موقف ميتروفيتش من مواجهة مانشستر سيتي    حقيقة تعاقد النصر مع جيسوس    نيوم يعلق على تقارير مفاوضاته لضم إمام عاشور ووسام أبو علي    رابطة العالم الإسلامي تُدين العنف ضد المدنيين في غزة واعتداءات المستوطنين على كفر مالك    رئيسة الحكومة ووزير الصحة بتونس يستقبلان الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية    لجنة كرة القدم المُصغَّرة بمنطقة جازان تقيم حفل انطلاق برامجها    ليلة حماسية من الرياض: نزالات "سماك داون" تشعل الأجواء بحضور جماهيري كبير    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    "الحازمي" مشرفًا عامًا على مكتب المدير العام ومتحدثًا رسميًا لتعليم جازان    «سلمان للإغاثة» يوزّع (3,000) كرتون من التمر في مديرية القاهرة بتعز    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    في حالة نادرة.. ولادة لأحد سلالات الضأن لسبعة توائم    دراسة: الصوم قبل الجراحة عديم الفائدة    ضبط شخص في تبوك لترويجه (66) كجم "حشيش" و(1) كيلوجرام "كوكايين"    أمير الشرقية يقدم التعازي لأسرة البسام    نجاح أول عملية باستخدام تقنية الارتجاع الهيدروستاتيكي لطفل بتبوك    صحف عالمية: الهلال يصنع التاريخ في كأس العالم للأندية 2025    مقتل 18 سائحًا من أسرة واحدة غرقًا بعد فيضان نهر سوات بباكستان    الهلال يحقق مجموعة من الأرقام القياسية في مونديال الأندية    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقوى الله أعظم زاد، وشهر المحرم موسم عظيم للعبادة    12 جهة تدرس تعزيز الكفاءة والمواءمة والتكامل للزراعة بالمنطقة الشرقية    الشيخ صالح بن حميد: النعم تُحفظ بالشكر وتضيع بالجحود    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى 31 ديسمبر 2025م    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    مدير جوازات الرياض يقلد «آل عادي» رتبته الجديدة «رائد»    استشهاد 22 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    وزارة الرياضة تحقق نسبة 100% في بطاقة الأداء لكفاءة الطاقة لعامي 2023 -2024    رئاسة الشؤون الدينية تُطلق خطة موسم العمرة لعام 1447ه    ثورة أدب    أخلاقيات متجذرة    القبض على وافدين اعتديا على امرأة في الرياض    استمتع بالطبيعة.. وتقيد بالشروط    د. علي الدّفاع.. عبقري الرياضيات    في إلهامات الرؤية الوطنية    البدء بتطبيق"التأمينات الاجتماعية" على الرياضيين السعوديين ابتداءً من الشهر المقبل    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    تدخل طبي عاجل ينقذ حياة سبعيني بمستشفى الرس العام    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    تحسن أسعار النفط والذهب    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    الإطاحة ب15 مخالفاً لتهريبهم مخدرات    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعر/ أبي تراب الظاهري
هواتف الضمير!؟
نشر في الجزيرة يوم 09 - 06 - 2002

هذه القصيدة للعلامة أبي تراب الظاهري رحمه الله تنشر لأول مرة بعد أن أفرجت عنها أسرته وخصت بها «الجزيرة» لنشرها، وكان أبو تراب الظاهري قد وافته المنية منذ حوالي شهر، ويبدو أنه كتب هذه القصيدة الوداعية بعد أن شعر بدنو أجله وقرب رحيله من الدنيا إلى الآخرة، مما يدخل في رثاء النفس، رحمه الله وعفا عنه وغفر له إنه غفور رحيم.
