سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجزء الأول من أمير التحديث إلى ملك الإصلاح والتنمية الشاملة
الملك عبد الله قائدا إصلاحيا تتناغم إستراتيجياته ضمن رؤية تنموية شاملة
العقيد د.عبدالله بن حسن الحيزان - الإدارة العامة للمتابعة بالأمن العام(*)
روي هذا البيت: (نبني كما كانت أوائلنا .. نبني ونفعل مثل ما فعلوا).. للملك عبدالعزيز - رحمه الله - في إحدى مجالسه وفكر في معناه ومغزاه ولم يعجبه النصف الثاني من البيت ورد قائلاً: كان ينبغي لقائل هذا البيت أن يقول: نبني ونفعل فوق ما فعلوا، لأن فعلنا مثل ما فعلوا يعني أننا لم نزد شيئاً. هذه الحكمة هي بذرة الخير الذي زرعها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في عقول وقلوب أبنائه البرره من ملوك هذه البلاد الطاهرة. والمتابع لمسيرة الاستقرار السعودي يدرك أن كلاَّ من أبناء الملك عبد العزيز الذين تعاقبوا على حكم المملكة كان يفكر من هذا المنطلق ويسعى دوماً نحو تحقيق الأفضل والأجمل لهذه البلاد الطاهرة وشعبها الكريم، حسب الموارد الوطنية المتاحة والظروف الاجتماعية التي كانت سائدة ضمن الحقبة الزمنية لكل واحد من ملوكنا الأكارم. فالملك عبد العزيز وحّد شمل الجزيرة العربية وأسس وأهدى لنا هذا الكيان المجيد الذي نعتز بالانتماء إليه. وواصل الملك سعود - رحمه الله - استكمال جهود المؤسس مستنيراً بسياسة والده العظيم الملك عبدالعزيز في جمع شمل قبائل المملكة تحت راية الخير لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله متوحدين تحت ظل هذا الكيان الكبير، المملكة العربية السعودية. أما الملك فيصل - رحمه الله - فقد قام بإدخال النهضة الحديثة إلى المملكة بما فيها وسائل الاتصال الحديثة والبث التليفزيوني الذي وصل إلى مناطق كثيرة من المملكة. وتواصلت عملية تحديث المجتمع السعودي في عهد الملك خالد - رحمه الله - يؤازره في ذلك الملك فهد - رحمه الله - عندما كان وليّاً للعهد. وأثناء ولايته للعهد وبعد تسلمه مقاليد الحكم في المملكة عام 1982م أدرك الملك فهد - رحمه الله - أهمية التخطيط الإستراتيجي. قرأ المستقبل ووضع رؤية طموحة لمستقبل المملكة وهندس توجهاته لتطوير المملكة على المدى الإستراتيجي البعيد. إنه بحق (ملك التحديث) الذي أدخل مقومات وعناصر التقنية الحديثة وكفل التعليم لجميع المواطنين وطور قطاع الخدمات وشهدت القوات المسلحة السعودية في عهده الميمون تطويراً هائلاً. وها نحن الآن على مشارف العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك الإصلاح والتنمية الشاملة. إذا مات منا سيد قام سيد والمسيرة المباركة تتواصل في هذا العهد الزاهر للملك القائد عبدالله بن عبد العزيز. ملك الإصلاح والتنمية الشاملة الذي تتناغم إستراتيجياته التنموية بمختلف أشكالها وألوانها وتنصهر ضمن رؤية تطويرية شاملة للمملكة. وبالرغم من أن الملك فهد - رحمه الله - رحل عنا إلى جوار ربه إلا أن عزاءنا في تولي الملك عبدالله - حفظه الله - مقاليد الحكم في المملكة. يعتبر الملك عبدالله