مُحافظ الطائف: الخطاب الملكي تجسيد رؤية القيادة لمستقبل المملكة    رئيس مجلس الشورى: دعم القيادة الحكيمة للمجلس امتداد لرؤيتها في تعزيز مسيرة التنمية    أمير تبوك الخطاب الملكي تأكيد للنهج القويم للمملكة داخليًا وخارجيًا    الأمير فهد بن جلوي توَّج الملاك الفائزين في تاسع أيام المهرجان    المرور: التمهل قبل الدخول إلى الطرق الرئيسية يحد من الحوادث المرورية    سوق تمور المدينة يبدأ بالتصدير ومزاد خيري    حرس الحدود في حقل تضبط مواطن مخالف للائحة الأمن والسلامة لمزاولي الأنشطة البحرية    ولي العهد تحت قبة الشورى: سعينا مستمر لخدمة المواطن وزيادة دخله ورفع مستوى الخدمات وتحسين جودة الحياة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس وأعضاء جمعية الوقاية من الجريمة "أمان"    وسط حضور جماهيري كبير .. الأخضر السعودي تحت 20 يتوّج بكأس الخليج    ختام بطولات الموسم الثالث من الدوري السعودي للرياضات القتالية الإلكترونية    الجناح الأوروغوياني لوتشيانو رودريغيز يقود هجوم نيوم    أمير القصيم يتسلم تقرير جمعية طهور    القبض على مقيم باكستاني في نجران لترويجه مادة الحشيش المخدر    تعليم الطائف يعلن بدء استقبال طلبات إعادة شهادة الثانوية لعام 1447    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس فريق تقييم أداء الجهات الحكومية    نائب أمير منطقة تبوك يستعرض منجزات وأعمال لجنة تراحم بالمنطقة    افتتاح المنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة    صقار المستقبل برنامج موجه للصغار    المفتي: الخطاب الملكي يحمل رسائل سامية لخدمة الوطن والإنسانية    السبع العجاف والسبع السمان: قانون التحول في مسيرة الحياة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان: " ثمرة تماسك المجتمع تنمية الوطن وازدهاره"    المملكة تجدد أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف تضامنها الكامل مع قطر    رئيس وزراء قطر يعلن تشكيل فريق قانوني للرد على الاعتداء الإسرائيلي    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10498.04) نقطة    البرامج الجامعية القصيرة تمهد لجيل من الكفاءات الصحية الشابة    مُحافظ الطائف يستقبل رئيس جمعية المودة للتنمية الأسرية    "Grand Arrival"تجمع كانيلو وكروفورد في لاس فيغاس استعدادًا للأمسية التاريخية    الدولار يحافظ على استقراره وسط ترقب الأسواق بيانات التضخم الحاسمة    أمير المدينة يلتقي العلماء والمشاركين في حلقة نقاش "المزارع الوقفية"    حساب المواطن يودع 3 مليارات ريال لمستفيدي دفعة شهر سبتمبر    أحلام تبدأ بروفاتها المكثفة استعدادًا لحفلها في موسم جدة    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر    الإحصاء: ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% في يوليو 2025    المواقيت ومساجد الحل.. خدمات متجددة وتجربة ميسرة للحجاج    بولندا تُسقط طائرات مسيرة فوق أراضيها    ولي العهد للشيخ تميم: نساند قطر وإجراءاتها لحماية أمنها    محمية الإمام تركي تُشارك في معرض كتارا الدولي    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    "الملك سعود الطبية" تطلق خدمة تخطيط القلب لمرضى الرعاية المنزلية    عيادة متنقلة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية الناتج عن السكري    الداخلية القطرية تعلن مقتل أحد منتسبي قوة الأمن الداخلي جراء الهجوم الإسرائيلي    رئيس موانئ يزور جازان للصناعات    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    8 مشروعات فنية تدعم «منح العلا»    يسرا تستعد لعرض فيلم «الست لما»    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين بناء على ما رفعه ولي العهد.. نائب أمير الرياض يسلم وسام الملك عبدالعزيز للدلبحي    إطلاق خدمة «بلاغ بيئي» بتطبيق توكلنا    السعودية: ندعم الحكومة السورية في إجراءات تحقيق الاستقرار.. قصف إسرائيلي لمواقع في حمص واللاذقية ودمشق    «حقيبة الرفاة».. جريمة هزت العالم    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    رقابة مشددة على نقل السكراب    نونو سانتو أول الراحلين في الموسم الجديد بإنجلترا    ولي العهد وملك الأردن يبحثان الهجوم الإسرائيلي الغاشم    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    تاريخ وتراث    الاتفاق يجهز ديبملي    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنشاء مركز الحوار الوطني يأتي نتيجة استقراء متطور من قبل القيادة الرشيدة للمستجدات التي تشهدها المنطقة
