شاهدنا طريق الإخاء وسهرنا حتى الصباح نتحدث عن المشروع العملاق

20-2-1392ه الموافق 4-4-1972م العدد (385)

شاهدنا طريق الإخاء وعشنا وقتاً رائعاً وسعيداً مع هدية الفيصل الرائد إلى أشقائنا في رأس الخيمة وأم القوين وعجمان والشارقة.
ولم يكن الكتيب الذي أعدته وزارة المواصلات عن هذا الطريق العملاق ليعطي الصورة الحقيقية لهذا الإنجاز ولهذه الهدية لو لم نقف بأنفسنا على الطريق ونشاهده على الطبيعة، كما أن ما سنكتبه عنه لن يكون كافياً في إظهار الصورة التي رأيناها على حقيقتها، إنك لكي تتعرف على أهمية الطريق وأثره على مستقبل المنطقة يجب أن تقطع ال130 كيلومتراً لتشهد نموذجاً من دعم هذه البلاد إلى أشقائها.
لقد كان يوم الخميس الماضي وهو يوم افتتاح هذا الطريق وتسليمه إلى أشقائنا هناك يوماً مهماً في حياة ومستقبل المنطقة، كما كان بالنسبة لنا يوماً أكدنا فيه حسن النوايا وصدق النية ودعم جاراتنا وأشقائنا بصورة مرت بصمت وهدوء لأننا لم نكن نقصد فيما عملنا أن نسلط الأضواء حول دور المملكة في دعم الأشقاء لشعورنا بأننا نقوم بواجبنا وندعم أخوة أعزاء تربطنا بهم روابط الدم والعقيدة والجوار وما قدمناه وما سنقدمه لهم لم نقصد من ورائه أن تحاط أعمالنا بهالة من الدعاية كما يفعل غيرنا، ومن أجل هذا كان الاحتفال متواضعاً جداً قد يكون أكبر ما فيه تلطف معالي وزير المواصلات بدعوة بعض المسؤولين في الدولة ورجال الأعمال ليشاركوا أبناء الإمارات فرحتهم وليشهدوا هدية الفيصل إلى أخوتنا ودعمه لشقيقاتنا.
إن مثل هذه المشاريع الحيوية تزيد في ترابط الأخوة وتقوي أواصر المحبة والصداقة فضلاً عن أنها تخدم قضايا أمتنا العربية والإسلامية بما سيكون لها من انعكاسات طيبة على مستقبل المنطقة وبالتالي على مستقبل العالمين العربي والإسلامي، وقد تنبهت حكومتنا الرشيدة إلى كل هذا فوزعت مشاريع كثيرة على دول شقيقة.
كما أنها ساهمت من جهة ثانية مع دول أخرى على تكملة مشاريع لها وهذا ما جعلها موضع تقدير واحترام من كل الدول خاصة وأن دعمها قد خدم دولاً كثيرة وساهم في ازدهارها وتطورها.
حفل طريق الشارقة
رأس الخيمة
كانت وزارة المواصلات قد وجهت الدعوة كما أشرنا سابقاً إلى عدد من الشخصيات السعودية بالإضافة إلى رؤساء تحرير الصحف المحلية لحضور هذا الحفل وقد لبى الدعوة الغالبية ممن وجهت إليهم، وقد خصصت طائرة خاصة من نوع بوينج تابعة للخطوط السعودية لنقل المدعوين من جدة مروراً بالرياض والظهران في طريقها إلى دبي وحال وصولهم وكان الوقت عصراً، اتجهوا على الفور إلى السرادق الذي نصب عند نقطة بداية الطريق في إمارة الشارقة لتقام فيه مراسم الاحتفال بحضور حاكم دبي الشيخ راشد بن مكتوم وحاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي وولي عهد رأس الخيمة وولي عهد عجمان وولي عهد أم القوين وعدد من الشخصيات البارزة في الإمارات.