خلدتُ إلى نفِسي لأِسْكُبَ عَبْرتي
فقد آب رُشدي في الصيامِ لتوبتي
رَثَيْتُ لِحالي بعد شَيْبِي وَقَدْ جَرَتْ
عواصفُ آثامٍ يُشَعِّثْنَ ِلَّمتي
وقد ضاع عُمْري لاهياً لا انتباهةٌ
ولا يَقْظَةٌ من بِعد نَوْمي وغَفْلَتي
تَقَلَّبْتُ في النَّعماء دهراً أَذوُقها
نسيتُ بها الْبُؤْسَى وذُلِّي وَشَقْوَتِي
فهل قُمْتُ بالشُّكْر الذي كان واجباً
عليَّ وهل جَانَبْتُ مَوْطِنَ زَلَّتِي
فَيَا رَمَضَانَ الخير كُنْ أنت شَاهِداً
على نَدَمي بعد الفَواتِ وحَسْرَتِي
وَأَعْلَمُ أَنِّي في مُحيط جَرائمي
غريقٌ وأَني مُثْقَلٌ بَجَريرتي
وإِنِّي لأَبْكي كُلَّما هَبَّ سالكٌ
سبيلَ الهُدى حتى أُوَسَّدَ تُرْبتِي
طَحَا بيَ قَلْبٌ قد أقامَ على الهوى
فَضَيَّعَ عِلْمي ثُم أَعْمَى بَصيرتِي
فلستُ أُرى في الخَلْقِ مُغْرًى بِكَسْبِهِ
سواي إذا وَدَّعْتَ عُمْرى بلَهْفَتِي
فلو أَنَّنِي أحرزتُ حُسْنَايَ أتَّقي
محارمَ أَوْدَتْ بي إلى قَعْرِ هُوَّتِي
سُرِرْتُ بما أُجْزَى بِهِ يَوْمَ مَحْشَرٍ
أُزَحْزَحُ من كَرْبِي هناك وَمِحْنَتِي
فَحَتّامَ غَيِّي في المَلَذَّاِت سادرٌ
وَرَكْبِيَ مَشْدُودٌ ينادي لِرِحْلَتِي
وحتَّامَ يُلْهِيني الزِّيافُ وقد وَهَتْ
بُعَيْدَ شَبابي قُوَّتي وَعَزِيمَتِي
وفي كلِّ يومٍ من لِداتِيَ راحِلٌ
أَذاناً بِأَنِّي قد دَنَتْ لي مَنِيَّتي
وكم قد وُعِظْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَهُ
فلم أَتَّعِظْ يا وَيْحَ قَلْبي وخَيْبَتِي
وكم قَرَعَتْ أُذْنِي قَوارعُ ناصحٍ
وكم أَلْهَبَتْ ظَهْري سياطُ شَريعةِ
تُريْنيَ هَوْلاً يَهْلَعُ الناسُ دُونَهُ
فهلاّ أخذتُ اليوم زادي وأُهْبَتي
ليومٍ تَرَى فيه السُّكارَى وما هُمُو
ُسكارَى ولكنَّ العذابَ بِشِدَّةِ
وَتَشْخَصُ أبصارٌ وَتَذْهَلُ مُرْضِعٌ
وَتُوضَعُ أحَمالٌ وَأُوتى صحيفتِي
سَهَوْتُ عن الأُخْرَى وَفَرَّطْتُ في التُّقَى
وبالزائلِ المأفونِ عَلَّقْتُ مُهْجَتِي
هَوايَ دَعاني فاستَجَبْتُ جهالةً
فخُسْري عظيمٌ حين غَيَّرْتُ وِجْهَتي
نََشَأْتُ ببيتٍ شاعَ عنه ُصلاحُهُ
وكان أبي في العلم كاْلأَلْفِ شَمْعَةِ
تَقيٌّ نَقيٌّ زاهدٌ مُتَوَرِّعٌ
مُحِبُّ لخيرِ الخَلْقِ قَامعُ بِدْعةِ
قَضَى عُمْرَهُ في خدمة العِلْمِ لا يَنِيْ