امتداداً لسياسة الملك فهد. فكلاهما مثل ملوك المملكة تخرجوا من مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه. والسياسة التي اتبعها أبناء الملك عبدالعزيز هي السياسة التي رسمها جلالته للمملكة منذ تأسيسها. تلك السياسة الحكيمة التي أوصلت المملكة إلى مستوى راقٍ من التقدم ووضعتها في موقع مرموق في الساحة الدولية. وقد شارك الملك عبدالله خلال السنوات الماضية في رسم ملامح السياسة السعودية في التعامل مع قضايا الإرهاب والإصلاح أثناء الفترة التي كان فيها الملك فهد - رحمه الله - يعاني من مشاكل صحية، كان أبرزها إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ورعايته - حفظه الله - للكثير من اللقاءات الوطنية للحوار في مدن مختلفة من المملكة. كان وما زال الإنسان السعودي محل اهتمام القيادة السعودية الكريمة منذ تأسيس المملكة. وقد عاهد الملك عبدالله - حفظه الله - شعبه الوفي على أن يكون القرآن دستوره والإسلام منهجه وأن يكون المواطنين همه وشغله الشاغل. وطلب - حفظه الله - من شعب المملكة أن يقدموا له النصح ويدعو له بالتوفيق في مهماته الجسيمة. ومن يطلب ذلك من شعبه فلا يمكن أن يكون إلاّ خير خلف لخير سلف.. بعون الله وتوفيقه. يقول سمو الأمير سلمان بن عبد - العزيز ردّاً على سؤال لإحدى القنوات التلفزيونية بعد استقباله للمواطنين في اليوم الثاني للبيعة، يقول: (إن الدول التي تقوم على أفراد تسقط، بينما الدول التي تقوم على أكتاف أبنائها تدوم). ولذا وضعت القيادة الحكيمة خططاً طموحة تستهدف تنمية ورفاهية المواطن السعودي والرفع من إمكاناته وقدراته. بدأت هذه الخطط التنموية الخيّرة في عهد جلالة الملك خالد - رحمه الله - وتوسعت في عهد الملك فهد - رحمه الله - وسيكمل المسيرة المباركة مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز أمدهما الله بنصره وتوفيقه. وستبقى هذه البلاد الطاهرة في أيدٍ أمينة إن شاء الله لأنه إذا مات منا سيد قام سيد. خطاب البيعة كل ما نتمنى وما نريد من منا لم يتأثر عندما أطل علينا الملك عبدالله - حفظه الله - من خلال الشاشة الفضية مخاطباً شعبه الوفي. أوقف الجميع كل شيء ليسمعوا كلمات القائد الفارس وهو يرسم لنا صورة مشرقة للمستقبل ويضمد جراحنا في فقدان أخيه وصديقه ورفيق دربه الملك الصالح فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - وما سمعناه منه - حفظه الله - يعكس شخصيته التي عرفناها وأحببناها وأحبها مواطنوه والمقيمون على أرض هذه البلاد الطاهرة. خطاب الملك عبدالله - حفظه الله - يوم البيعة المباركة رسم الخطوط العريضة للمرحلة القادمة ولامس قلوب وأحاسيس مواطنيه وأبناء شعبه الأوفياء الذين يحملون آمالاً عريضة وطموحات شامخة كالجبال بحجم مكانة هذا الوطن المعطاء في صدورهم وبحجم محبتهم لمليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين. أسدل القائد المهيب ستاراً على أجواء الحزن والكآبة التي سيطرت على قلوبنا ومشاعرنا إثر رحيل الملك فهد، وبعث في نفوسنا الإيمان والثقة بأن آجالنا