نهاية أكتوبر انطلاق موسم التشجير الوطني 2025    الحوثي يحتجز 20 موظفا أمميا    10 آلاف فرصة استثمارية لرواد الأعمال في بيبان 2025    تحديث ومواءمة النطاقات الإشرافية البلدية    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    اتفاقيات بين البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والحكومة اليمنية    ليفربول يواصل مسلسل الهزائم بالسقوط على ملعبه أمام مانشستر يونايتد    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان    الذئاب تكشف حال الفارس    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    المرور يضبط أكثر من 6 آلاف دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع    أمير منطقة جازان يستقبل المدير العام لفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    العراق يثمن الموقف المسؤول للسعودية وإجراءاتها القانونية بحق المسيئين    غدًا.. أمانة منطقة جازان تُنظّم ملتقى "خُطى التطوع" لتمكين العمل البلدي والإسكاني    لا مال بعد الموت    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11690) نقطة    وزير النقل يفتتح المؤتمر السعودي الدولي للخطوط الحديدية    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    أمير الجوف يرأس الاجتماع الافتتاحي لإطلاق الخطة التشغيلية لتنمية المنطقة    نائب أمير الشرقية يستقبل المشرف العام على البعثة التعليمية في البحرين ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ البكيرية ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالهلالية    حملة لتعليم الأحساء والتجمع الصحي لفحص طلاب التعليم المستمر    مفردات من قلب الجنوب 26    ترتيب هدافي دوري روشن.. ثنائي النصر في القمة    ضبط 37 مكتب استقدام لمخالفتها قواعد ممارسة الاستقدام وتقديم الخدمات العمالية    الحوار من التواصل التقليدي إلى البودكاست    واشنطن تحذر «حماس» من انتهاك وشيك لوقف إطلاق النار في غزة    نيفيز مع الهلال.. دقة شبه مثالية من علامة الجزاء    ديوان المظالم يحصل على شهادة الهلال الأحمر للسلامة الإسعافية    الشاشات تقلل التحصيل الدراسي لدى الأطفال    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب إندونيسيا    باحثون صينيون يصممون روبوتًا دقيقًا ثلاثي الأبعاد للعلاج الدقيق    رصد المذنب C/2025 R2 (SWAN) في سماء الحدود الشمالية    القطان يحتفل بزواج حسن    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    «زاتكا» تحبط 1507 محاولات تهريب    مبادرات أوروبية لتمويل الحرب.. زيلينسكي يتكتم على صواريخ «توماهوك»    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    البرتغال ورونالدو في افتتاح استاد «أزتيكا» بالمكسيك    60 مليوناً تغري هداف القادسية بالعودة لأوروبا    «بوح الثقافي» يكرم الضامن    بيع فرخ شاهين ب119 ألفاً في ثامن ليالي مزاد الصقور    ياغي يؤكد أن تمكين ولي العهد أسهم في مسيرته العملية.. والسواحه: دعم القيادة حقق المنجزات لأبناء وبنات الوطن    41 ألف شهادة منشأ جديدة    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    بعد انتهاء صلاحية اتفاق 2015.. طهران: إيران لم تعد ملزمة بالقيود النووية    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    «حقوق الإنسان» تنظم زيارة ميدانية لأطفال جمعية رعاية الأيتام بالرياض    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين المناصرة
قراءة في رواية «لغط موتى» (2/1)
نشر في الجزيرة يوم 28 - 11 - 2002

«أحيانا أحس انها الذاكرة، ذاكرتي ككرة ثلج مردومة بحجر، وأنت أيها الصديق الشقي مررت قربها، ولا أعرف، بقصد أو دونه، مسست بقدمك حافة الحجر، فتدحرجت كرة الثلج، بطيئة في البدء، ما لبثت ان انهالت سريعة، متعاظمة وهي تزدحم بالثلج الناس، بالثلج الحكايات، بالثلج الوقائع، بالثلج الأسرار، والكنوز، والأحلام، والهزائم»
«صوت السارد، الرواية، ص51».
تبدو الكتابة في رواية «لغط الموتى» ليوسف المحيميد كتابة سردية ذات اشكالية غرائبية بطريقة أو بأخرى، كما يتضح من النص السابق المقتبس الذي يكشف عن ذاكرة مزدحمة بمولدات السرد الروائي، وتحديداً الكتابة السردية الغرائبية، لأن الرواية في ضوء غرائبيتها تستفيد من سياق الكتابة السردية الجديدة، فنراها (رواية ضد الرواية) أو (رواية مضادة)، بمعنى انها تضع قارئها في جو سردي تجريبي، موضوعه الرئيس فشل السارد بطل الرواية في كتابة رواية، قد حرضه الآخرون (الاصدقاء) على كتابتها.
ثم نجد أنفسنا بوصفنا قارئين لهذا العمل التجريبي الذي يبرر الفشل في كتابة رواية ما، ندخل الى جوف رواية غايتها تصوير مخطط روائي يحاصر السارد، فيبعده عن كتابة الرواية المنتظرة او المتوقعة، خاصة في الزمن القاتم الذي نرى فيه «الكلب» أكثر حظوة من انسانية «الانسان»، كما يرى السارد.