عميد كلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام د. الحمود ل « الجزيرة »:
نشر في الجزيرة يوم 31 - 08 - 2003


* أجرى اللقاء - عبدالله سعود الغامدي
اسابيع قليلة على إعلان صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - موافقة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - على قيام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يعد مظلة منظمة لاتاحة المجال لأبناء المجتمع السعودي للالتقاء الفكري وطرح القضايا والموضوعات المهمة ومناقشتها من أجل الخلوص الى رؤية علمية منهجية وسطية بشأنها تضمن سلامة المجتمع ووحدته الفكرية والمنهجية، ليتمكن من مواصلة رسالته التنموية الشاملة التي يشهدها بفضل الله ومنته على مختلف المستويات.
وباعتبار ان مهمة المركز تعد مهمة اتصالية في المقام الأول، ورغبة من «الجزيرة» في مناقشة هذه المهمة للمركز وطرح بعض الرؤى والمقترحات في هذا المجال بهدف استجلاء بعض القضايا والموضوعات ذات العلاقة بطبيعة هذه المنشأة الطموحة، مما قد يعين من ستوكل إليهم مهمة القيام بوظيفة المركز، يأتي هذا الحوار مع أحد أساتذة الاعلام والاتصال المعنيين بتطوير المؤسسات الاتصالية في المجتمع وهو د. عبدالله بن ناصر الحمود، عميد كلية الدعوة والاعلام بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض لاستقراء معالمه أكثر وأكثر.
* كيف تنظر إلى فكرة إنشاء المركز في هذا التوقيت بالذات؟
- فكرة الحوار في المجتمع السعودي فكرة مترسخة وممتدة تعود إلى بدايات تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقد شهد المجتمع السعودي تطوراً كبيرا في مجال قنوات وآليات الحوار بين فئات المجتمع المختلفة من ناحية وبين تلك الفئات والقيادة السياسية من ناحية ثانية، ويمكن ذكر أمثلة في هذا المجال وهي دعم وتشجيع المؤسسات العلمية والتربوية، وانتهاج سياسة الباب المفتوح في مختلف مراكز القيادة السياسية، وعقد اللقاءات الدورية مع قادة الرأي من مختلف الفئات المجتمعية، وكذلك منح الصحف السعودية مساحات مميزة من حرية التعبير المسؤول وأخيرا إقرار تحويل الاذاعة والتلفزيون الى مؤسسات خاصة، وبذلك فيمكن الجزم بأن اقامة المركز لم يأت من فراغ ولا يستند الى فراغ بل هو امتداد طبيعي للسياسة الاصلاحية التي تتبعها حكومة المملكة.
* ولكن هناك من يعتقد أن إنشاء المركز جاء نتيجة لضغوط معينة تمت ممارستها على المملكة؟
- من الصعوبة بمكان التسليم بوجود ضغوط معينة أو عدم وجودها، ويعود ذلك في نظري الى اعتبارين: الأول أن مبدأ الضغوط وارد وممكن في كل زمان ومكان وتتم ممارسة أي ضغوط من قبل أي جهة لتحقيق مصالح معينة تعتقدها الجهة التي تمارس ضغطا معينا على جهة أخرى، والثاني، ان الضغوط تختلف فيما بينها اختلافا جذريا من حيث كونها سرية أو معلنة، مباشرة او غير مباشرة، داخلية أو خارجية، وهي أيضا نسبية من حيث قوتها وضعفها وقدرتها على التأثير، وبالأخذ بعين الاعتبار طبيعة ما يسمى بالضغوط كما سبق، فإن الذي أعتقده هو انه بصرف النظر عن مدى امكانية القناعة بمحاولة جهات ما اجراء ضغوط معينة سواءكانت داخلية أو خارجية، فإن إنشاء المركز يأتي نتيجة استقراء متطور جدا من قبل القيادة في المملكة للمستجدات الكبيرة التي تشهدها المنطقة بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، والمركز بذلك سيمثل بإذن الله تعالى حصنا منيعا يحتمي به العلماء والمفكرون لتبادل الآراء واختيار الأنسب والأوسط والأرجح وغير ذلك مما ستتيحه البيئة العلمية الثقافية للمركز.