مكتوبة وأنه بالرغم من هول الصدمة ومرارة الألم والشعور بالأسى، إلاّ أن علينا التسليم والقبول بالقضاء والقدر. زرع فينا الملك الصالح عبد الله بن عبد العزيز العزيمة والإصرار على التحمل والصبر ومواصلة مسيرة البناء المباركة. لقد جمعت كلماته القلوب وحفزت الهمم وطمأنت النفوس. بشّر الملك عبدالله - حفظه الله - شعبه الكريم ووعده بالمزيد من العطاء وتوفير ضمانات العيش الكريم لأفراد شعبه الوفي. كان خطاب الملك عبدالله - حفظه الله - مختصراً ومفيداً، كلمات قليلة في حجمها إلاّ أنها متسعة وعريضة في مضامينها ودلالاتها واستحقاقاتها. وغطى - حفظه الله - على كل ما كان يأمله المواطنين، بل أكثر من ذلك. يقول الملك عبدالله - حفظه الله - في خطابه الفاخر ما يلي: - أطلب من المواطنين شد أزري. - وأن يعينونني على حمل الأمانة. - وأن لا يبخلوا علي بالنصح. - وأعاهدكم بإرساء العدل. - وخدمة المواطنين بلا تفرقة. - وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق. هذه كلمات.. كلمات قائد وملك صالح يستشعر حجم المسؤولية. المسؤولية العظيمة التي يحمل الملك عبدالله كل مقومات وعناصر الوفاء بها. كيف لا والملك عبدالله يمتلك الخبرة والقدرة والحنكة السياسية التي وضعته في دائرة المسؤولية لعقود من الزمن قدم من خلالها الكثير والكثير لهذا الوطن الغالي في مواقع مختلفة في الدولة. وهو - حفظه الله - أهل وقادر على الوفاء بكل ما وعد به شعبه. وليس غريباً أن يحدثنا الملك عبد الله - حفظه الله - عن الحق والعدل والمساواة فهو - حفظه الله - أول من تبنى مشروع الإصلاح ومن يسعى دوماً إلى الحق ويحرص على تحقيق المساواة ويبحث عن العدل في وطن عظيم يدرك الملك عبدالله أن قوته ورفاهيته تنبع من قوة ورفاهية كل مواطن على هذه الأرض الطاهرة. وهو بذلك يسير على خطى والده العظيم مؤسس كياننا الخيّر العظيم الملك عبد العزيز عندما سمعه الملك عبدالله يقول في أحد مجالسه: (إن من كانت له مظلمة على كائن من كان - موظفاً أو غيره - كبيراً أو صغيراً ثم يخفي ظلامته فإنما إثمه على نفسه). وعندما يتعهد الملك عبدالله - حفظه الله - للمواطنين بالعدل والمساواة ويطلب منهم النصح والمشورة فإن ذلك ليس غريباً. فالملك عبدالله رجل معروف لدى شعبه بصفات حميدة وسلوك إنساني راقٍ دفع الجموع الغفيرة من المواطنين فرادى وجماعات من مختلف مناطق المملكة لمبايعة وتأكيد الطاعة والولاء لمليكنا المحبوب. والملك عبدالله يدرك - كما علمه والده العظيم - أن العدل أساس الملك، والمساواة أساس التقوى، وأن الشورى من مقتضيات ومقاصد الشريعة الإسلامية. كما يدرك - حفظه الله - أن العدل والمساواة والشورى تمثل الركائز الأساسية لآلية النظام الذي يتعهد رعاية الدولة لتحقيق السلم والأمن الاجتماعي. ماذا ترك لنا أبو متعب - حفظه الله - وللآخرين من تعليق أو إضافة على هذه الكلمات الذهبية والنقاط الجميلة التي تضمنها خطابه الكريم بكل صدق ووضوح وشفافية؟.. إن خطاب الملك عبدالله - حفظه الله - وثيقة وطنية مضيئة ومشرقة لسياسة حكيمة راشدة