تجمع المئات من الرجال في هذه العاصمة الاقليمية للاحتفال بوصول حاكمهم الجديد عبدالحكيم تانيوال الذي وصل لتوه من استراليا لقبول عرض قدمه له صديقه القديم حامد قرضاي، رئيس الإدارة المؤقتة لأفغانستان. السيد تانيوال محاضر سابق في علم الاجتماع والانثروبولوجيا في جامعة كابول، وقد رحب به تلاميذ المدارس وشيوخ القبائل باعتباره رجلاً استطاع ان يجلب معه السلام والأمن إلى واحدة من أكثر نقاط الارض اضطرابا في أفغانستان.يبدو هذا رائعاً سوى ان الرجل الذي يملك النفوذ الأكبر في هذه الأرجاء يرفض رفضاً قاطعاً تعيين تانيوال، يقول باشا خان زادران، وهو زعيم حرب ضخم الجثة دمث الخلق، انه يملك أحقية ان يكون حاكماً لخوست وباكتيا واقليم باكتيا التي تمثل قلب أرض الباشتون في شرقي أفغانستان ويعتبر قرضاي لا يمثل «الباشتون الحقيقيين». «إنه «قرضاي» يعين الحاكم في الصباح، ثم يعزله ويعين غيره في المساء» يقول السيد خان هازئاً، وقد ارتدى كالعادة عمامة كبيرة الحجم ومعطفاً عسكرياً زيتيا فضفاضاً، وقد تدلى حزام للذخيرة مذهب الأطراف على صدره. وعلى بعد نصف ميل من البلدة يقول الحاكم الجديد في مقابلة بعيد الانتهاء من حفل الافتتاح ان خان قد بالغ كثيراً في تقدير قوته، ويجب عليه ان يتنحى ويتعاون مع قرضاي، انه يعتقد انه رجل مهم، يقول تانيوال عن خان، ويتابع: يريد ان يكون رئيساً لثلاث مقاطعات وان يسيطر على شؤونها العسكرية والمدنية، انه يعين نفسه، يقول تانيوال، وهو رجل رصين المظهر بلحية بيضاء وصوت خفيض، ان تانيوال وخان في واقع الأمر يعودان إلى الوراء كثيراً، فالاثنان وهما في العمر نفسه تقريباً يعرفان بعضهما منذ الأيام التي كان فيها الأفغان جميعاً متحدين ضد عدو مشترك، هو السوفيات، وكان والداهما صديقين أيضاً. ان اختلافهما في وقت آخر ومكان آخر قد ينتمي إلى سياسات البلدات الصغيرة، ولكنها في الوقت الراهن خلافات افغانستان المعلنة بأحرف كبيرة، وتروي الملابس التي يرتدونها الكثير جدا حول الصراع بين أمراء الحرب والصفوة «الانتلجنسيا» في البلاد: فأحدهما يطالب بالسلطة اعتمادا على عدد البنادق الموالية له، في حين يقدم الآخر مؤهلاته باعتباره تربويا وهو ما يوفر له سلاحا من الواضح ان افغانستان في حاجة ماسة له. وللنزاع تعقيدات وأبعاد أخرى، لأنه يهدد بجر الجيش الأمريكي إلى مركزه، وهي منطقة لا تريد ان تجر إليها في الوقت الذي تحاول فيه ان تبقي تركيزها على هدفها الرئيسي: مطاردة مقاتلي طالبان والقاعدة. وقد بدأت أخيراً قوة تقدر بنحو ألف مقاتل بقيادة قوات أمريكية خاصة وقوة طيران، هجوماً رئيسياً في المنطقة الجنوبية الشرقية من افغانستان، وكانت مهمة الحملة المسماة «عملية القنص» تدمير كهوف القاعدة ومخابئها وقتل أو أسر أي مقاتل من القاعدة وطالبان. لقد كان خان وقواته حلفاء ذوي أهمية كبيرة للولايات المتحدةالأمريكية في حربها على الإرهاب في هذا الجزء من البلاد، وفي حين يقول المسؤولون الأمريكيون انهم سوف يبقون بعيدين عن الخلافات الداخلية، فإن ذلك قد يصبح صعباً بالتدريج.يقول خان الذي تلقى هو وقواته الستمائة تدريباً على أيدي قوات أمريكية خاصة، ان الولاياتالمتحدة مدينة لهم بالعرفان لمساعدتهم في القتال ضد القاعدة. ولكن خصوم خان يقولون انهم لا يستطيعون ان يفهموا سبب عدم قيام القوات الأمريكية هنا في خوسن بأي شيء لكبح جماح الفوضى. بالنسبة لقرضاي، فإن خان يمثل تحدياً لسلطته الحكومية.وهي عقبة من المهم لقرضاي ان يتجاوزها قبل انعقاد مؤتمر اللويا جيرغا أو المجلس الوطني في الشهر المقبل، حيث ستكون أمام نحو 1500 أفغاني فرصة تحديد من الذي يجب ان يحكم البلاد وكيف. إن صراع القوة هذا قد يتصاعد ويتحول إلى مواجهة عسكرية حاسمة بين جيش خان وقوات قرضاي الحكومية، التي هي خليط من قوات التحالف الشمالي الذي يهيمن عليه الطاجيك والتي ساعدت في اطاحة طالبان نهائياً، ولكن ينظر إليها ايضاً على انها قوات معادية: يقول أحد القادة في جيش خان، ويدعى مالك جان، انه و200 من البشتون الآخرين كانوا حتى ما قبل أسابيع قد تعرضوا للاعتقال والتعذيب في سجن كابول لأكثر من عشرين عاماً. ومنذ أيام تحدث خان قبيل مغادرته لغارديز، حيث كان عليه ان يقابل وفداً من كابول جاء بحثاً عن تسوية متفق عليها.يقول خان انه لن يتحدث معهم ما لم يعترفوا به حاكماً لاقليم باكتيا، وبعد دقائق أضاف خان انه في الواقع الحاكم الفعلي لاقليمي خوست وباكتيا أيضاً، وان مبعوث الأممالمتحدة هنا قد عينه في هذا المنصب في الخريف الماضي، ويقول خان أيضاً انه ليس هناك من طريقة للتفكير في لقاء تانيوال، الذي يعتبره خان غريباً وغير شرعي. «لقد ارسلوا هذا الحاكم لإثارة مشاكل لي وللشعب، ولست أنا وحدي فقط بل وجميع زعماء القبائل أيضاً نعارضه «تانيوال» لأنه معين من جانب قوات تحالف الشمال» يقول خان. إنه يقول انه واثق من ان الولاياتالمتحدة سوف تبقى بعيدة عن خلافه مع قرضاي، «إنني العدو الأكبر للقاعدة هنا، وأنا أساعد القوات الأمريكية، لذا فإنني واثق من ان الولاياتالمتحدة لن تتدخل».وينفي خان ان قرضاي هو الناطق باسم من يحيطون به، «أنا أفضل منه بكثير، لأنني قاتلت القاعدة» يقول. ويعتقد رجال خان ان قرضاي يلاحق أمير الحرب البشتوني، للانتقام منه لأنه لم يساعده وهو بشتوني أيضاً، خلال محادثات بون للسلام في العام الماضي. * كريستيان ساينس مونيتور خاص