* يمكن القول إن وظيفة المركز تعد وظيفة اتصالية في المقام الأول، فكيف ترى قدرة المركز على دعم عملية الاتصال الانساني في المجتمع السعودي؟
- لا شك في انه ينبغي النظر الى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني باعتباره مؤسسة اتصالية من الدرجة الأولى، ويعد الاتصال ظاهرة نشأت منذ العصور الاولى للبشرية، إلا انه بات يمثل في الوقت الراهن دعامة أساسية للوجود الانساني سواء داخل المجتمع الواحد أو بين المجتمعات الانسانية المتعددة، هذا الأمر جعل القطاعات المختلفة في المجتمعات المعاصرة تؤمن بأهمية التوجه الجاد نحو الافادة من ميدان الاتصال الخصب لتحقيق أهدافها الاستراتيجية والمرحلية، وهذا هو الامر الذي ما دفعني للقول بأن إنشاء المركز يعد رؤية ثاقبة لمتطلبات المرحلة.
* ما أولويات عمل المركز من وجهة نظرك؟
- لعله من المهم الاشارة هنا الى ان اعلان سمو ولي العهد قد تضمن أهدافا محددة للمركز تتمحور حول الدور المنتظر للمركز في مناقشة مجمل الآراء والأفكار التي يؤمن بها أبناء المجتمع السعودي وتحكيمها بشرع الله تعالى والتوصل إلى رؤى وسطية متفق عليها ومنضبطة بكتاب الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تساهم بشكل فاعل في حماية المجتمع من التطرف والغلو أو التفسخ والانحلال، وبذلك فقد تحددت أسس عمل المركز وأولويات وظائفه المهمة.
* هل يعني ذلك اعتقادك بأن دور المركز ينبغي أن يقتصر على القضايا الفكرية ومناقشتها، أم أن للمركز وظائف اتصالية أخرى؟
- ذكرت ان اعلان سمو ولي العهد قد حدد الغاية الأهم للمركز والمنطلقات الاسس لعمله ولقيامه بوظائفه، ولكن المسؤولية الآن تقع على عاتق من سيتولى أمانة الاشراف على هذا المركز، والعمل فيه، حيث يجب استثماره بالقدر الذي تتطلع اليه القيادة، وإن هناك مجالات رحبة وواسعة ينبغي للمركز العناية بها باعتباره مؤسسة (وطنية) فالقضايا والموضوعات (الوطنية) التي تحتاج للحوار والمناقشة كثيرة ومتعددة، ومنها ما له علاقة وثيقة بقضايا التطرف والغلو، سواء كان من الافكار الواردة من الخارج أم المتشكلة بالداخل.
* هل يمكن أن تقدم بعض الامثلة لهذه القضايا والموضوعات؟
- تلك الموضوعات كثيرة، ولكن منها على سبيل المثال اشكالية (الوهابية)، وقضية (الصورة الذهنية) عن المملكة وعن أبناء المجتمع السعودي، فأعتقد ان المركز ينبغي له العناية الكبيرة بهاتين القضيتين، حيث في الأولى يتولى المركز توضيحاً ان الوهابية نسبة الى الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب وهي لا تمثل مذهبا مستقلا ولا ترتبط المؤسسات أو الافراد في المجتمع السعودي بالوهابية باعتبارها شيئا مختلفا عن المذاهب المعتبرة عن المسلمين بل يتم الحكم في المجتمع السعودي وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتتم الافادة من مجمل مذاهب المسلمين وفق ما يقرره أهل العلم الشرعي من غير تمسك بشخص أو فرقة دون أخرى بل بحسب قوة الدليل الشرعي وصحة استنباط الحكم، كما ينبغي للمركز ان يوضح أيضا ان التشدد والغلو ليس من قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب ولا من أقوال غيره من علماء المسلمين، بل هو فهم محدود وشاذ لفئة من الناس ليست ممن عرفوا بالعلم الشرعي الوسطي وأنهم ممن لا يعتد بأقوالهم ولا أفعالهم، ولكن يجب الأخذ على أيديهم وارشادهم وتوجيههم ومحاورتهم بالتي هي أحسن.