وهنا تبدو المفارقة واضحة عندما نجد ما فسر على انه فشل في كتابة الرواية هو في واقع الامر انجاز روائي اشكالي حواري، فيه الوضوح والتعقيد معا، الشعري والسردي، التقريري والترميزي.. حيث تنشأ فاعلية الرواية من ازمة كتابة الرواية، او من اشكالية اننا على المستوى الجمالي بحاجة الى عمل يثبت نفسه، لا الى مجرد كتابة سردية تقريرية، يأكلها الغبار فوق الرفوف، ان حظيت بمسمى «رواية» على اية حال..
ربما لن تعجب رواية «لغط الموتى» ذائقة القارىء العادي، بل أؤكد على ذلك كما قد ينزعج القارىء الذكي من اللعب السردية او الهجين السردي في متنها، خاصة ان هذا المتن يبعث الحيرة والقلق اكثر من ان يفضي الى الفهم والاستيعاب مباشرة، حيث تدمج هذه الكتابة السردية بين الواقعي السحري والتخيلي الخرافي، وتحديدا بين سطوتي الشخوص في الواقع وهم في الوقت نفسه اموات، فلا تعود تدرك اين هي الزاوية الآمنة التي تستحق ان تقف فيها وتعلن من خلالها انك فهمت جماليات الرواية كلها، في تراكيبها اللغوية المتعددة، ودلالاتها المباشرة والعميقة، وبنائها السردي مبنى ومعنى!!
نجد على سبيل المثال تداخلا بين البنى السردية التي تشتغل عليها هذه الرواية، الى حد امكانية التعامل معها من خلال عدة اجناس ادبية. فهي رواية تبدو من جهة عدة رسائل يتميز فيها رسالتان طويلتان، يبعثهما البطل/ السارد الى صديقه الذي حثه على ان يكتب رواية، فيعبر له في هذه الرسائل عن الاسباب التي تحول بينه وبين ان يكتب رواية مهمة، موضحاً الفشل الذي يغدو موضوع هذه الرواية على وجه التحديد. يقول السارد/ بطل الرواية واصفا هذه التجربة: «تخيل روائي فاشل، يحاول دائما ان يكتب رواية، لكنه يفشل بامتياز، فيمزق كل اوراقه التي كتبها، ثم لماذا لا تكتب رواية، لم يجب بأنه يجرب ويفشل، انما اراد ان يكتب له رسالة مطولة يبين فيها سبب قلقه من كتابة رواية، وخوفه من الفشل، فيفاجأ انه كتب للمرة الاولى رواية ناجحة» (ص 84).
فمن خلال صوت الرسالة السردية الحوارية مع الآخر الصديق الغائب، يتمكن الكاتب من توفير فرصة لتطوير الحبكة السردية ونموها في اتجاه الترابط الحواري الذي يعطي البنية السردية دينامية التصاعد في الحركة المعبرة عن ذاكرة حوارية تحمل تساؤلات كثيرة موجهة من الآخر الى السارد، وردودا كثيرة من السارد عيها، وكأننا امام محاورة صحفية، لا تخفي تأثر المحيميد بعمله الصحفي، الامر الذي جعل روايته قصيرة (80 صفحة من القطع الصغيرة، وهي لا تتجاوز الستين صفحة فعليا) ذات لوحات قصيرة لا تتجاوز عشرين لوحة، مما يجعلنا نصفها بأنها رواية قصيرة جدا أو بأنها مخطط مشروع كتابة رواية، حيث تبرز الحوارية من خلال السائل والمجيب في بداية حل اللوحات، مما يحفز على الكتابة الفاعلة، كما يتضح مما يلي، مكتفيا ببعض الافتتاحيات لبعض اللوحات:
- «اصدقاء كثر يظنون انني لا املك ان اكتب نصا طويلا، رواية» (ص7).
- «كثير من اصدقائي، وانت احدهم، يقعدون اسئلتهم قبل ان تشتبك معي ايديها الطويلة» (ص 15).
- هل ترى ايها الصديق الذي يسألني ذات مساء.. (ص 37).
- كثيرون يتثاءبون عما اذا جربت ان اكتب رواية» (ص 41).
- «كيف سأروي لك» (ص 43).
- «هل تعرف ان قرف كتابة رواية يأتي من شغف الشخوص في الحكي (ص 45).
- هل ترى يا صديقي كم صعب ان تبقى في حضرة مجانين (ص 51).
- هل ترى يا صديقي؟ (ص 53).
- «ان كنت لا تؤمن يا صديقي بأن الممحاة وهي تنسف وتلغي وجود الكائن، انما كانت تحقق وجوده بطريقة اخرى» (ص 61).
- «هل تتخيل يا صديقي، كم مؤلم ان لا تملك اي ممحاة» (ص 67).
- «كيف تلقيت رسالتي، وتبريري لعدم كتابة رواية» (ص 71).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.