سيقود بها شعبه ووطنه نحو اقتحام المستقبل بإطار ومنهج يكون القرآن دستوره والإسلام منهجه، كما عاهد الله ثم شعبه الوفي على ذلك. لو قرأنا بين السطور قراءة متأنية لخطاب الملك عبدالله لأدركنا أن ما احتواه من أفكار وأُطروحات مفعمة بحبه الكبير لمواطنيه وشعبه الوفي، وأن أبناء وطنه هم شغله الشاغل - حفظه الله - ورفاهية وإسعاد المواطن خياره الأول. وهو بذلك يلتزم بالنهج الذي سنّه الملك المؤسس جلالة الملك عبد العزيز عندما سمعه الملك عبدالله يقول في إحدى جلساته: (إن الملقى على عاتقي من الأمور عظيم، وبعضكم به أبخص، وإني مع ذلك أسأل عن أحوال الناس وأتفقد مصالحهم بقدر الجهد والاستطاعة، والله إني أرى الكبير كأبي والوسط كأخي والصغير كابني). وهذا ما عودنا عليه الملك عبدالله وملوك المملكة من أسلافه الكرام. عندما أطل علينا الملك عبد الله من خلال شاشة التليفزيون ليعزي شعبه الوفي بفقيد الأمة ويعاهد الله ثم شعبه الكريم على تحمل المسؤولية الكبيرة وحمل الأمانة العظيمة ومواصلة المسيرة المباركة، قال ذلك بكل صدق وأمانة وإخلاص وحب صادق أطلّ علينا به من نافذة قلبه الكبير ودخل إلى قلوب مواطنيه الذين فتحوها له ليدخلها من أوسع أبوابها ويملأ حجراتها. لنقرأ خطاب الملك عبدالله - حفظه الله - مرات ومرات حتى نتعرف عن قرب على شخصية الملك عبدالله والأبعاد العميقة لتفكيره وسياساته الراشدة التي سنرى ثمارها الخيّره في عهده والتي سيكون القرآن دستورها والإسلام منهجها والحب غلافها والوطن والمواطن هدفها ومبتغاها. ماذا تريدون أكثر من ذلك؟.. إن خطاب البيعة الكريمة كل ما نتمنى وما نريد، بل وأكثر. والخير يتدفق. قائد من الطراز الأصيل يعتبر الملك عبدالله - حفظه الله - مدرسة الأصالة العربية والفروسية وصناعة الرجال. خرج الملك عبدالله من الشجرة المباركة ذات الأصل الثابت والفروع القوية المتينة التي زرع بذرتها الملك عبد العزيز على هذه الأرض الطاهرة واعتنى بها فآتت ثماراً طيبة تحمل بشائر الخير والنماء لشعب المملكة الوفي. نشأ الملك عبدالله تحت ظل هذه الشجرة وتتلمذ على يد زارعها وتعلم دروساً فاخرة في الشجاعة، الفروسية، المروءة، الشهامة، التقوى، والورع. الملك عبدالله - حفظه الله - أحد رجال الأسرة السعودية الكريمة، عاش في مرحلة امتلأت بالصراعات القبلية والفكرية في شبه الجزيرة العربية وعاصر التطورات السياسية في الوطن العربي أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية. ولكنه تشرب صفات العروبة الأصيلة في كنف والده الملك عبد العزيز - رحمه الله - فهو عربي أصيل بكل ما تحمل تلك الكلمة من معانٍ سامية. يتصف - حفظه الله - بالإباء والكرم والنجدة. وفي مجالس والده العظيم الملك عبد العزيز اكتسب الملك عبدالله دروساً وتجارب فاخرة في مجالات الحكم والإدارة والسياسة. ترعرع - حفظه الله - في كنف والده العظيم مؤسس هذا الكيان الكبير الذي أحاطه بعنايته ورعايته، واستوعب - حفظه الله - دروساً في فنون القيادة الواعية المطعّمة بالقيم الدينية الفاضلة والعادات