وفي قضية (الصورة الذهنية) فلا شك في أن صورة المملكة العربية السعودية قد تأترث سلبا بشكل كبير، وكذلك صورة المواطن السعودي لدى جهات خارجية عديدة، نتيجة ما حدث من تقلبات وتحولات في الواقع الدولي منذ 11 سبتمبر، ومن المؤسف في علم الاتصال ان الصورة الذهنية عندما تكون سلبية فإنها سريعا ما تنمو وتتطور وتنعكس سلبيا على العلاقة بين حامل الصورة وجهتها، إضافة الى وجود وسائل الاعلام الدولية مادة صالحة (اعلاميا) فتقوم بتناول تلك الصورة السلبية وجعلها مادة للحوار والنقاش داخل الجماعات الخاصة والعامة، وهذا الأمر بطبيعة الحال، يؤكد على ان الرسالة (الوطنية) للمركز تقتضي قيامه بدور فاعل في مجال صورة المملكة والمواطن السعودي لدى شعوب ومؤسسات وحكومات العالم المختلفة.
* هذا الطرح يدفعنا الى التساؤل حول من يمكنهم المساهمة في تنفيذ مهمات المركز؟
- أعتقد أن كل من يحمل هم (الوطن) يمكنه التعاون مع المركز، وكذلك كل من يمكنه تحقيق مصلحة (للوطن) يمكن الافادة منه في الحوار الوطني، وبذلك فانا أؤكد على أهمية تعدد فئات وطبقات المشاركين في المركز، والا يقتصر على فئات معينة، وأن يكون من العاملين في المركز أو المتعاونين معه كفايات متنوعة من الداخل والخارج.
* ولكن المركز أقيم (للحوار الوطني) فكيف تقول بامكانية تعاون كفايات خارجية؟
- أعتقد أن المركز أنشئ لتحقيق مصلحة (وطنية) وبذلك فأنى كانت المصلحة الوطنية فالاجدى للمركز الاخذ بها، بل هناك قضايا وموضوعات لا يمكن فهمها ومناقشتها دون اشراك أطراف خارجية، وعلى سبيل المثال: في القضيتين المشار إليهما سابقا (الوهابية)، و(الصورة الذهنية)، لا يمكن تصور ان ينجح المركز في استجلاء الموقف تجاههما دون تعاون عدد من الكفايات المصدرة أصلا للتوجه المناهض للوهابية الذي يحاول بكل الوسائل الترويج لطرح الوهابية باعتبارها منهجا متطرفا، أو دون تعاون عدد من الكفايات التي قد تسير وفق الصورة الذهنية السلبية التي يتم الترويج لها، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها، سيما في مركز أنشئ للحوار (الوطني) الذي اعتبره من أسمى وأرقى مجالات وميادين الحوار.
* أرى في طرحك تخوفا من أن يقتصر تمثيل المركز على فئات معينة أو طبقات معينة، فما الدافع لذلك وماذا تعني بوضوح؟
- ما أعنيه هو أن المركز قد أنشئ للحوار الوطني وجاء انشاؤه في ظروف دولية وإقليمية ومحلية خاصة اتسمت ببروز اولويات مهمة ترتبط بالبعد العقدي والفكري لأبناء المجتمع، ومن المتوقع أن تؤثر ظروف قيام المركز على طبيعة عمله وعلى نوع المشاركين فيه، ولذلك وجب التنبه الى أن الدور الكبير المنتظر من المركز ينبغي الا يقتصر على مواجهة الظروف الفكرية والثقافية الراهنة بل يهتم بها جيدا باعتبارها أولوية أعماله ثم يواصل اهتمامه أيضا في مواجهة كل القضايا والموضوعات التي تهم الوطن والمواطن، فالقيادة الحكيمة قد منحت للوطن وللمواطنين فرصة ثمينة وعزيزة للحوار والاتصال، وبذلك لزمت مشاركة كل من يمكنه الحوار من أجل مصلحة وطنية، ولهذا فمن المهم جدا أن تمثل كل التخصصات العلمية والثقافية في الجامعات ومراكز البحث والمؤسسات المجتمعية المتعددة، من خلال نخبها المجتمعية المتعددة.
