وفاة الشيخ مانع الجهني خسارة كبيرة للعالم الإسلامي، والذي يميّز الدكتور مانع الجهني هو إخلاصه للعمل الإسلامي، وبساطته وتواضعه الذي أعجب كل من يعرفه. ولقد قابلته مئات المرات في مكتبه وفي منزله ومنزلي، «ليس هناك كلمات يمكن أن تصف مشاعري الحزينة بفقدان الشيخ مانع الجهني» تلكم كانت عبارات مدير مكتبة دار السلام عبدالملك مجاهد بعد الصلاة على جنازة الشيخ مانع الجهني في الرياض يوم الاثنين وهي نفس ما نشعر به نحن الذين عرفنا الشيخ مانع الجهني عن قرب وتتلمذنا على يديه في جامعة الملك سعود. لقد كان الشيخ مانع الجهني قمة في التعامل والتواضع وكانت محاضراته التي يلقيها علينا في قسم اللغة الإنجليزية فرصة كبيرة للتعرف على الروح الإسلامية الصافية والتي كانت بارزة تماما نظرياً وتطبيقاً في شخصية الدكتور مانع الجهني - رحمه الله- ولا عجب اذن أن ترى هذا الحب الكبير الذي يكنه هؤلاء الذين حضروا لتشييع جنازة الشيخ بهذا الحجم الكبير. السعوديون واشخاص من كافة الدول العربية المتواجدون في المملكة والافارقة والباكستانيون والهنود والكشميريون وغيرهم، كل أولئك كانوا هناك لتشييع شخصية تمثل جانباً مهماً بالنسبة لهم، انه الشيخ مانع بن حماد الجهني. يكفي مثلاً أن نذكر على سبيل المثال ما اوردته وكالة الأنباء السعودية فقط حول القافلة الطبية التي نظمتها الندوة العالمية للشباب الإسلامي في رواندا بافريقيا والتي استمرت لمدة شهر واستفاد منها ما يقرب من 7000 مسلم قدمت لهم العناية الطبية المجانية والخدمات التعليمية. يكفي أيضا أن نذكر ما قاله إبراهيم القعيد الذي عمل معه لأكثر من عشرين سنة من أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي التي يرأسها الشيخ الدكتور مانع قد تحولت من مكتب صغير في شارع الثلاثين بالعليا وبميزانية سنوية لا تتجاوز 6 ملايين ريال إلى مؤسسة عالمية تتجاوز ميزانيتها السنوية 100 مليون ريال سعودي. اذن ذلك الجمع الغفير الذي جاء هو انعكاس لما يتمتع به الشيخ مانع من محبة وتقدير بين اخوانه المسلمين ووعي كامل باهمية الدور الذي يقوم به الشيخ مانع في خدمة الشباب المسلم في شتى أقطار الأرض فندوة الشباب الإسلامي تقوم بدور جبار في الدعوة إلى الله من خلال تنظيم القوافل الدعوية ودعم المراكز والجمعيات الإسلامية وتنظيم الرحلات الدعوية والمحاضرات والدروس الإسلامية وتوزيع المطبوعات والأشرطة السمعية والبصرية واستضافة الوفود الإسلامية، هذا بالإضافة إلى افتتاح المدارس والمعاهد ومراكز التأهيل في شتى بقاع العالم وكذلك برنامج المنح الدراسية التي تقدمه الندوة كدعم للشباب الإسلامي الذي لا يستطيع تحمل تبعات الدراسة، وغيرها من النشاطات الأخرى التي تقوم بها الندوة العالمية للشباب الإسلامي والتي يقف على هرمها الشيخ مانع الجهني-رحمه الله-، وعلى المستوى الشخصي كان الشيخ الدكتور مانع قمة في تعامله مع طلابه فقد كان حريصا على تقديم النصيحة والرأي لهم، اذ أذكر أن طلب مني بعد تسليمي له ورقة الامتحان في المقرر الذي كان يدرّسه لنا في قسم اللغة الإنجليزية أن التقي به بعد انتهاء اللجنة ليخاطبني كما يخاطب الأخ الكبير أخاه الصغير كاسرا بذلك الحاجز الذي يقع عادة بين الطالب والأستاذ. ومازلت اذكر كيف يكون متواضعا وبشوشا في كل لقاءاتنا اللاحقة ويسأل عن أحوالنا ومشاكلنا ويقدم لنا التشجيع بكلمات تبعث فينا الأمل والتفاؤل. رحم الله الشيخ الدكتور مانع الجهني وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا الصبر والسلوان. {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.