والتقاليد العربية الأصيلة. وقد تتلمذ الملك عبدالله في مدرسة والده العظيم جلالة الملك عبد العزيز واستفاد من تجاربه في الحكم الراشد والسياسة الحكيمة المرتكزة على الحكمة والتروي. وقد تلقى تعليمه من كبار العلماء والمفكرين منذ صغره - حفظه الله - حيث عملوا على تنمية قدراته وفلسفاته الفكرية من خلال التوجيه والتعليم الممزوج بالقيم الدينية السامية والعادات والأعراف العربية الأصيلة. لذا فهو يحرص على زيارة العلماء والمفكرين والالتقاء بهم باستمرار في المناسبات الدينية والأعياد الوطنية. وكان للبيئة التي عايشها الملك عبدالله - حفظه الله - مع أسرته ومعلميه ومجتمعه تأثيراً كبيراً على شخصيته. ترعرع - حفظه الله - في مدرسة مكارم الأخلاق وأورثته حياة البادية عشق الفروسية، وعلمته الصحراء التأمل وتقديم الفعل على القول. تعلم منذ صباه وطفولته الصفات العربية الأصيلة والتعاليم الدينية. نشأ صافي العقيدة يتمتع بأعلى درجات الانضباط الديني والنفسي والأخلاقي مما كان له دوراً كبيراً في تكوين شخصيته القيادية الفاعلة حضوراً وتأثيراً وتفاعلاً على المستويين الداخلي والخارجي لما فيه خير المملكة وشعبها وتعزيز عرى الصداقة والتواصل مع العالم تجسيداً لمكانة المملكة في الساحة الدولية. وكما رأينا من خطابه - حفظه الله - يوم البيعة المباركة يدرك الملك عبدالله كما علمه والده العظيم الملك عبد العزيز أن العدل أساس المُلك وأن طريق المُلك هو مكارم الأخلاق والوفاء والإخلاص. لذا فهو مع إحقاق الحق ومناجزة الباطل، يمقت الظلم ويسعى لإنصاف المظلوم. وكان لثقافته الدينية وإيمانه الصافي دور كبير في تعميق إيمانه بالقيم المثلى وتأصيل الكثير والكثير من الصفات والمزايا الحميدة التي تكوّن لب شخصيته وعمق نفسه مثل قوة الإرادة والعزيمة، طهارة ونقاء النفس، الشجاعة الفريدة، الحلم، النبل، حدة الذكاء، والعاطفة الإنسانية كل ذلك ممزوجاً بالوضوح والإعتدال والحكمة والشجاعة والصراحة في مواجهة المواقف، مع روح تسامحية وعفو عند المقدرة. والملك عبدالله - حفظه الله - عسكرياً مقدام قاد الحرس الوطني إلى فضاءات رحبة من التطوير والتنمية خلال ثلاثين عاماً وهو ليس جديداً على المسؤولية وحمل الأمانة فقد شارك في رسم السياسة السعودية عندما كان الملك فهد - رحمه الله - يعاني من مشاكل صحية. ولكن عظماء الرجال كالملك عبدالله يستشعرون المسؤولية ويحسون بها. وسمعناه - حفظه الله - يقول في خطاب البيعة المباركة: (الحمل ثقيل والأمانة عظيمة)، لأنه - حفظه الله - يدرك أنه مسؤول عن مسلوب الحق، العاجز، اليتيم، الفقير، والمظلوم من مواطنيه والمقيمين على هذه الأرض المقدسة. كما يدرك - حفظه الله - بأن هذه البلاد مسؤولة عن المسلمين فهي تحتضن الحرمين الشريفين، لذا فهو يحس بالمسؤولية عن إخوانه العرب في فلسطين وغيرهم ممن يتعرضون للظلم أو ضائقات الحياة ويحتاجون إلى من يناصرهم ويساعدهم. وهو بذلك يسير - كما بين حفظه الله - على نهج الملك المؤسس في إحقاق وإرساء ركائز العدل في أرض الحرمين الشريفين اللذين