عن الدَّرْسِ والتَّأْليف بُغْيَة َحِسْبَةِ
فيا ليتَني ما حِدْت عن نَهْجِهِ الذي
قَضَيْتُ به حِينَ اليفاعةِ مُدَّتِي
ويا ليتَ أيامَ الدُّروسِ تعودُ لي
فَأُبصرَ شخصي حِلْسَ مَسْجِدِ حِلَّتِي
أَمَا كُنْتُ يوماً واعظاً ومُحَدِّثاً
أدِرِّسُ في شَتَّى العُلومِ بِهِمَّتي
وَأَخْطُبُ من فوق المنابر صَيِّتاً
وأَعْوادُها تَهْتَزُّ من تحت وَطْأَتِي
أُجادلُ أرَبابَ المذَاهبِ بِالَّتي
أشار بها قرآننا وهو عُدَّتِي
وكم من كتابٍ سَطَّرْتُهُ أنامِلي
وكم من طُروسٍ عَبَّرَتْهَا قَريحتِي
فكيف يَضِيعُ اليومَ فراً كما الهَبَا
وكيف إذا أَضْلَلْتُ عَنِّي طريقتِي
فَيَا نَفْسُ إن لم تَرْعَوي عنِ غِوايةٍ
أَطَلْتِ عويلاً حين تَشْكِيْنَ عِلَّتِي
لقد َسَّودَتْ وَجْهِي ذُنوبي فكيف بي
إذا جَئتُ ربّي يومَ تُبْلَى سريرتي
تُشَاهَدُ آثامي وَخَتْمِي على فَمِي
وَتَنْطِقُ أعضائي بِكُلِّ خَطيئتِي
وَيُنْصَب ميزانٌ ِلوَزْنِ مَكَاسِبِي
مِنَ العَمَلِ المُزْري فأين تَقِيَّتي
هنالك لا مالٌ أَحوزُ بنافعٍ
ولا وَلَدٌ من ماء صُلْبِي ونُطْفَتِي
هناك يَفِرُّ المْرْءُ عن ذي قَرابةٍ
وأَْعظَمُهَا أُمٌّ فَكَيْفَ بإخوةِ
لِكُلِّ امرىءٍ شَأنٌ سيُغِْنيِه لاَ أَبٌ
ولا ابْنٌ فَمَا ظَنيِّ الغَداةَ بِزَوْجَتِي
فَيَا قَلْبُ ما لي إذْ أرَاك مجَخِّياً
وقد حانَ توديعُ الحياةِ الدَّنيَّةِ
إِذا حَشْرَجَتْ رُوحي لِنَزْعٍ مُحَتَّمٍ
وَمَزَّقَتِ الأستارَ عَنِّيَ مَوْتَتِي
رأيتُ الذي ما كنتُ أَرجو لقاءَهُ
وضاقَ به صَدْرِي وَضِقْت ُبِوَحْدتِي
وَيُقْبَضُ رُوحي رقَّةً أَم غِلاظةً
فلستُ بدارٍ ليت شِعْري بسَكْرتِي
فإمّا نَعيم الْقَبْرِ في مٌسْتََراِحهِ
وإِمَّا عَذابُ القَبْرِ يا سُوءَ وَيْلَتِي
لَئِِّنْ مُرّ بي فوق السّماواتِ طيِّباً
يُرَحَّبْ برُوحي من ملائِكِ رَحْمَةِ
وَإِنْ مُرَّ بي في مُنْتِنِ الرِّيحِ دُهْدِهَتْ
ِلخُبْثِيَ مِنْ عُلْوٍ إلى سُفْلِ حُفَرْتِي
وخِيْرَةُ أعمالي هناك تَمَثَّلَتْ
لِتُفْتَحَ لي في القَبْرِ خَوْخَةُ جَنَّةِ
وَأَمّا المعاصي فَهْيَ بابٌ إلى اللَّظَى
لِيَأْتيَني مِن لَفْحِها حينَ رَقْدَتِي
فِإِنَّ عَذَاب َالْقَبْرِ حَقٌّ كما أَتَى
به خَبَرُ الوَحْيَيْنِ يُروََى بِصِحَّبةِ
فيا نَفْسُ هل أَعْدَدْتِ شيئاً لِسَفرتي
