نحن لا نقارن ما نقوم بالإعداد له بما يأخذ به الآخرون لإحراز التقدم لأن لكل شعب ثقافته واجتهاده وما يصنفه في سلم الأوليات، كذلك لا نقارن تقدمنا بما يبلغه الآخرون من تقدم لأن لكل دولة منطلقات وقدرات وإمكانات بما يجعل معيار المقارنة في غياب التوازن من مختلف الوجوه المادية والمعنوية ما قد يكون في حكم المتعذر أو غير المنطقي في أحسن الأحوال. لأن التقدم الحقيقي في يقيني مسألة نسبية.. فعلى سبيل المثال قد يتفوق شعب ما في الجانب المادي تفوقاً لا نظير له.. ولكنه في الجانب الأخلاقي والسلوكي تراه يتردى في الحضيض بسبب السياسات التي تحكمه.. وذلك لعمري هو الخسران المبين. ولذلك نحمد الله سبحانه وتعالى أن هدانا للإسلام.. كما قيض لهذه البلاد التي هي قبلة للمسلمين ولاة أمر يحكِّمون شرع الله في كل شؤونه.. ولا تأخذهم في ذلك لومة لائم وهذا هو مصدر العزة والمنعة والحرص للذود عن حياض الوطن بكل ما أوتوا من قوة.. حيث يسخرون الإمكانات المادية للارتقاء بالوطن والمواطن نحو مدارج العلياء.. لتحقيق المزيد من التقدم الرشيد المتوازن وبدون إفراط ولا تفريط وضمن مفهوم الوسطية والاعتدال لنمضي قدماً بكل ثقة واقتدار لمستقبل واعد إن شاء الله.. وبما يجعل المواطن والمقيم والحاج والزائر ينعمون بالأمن والاستقرار والعيش الرغيد.. وليؤدوا بسعادة شعائرهم الدينية بما يجب أن تكون عليه وفق مراد الله سبحانه وتعالى..ويندرج في ذلك ما يتعلق بأداء نسك الحج والعمرة الذي هو متاح لجميع الإخوة المسلمين حيث تبذل المملكة العربية السعودية قصارى جهدها لإنجاح هذا التوجه الطيب والذي يتضح منه بما لا يدع مجالاً للشك.. أنه توجه ليس وليد اليوم وإنماء يرجع تاريخه إلى عهد الراحل العظيم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الذي وضع روحه في كفه من أجل التأسيس لدولة إسلامية كانت مزقاً تعيش الفقر والتخلف والتنازع والاقتتال لأتفه الأسباب.. فوحد أجزاءها وأقام العدل وأخمد الفتن وقضى على قطاع الطرق والخارجين على النظام الذين كانوا يعيثون في الأرض فساداً.. فتحقق بتوفيق الله الاستقرار.. وبدأت عجلة التنمية تدور في الاتجاه الأصوب لمصلحة الوطن والمواطن.. كما ترتب على ذلك أن تم تفعيل التواصل البناء مع الدول الشقيقة والصديقة في سائر أنحاء العالم. وفي سياق التمكين للتواصل البناء مع الآخرين يأتي التجمع الإسلامي الكبير الذي يضم نحو مليوني مسلم يلتقون سنوياً في المشاعر المقدسة لأداء نسك الحج وهم في ملابسهم البيضاء وكلهم سواسية إخوة اعزاء لا يشغلهم شاغل سوى التوجه إلى الله بقلوب مؤمنة خاشعة.. متجردين من أدران الدنيا بما يجعل التواصل بين السماء والأرض في أجمل أشكاله وأسمى معانيه. وذلك ما يسعد المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً إذ يتشرفون أن يكونوا في خدمة ضيوف الرحمن حيث تسخر هذه البلاد إمكاناتها على مدار العام لتكريس ما تعده وما تخطط له ليكون نسك الحج سهلاً وميسوراً ويبرز ذلك من خلال المشاريع المتعاقبة العملاقة لتوسعة الحرمين الشريفين لاستيعاب المزيد من حجاج بيت الله الحرام إلى ذلك المشاريع الأخرى ذات الصلة التي تُقام في عرفات والمزدلفة ومنى لتوفير طرق متعددة المسارات وانفاق وجسور بهدف تعدد البدائل من أجل حركة مرورية فعّالة ومرنة لكي يتمكن الحجاج من أداء النسك على خير وجه وفي الزمان والمكان المحددين وفق مقتضى العقيدة الإسلامية السمحة. وأن وزارة الحج والقطاعات والإدارات والمؤسسات والهيئات المنبثقة عنها والمتعاونة معها في إطار الاختصاص تبذل جهوداً مكثّفة لإنجاح أعمال متطلبات أداء نسك الحج الذي نسهم بالترتيب له عبر تضافر الجهود مع العديد من الوزارات الأخرى لاحكام ما يتم التخطيط له لكل موسم حج جديد، ويبدو ذلك جلياً من خلال لجنة الحج المركزية برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية الذي يقود هذا التوجه الخير ضمن مفهوم الأمن الشامل لينعم المواطن والمقيم والحاج والمقيم والحاج والمعتمر بالحياة الآمنة المطمئنة.. وليؤدوا نسكهم بكل يسر وسهولة. وخلاصة القول ان المملكة العربية السعودية التي اختصها الحق تبارك وتعالى بأن جعلها حاضنة للحرمين الشريفين.. تضع في مركز الاهتمام كل ما يتعلق بالحج والحجاج ولذلك تنفق بأريحية في هذا الشأن من المال الشيء الكثير للفوز بشرف خدمة الإسلام والمسلمين حيث تستقبلهم بلادنا بكل الحب والاحترام والتقدير مع تقديم كل ما تستطيعه وتقدر عليه من خدمات والسهر على راحتهم طوال مدة إقامتهم في أرض الحرمين الشريفين وحتى يعودوا إلى ديارهم وأوطانهم سالمين غانمين.. وفي القلوب فيض إيمان وفي النفس ذكريات خالدة لا تُمحى ولا تُنسى. فلله الشكر من قبل ومن بعد ثم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفقهما الله وألهمهما الرشد والصواب وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.