نظراً لأهمية المقاولين في حياتنا واعتماد المؤسسات الحكومية أو الخاصة عليهم في إنشاء وصيانة المنشآت فيجب تطوير هذا الجهاز وإعطاؤه حقوقه ليتسنى له الجودة في العمل والمنافسة في سوق العمل بعد دخولنا في منظمة التجارة العالمية.. جاء ذلك في ندوة إجراءات ترسية المناقصات الحكومية في القطاع الخاص التي عقدت في جريدة الجزيرة يوم الاثنين الموافق 3-4- 1427ه التي شارك فيها الأستاذ فهد الحمادي عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمهندس إبراهيم العكاس مدير عام قطاع المقاولين بغرفة الرياض والدكتور محمد بن سعود البليهد نائب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة سدر للتجارة والمقاولات، والأستاذ فهد السلطان نائب رئيس شركة بنكو للمقاولات عضو لجنة المقاولين بالرياض. تحديث وتطوير النظام بداية تحدث الأستاذ فهد الحمادي عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس لجنة المنشآت الصغيرة والمتوسطة شاكراً جريدة الجزيرة لتسليطها الضوء على هموم المقاولين وما يتطلب منهم في ظل هذه النهضة التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وبين أننا كرجال أعمال في السنتين الماضيتين لدينا عدد كبير من المشاريع الهائلة، والمنافسة شديدة خصوصاً بعد دخولنا منظمة التجارة العالمية، وسنرى رجال الأعمال الأجانب في السوق السعودية. وبيّن الحمادي أن إجراءات الترسية في المملكة قديمة ونظام المناقصات عمل به منذ سنوات عديدة فيجب تحديث وتطوير هذا النظام، فبعض الجهات الحكومية حدّثت وجددت هذا النظام من حيث البت في المناقصة وسرعة الترسية ومرونتها ودراسة العطاءات دراسة وافية، وبعضها ما زال على النظام القديم الذي يحتوي في بعض مواده عدم أحقية المقاول في الثبات على المشروع، وكذلك ما يتعرض له المقاول في عملية المفاضلة فبعض الجهات الحكومية تنظر إلى اقل الاسعار ولا تنظر إلى السعر المناسب والكفاءة الفنية والعطاء الرئيسي لأهمية المشروع.. فنأمل توحيد المفهوم العام للمناقصة في ترسيتها وإجراءاتها وشروطها من أجل أن تكون الأجهزة الحكومية على نظام واحد، وهذا النظام أعطى دخول المناقصات زخما كبيرا من رجال الأعمال غير المؤهلين لدخولها. ويذكر الحمادي أن عقود التشغيل والصيانة يجب أن ينظر إليها وتعدل بنودها حتى لو خصص لها مبالغ معينة. وذكر الدكتور محمد بن سعود البليهد نائب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة مجموعة سدر للتجارة والمقاولات أنه من المفترض إعادة النظر في عقود التشغيل والصيانة وإيجاد عقود جديدة بأساليب مختلفة تخدم المرحلة الحالية كتطبيق عقد الأداء الذي يجدد المهام التي ينفذها المقاول خلال العقد؛ ما يساعد على انخفاض تكلفة عقود الصيانة والتشغيل؛ لأن المقاول سيقلل من العمالة لتخفيض التكلفة وبكفاءة عالية كما يساعد على سعودة وظائف التشغيل والصيانة بعد تقليل العمالة الأجنبية. وذكر المهندس إبراهيم العكاس مدير عام قطاع المقاولين بغرفة الرياض أن النظام المشترك للحكومة