ويا قَلْبُ هل قَدَّمْتَ شيئاً لقَدْمتِي
مَّتَى يَنْجَلي عنك الرُّيونُ وإنَّه
وَرَبِّي تَغَشَّاني ببالغِ فِتْنَةِ
وهل هي إلاّ صَيْحَة ٌفإذا بنا
نكون خُمُوداً لا حِراكَ بلَحْظَةِ
وَيَنْفُخُ إسرافيلُ في الصُّور بعدها
فَنُنْشَرُ من أَجْداثِنَا بعد لَمْحَةِ
إلى ربِّها نَسْلُ الخَلائِق كُلِّها
كذاك هو الحَشْرُ المَهوبُ بِعَرْضَةِ
إذا هُمْ أَتَوْا ربَّ البَرايا فإِنَّهُ
عليمُ بكُلِّ السِّرِّ من قَبْلِ جَهْرةِ
فَيَالوقوفِ العبد حينَ حِسابِه
لَدَى أَحْكَمَ الحُكَّام يا ذُلَّ خَجْلَتِي
فما لِكتابٍ لا يُغادرُ مُحْصياً
لِكُلِّ صَغيراتٍ قُبيل كبيرةِ
وميزانُها عَدْلُ ولا يُظْلَم ُ امْرُؤٌ
فتيلاً وإنْ يَعْمَلْهُ مثقالَ ذَرَّةِ
موازينُ مَنْ خَفَّتْ لِهاويةٍ هَوَتْ
وَمَنْ ثَقُلَتْ أَضْحَى رَضِيَّاً بعِيْشَةِ
هناك يكون الهاشميُّ محمَّدٌ
لَدَى الوَزْنِ يَرْجُو اللَّهَ رُجْحانََ كَفَّةِ
ويا وَيْلَ مَنْ زَلَّتْ على الجِسْرِ رِجْلُهُ
كَلاَليبُهُ يَخْطَفْنَ كُلاًّ بِزَلقَةِ
صراطٌ كَحَدِّ السَّيفِ والسَّيفُ دُونَهُ
أَدَقَّ إذا قارَنْتَ من حَجمْ ِشَعْرَةِ
هناك يقول الهاشميُّ محمَّدٌ
أيا ربِّ سلِّمْ أُمّتي ربَّ أمّتِي
فيعبرُهُ الأخْيارُ كالبرقِ خُلَّباً
ومنهم كأمثال الجِيادِ بحَلْبَةِ
وكم سائرٍ في مَشيه مُتكَفِّىءٍ
ومستعوذٍ بالله من شرِّ سَقطةِ
ونُورُ الذي صلّى سيبقى أمامَهُ
ويُعرفُ أصحابُ الوضوء بِغُرَّةِ
وسِيقَ أولو التقوى إلى الجنَّة التي
تتوقُ إليهم زمرةٍ بعد زمرةِ
بها الحُورُ والأنهارُ والثَّمرُ الذي
تشابهَ أُكْلاً وهو أنعمُ متعةِ
وسيق أولو العصيانِ نحوَ جهنمٍ
لها شررٌ مثلُ الجمالِ بصفرة
وترميه قصراً حيثُ يعلو شهيقُها
تَميَّزُ من غيظٍ لهائجِ فورةِ
كذاك جزاء الظالمين إذا انتهوا
الى سَقَرِ كانوا لها مثلَ طُعمةِ
أليسوا وقودَ النارِ فهي حجارةٌ
سيصلونها جمراً ولفحاً بشُعلةِ
فيا نَفْسُ عِفِّي عن حرامٍ ترينَهُ
هنيئاً مريئاً مستساغاً بلذةِ
وعُقباهُ سوءٌ يُعْضِضُ المرءَ كفّهُ
يقولُ أيا ليتي تحاشيتُ قُنْوتي
ولم أرتكبْ في جنبِ ربي معاصياً
وقد بان ما أسلفتُ مني بخُفيةِ
هلمِّي فتوبي قبلَ موتكِ إنهُ
لأقربُ من شسعٍ لنعلٍ وطيَّةِ
وقولي: أغثني ربّ في غمرةِ الهوى
وهبْ ليَ نوراً كي يشقَّ دُجُنَّتي