* ومن هم النخب المجتمعية التي يمكنها المشاركة في المركز من وجهة نظرك؟
- يشتق مفهوم النخبة أو الصفوة من الفعل اللاتيني Eligere ويعني يختار، وتشير كلمة Elite إلى العنصر المختار من ثقافة أو جماعة، أو الافراد الذين يشغلون أوضاعا عليا، وتعني الصفوة، كما يشير معجم العلوم الاجتماعية مجموعة من الاشخاص الذين يحتلون مركزاً مرموقاً في المجتمع، وفي نطاق أضيق تدل على المجموعة التي اكتسبت شهرة في مجال معين، وتشير عدد من الدراسات الى ان النخب المجتمعية يمكنها ان تؤثر في بعض او كل شرائح المجتمع الاخرى، ولهذا فإن عدداً كبيراً من الباحثين في علم الاجتماع والدراسات الانسانية يؤكدون أن النخب تعني جماعات أو فئات قليلة داخل المجتمع لها مكانتها الاجتماعية العالية، وهذا يشير الى أن معنى التميز المقصود للنخب المجتمعية لا يعني بالضرورة سيطرة هذه النخب وهيمنتها بالقوة على بقية أفراد المجتمع، ولكن يشير إلى أن عدداً محدوداً من أفراد المجتمع يتمتعون بسمات لها قيمة محددة كالمقدرة العقلية أو الوضع الاداري المرتفع أو التحصيل العلمي، وتتحول النخب المتخصصة، بفعل سماتها الخاصة هذه، الى جماعات قيادية رائدة في وظائفها او مهنها أو أنشطتها، وتحصل النخب، نتيجة لهذا الوضع، على درجة عالية من الاحترام والهيبة والنفوذ الواسع، وفي ضوء هذه المفاهيم يمكن التأكيد على أن النخب المجتمعية، تتعدد في المجتمع الحديث، بحسب المجالات أو التخصصات التي تنتظم كيانه ونظمه، ومن ذلك المجالات السياسية، الأكاديمية، الإعلامية، الاقتصادية،... ولهذه الاسباب اعتقد أن العاملين في المركز أو المتعاونين معه ينبغي ان يكون من الفئات النخبوية باختلاف مجالاتها مع التأكيد على ضرورة شمول جميع الكيانات النخبوبة الموجودة في المجتمع السعودي عن طريق التمثيل المناسب.
* هذا الرأي سيؤثر على طريقة اختيار العاملين في المركز، فكيف ترى ذلك؟
- من المهم أن يكون اختيار العاملين في المركز وفق آلية عامة وشاملة تتيح للجهات المتعددة في المجتمع اختيار من يمثلها في المركز، مع رفع عدد المشاركين والممثلين ليشمل معظم التخصصات والفئات المتاحة، ويمكن ان يمثل هؤلاء كيانا مهماً على نحو (جمعية عمومية) تجتمع لانتخاب مجلس إدارة، يجتمع بدوره لانتخاب رئيس له، وفق نظام منضبط يعد لهذا الغرض.
* عندما ننظر للمركز بهذه الطريقة، فإن مهمته الاتصالية تبدو أكثر تعقيداً فما تعليقك على هذا الجانب؟
- لقد أصبح التطور الكبير في وسائط الاتصال الانساني واحدا من أهم المميزات التي انفرد بها هذا العصر، فالتطور الذي شهدته وسائل الاتصال خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين يجعل المركز في حاجة ماسة لأن يتعرف على أنماط الاتصال المختلفة التي يمكنه العمل باستخدامها، وذلك بغية المقارنة بين أهمية كل من الاتصال الشخصي، الاتصال الجمعي، الاتصال الجماهيري، في العمل الاتصالي للمركز، كما يتبع ذلك تحديد الوسائل المناسبة لكل نمط وكيفية توظيف تلك الوسائل (إذاعة، تلفزيون، صحافة، مواقع الكترونية، كتيبات، نشرات، زيارات ميدانية، دورات متخصصة، لقاءات، ندوات، مؤتمرات..) فلا يمكن قبول العمل التقليدي المتواضع في مركز وطني بهذه الأهمية.
