يمر العالم اليوم بمرحلة مليئة بالتطورات والتحديات الاقتصادية المهمة نتيجة لتحولات كبرى على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فقيام منظمة التجارة العالمية يدفع باتجاه إحداث المزيد من التغيير على الصعيد العالمي في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية بما يحقق الاستفادة المثلى من عناصر الإنتاج بين الدول ويفسح المجال أمام تبادل الخبرات والمعلومات الاقتصادية والتكنولوجية. فالمتغيرات الاقتصادية العالمية تحمل في طياتها تحديات ومخاطر عديدة، كما أنها تحمل في نفس الوقت فرصاً وآفاقاً واسعة لكافة دول العالم، فالنظام العالمي الجديد الذي أطلّ برأسه بعد انتهاء الحرب الباردة حمل معه منطقاً خاصاً به تحكمه قواعد جديدة، له جوانب إيجابية من جهة وسلبية من جهة أخرى، الأمر الذي نتج عنه تحديات وتداعيات لابد من مواجهتها فانفتاح الأسواق والتكتلات الاقتصادية والشراكة الأوروبية المتوسطية، والتطورات البارزة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، نقلت جميعها الاقتصاد العالمي إلى مرحلة جديدة تتسم بتبدل في القوانين والمبادئ ونوعية الإنتاج وكيفيته. كما أن التطور السريع المذهل في تقنيات المعلومات الذي امتد لكافة جوانب الحياة ليشمل كافة قطاعات الأعمال العامة والخاصة لتعزيز عملياتها ومخرجاتها، ساهم بشكلٍ كبيرٍ في تطوير بيئة الأعمال وإحداث نقلة نوعية حديثة في مجال الاتصالات وتبادل المعلومات بين أفراد المجتمع الواحد وكذلك بين المجتمعات الأخرى. غير أن أهم ما يلاحظ الآن أن الاقتصاد الجديد (الاقتصاد الرقمي) أضاف عنصر المعلومات إلى جانب العناصر الثلاثة التقليدية للإنتاج التي تتمثل في العمالة ورأس المال والموارد الطبيعية، وقد برزت تقنية المعلومات كأهم عناصر التكنولوجيا الحديثة، بحيث يتعدى تأثيرها في الإنتاجية ليصل إلى العلاقة بين الاقتصاديات المتطورة وبين القطاعين العام والخاص، وليتخطى الحضارات والطبقات والدول، ولأن الثورة التقنية أصبحت عنوان الاقتصاد الجديد فإن جميع الدول العربية مطالبة بعبور هذه الثورة لتلحق بركب التقدم وعدم ترك الفجوة الرقمية دون معالجة، حيث إن الاقتصاد يرتكز على المعلومات ودورها الدافع والمحرك في عملية التكامل، فالمعلومات هي المفتاح إلى عولمة الاقتصاد وشموليته. ولكن يظل هناك عقبات تواجه طريق الاقتصاد الرقمي منها عقبات داخلية تتمثل في ضعف البنية التحتية لقطاع الاتصالات والتكلفة العالية نسبياً لتكنولوجيا المعلومات، ووجود بعض التردد بالنسبة لاستخدام الإنترنت في التجارة الإلكترونية في مجال الأعمال، وتندرج شبكة الاتصالات للاقتصاد الرقمي كالرئة للإنسان، حيث لا وجود للاقتصاد الرقمي دون البنية التحتية وشبكة الاتصالات الحديثة. ومنها العقبات الخارجية: كون الاقتصاد الرقمي اقتصاداً حديثاً لم يتم تطبيقه سابقاً، ولا تزال الاتجاهات التكنولوجية لم تصل لنهاية التطور، كما أن الاقتصاد الرقمي لا يزال في طور النشوء وبحاجة إلى المزيد من رأس المال المغامر للوصول إلى الدرجة التي وصلت إليها الاقتصاديات الأخرى المتطورة تكنولوجياً. إن الحكومات العربية مدعوة لكي تبذل جهداً لتصبح جزءاً من الاقتصاد الرقمي من خلال البدء بتطوير البنية الأساسية للاقتصاد الجديد من خلال: - إيجاد شركة اتصالات تتسم بالسرعة والفاعلية الكبيرة. - تقديم خدمات الإنترنت، وتقديم الدعم لخفض أسعار أجهزة الكمبيوتر الشخصية بغية تشجيع انتشارها بشكلٍ واسع. - تحويل الحكومات العربية لكي تكون حكومات إلكترونية، وهي الحكومة التي تتبنى مفاهيم الأعمال إلكترونياً لإنجاز معاملاتها وأعمالها اليومية وتقديم خدماتها للمواطنين، أي استخدام التكنولوجيا لإنجاز كافة أعمال ومعاملات المواطنين بفعالية وكفاءة أكبر وبأقل وقتٍ وكلفة ممكنة، حيث إن الحكومة الإلكترونية تمثل تحولاً جذرياً في الطرق التي تتبعها الحكومات لمباشرة أعمالها من خلال إعادة ابتكار نفسها لتأدية مهامها بشكلٍ فعّال في الاقتصاد العالمي المتصل بعضه ببعض عبر شبكة الاتصالات، وتسارع الحكومات الإلكترونية في توفير خدمات أفضل في مجال التعامل بين الحكومات والمواطن وقطاع الأعمال والدوائر الحكومية بعضها ببعض. والله ولي التوفيق. * المدير الإداري - المشروع السعودي لتبادل المعلومات إلكترونياً بريد إلكتروني: [email protected]