فيا منقذَ الغرقى ويا دافعَ البلى
ويا منجيَ الهلكى تحَنَّنْ لكُربتي
وليس سوى التوحيد عندي حجةٌ
وحب الذي استمسكتُ منه بعُروة
شفيعُ البرايا رحمةٌ لعوالمٍ
رؤوفٌ رحيمٌ وهو خيرُ وسيلتي
إلى جنة الخُلد التي جاء نعتُها
بمحكمِ آياتٍ جميلَ نميقَةِ
ففيها من الحور الحسانِ كواعبٌ
وشُبِّهن بَالمكنونِ بَيْضاً لرقّةِ
ومن قاصرات الطرف عِينٌ كلؤلؤٍ
صفاءً وأترابٌ وأبكارُ عُذرةِ
ويرفُلن فِي إستبرقٍ أو بسندسٍ
أرائكُ ياقوتٍ ومسكٍ بغُرفةِ
وحِصْلبُها درٌّ وفي رحباتها
زرابيُّ بُثت أو نمارقُ صُفَّتِ
ومن تحتها الأنَهارُ تجري وإنَّها
لمن عسلٍ أو من لبانٍ بصفوةِ
وجناتُ عدنٍ ماؤها غيرُ آسنٍ
وأَنهارُ خمرٍ شاربوها بلذةِ
ويُسقونَ كأساً من رحيقٍ مُخَتَّمٍ
يُحَلَّونَ فيها من أَساوِرَ فضةِ
عَلى سُرُرٍ موضوعةٍ ولهمْ بها
من الثمراتِ الدانياتِ لقطفةِ
ثيابهمو خضرٌ وهمْ في نعيمِها
يطافُ عليهم بالصحاف الشهيةِ
وفاكهةٍ مما تخيرُ أنفسٌ
ولحمٍ لطيرٍ في ظلالٍ مديدةِ
فيا نفس كُفِّي عن ضلالك واقتدي
عسى أنْ تفوزي في المعاد بجنةِ
وقد ضقت ذرعاً بالأيام وقد هَمَتْ
دموعي غزاراً بللت كثَّ لحيتي
فإن أنا وُفّيتُ العذابَ وأَسبلتْ
سحائبُ غفرانٍ فقد نلتُ مُنيتِي
وما ليَ في هول القيامةِ حيلةٌ
فكنْ لي إِلهي هادياً في مَتيهتِي
وإنّي لأَرجو رحمةً منكَ خائفاً
عقابك في الاخرى على كل حَوْبَتِي
فثمَّةَ نارٌ وهي نزاعةُ الشَّوَى
وتبلعُ فوجاً بعد فوجٍ بِنَهْمةِ
وَيُسقونَ من آنٍ حميمٍ وأَكلُهم
قذارةُ غِسلينٍ وغَسَّاقُ شَرْبةِ
سرابيلُهم قطرانُ نارِ جهنمٍ
وزقُّومها في الحلقِ أعظمِ غُصَّةِ
ويومٌ عبوسٌ قَمْطريرٌ يهولُهمْ
بأغلالهِ هم مُقْحَمُونَ بشدَّةِ
وفي عَرَقٍ هم مُلجَمونَ وقد دَنتْ
أشعةُ شمسٍ منهمو قابَ عَنْزَةِ
وأَنَّ لظى فالنارُ فيها مقامِعٌ
تضُعضِعُ إن أَلقَيْتُ مني بنظرةِ
تفتَّتتِ الاكبادُ من رعُبها إذا
سمعتُ حسيسَ النارِ في يوم عُسرَتي
وهم مُهطعونَ مقنعونَ وخشَّعٌ
فلا تَسْمَعُ الاصوات إلا بهمسةِ
* قال لست لها هنا
سوى سيدِ الخلقِ العظيمِ لِشُفْعَةِ
وإنَّ لواءَ الحمدِ يُعطاهُ قائداً
يُشفِّعهُ فينا الكريمُ برأفةِ
له الكوثُر العذبُ الهنيءُ ومن يُردْ
له الماءَ لا يظمأْ أَبيداً برَشْفَةِ