يتشرف - حفظه الله - بخدمتهما وخدمة قاصديهما من المسلمين من أرجاء المعمورة. يتمتع الملك عبدالله - حفظه الله - بدرجات عالية ومستويات فائقة من النضج السياسي والقيادي والإداري والثقافي ويفهم جيّداً ما يمر به العالم من تغيرات وأحداث متلاحقة وتكتلات سياسية واقتصادية وما يشهده العالم من ثورة في تكنولوجيا المعلومات. كما يدرك - حفظه الله - أنه ينبغي على المملكة أن تكون في مقدمة الركب لتقود تطورات الأحداث وتستثمرها لصالحها. تعد حياة الملك عبدالله فارس الفرسان، صانع الحرس الوطني، راعي العلم والمعرفة، وناشر أعلام الثقافة، تعد حياته - حفظه الله - نموذجاً في القيادة الناجحة والشهامة، مثالاً في الصدق والشفافية، وقدوة في المروءة والأصالة. خرج الملك عبدالله - حفظه الله - من صحراء المملكة العربية السعودية وكان ملازماً لوالده العظيم جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه. شارك في العديد من المؤتمرات الدولية ومثّل المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية. ولكونه عاصر حياة البادية وعشِق الصحراء فقد تطورت لديه - حفظه الله - الشجاعة، الكرم، الحكمة، رباطة الجأش،والجرأة، واجتمعت كلها في شخصيته الكريمة لتعبر عن فراسة عجيبة وروح قيادية عالية كان لها الأثر الكبير والخير الوفير للمملكة وشعبها أثناء عمله كرئيس للحرس الوطني وولي للعهد، وسنرى المزيد من الخير والرفاهية لهذا الوطن وشعبه الوفي أثناء فترة حكمه الزاهر إن شاء الله. يمتلك الملك عبدالله - حفظه الله - القدرة على استقراء المستقبل. إنه قائد إصلاحي ومفكر إستراتيجي تتناغم إستراتيجياته ضمن رؤية تنموية شاملة للمملكة على مختلف أصعدة التنمية والتطوير. يعرف - حفظه الله - ماذا يريد لمستقبل المملكة وشعبها الوفي وهو يعكف على صياغة استراتيجياته للإصلاح والنهضة الشاملة. وقد رأينا بداية خيرات عهده في الأيام الأولى لتسلمه مقاليد الحكم وكان الغيث منهمر. وما أصدق دليل على ذلك إلاّ ما قام به - حفظه الله - من صناعة الحرس الوطني وإيجاد نقلة نوعية في جهازه حتى أصبح قوة وطنية فاعلة للذود عن الوطن. ولدى الملك عبدالله - حفظه الله - القدرة الخارقة للتأثير على الواقع، مع احتفاظه بتوازن بين فهم الحاضر ورؤية حادة مركزة على المستقبل الذي يريده لمملكته وشعبه المعطاء، وذلك لتمرسه في السياسة والحكم والإدارة لعقود عديدة من الزمن. وهناك العديد من الصفات القيادية الفذة التي يمتلكها الملك عبدالله - حفظه الله - والتي سيكون لها بعد الله الأثر الأعظم في قيادة المملكة إلى التطوير المتكامل والنهوض بها إلى فضاءات أرحب من النهضة الشاملة في القرن الواحد والعشرين. فبالإضافة إلى جهوده الإصلاحية ضمن رؤية تنموية شاملة للمملكة، فإنه - حفظه الله - يتمتع بصفات قيادية من أهمها: 1- شغفه وحبه لمهنته كقائد لركب الإصلاح والتنمية الشاملة في المملكة: يحب ما يعمل ويحب عمله. وقد تمكن - حفظه الله - من إيصال شغفه وحبه ليعطي الأمل والحماس لشعب المملكة الذين وقفوا معه يداً واحده وباركوا إستراتيجياته وخططه للتعامل مع الواقع الجديد. ومن ذلك إنشائه لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ورعايته - حفظه الله - للعديد من اللقاءات والحوارات الوطنية في مدن مختلفة من المملكة. 