ينطوي على ثلاثة عقود، وهي عقد الأشغال العامة وصدر منذ فترة طويلة ويهم قطاع المقاولين، وعقد نظام التشغيل والصيانة الذي صدر بعده بسنتين تقريباً، ونظام التوريد الذي صدر مؤخراً. فالإشكاليات التي يقع فيها المقاولون وتسبب لهم عقوبات كبيرة أهمها نوعية العقد، فالعقود موحدة وهي عقود جداول الكميات لجميع المشاريع مع اختلافها عن بعضها، فإذا كان هناك مشروع ملحّ وبحاجة مهمة لهذا العقد والبلد يحتاجه لأسباب معينة فستعمل منافسة للتصميم ثم يعمل عرض للتقييم وسيأخذ سنوات عدة، لكن إذا وجد المقاول الجيد الكفء فمن الضروري أن تعمل عقد التصميم والتنفيذ، وإذا طبقت العقود الثابتة التي هي عقود المقطوعين وعقود التصميم والتنفيذ لكان أفضل. ووزارة المالية ليس لديها ذلك الجهاز الفني الذي يراجع العقود وينقضها، فنحتاج إلى جهاز إشرافي جيد يحدد العقود ويشرف عليها. تطبيق نظام المظروفين وذكر الأستاذ فهد السلطان نائب رئيس شركة بنكو للمقاولات عضو لجنة المقاولين بغرفة الرياض أنه يجب النظر إلى إجراءات الترسية على المستوى العالمي، فالعالم اتجه إلى أسلوب المظروفين، فالمظروف الأول هو التأهيل لدخول المناقصة، والثاني يسمى المظروف الفني بحيث نقدم المظاريف نفهم الشروط والمواصفات وكيفية تنفيذ المشروع وبعدها نختار المظروف الجيد الذي يتلاءم مع الشروط والمواصفات المطلوبة، ومن لديه بعض الاستفسارات يمكن أن يرسلها إلى الجهة المالكة للمشروع حتى تكون المعرفة والإجابة واضحة لكل المتنافسين، ولا نعتمد على تقديم مظروفين وتحليلهما فقط فلا بد أن يسبقهما عقد اجتماع ما قبل فتح المظاريف يكون فيه الإجابة على استفسارات المتنافسين، ويقدم كل متنافس عرضا يبين كيف سينفذ المشروع.. هذا للمشاريع الكبيرة، أما المشاريع الصغيرة فيقدم العرض الفني. وبيّن الدكتور البليهد أن أفضل الأساليب لترسية العقود على المقاولين هي الأخذ بالقدرة الفنية والمالية والإدارية، وينظر بعد ذلك إلى السعر المقترح، فمبدأ الأخذ بأقل الأسعار عند الترسية سيؤثر سلباً على جودة المشروع، ومن المفترض الأخذ بمبدأ المظروفين، فالمظروف الأول يعكس القدرة الفنية والمالية والإدارية ويتم تحليلها من قبل لجنة متخصصة، ثم ينظر إلى المظروف الآخر الذي يحدد الأسعار المنافسة ويؤخذ به بعد قبول المظروف الأول. من جهته ذكر الحمادي أن العقود الإنشائية يجب أن يكون لها تصميم وفي نفس الوقت الجهة ذات العلاقة يجب أن تعمل في حد معين للمقاول في ترسيته لهذا المشروع، وكذلك في مشاريع الصيانة، وللأسف تضررت في المملكة، ونحن كمقاولي صيانة ننظر إلى العطاءات الأقل بينما هذا يضر الكل، ويجب ألا ننظر إلى العطاءات الأقل بحيث يعمل حد معين لهذه المناقصة بحيث ما نزل عن هذا العرض لمشاريع التشغيل والصيانة لا ينظر إليه مهما كان تأهيله وتصنيفه؛ لأنه في نظر هذا المقاول تهمه الربحية وهي تقلل عطاءه للمواطن في التشغيل والصيانة، أما في العقود التنفيذية فيجب أن يكون هناك دراسة تصميمية للمشروع قبل أن يطرح المشروع سواء تتم