وكيزانه كالأنْجُمِ الزُّهر أُترعتْْ
إذا ما أتاها المؤمنونَ استهلَّتِ
فَطُوبى لعبدٍ يَرْحَمُ اللهُ ضعفَهُ
فينقُذُهُ من ورطةٍ تلوَ ورطةِ
ويدخلُه جناتِ عدنٍ تكرُّماً
وفي جنةِ الفردوسِ نَضرةُ نعمةِ
فيا نفسيَ الحَسْرى إلامَ تَعَلُّقي
بأعراضِ ما يفنى وتبقى حقيقتِي
ويا نفسيَ اللّهفَى على ما يسومُها
من الغَيِّ والخُسران أسوأَ خُطَّةِ
أما لكِ في الأحداثِ فَتَّتَ كَرُّها
جلامدةً صُمّاً مواعظُ عِبرةِ
أما لك في مَرِّ القواصم رادعٌ
وكم صخرةٍ قد لامستْها فَدُكَّتِ
وهل لفؤادي صارفٌ لِعِنانه
وهل يُستلانُ منه جامحُ قَسْوتِي
أَبيتُ رَخِىَّ البالِ في السِّرب آمناً
ومن حولي الأَنضاءُ للظَّعن زُمَّتِ
وأنسى المنونَ وهي حقٌّ موَقَّعٌ
ولو فاجأتْني مرةً بعد مرةِ
ويَفْجعُني دهري فأَرجعُ غافلاً
ولم أَتلقَّنْ منهُ درساً بفَجْعتي
كأنَّ رحيلَ الصحبِ لا يؤذنُ الفتى
بأنَّ الليالي قد يُشَبْنَ بغَدرَةِ
وما بَلَّ صَدْياناً غداً غيرُ مائِهِ
ولم أَتزودْ في حياتيَ بُلْغَتي
أمانيُّ في الدنيا تَجَدَّدُ كلّما
برى أَعظُمى نَخْرٌ فطقطقَ رُكبتي
أعَلَّنِيَ الإسرافُ في الرتعِ مُغْرَماً
عن الخوض في آثار أَوْبَلِ تُخمتي
بخلتُ أيا نفسي بطاعةِ خالقي
وآيةُ شَيْبي قد نَفَتْ كلَّ ريبةِ
إذا لمعَ الشيبُ الملمُّ بعارضي
فذلك برقٌ منذرٌ لي بفُرقتي
فَأَحْرِ بعيني أن تُطيلَ بكاءَها
فما جفَّتِ الآماقُ إلا لفتْرتِي
فجودي أيا عيني الشحيحةَ واذرِفي
عسى يَغْسلُ الأدرانَ صبُّك دمعتِي
أريقي من الأجفانِ حتى تَقَرَّحي
فقد هاجتِ الأشجانُ منْ بعدِ غِرَّتي
ولا تَجْمُدي فالخطبُ ليس بهيِّنٍ
أهاضَ جناحي ثم أَعقبَ دهشتِي
بكاءُ امرئٍ يُجدي إذا كان خالياً
يُظَلُّ بِظِلِّ العرشِ في يوم حَرَّةِ
من السبعة الناجينَ أَنْبأَ عنهمو
نَبِيُّ الهدى فيما رَوَينا بشُهرةِ
تَوانَيْتِ يا نفسي ولَذَّ لكِ الكَرى
كأنّ شَمُولاً أثْقَلَتْكِ بنَشوةِ
فإنْ لم تُفيقي من سُباتٍ تندَّمي
فقومي اقنُتي للهِ في وقت سُحرَةِ
أَنيبي إلى مولَى الموالي فإنَّهُ
غفورٌ رحيمٌ قد دعاكِ لحُظوةِ
أتُحيين في ملهاتِكِ الليلَّ كَلَّهُ
وعند بزوغ الصبح مِلْتِ لهَجْعةِ
وإنَّ عبادَ اللهِ جافَوْا جُنُوبَهم
إذا افترَشَ الساهُونَ عن كل ضَجْعَةِ
وكانوا قليلاً يَهْجعون تَراهمو
