أغلى ما يتمناه ويبحث عنه الإنسان وينشده في هذا الوجود ويرجوه ويطلبه في هذا الزمان الذي فسدت فيه ذمم وضمائر بعض الناس وتعفن وجدانهم وتلاشى صدقهم وانعدم وفاؤهم في الحياة.. الحياة التي عرف فيها الكذب، وشاع فيها الغش، وانتشر وراج الفساد وطغت المادة فيها على العلاقات والقيّم الإنسانية.. أغلى ما يتمناه هو أن يجد قلباً نظيفاً صادقاً حنوناً رقيقاً لم تدنسه آثام الزمان ولم تلوثه ذنوب الحياة، قلباً يجد فيه العالم الذي يحلم أن ينتمي إليه، والوطن الذي يتمنى أن يعيش فيه، والبيت الذي يسكن فيه.. البيت الذي لم يقطنه ولم يفتح بابه أحد قبله ليقيم هو فيه.. ليؤثثه بالألفة والمحبة.. ويفرشه بالمودة والوئام ليعيش فيه طيلة الحياة ومدى الأيام، قلباً واحداً يغنيه ويكفيه عن كل القلوب، قلباً تسري فيه المحبة مسرى الدماء يخفق بالصدق وينبض بالوفاء ويفيض بالمروءة وينهمر بالعطاء، لينعم معه في ظلال السعادة والهناء، ليكون الحضن الذي يغرقه في بحر المحبة والحنان.. يلفه عن وحشة الليالي.. ويضمه عن صقيع الأحزان ليعوضه عن دنيا الشقاء وحياة الحرمان.. ليشعر معه بالطمأنينة والأمان اللذين باتا نادرين في هذا الزمان.. يهبه الحياة ويمنحه الأحلام ليكون عوناً له على متاعب الأيام والبلسم الشافي من الجراح ليضيء بمشارق أنواره وبقبس جماله جوانب الظلام الذي يخيم على ذلك الشعور الملتهب.