2- يتمتع - حفظه الله - بالأصالة في قوله وفعله وتفكيره. وأصالته - حفظه الله - نابعة من معرفته بنفسه، صراحته وإخلاصه، وإدراكه الناضج لواقع ومستقبل الأمور. يعرف نفسه ويعرف ماذا يرغب تحقيقه للمملكة في هذه الحقبة الزمنية من تاريخها. أما صراحته وإخلاصه - حفظه الله - فهما مبنيتان على الأمانة في التفكير والعمل. ولدى الملك عبدالله التزام حازم بالمبادئ مع شمولية متكاملة وأصيلة في الشخصية. وقد جرّب ونما الملك عبدالله - حفظه الله - من خلال تجاربه السابقة في السياسة والاقتصاد منذ سن مبكرة. لذا فالإدراك الناضج لواقع الأمور جزء لا يتجزأ من شخصية الملك عبدالله حفظه الله. 3- ولأصالته - حفظه الله - منح الثقة لشعبه وطلب منهم أن يقدموا له النصح والمشورة. من منّا لا يسمع الملك عبدالله يخاطب شعب المملكة في خطابه يوم البيعة ويقول ( أشيروا عليّ أيها الناس). شعبه الوفي الذي أحبوه وأحبهم ووثقوا به ترددوا على قصر الحكم بالرياض لمبايعته وتأكيد الطاعة والولاء لمليكهم المحبوب. يبني الملك عبدالله - حفظه الله - سياسته الداخلية والخارجية على استخدام العقل والمنطق والعدل والتوازن في تنفيذ قراراته ويعتمد على منطق الحكمة والتروي والأصالة في التعامل مع الأحداث. وبالرغم من الصعوبات التي واجهت المملكة العربية السعودية أثناء مرض الملك فهد - رحمه الله - والمشاركة الأوسع للملك عبدالله في القرار السياسي للمملكة، فقد كان - حفظه الله - راسخاً صامداً لعمق إيمانه بالله وتمكن من اتخاذ قرارات سياسية صائبة تصب في مصلحة شعبه ووطنه ومصلحة الأمتين العربية والإسلامية. فارس متواضع اندمج مع شعبه نشأ الملك عبدالله - حفظه الله - في مدرسة مكارم الأخلاق وأدرك أن أول هذه المكارم التواضع، سائراً على منهج مدرسة والده الملك عبد العزيز بالتحلي بالقيم والمثل العليا يسمعها وعياً ويراها عملاً. وقد عبر - حفظه الله - عن ذلك في خطاب البيعة المباركة عندما قال: (أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنّه مؤسس المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - واتبعه من بعده أبناؤه الكرام رحمهم الله). وقد برز تواضع الملك عبدالله الذي عاش في مدرسة والده عندما خاطب الشعب السعودي النبيل بقوله: (أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة، وألاّ تبخلوا عليّ بالنصح والدعاء). ولم يُذكر عن الملك عبدالله أنه منح الكبر أو التعالي طريقاً إلى قلبه الكبير، فهو يميل إلى البساطة في العيش ويرى نفسه دائماً بين البسطاء من الناس، يتعامل مع الناس بكل رحابة صدر، متحليّاً بمكارم الأخلاق، طاهر النفس، ينصت جيداً لمحدثه فيبعث في نفسه الإطمئنان. ولحبه - حفظه الله - للصحراء والفروسية وركوب الخيل فقد تطورت لديه قدرة للتأمل، مما منحه حكمة جعلته يفكر