دراستها عن طريق التحليل أم عن طريق الجهة الفنية وعملت تصميما معينا وعلى المقاول التقيد به.. أما إطلاق العنان في ظل المنافسة الواردة لنا من الخارج وفتح المجال لأقل الأسعار فسوف يكون لدينا أسعار متدنية جداً وقد تضر بالبنية التحتية وتشغيل الأجهزة الحكومية والمستشفيات.. فنحن كرجال أعمال إذا كان لدينا ألفا عامل وقدمت في عدة مشاريع ولم يرسَ علي شيء منها فسوف أضطر إلى النزول بأسعاري على حساب المواطن، وبالنسبة للتصميم والتنفيذ سيختلف المقاولون فيه ولكن يجب على الجهة الحكومية أن يكون لديها تصميم محدد وإذا تطابقت التصاميم المعروضة فيجب أن ننظر إلى العطاء، أما أنني سأصمم في مجال معين وبدلا من أن آتي بالمواد من أوروبا آتي بها من دول أخرى أرخص فهذا سيضر بالبنية التحتية للمشروع، فالمقاول معرض للمنافسة في السوق ما لم يحدد له نظام معين ومواصفات معينة من جهة حكومية يكون لها دراسة ومتابعة.. فللأسف بعض الجهات الحكومية لا يوجد لديها دراسة للمشروع فتطلق العنان للمقاول يصمم كيف يشاء إذا كان في التسييخ يعمل عشرة أسياخ يعمل بأربعة ويوافق عليها التصميم. أسباب قلة العمر الافتراضي من جهته بيّن المهندس العكاس أن قلة العمر الافتراضي للمباني القديمة لها أسباب كثيرة أولها تطبيق الترسية على أقل الأسعار؛ ما يؤدي إلى ابتعاد المقاول الجيد، ثانياً العمر الزمني للمشاريع قليل جداً، وثالثاً الجودة للمشاريع تقل، فالمقاول لن يدفع من ماله لجودة المشروع.. ولذلك نبتعد عن الترسية على أقل الأرقام. ونظام اشتراط الحكومة في اللائحة أن تذكر الترسية على أفضل العروض من الناحية الفنية والمالية فتضمن الجودة الفنية والمالية، ولا يعني ذلك أقل الأسعار، فهذه النقطة أساسية إذا تفاديناها في عروضنا نجد المقاول الجيد، فالمقاولون الذين لا يدرسون العروض هم الذين سيبتعدون عن هذا المشروع، كذلك لا يوجد سعر سري للمشروع فلا بد من الجهة إعلان تكلفة هذا المشروع، فمثلاً مبنى إداري يكلف 20 مليونا في تحليل إداري أنه يكلف هذا المبلغ، فإذا كان هناك مقاول تقدم بسعر 15 مليونا فمن المفروض استبعاده وترشيح غيره، فعلى الجهة أن تدرس ما يناسب المشروع من العقود وتنفذها فلا نحصر أنفسنا في عقد واحد. ويجب أن نضع ضوابط للمقاولين لتؤهلهم للمشروع من أجل ألا يأتي المقاول السيئ ونحاسبه على بنود العقود، ولدينا 197 ألفا في السجل التجاري كلهم مقاولون، ولكن المصنفين الذين يعملون مع الحكومة في وزارة الشؤون البلدية والقروية لا يتجاوزن ألفي شركة، ونحن نعاني من قلة السعودة في هذا القطاع وهي لا تتجاوز 1.5% من قطاع المقاولات، ووزارة العمل حددت نسبة السعودة في الشركات ب10%، ونفضل أن نؤهل أنشطة المقاولين، وهناك مرحلة ثانوية لتصنيف المقاولين بحيث تضع دراسة قطاع المقاولين 80% كلهم مقاولون عموميون و20% متخصصين، ونحاول قلب النسبة بحيث 80% متخصصين و20% مقاولين عموميين، وهذا الذي في العالم. إنشاء شركات عمالة متخصصة وبيّن الحمادي أنه إذا قلبت مكاتب الاستقدام إلى شركات