قياماً ركوعاً ساجدين بسُبحةِ
جباههمو نورٌ بنورِ تهجُّدٍ
وأنسامُهم طابَتْ بطِيبِ الفضيلةِ
إذا جَنَّ ليلٌ شمَّروا لعبادةٍ
وترتيلِ قرآنٍ دويّاً كنَحلة
سهارى لخوفِ الله راجونَ عفْوهُ
وأضلاعُهُمْ من شدةِ الخوف أُطَّتِ
هم المُخْبتونَ الخاشعونَ لربِّهمْ
وقد أَشفقُوا من خشيةٍ غِبَّ خَشْيَةِ
هم المفلحونَ الفائزونَ بجَنَّةٍ
وأبوابُها قد فُتِّحت للتحيةِ
فرُحماكَ ربّي حين تبعثُني غداً
وآتيكَ فرداً خالعاً كلَّ زينتِي
وتنشرُنَا غُرْلاً عراةً وإنَّنا
حفاةٌ بأرضِ الحشرِ دونَ مَطيَّةِ
ويَشغَلُ كلاًّ شأنُهُ عن حميمهِ
وتُعرف نار صد ثَم َّبزفرة
إذا بُرّزتْ أبدتْ تغيُّظها لهمْ
وكُبكبَ فيها كلُّ غاوٍ برميةِ
وأُزلفت الجناتُ غيرَ بعيدةٍ
لأهل التُّقى ازدانوا بكلِّ مَزِيَّةِ
ومن ذَهَبٍ حُلُّوا أساورَ واكتسَوْا
حريراً وحُوراً ما طُمسْن بخَيْمَةِ
على رفرفٍ خُضْرِ وفي عبقريةٍ
حسانٍ لهم فيها مُنَعَّم تُكأَةِ
ومن خاف في الدنيا مقامَ إِلهِهِ
له جنّتان فيهما كلُّ نَعْمةِ
ونَخلٌ ورمَّانٌ وفاكهةٌ دَنتْ
ومعروشةُ الأعنابِ أو دونَ عرشَةِ
حَنَانَيكَ يا ربّي عليَّ فإنني
أنوءُ بأوزاري وأعنو بجبْهتي
تَخرُّ لك الأذقانُ كَرهاً وطاعةً
وذَلَّتْ لكَ الأعناقُ طُرّاً بسَجْدَةِ
وسبح ما في الجَوِّ والدَّوِّ للذي
هو الواحدُ المعبود عند البريةِ
له الخلق بدءاً ثم يوماً يعيدُهُ
وكلٌّ له في مُلكِه بمشيئةِ
أَتيتكُ ربِّي أطلبُ العفوَ مِنَّةً
وقد آدني حَمْلُ الخطايا بكَبْوَتي
وجُودُك هتّانٌ وستركَ سابلٌ
فَحَقِّقْ بفضلٍ منكَ أعظمَ رَجْوَتِي
إذا غَشِيتْنِي مُطبقات كبائرِي
ولَوَّثَ ذِكْرى أن خرقتُ سفينتِي
فأنتَ لرَأْبِ الصَّدْعِ عنديَ مُرتجىً
وأنت لتبديدِ الغَواشي مِجَنَّتي
ومنْ يكشفُ الضُّرَّ الذي قد ألمَّ بي
سِواكَ ومن أدعوهُ عندَ مُصيبتي؟
أمولايَ لا تَطْرُدْ من الرَّحمةِ الَّتي
لطفتَ بها ما في بطونِ الأَجنَّةِ
وأنتَ تُنيرُ القلبَ إذ هُو مُغطشٌ
يُغَرِّرُهُ لمعُ السَّرابِ بِقِيعَةِ
يميناً لقد نادى نبيُّك تالياً
كتابَ الهُدى قامَتْ به كلُّ حُجَّةِ
فَلَبَّى له الأَصْحابُ والناسُ بَعْدَهُمْ
فزالَ العَمَى مُذْ أُرشدوا لمحَجَّةِ
وقاموا بحقِّ اللهِ يرجُون رِفْدَهُ
بساطعِ نورٍ من كتابٍ وسُنَّةِ
ولو أنَّنَا كُنَّا استَقَمنا كمثلِهِم