وقائع الحفل
وقد اشتمل حفل الافتتاح بعد تلاوة آي من الذكر الحكيم والتي قام بترتيلها مدير المعهد العلمي برأس الخيمة على كلمة لمعالي وزير المواصلات الشيخ عمر توفيق - نص الكلمة منشور في مكان آخر - رحب فيها بالحضور وشكرهم باسم حكومة المملكة على مشاركتهم لنا في هذا الاحتفال وقال: بحق الإيمان الذي لا يكمل إلا بأن يحب المؤمن لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه كانت استجابة حكومتنا لإنشاء هذا الطريق كاستجابتها لإنشاء أي طريق حيوي في المملكة وكانت توجيهات رائد النهضة المتوثبة فيصلنا المفدى هي الدافع الأول إلى هذه الاستجابة لتحقيق مطلب مهم يأتي في مقدمة مطالب التنمية والتطوير وهو بناء الطرق، وأشهد أن الفيصل لم يدفعنا فحسب إلى إنشاء هذا الطريق وإلى تحقيق كل مطلب مفيد لأهل المنطقة أثناء تنفيذه بل ظل يتابعنا دائماً لإنجازه حتى انتهى كما ترونه، وبعد انتهاء معاليه من إلقاء كلمته ألقى الشيخ عبدالله بن علي المحمود مدير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالشارقة كلمة إمارة الشارقة، وقد تحدث فيها فضيلته عن الطريق قائلاً: إن الطريق الذي نحتفل بافتتاحه ليس طريقاً فقط بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة لكنه طريق ربط بين القلوب برباط الأخوة وجمع بين الأشقاء على طريق الوحدة، إنه طريق إلى علاقات تنبض بالحب والتعاون المفعم بالوفاء والصدق والإيمان بضرورة التفاهم والقربى واستطرد فضيلته يقول: لقد سجلت المملكة العربية السعودية الشقيقة بهذا المشروع أنها تعيش مع شقيقاتها ألماً وأملاً وحاضراً ومستقبلاً وأنها بقيادة الفيصل المعظم لم يخب رجاء أحد في زعامتها وفي رسالتها وفيما يمكن أن تفعله من أجل شقيقاتها، ثم ألقى الشاعر أحمد البحيري قصيدة في هذه المناسبة أعقبه سالم بن لادن بإلقاء كلمة مؤسسة بن لادن التي قامت بتنفيذ هذا المشروع، وأخيراً اختتم الحفل بقصيدة رائعة ألقاها شاعرنا السعودي حسن عبدالله القرشي.
شاهدنا طريق الإخاء
وصباح يوم الجمعة تحرك المدعوون ليزوروا الطريق الذي كلف أكثر من خمسين مليوناً من الريالات وخلال أكثر من ساعتين قضيناها في الذهاب إلى رأس الخيمة والعودة إلى دبي مروراً بالإمارات التي يمر بها الطريق تمكنا من مشاهدة طريق الإخاء بصورته الرائعة وتصميمه الممتاز فكان طريقاً سهلاً ومريحاً ويكفي أنه صمم على أحدث طراز بعد أن وضعت شركات استشارية عالمية التصاميم اللازمة للمشروع والإشراف على تنفيذه، إلى جانب أن الروعة في هذا الطريق قد تجسدت من خلال ازدياد حجم المرور بين قرى ومدن الإمارات الواقعة على امتداده.
حفاوة بالغة
أفرطت وزارة المواصلات في إكرامنا وتوفير الراحة لنا خلال يومين قضيناها هناك إلى درجة أننا نجد أنفسنا عاجزين عن تصوير مشاعرنا نحو الحفاوة التي قابلنا بها معالي الشيخ عمر توفيق وسعادة الأستاذين حسين منصوري وفيصل الشهيل.
لقد وزع المسؤولون في وزارة المواصلات بطاقة لكل مدعو كتب عليها اسم الفندق الذي سينزل فيه ورقم غرفته ورقم السيارة التي سترافقه طيلة وجوده هناك، كما جاء في برنامج الزيارة أن الضيف سيجد في الفندق المعد لسكنه أحد أعضاء لجنة الاستقبال لتقديم التسهيلات اللازمة فضلاً عن أن الوزارة جعلت هناك وقت زيارة لمن يرغب للإمارات ومشاهدة الطريق الممتد من الشارقة - عجمان - أم القوين - رأس الخيمة وطوله يزيد على مائة كيلومتر تقريباً.
حفلتان
أقام معالي الشيخ عمر توفيق وزير المواصلات حفل عشاء مساء يوم الخميس الماضي على شرف بعض الشيوخ حكام الإمارات وكبار المسؤولين والشخصيات هناك وعلى شرف المدعوين من المملكة أيضاً.