كثيراً ويتكلم قليلاً. فالملك عبدالله لا يتكلم كثيراً ولكنه إذا تكلم أصاب، وإذا تحدث أوجز، إن وعد أوفى، وإن قال فعل. استمعنا إليه - حفظه الله - وهو يطل علينا من شاشة التليفزيون ويتكلم بعفويته المعهودة وشهامة إنسان هذه البلاد الطاهرة. قال لنا بإختصار وصدق وإخلاص وبطريقة إنسانية مفعمة بالحب أوضحت لنا جميعاً كل ما يمكن أن يجمع فارساً بشعبه ويربط إنساناً ومسؤولاً بمجتمعه وكيانه الكبير. قال: إن الدين الإسلامي منهجه والعدل أساس توجهه، وطلب من شعبه الوفي أن يسانده بالنصح والدعاء. ولامست كلماته قلوب الأمة وهيجت مشاعرها بالدعاء له، ورفعت مفرداته آمال المواطنين وطموحاتهم وأدخلت الطمأنينة في نفوسهم. وكوالده العظيم مؤسس كياننا الكبير، لم يُعرف قط عن الملك عبدالله أنه ركن في أحد الأيام إلى ما يملكه من جاه وسلطان. فالملك عبدالعزيز لم يملك قوة بشرية ولا مقتنيات دنيوية سوى رسالته الربانية وإيمانه العميق بتحقيقها ابتغاءً لوجه الله ونصرته وإعلاء كلمة الدين. ويتذكر الملك عبدالله كلمات والده الإمام عبد العزيز لشعب المملكة عندما خاطبهم بقوله: (لقد خرجت وأنا لا أملك شيئاً من حطام الدنيا ومن القوة البشرية، وقد تألب الأعداء عليّ، ولكن بفضل الله وقوته تغلبت على أعدائي وفتحت كل هذه البلاد). عرفناك يا خادم الحرمين الشريفين إنساناً متواضعاً الكبير منا أب لك، والوسط أخ لك، والصغير ابن لك تماماً مثل ديدن والدك العظيم. عرفنا مجلسك الفسيح الذي تعقده مرتين في الأسبوع لتستقبل أبناء شعبك الوفي. لقد كسرت - حفظك الله - الحواجز بينك وبين أفراد أسرتك السعودية الكبيرة، يأتون إليك تحل مشاكل الخصوم، تساعد الفقير، تأخذ بيد العاجز، تمسح دمعة اليتيم، وتجبر خاطر المكلوم بدماثة خلق راقٍ ولين جانب وتواضع جم. عرفك المواطنون تتفقد أحوالهم وتسأل عن الفقير والمحتاج والمعوز وتلبي احتياجاتهم وتقف على حاجاتهم، يجدونك معهم وبينهم في الأسواق التجارية وعند افتتاح المشروعات الكبرى. ولن ينسى فقراء حي الشميسي بالرياض مفاجئتك لهم بالزيارة وإطلالتك في وسط بيوتهم المتواضعة منذ سنتين حين بهتوا عندما شاهدوا طلعتك البهية وإطلالتك المهيبة عليهم. أحد سكان حي الشميسي الذين تشرفوا بزيارة الملك عبدالله لهم ويدعى مبارك يقول: (دعوته للدخول وكنت أعرف إن بيتي ما يجمّل). رد الملك عبدالله بعفويته وقال: (شف لي الطريق). لم يصدق مبارك ابنه عندما قال له: (يبه.. الأمير عبدالله يدق الباب). مواطن آخر في حي الشميسي يدعى أحمد عبدالله يقول: إن الملك عبدالله سأله: ( ماذا لديكم في الثلاجة ولماذا مكيفكم لا يعمل؟). الملك عبدالله - حفظه الله - فارس متواضع اندمج مع شعبه الكريم وفتح بابه لرأي كل مواطن ويقوم بواجبات ليست وليدة اليوم. لقد غمرنا بأبويته وبساطته وتواضعه. وما أكثر دليل على بساطته وثقته بنفسه - حفظه الله - من طلبه من المواطنين، أثناء زيارته الأخيرة للمدينة المنورة، حين طلب منهم بأن لا يخاطبونه بكلمة (مولاي) لأن المولى هو الله سبحانه وتعالى. ....يتبع فاكس: 4532522 (01)