في مثل هذا اليوم من عام 711 نشبت معركة شذونة أو وادي لكة بين المسلمين بقيادة طارق بن زياد والقوط بقيادة لذريق، أتم المسلمون فتح بلاد المغرب، واستقرت الأوضاع بها بعد جهاد طويل من قبل الفاتحين، حتى كتب الله التمكين للمسلمين على يد موسى بن نصير، وأقبل سكان المغرب على الإسلام أفواجاً يذوقون حلاوته وينعمون بعدله، ولم يبق من شمال المغرب سوى (سبتة) التي استطاعت لمناعتها ويقظة حاكمها الكونت يوليان أن تقف أمام طموحات الفاتحين المسلمين. وفي الوقت الذي كان يفكر فيه موسى بن نصير بمد الفتح إلى الأندلس وعبور المضيق إليها جاءته رسالة من الكونت يوليان يعرض فيها تسليم سبتة، ويغريه بفتح إسبانيا ويهون عليه الأمر، وكانت العلاقة بين يوليان ولذريق ملك إسبانيا سيئة جدا، فعزز ذلك ما كان يستعد من أجله موسى بن نصير، ويشاور الخلافة الأموية في سبيل تحقيقه، ولم يكتف موسى بن نصير بالمراسلة، بل اجتمع هو ويوليان في سفينة في عرض البحر للاتفاق والمفاوضة، وكان يوليان قد عرض على موسى بن نصير تقديم سفنه لنقل المسلمين إلى إسبانيا، ومعاونته بالجند والإرشاد، بالإضافة إلى تسليم سبتة، وباقي معاقلها إلى المسلمين، واستجابة لأمر الخليفة بدأ موسى بن نصير في تجهيز حملة صغيرة لعبور البحر إلى إسبانيا، وكان قوامها خمسمائة جندي يقودهم قائد من البربر يدعى (طريف بن مالك)؛ لاستكشاف الأمر واستجلاء أرض الإسبان، وقدم يوليان لهذه الحملة أربع سفن أقلتهم إلى إسبانيا، فعبرت البحر ونزلت هناك في منطقة سميت بجزيرة طريف، نسبة إلى قائد الحملة، وكان ذلك في (رمضان 91ه - يوليو 710م) وجاست الحملة خلال الجزيرة الخضراء، وغنمت كثيرًا ودرست أحوال إسبانيا، ثم قفلت راجعة إلى المغرب، وقدم قائدها إلى موسى بن نصير نتائج حملته. بعد مرور أقل من عام من عودة حملة طريف من الأندلس كان موسى بن نصير قد استعد للأمر، وحشد جنوده، وجهز سفنه، واختار قائدًا عظيمًا لهذه المهمة الجليلة هو طارق بن زياد والي طنجة، وهو من أصل بربري دخل آباؤه الإسلام فنشأ مسلمًا صالحًا، وتقدمت به مواهبه العسكرية إلى الصدارة، وهيأت له ملكاته أن يكون موضع ثقة الفاتح الكبير موسى بن نصير، فولاه قيادة حملته الجديدة على الأندلس، خرج طارق بن زياد في سبعة آلاف جندي معظمهم من البربر المسلمين، وعبر مضيق البحر المتوسط إلى إسبانيا، وتجمع الجيش الإسلامي عند جبل صخري عرف فيما بعد باسم جبل طارق في (5 من رجب 92ه - 27 من إبريل 711م). سار الجيش الإسلامي مخترقاً المنطقة المجاورة غربًا بمعاونة يوليان وزحف على ولاية الجزيرة الخضراء؛ فاحتل قلاعها، وترامت أنباء هذا الفتح إلى أسماع لذريق، وكان مشغولا بمحاربة بعض الثائرين عليه في الشمال، فترك قتالهم وهرع إلى طليطلة عاصمته، واستعد لمواجهة هذا الخطر الداهم على عرشه، وبعث بأحد قادته لوقف الجيش الإسلامي، لكنه أخفق في مهمته.