاد للحالات التي تتركز فيها الإصابة الرئيسة في الحلق.. ولتوضيح هذا الموضوع التقينا مع الدكتور محمد رامز استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة بالمركز. * ما وظيفة البلعوم في الجسم؟ - البلعوم الأنفي هو الجزء العلوي من البلعوم، وهو التجويف الواقع في مؤخرة التجويف الأنفي، ويوصل بين التجويف الأنفي ونهاية التجويف الفمي، أو ما يسمى بالبلعوم الفمي. وتتلخص وظيفته في إيصال الهواء الداخل عن طريق الأنف إلى الأجزاء العليا من الجهاز التنفسي في عملية الشهيق والعكس في عملية الزفير. حدوث مضاعفات للأطفال * ما التهاب البلعوم؟ - هو التهاب في الحلق يحدث بسبب فيروس (حمة) أو بسبب جرثوم أو بسياق مرض جهازي أو بأسباب أخرى، ويعتبر الأطفال الشريحة الأكثر تعرضاً للإصابة به، وكثيراً ما يؤدي لحدوث مضاعفات لديهم، وهو غير شائع دون السنة من العمر، وأكثر حالاته بأعمار (4-7) سنوات، وبالطبع يستمر حدوثه خلال كل سنين الطفولة وباقي مراحل العمر. تنتشر البكتيريا من شخص إلى آخر * ما مسببات التهاب البلعوم؟ - التهاب البلعوم تسببه بكتيريا من نوع يعرف بالمكورات العقدية البيتاوية الحالة للدم (المجموعة أ)، وتنتشر البكتيريا عامة من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ الرطب الصادر من الأنف والفم والأشخاص الذين يطلق عليهم حاملو المرض؛ أي الذين يحملون المكون العقدي دون أن تظهر عليهم أعراض المرض، وهم الذين ينشرون البكتيريا التي تسبب التهاب البلعوم، وعن طريق الاختبارات المعملية يمكن التأكد من وجود بكتيريا الالتهاب البلعومي في المادة المأخوذة من حلق المريض. احتقان الحلق والحمى * ماذا تشمل الأعراض لهذا الالتهاب؟ - تشمل أعراض التهاب البلعوم احتقان الحلق والحمى والصداع، وفي بعض الحالات الارتعاش والغثيان والقيء، ويشعر المريض عادة بتورم اللوزتين والعقد الليمفاوية في العنق، ويختفي المرض سريعاً عقب العلاج، وقد تستمر الحالات التي لم تخضع للعلاج أسبوعاً أو أسبوعين، ويمكن أن يترتب على التهاب البلعوم مضاعفات مختلفة قد يمتد المرض إلى الأذنين والجيوب والعظم ومجرى الدم وحالات أخرى يصاب المرضى فيها بالحمى الروماتيزمية أو بمرضى الكلى المسمى التهاب كبيبات الكلى الحاد. * ما طريقة التشخيص؟ - يعتمد التشخيص على الفحص السريري في المقام الأول، وقد يلزم الاستعانة بالمختبر أحياناً، وهناك طرق سريعة للتشخيص السببي تفيد في بعض الحالات، وفي حال أجريت المزرعة فإن إعادتها بعد المعالجة غير ضروري عادة. التهاب الأذن الوسطى * كيف تكون المضاعفات؟ - هناك مضاعفات تنتج عن التهاب البلعوم، وهي التهاب الأذن الوسطى الجرثومي القيحي الذي يحتاج إلى علاج مبكر بالمضادات الحيوية المناسبة من قبل الطبيب، وقرحات مزمنة وكبيرة في البلعوم، والتهابات شديدة في اللوزتين، وخراجات في الجدار الخلفي للبلعوم، والتهابات الجيوب الأنفية، والتهاب الحمى الشوكية، وهذا نادر، والتهابات في الكلى الدموي الحاد، والحمى الروماتزمية للقلب. * ما العلاج المناسب؟ - استخدام المضادات الحيوية وبسرعة، ومعروف مدى آثار ذلك على تحاشي الإصابة بهما؛ لذا يمكن استخدام المضادات الحيوية بمجرد ظهور نتائج الكواشف وسبب التهابات الحلق أو نتائج الزراعة، وبإذن الله تقي المعالج خلال الأيام التسعة الأولى من بدء الأعراض بشكل فعال من المضاعفات طويلة المدى للحمى الروماتيزمية. ويفضل أن يعالج التهاب البلعوم الجرثومي بالبنسلين الفموي لمدة 10 أيام، ويمكن استخدام الأموكسيلين لمدة 10 أيام، وكلاهما فعال، ويجب معرفة أن الاستجابة لهذا العلاج يمكن معرفتها إذا انخفضت الحرارة خلال 24-48 ساعة، والراحة في السرير خلال الطور الحاد من المرض، ويفيد ذلك في سرعة الشفاء، واستخدام خافضات الحرارة المعروفة وتحاشي استخدام الأسبرين كخافض للحرارة لما له من مضاعفات اكتشفت فيما بعد، وهذه الخافضات يمكن استخدامها كل 4-6 ساعات، وهذه أيضاً تسكن آلام الحلق والصداع المصاحب لالتهابات الحلق. ويمكن استعمال الشراب أو الحبوب أو التحاميل طبقاً لعمر وحالة الطفل والمضمضة بالمحلول الملحي الدافئ حيث يخفف من آلام الحلق عند الأطفال، ويمكن استخدامه للأطفال الكبار المتعاونين، إضافة إلى تشجيع الطفل على استخدام السوائل بكثرة أياً كان نوعها وما يشتهيه الطفل وعدم إجباره على تناول الطعام الصلب في المراحل الأولى حيث آلام الحلق وقلة شهيته. ومن المعلوم أن التهاب الحلق يمكن أن يكون معدياً لإخوته وأخواته، ولكن عند استخدام المضادات الحيوية يصبح الطفل غير معدٍ بعد بضع ساعات من البدء في المضادات الحيوية؛ لذا تكمن أهمية البدء في المضادات الحيوية بعد التأكد من نوع الجراثيم. * ما أسباب التهاب البلعوم الحاد عند الأطفال؟ - يحدث الالتهاب بسببين: الأول يحدث عن طريق الفيروس، وهو الغالب ويشكل نسبة لا تقل عن 80 - 85% من الحالات، والسبب الثاني وهو جرثومي ونسبته لا تزيد على 15% من الحالات. * لماذا تكون نسبة الإصابة بهذا الالتهاب مرتفعة عند الأطفال؟ - لأن الطفل يتعرض للجراثيم والفيروسات المنتشرة حوله أكثر من غيره، وتكون المناعة لديه قليلة نسبة لغيره، ولكن مع تقدم عمره تزداد مناعته ويكون أقدر على مواجهة الجراثيم الغازية. كما أن الطفل بحكم لعبه مع أقرانه، وتعرضه لكثير من الملوثات، وربما أكله أغذية غير نظيفة، وتواجده بأماكن الازدحام كالمدارس والحدائق، وتعرضه للقبلات من كل الأطراف؛ فإنه يتعرض لجراثيم قد لا تكون لديه مناعة ضدها. إن كل إنسان لديه جراثيم وفيروسات متعايشة معه، وقد يكون بعضنا يعاني من الالتهاب، فبالقبلة نزرع هذه الكائنات على هذه البراعم، بإمكاننا تقبيل الطفل على رأسه أو جانب وجهه، ولكن ليس على فمه أو أنفه، وإن كنا مصابين نقبله على ذراعه وليس على يده؛ لأنه سيضعها في فمه. * ما النصائح التي تقدِّمونها؟ - على المصاب أن يجنب غيره الإصابة، وأن يستر فمه أثناء العطاس والسعال بمنديل وليس بيده، وألا يدع غيره يستعمل حاجياته. إن السوائل الباردة بشكل لطيف، وخصوصاً العصير، أفضل من المواد الصلبة، كما أن اللبن (الزبادي) والخضار والفواكه، وخصوصاً الحمضيات، تساعد على التغلب على نقص الشهية. إن المواد الدسمة والدهون ثقيلة على معدة المصاب، وربما تثير الغثيان أو الإقياء. إن الغرغرة بالماء الملحي الساخن أو بعصير الليمون أو ما شابه مفيدة، كما أنصح بتجنب تغيرات الجو الشديدة، وتجنب الجلوس بمواجهة المكيفات، وتجنب السوائل الباردة جداً، وملاحظة مهمة ألا وهي أنه لا يجوز إجبار الطفل كي يأكل، بل المطلوب الحكمة كل الحكمة لجعله يقبل على المناسب من الطعام على رغم فقدانه شهيته.