تتصاعد سخونة المواجهة داخل حزب الليكود مع اقتراب موعد الانتخابات (من المفترض أن تكون قد جرت أمس) حيث يبذل كل طرف من المرشحين الاثنين بنيامين نتانياهو وآرئييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي ما بوسعهما من جهود ودعاية من اجل الفوز بزعامة الحزب ومن ثم خوض الانتخابات باسم الليكود لمنصب رئاسة الوزراء. فعلى الجانب الاول وبالنسبة للمرشح الاول بنيامين نتانياهو ورغم الحملات الاعلامية المكثفة التي يقوم بها في اوساط اعضاء حزب الليكود بصورة خاصة واليمين الاسرائيلي بصورة عامة لتقديم نفسه بصورة المنقذ الذي يستطيع انقاذ اسرائيل من المشاكل التي تواجهها سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي او الامني الا ان هناك حالة من الاكتئاب التي تواجه مؤيديه وتعود الى نتيجة استطلاعات الرأي الاخيرة التي اجرتها عدد من الصحف ووسائل الاعلام الاسرائيلية والتي اوضحت ان الفارق بين الاثنين قد ازداد بنسبة 2% اخيراً لصالح شارون ووصل الى 18% حيث حصل شارون حسبما اشار معهد داحاف لاستطلاع الرأي في الاستطلاع الذي اجراه يوم الاثنين الموافق 25 من شهر نوفمبر الحالي على 52% من تأييد اعضاء حزب الليكود في حين حصل نتانياهو على 34% في حين امتنع 14% عن المشاركة في الاستطلاع وفضلوا المشاركة الفعلية في الانتخابات إلا ان المعهد اشار الى ان اغلبهم يؤيد شارون في داخله، الامر الذي يحقق لشارون الفوز وبفارق كبير وهو الفارق الذي لا يستطيع نتانياهو التغلب عليه بسهولة، وقد كان الرهان الاساسي لدى معسكر نتانياهو هو توظيف العمليات الاستشهادية التي تضرب عمق اسرائيل كسبب ودليل على فشل شارون في حماية الاسرائيليين وبالتالي الدعوة لرحيله عن رئاسة الحزب والحكومة بطبيعة الحال كما جرى سابقاً مع زعيمي حزب العمل السابقين شمعون بيريس وايهود باراك حيث كانت العمليات الاستشهادية الفلسطينية سبباً مباشراً لخسارتهما الانتخابات الاسرائيلية وابتعادهما عن الساحة السياسية. والملاحظ ان انصار نتانياهو يركزون في محاولة لكسب ود اكبر عدد ممكن من اعضاء حزب الليكود على الجانب الامني والقول بانه في عهد نتانياهو لم تحدث سوى 4 عمليات عسكرية فلسطينية فقط ولم تسفر سوى عن مقتل 34 اسرائيلياً وبالتالي فإنه الوحيد الذي يملك الحل لإنهاء العمليات الفلسطينية وجلب الهدوء والاستقرار للاسرائيليين مرة اخرى. ويركز نتانياهو على معارضة اقامة دولة فلسطينية والاستعداد للتسوية مع قيادة فلسطينية جديدة تتنكر للعمليات العسكرية وتأييد التسوية المستقبلية مع الفلسطينيين والتي سيتمتعون فيها بحكم ذاتي كامل بدون صلاحيات تعرض اسرائيل للخطر. ويعتقد نتانياهو ان التمسك بهذه المبادئ من شأنه انهاء الارهاب الفلسطيني ونقل اسرائيل الى فترة من الهدوء تتميز بالتعاون مع القيادة الفلسطينية الجديدة. ويرى ان خطته السياسية لن تواجه بالرفض من القوى الدولية كما يروِّج شارون ومعسكره وان الحكومة الاسرائيلية اذا تبنتها بشكل حازم فإنها تستطيع الخروج من المأزق الامني والعسكري الذي تتعرض له اسرائيل. ويقدم نتانياهو ايضا حلولاً لازمة الاقتصاد الاسرائيلي ويطالب بتخفيض الضرائب زاعماً ان ذلك سيزيد من فرص العمل حيث سيرغب الاسرائيليون في العمل حينذاك اكثر واكثر وسيتحرك الاقتصاد بسرعة وبهذه الطريقة ستدخل ضرائب اكثر لميزانية الدولة نتيجة لعمل الفرد المتواصل. وتواجه نظرية نتانياهو الاقتصادية بالسخرية من قبل معسكر شارون ووزير المالية سيلفان شالوم الذي يعد ابرز المساعدين المكلفين بالدفاع عن سياسة شارون الاقتصادية، ويرد على نتانياهو بالقول ان الانتعاش الاقتصادي يأتي من تحسن الوضع الامني وأن سياسة شارون الأمنية اثبتت حتى الآن نجاحها. ولا يكتفي معسكر نتانياهو بعرض برنامج وخطط مرشحهم امام اعضاء الليكود وجمهور اليمين، وانما باتوا يلجؤون لاساليب الدعاية والتشويه السياسي بحق آرئييل شارون ويحاولون الوقيعة بين شارون وشاؤول موفاز وزير الدفاع الاسرائيلي الحالي الذي يوظفه شارون لخدمته في حملته الانتخابية ويقدمه كوزير دفاع في حكومته الجديدة بل يزعم ايضا ان شارون اذا ما فاز بالانتخابات فانه سيكرر تجربة حكومة الوحدة الوطنية مع حزب العمل ويقدم وزارة الدفاع لرئيس حزب العمل الحالي عميرام متسناع. وتتواصل دعاية معسكر نتانياهو الانتخابية وتنسج على هذا المنوال بأن حكومة شارون ميتسناع سوف تعمل لتحقيق هدفين الاول هو تفكيك المستوطنات والثاني هو اقامة الدولة الفلسطينية. ويرد معسكر شارون على كل ذلك بأن شارون في حال انتخابه فانه يملك خيارات سياسية يفتقد لها نتانياهو، وأنه يستطيع تشكيل حكومة وحدة وطنية مع العمل، بينما نتانياهو فان اكثر ما يمكن ان يقدمه تشكيلة لحكومة ضيقة تعتمد على الاحزاب الصغيرة اليمينية المبتزة كشاس، والمفدال ويهوديت هتوراة. ويظهر أن الصراع يشتد مع المسائل والقضايا التي تهم المصلحة الوطنية الفلسطينية، والواضح ايضا ان شارون يحاول وضع نفسه في خانة المتبني لمواقف الادارة الامريكية، بينما نتانياهو يراهن على بعض الانجازات الامنية التي حققها اثناءرئاسته للوزراء، اي ان الأمن يلعب الدور المركزي لتحديد الطابع السياسي لاسرائيل، ومن هنا فان شارون باجتذابه لموفاز رئيس الاركان السابق، الذي يحظى بمواقفه المتطرفة وسجله الاجرامي في مواجهة الشعب الفلسطيني على شعبية داخل الجيش، وجمهور واسع من اعضاء الليكود من اجل تعزيز حملته الانتخابية فانه يثبت ان الامن لن يحسم المعركة الداخلية فقط في حزب الليكود ولكن فن الانتخابات العامة الاسرائيلية.