لَسَحَّ علينا فيضُ كلِّ غديقَةِ
ولكنَّ قومي قد أضلَّهُمُ الهَوَى
وتابِعهُمْ منهم كمِثْلي بنَزْوَتِي
عَصَيْتُ إلهَ العالمينَ وها أنا
مُقِرٌّ بعصْياني وأَنْدُبُ َسيِّتِي
إذا أنا دُلِّيتُ الغَداةَ لحُفْرتِي
وحيداً بأكفاني فَأَكْلِحْ بِوَحْشَتِي
بماذا أُجيبُ المنكَرَيْنِ إذا هُما
أثارا بِرُعبٍ منهما كلَّ دهشتِي
ويومَ يكونُ الناسُ عَطْشَى بمحْشَرٍ
وليس سوى قَيْظٍ فواحَرَّ غُلَّتِي
وللقَبْرِ ضَمٌّ ما نجا منه طالحٌ
ولا صالحٌ فارفُق أَرَبِّ بضَغْطَتِي
وَمِنْ هَوْلِ أجداثٍ تذوبُ حُشاشَتي
فيا ربِّ فَارحَمْ أعظُمي بَعدَ نَخْرَتِي
وهل مُؤْنِسي في الرَّمْسِ غيرُ تِلاوتي
لِسورَةِ مُلكٍ وهي أعظمُ سُورتي
تجادلُ عنّي ثُمَّ كلُّ عبادةٍ
لها شأنُها في دَفْعِ شِدَّةِ مِحْنَتِي
فَنَوِّرْ ضَريحي حين أَثْوِي بمَلْحدَي
بِنُوركَ يا ربّي وبدِّد لِظلْمَتي
ذََمَمْتُ شبابي قد تَقَضَّى مُضَيَّعاً
فها أنَذَا أبكيهِ في حينِ شَيْبَتِي
رُزئِت بوهْنِ العظمِ والشيبُ مُنْذرٌ
ولم أَغتنمْ أوقاتَ شارخِ قُوَّتِي
وما أَبْقَتِ الأيامُ عنديْ سوى الضَّنى
فهل تَصْفُوَنْ لي عِيشَتي من كُدورتِي
أَلاَ لَيْتَ ِشعْري هل أُفيقُ من الكَرَى
فتباً لِعُمرِ قد تَوَلَّى بغَيْظَتِي
حبالُ ذنوبي استوْصَلَتْ وتَضَفَّرَتْ
فَمَنْ ذا لإِنْقَاذي وحلِّ ضفيرتِي
إلهي لقد أمسيتُ مُرْتَهَن َالأَسَى
ومزَّقَ أحشائي الجَوى وتَشَتُّتِي
ومالي مَلْجَا غيرُ غَوْثِك منقذاً
فإنَّ خطيئِاتي بنفسي استبدَّتِ
وما لَيَ مَأوىً غيرُ بابك فاتحاً
لطَبْعِي على أعتابه كُلَّ قُبْلَةِ
مُنَايَ بأنْ أَقضيْ حياتيْ مُجاوراً
بمكةَ أو عندَ الضريحِ بِطِيبَةِ
ومن مُبلغي إلاكَ يا عالِمَ الخَفَا
وأنت مجيبُ السائلينَ لدعوةِ
فأَدخِلْنِيَ اللهُمَّ في لُجَّة البَهَا
وذوّقْنِيَ اللهُمّ قَنْدَ رَجِيَّتِي
وفي وجهيَ الأنوارُ من برق زُلفةِ
تُتَوِّجُنِي تاجَ الوَقَارِ بِهَيْبَةِ
وتُلبِسُني لِبْسَ الكرامَةِ ساتراً
بِصَفْحِكَ ذَنْبِي فهو أسبغُ خِلْعَتِي
فيا جابراً لِلكَسْرِ جُودُكِ غامِرٌ
ويا كاشفاً للضُّرِّ حُلَّ أَخِيَّتِي
بَحِلمكَ ظَلِّلنْْيِ وسُقْنِي لتوبَةٍ
تُنيلُ مُسَيْكيناً منائحَ مِنَّةِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.