تعد باربرا والترز من أشهر الإعلاميين الأمريكيين، ومن أبرز مقدمي برامج الحوار، تعدت شهرتها آفاق الوسط الإعلامي الأمريكي، بعد أن استضافت في برنامجها الشهير 20/20، الرئيس المصري أنور السادات ورئيس حكومة الكيان الصهيوني مناحيم بيغن أثناء مداولات اتفاقية كامب دافيد الشهيرة، تصنفها سلسلة أبطال اليهود الأمريكيين ضمن أعظم 56 يهودياً ويهودية بعد الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الحاضر. ما يثير الشكوك حول معايير الانتساب لهذه القائمة، واستثنائها للمفكر الأمريكي اليهودي الأصل نوم تشومسكي، وهو مَنْ تميز بعمق أطروحته الفلسفية وقدرته الاستثنائية على تجاوز عقدة «أبناء الله وشعبه المختار»، فهو أشهر من علم على رأسه نار، ومن أكثر المفكرين حضوراً خارج «أدوات الآلة الإعلامية الأمريكية واليهودية الطابع»، وإذا عُرف السبب بطل العجب، فهو من أشد منتقدي الغزو الأمريكي الإسرائيلي للعالم ومن أعظم المشككين في مصداقية مرجعيته الأخلاقية. لقد كان ثمن ارتداده، حرمانه من الظهور على أغلب القنوات الإعلامية المرئي منها، والمقروء، وخروجه من قائمة المجد اليهودي في التاريخ الأمريكي الحديث، مما يؤكد أن معيار ذلك المجد، هو الإيمان بمضمون الفكر اليهودي التوراتي المحرف. بعد كارثة نيويورك، قررت الإعلامية المرموقة باربرا والترز زيارة السعودية، تبحث عن جذور الكراهية لليهود في مناهجنا وفي تعاليم ديننا العظيم، قدِمتْ تحمل تاريخها النضالي وعصارة مراكز البحوث الاستراتيجية، ولتقطف ثمرة الهجمة الإعلامية على تعاليم وأصول الدين العظيم، أجرت مقابلات تلفزيونية عديدة مع مسؤولين وطلبة مدارس وعدد من السيدات، وكان محور سؤالها عن حديث مضمونه: (تقاتلون اليهود، حتى يختبىء أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله» عن ابن عمر رضي الله عنه، صحيح البخاري، الإصدار 03 ،2 - للإمام البخاري.. كان سؤالها المتكرر يستجدي الوصول إلى نتيجة مضمونها، أن هذا الحديث يحرض على الكراهية والعداوة لليهود، وما لم تدركه السيدة باربرا والترز أن «ما من مولود إلا يولد على الفطرة»، وأن «الناس سواء كأسنان المشط»، و«إن أكرمكم عند الله أتقاكم» أصول إسلامية تتسامى عن مرجعية العرق واللون واللعنة الأبدية لنسل حام وكنعان، وتقف ضد ثقافة الجيتو الاختياري المؤسس على التوراة ومفاهيمها عن تفرد الشعب اليهودي وقدسيته، ودوره كشعب مختار وموقفه اللا فطري من الاغيار المحتقرين. .. كان أحرى بها أن تبحث عن أسباب الموقف العدائي من اليهود على مر العصور في مراجعهم وأصول فكرهم، وكان أقرب سبيل للوصول للحقيقة أن تتساءل: عن سر تلك العداوة لليهود، وهل تنطلق من أسس عنصرية أم فكرية؟.. لم يكن إخبار القرآن الكريم عن عداوة اليهود للمسلمين نابع عن خلاف قومي عرقي، بل عن دراية وإدراك لفكر يحمل مضامين مقدسة ومؤسسة على مفاهيم عنصرية. القرآن الكريم ينزه الأنبياء عليهم السلام عن افتراءات التوراة المحرّفة، ولا يفرق بين البشر على أساس عرقي أو حسب وصية مقدسة تلعن حام ونسله الكنعاني العربي وتقرّ بعبوديتهم لنسل سام وإلهه كما ورد في التوراة: «كان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك سام وحام ويافث. وحام هو أبو كنعان، ومن هؤلاء الثلاثة تشعبت الأرض. وابتدأ نوح يكون فلاحاً وغرس كرماً. وشرب الخمر فسكر وتعرّى داخل خبائه. فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجاً. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما. فلما استيقظ نوح من خمره، علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال: ملعون كنعان. عبدالعبيد يكون لإخوته، وقال مبارك الرب إله سام.. ليكن كنعان عبداً لهم»... تكوين الإصحاح 9: 18-27. ولا يقرّ الإسلام لعنة ابن بذنب أبيه حسب المفهوم التوراتي المحرّف، واللعنة الأبدية التي وهبت لسام ونسله من بعده، أرض كنعان المطرود من الرحمة الإلهية إلى الأبد بحسب زعمهم: «أما أنا فهو ذا عهدي معك وتكون أبا لجمهور من الأمم فلا يدعى اسمك بعد إبرام، بل سيكون إبراهيم.. وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبديا. لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك وكل أرض كنعان ملكاً أبدياً وأكون إلههم» تكوين 17: (4-8).. ولم يرد في تعاليم ديننا الحنيف ذلك العهد الذي استثنى أخاً وأعطاه آخر لأسباب غير مفهومة: «ولكن عهدي أقيمه مع اسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت من السنة الآتية..» تكوين 17: (20 - 21).. وتقف قيم ديننا الحنيف ضد خرافة ذلك الوعد الذي قطعه الرب لنسل بني إسرائيل (تعالى الله وتقدس علواً كبيراً) ميثاقاً أبدياً صكاً لأرض قطرها من النيل للفرات: «في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات» تكوين 15:18. كان شراء إبراهيم عليه السلام لبئر السبع حسب الرواية التوراتية المزعومة من أبيمالك الفلسطيني أول تملك لبني إسرائيل في فلسطين، كانت بيعة ميثاقها صريحاً، وهو: «أن لا يغدر إبراهيم بأبيمالك ونسله وذريته» تكوين 21 (22-23).. .. ما حدث لأبيمالك وما يحدث لنسله من بعد، «حسب النص التوراتي المحرف»، خرق لعقد البيعة المزعومة، ولكل المواثيق الربانية والإنسانية، وغدر بأهل كنعان وكل الأغيار الذين جاءوا بعد كنعان، غدر شرعته التوراة المحرّفة لتنفيذ الوعد الإلهي، وجدده وعد بلفور، ويحميه النظام العالمي الجديد، ويقوم بتنفيذه المؤمنون الجدد بالعهد القديم والحق الإلهي الأبدي «لأبناء الله» في أرض كنعان العربية. تنبيه: ننزه الأنبياء جميعاً عليهم السلام، عمّا كُتب في التوراة المحرّفة..