كما أقام الشيخ راشد بن مكتوم حاكم دبي حفل غداء يوم الجمعة تكريماً لمعالي وزير المواصلات والمدعوين السعوديين وكان حفلاً أخوياً رائعاً تبودلت فيه عبارات الود والحب.
المدعوون وصلوا متعبين ولكنهم سهروا حتى الصباح يتحدثون عن الطريق
ومع أن الرحلة إلى دبي أخذت وقتاً طويلاً نتيجة لمرورها بالرياض والظهران لنقل المدعوين من المنطقتين الشرقية والوسطى إلا أن الجميع نزلوا مطار دبي ليتجهوا على الفور إلى مكان الحفل رغم الإرهاق الشديد يدفعهم إلى ذلك رغبة في الاطلاع على المشروع والوقوف عليه، وبعد أن شهدوا الحفل ومروا على جزء بسيط من الطريق على أمل أن يمروا عليه بكامله صباح الجمعة عادوا إلى فنادقهم لا ليرتاحوا ولكن ليجدوا أنفسهم قد سهروا حتى الصباح في حديث عن هدية الفيصل إلى الشقيقات.
يبدون إعجابهم بالطريق وبرعاية الفيصل
سألت بعض الأخوة من أبناء الإمارات التي استفادت من الطريق عن رأيهم فيه وعن مشاعرهم وهم يتلقون هدية الفيصل على شكل طريق حيوي يربط هذه الإمارات ببعضها ويشدها إلى المملكة من خلال هذا الجسر وغيره من المشاريع الإنمائية التي لن تبخل المملكة بتقديمها إلى الأشقاء مستقبلاً، فكان جوابهم جميعاً أنهم يشعرون بالسعادة وهم يجدون زعيماً رائداً كجلالة الملك المعظم يهتم بهم ويقدم العون لهم. وأن هذا الطريق سوف يوفر للمنطقة النماء والازدهار، بل إنه سيساهم مساهمة فعالة في تقوية اقتصاد البلاد وتطورها.
أهمية الطريق
إن أهمية الطريق لا تنحصر في تسهيل السفر بين الإمارات ولكنها تتعدى ذلك إلى دعم الاقتصاد في المنطقة وتوفير الاستقرار لها كما أن وجود مثل هذا الطريق سيحقق الرفاه والعيش الرغد للأخوة الأشقاء وسينعكس ذلك كله إن شاء الله على تحقيق المكاسب العظيمة للعالم العربي كله وللأمة الإسلامية جمعاء.
مميزات هذا الطريق
ويتميز هذا الطريق إلى جانب أن تصميمه قامت به شركة عالمية كبيرة، أنه أنجز على أحدث طراز ووضعت مواصفات بنائه على مستوى الدرجة الأولى وقد زود باحتياطات الأمان من دهان وإشارات لضمان أمن وسلامة حركة المرور على طول الطريق كما أنشئت على طوله جسوراً لتصريف مياه الأمطار تحاشياً لأي ضرر قد يلحق به.
هام جداً
قيام المملكة بتنفيذ هذا الطريق الحيوي الهام على حسابها الخاص وتقديمها هذه الهدية إلى أخوة أعزاء جعل المرء لا يشعر أنه خرج من إمارة ودخل إلى أخرى بسبب قرب المسافة وتشابك المباني ولعل هذه نقطة جديرة بأن تؤخذ بعين الاعتبار لتوحيد الكلمة بين هذه الإمارات على أسس سليمة تستمد قدرتها وبقاءها من ديننا الإسلامي وعروبتنا لأن قيام المستعمر بتمزيق هذه البقعة من عالمنا العربي وتقسيمها إلى إمارات ضعيفة لم يكن يقصد من وراء ذلك إلا إذلال الشعب وخلق المشاكل والزعازع بين الإمارات.
كلمة شكر
بعد هذا نشكر وزارة المواصلات التي أتاحت لنا فرصة طيبة تعرفنا فيها على هدية الفيصل إلى أشقائنا ودعمه لهم في ظرف وفترة أحوج ما يكونوا فيها إلى مثل هذا الدعم بعد أن رحل المستعمر من أراضيهم وأعطاهم الحرية للتصرف بشؤونهم ومقدراتهم.
*المملكة تسجل بهذا المشروع أنها تعيش مع شقيقاتها أملاً وألماً
*الفيصل لم يدفعنا فحسب إلى إنشاء هذا الطريق بل ظل يتابعنا لإنجازه.