* أنت تجمع بين قضيتين مهمتين هما (أهمية تنوع فئات العاملين في المركز) و(أهمية الدور الاتصالي للمركز) وبالنظر مرة أخرى إلى ظروف انشاء المركز المتمثلة في احتياجات فكرية ثقافية ترتبط بالاسلام باعتباره منهجا وممارسة كيف يمكن توضيح أهمية شمول نشاط المركز لقضايا كثيرة في المجتمع؟
- عندما ننظر بروية الى واقع العالم الاسلامي مع بداية القرن الميلادي الحادي والعشرين ندرك ان المتغيرات العالمية قد ألقت بثقلها على كواهل المفكرين والعلماء ورجال التربية والتعليم والاعلام والاقتصاد، فالعالم الاسلامي اليوم يطلب منه أكثر من اي زمن مضى، أن يكون أقدر على الاتصال بالعالم الآخر، وأن يكون أيضا أقدر على استيعاب اتصال العالم الآخر به وتوظيف كل من الاتصالين لتحقيق المصالح العليا للمجتمع المسلم وللمجتمعات الانسانية كافة، وذلك نظراً لأن عملية الاتصال الراهنة بين الدول الاسلامية وغيرها من دول العالم تتسم بسمات خاصة تشير اليها عدد من الدراسات المتخصصة، ولعل أهم هذه السمات:
- إن التباين بين الحضارة الاسلامية والحضارية الانسانية الاخرى واضح الى حد كبير فهي تختلف عن بعضها البعض بسبب عوامل أسس في الاختلاف اهمها الدين ثم اللغة والتاريخ والعادات والتقاليد والانظمة التي تسير شؤون الناس.
- ان عملية التواصل الحضاري، في بيئة تتسم بالتباين المشار إليه في الفقرة السابقة، عملية معقدة جداً ولا سيما من خلال اعتمادها على التطور الهائل في وسائل الاتصال والصناعات التكنولوجية، مما جعل العالم يتجه نحو التصاغر النسبي شيئا فشيئا، وكنتيجة طبيعية لهذا التصاغر، فإن التفاعل بين العالم الاسلامي وغيره من شعوب العالم سوف يزداد وتزداد الحاجة إليه.
- إن عملية التحديث والتطوير والتغيير الاجتماعي الناتج عن عملية الاتصال مع الآخرين سوف تلقي بظلالها على أولويات المجتمعات الإسلامية طويلة الأمد وتضعف دور المجتمع المحلي باعتباره مصدراً للهوية الذاتية، وهنا يظهر الدور الذي يمكن ان يقوم به مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في محاولة وقاية المواطنين من فجوات سلبية في الهوية الذاتية لمجتمعهم، مؤدياً ذلك في معظم الأحيان الى أهمية الجمع بين الاتصال والحوار مع أبناء المجتمع الواحد وكذلك فيما بين أبناء المجتمع ومن يعنيه أمرهم من المجتمعات الأخرى.
* نود الحصول على رؤية أخيرة حول الدور المنتظر للمركز
- إنني اعتقد ان أهم القضايا والموضوعات التي برزت خلال السنوات الماضية هي قضية الذاتية الثقافية لمجتمعنا العربي الإسلامي السعودي، في زمن تتكاثر فيه وسائط الاتصال الثقافي والتبادل المعرفي. انني اشعر بضرورة ان ادعو كل من سيعمل في المركز او يتعاون معه الى تلمس افضل السبل واتباع مناهج البحث العلمي للوصول الى معلومات دقيقة عن الظواهر الاجتماعية التي بدت تتشكل في المجتمع والتي يمكن ارجاعها بشكل معين الى موضوع الإعلام والاتصال والمعلومات، وخصوصاً في مجال البحوث التطبيقية ذات العلاقة بالتطورات المتسارعة في مجال الاتصال الإنساني «البين ثقافي» وهو الميدان الاكثر رحابة للبحث العلمي المعاصر. فلنجعل هذا المركز قلعة حضارية يمكنها احتواء الناس وتقريب وجهات نظرهم حول أهم كيان نحبه ونغليه «الوطن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.