عمالة، ويأتي المقاول ويأخذ العمال من هذه الشركات بعقود ونظام معين لكان أفضل، ومن حيث السعودة يجب أن يكون لها حوافز وورش تدريب وإعطاء الشركة التي تبادر بهذا العمل الأولوية في العقود وبأسعار معينة، فمثلا سائق تريلا أجنبي يتقاضى راتب 1500 ريال في الشهر وإذا سعودت هذه المهنة فسيتقاضى 5000 ريال فإذا لم أجد حوافز من الدولة فسأفضل الأجنبي، وفي ظل المنافسة القوية بين المقاولين لن تعطى السعودة حقها في هذا المجال إلا أن يكون هناك حوافز ومغريات مقابل سعودة العمالة. وبيّن العكاس قائلا: عملنا دراسة احصائية موجهة للمقاولين الكبار والصغار، فالمقاولون الكبار تمنوا وجود قطاع متخصص صغير لإعطائه جزءا من الأعمال، فالمقاول الكبير ليس شرطاً أن يكون لديه عمالة كبيرة ولا معدات كثيرة وهذا ما نأمله بأن يكون لدينا قطاع مقاولات لا يعتمد على عمالة ولا معدات ذاتية له، فطريقة أن نضع شركة متخصصة في العمالة بحيث إذا احتاج المقاول عمالة يأتي إلى الشركة ويستأجر منها عمالة بعقود لمدة المشروع ويركز عمله على المشروع، هذه الطريقة موجودة، فشركة (برسل) أكبر شركة في العالم لا يوجد لديها عمالة وتدير مشاريعها عن طريق المقاولين الصغار. وذكر السلطان أن كثيرا من المقاولين يركز على ثلاثة أشياء هي: أعمال هندسية وتصاميم بحيث يكون لدية عمالة مباشرة ومكاتب يتعامل معها، وتوريد المواد التي سيحتاجها المشروع، وأخيراً يركز على إدارة المشروع، وبالتالي يستطيع أن يعمل عقودا من الباطن مع الأعمال التي يحتاجها، وفي هذه الحالة تتحسن نسبة السعودة وتزيد؛ لأن العمل مستمر والشركات الصغيرة عليها طلب والروافد كثيرة، وهذا يخلق لك مجالا كبيرا من الناس المتخصصين في مجال معين تثق في جودتهم وعملهم، فوجود جهات مسؤولة وخاصة بالعمالة تؤدي إلى جودة العمل وتحسين نوعيته، ولا تأتي بعينات إلا بعد عمل اختبارات لهم. وحول نظام المقاولات وترسية المشاريع ذكر الحمادي أنه يجب إعادة النظر في عقود جميع متطلبات المقاولات سواء التشغيل والصيانة أو التنفيذ، فهذه العقود قد عفا عليها الزمن وجميعها على المقاول ما عدا المادة التاسعة تحث على صرف حق المقاول. وبيّن العكاس أن إجراءات الترسية يجب أن تكون أكثر شفافية ولا تعتمد على أقل الأسعار في ترسية العقود، بل نطبق اللائحة على أفضل العروض من الناحية الفنية ونحاول إعانة المقاولين بحيث يكون العقد متوازنا من ناحية الالتزامات والحقوق، وهي مهمة جداً لأنه إذا خفضنا المخاطر التي ستكون على المقاول فحقوق المقاول ستقل، وهذا من صالح الجهات صاحبة المنشأة. وأكد السلطان أن المقاول شريك للمالك في العمل، والجميع مهتم لصالح المواطن، ويجب أن تتبنى جهة ما سواء حكومية أو غرف تجارية أو مجلس غرف قيام ورش عمل بين الدولة والمقاولين تكون مفتوحة لكل الآراء والنقاشات، ويجب أن يكون لدينا استعداد للمنافسة بعد دخولنا سوق التجارة العالمية، والمقاولون السعوديون مروا بتجارب جيدة فلديهم أفكار جيدة فلا بد أن نسمع لهم ونعطيهم الفرصة لإبراز إمكانياتهم.