لم يقم شارون بهذه الهجمة الشرسة والمحكمة في الوقت ذاته ضد المدن الفلسطينية في الضفة الغربية عرضاً او انجراراً وراء رد فعل شعبي على عملية نتانيا، فالخطط العسكرية، وهي تتضمن أكثر من سيناريو واحد بالتأكيد، معدة سلفاً، وكذلك القرار السياسي، فرغم انه اتخذ في جلسة حكومة ماراتونية طارئة إلا انه ليس وليد الساعة، بل هو نتاج فعل تراكمي مر بعملية تجربة وخطأ طويلة وحلول وسط كانت فيها بوصلة شارون مركبة من عناصر ثلاثة أساسية: 1 برنامجه السياسي المعارض حتى لأفكار كامب ديفيد. 2 الحفاظ على العلاقة مع الولاياتالمتحدةالامريكية عند صنع القرار السياسي وحساب ايقاع العمل السياسي بتناغم مع هذه العلاقة. 3 الحفاظ على التحالف مع حزب العمل في حكومة «وحدة وطنية». لقد اجل الاعتباران الاخيران القرار السياسي بشأن هذه العملية العسكرية، وقد عجلت باتخاذه العمليات الاستشهادية المتتالية، ولكن الخطة قائمة والقرار موجود. صحيح ان العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية منذ 29 آذار 2002 هي عمليات بربرية ووحشية، ولكن يجب رؤيتها في سياقها السياسي لكي يكون بالامكان تجاوز رد الفعل العاطفي في شوارع العواصم العربية أمام اجهزة التلفاز ورغبة العديدين، الصادقة على ما يبدو، بالاستشهاد المعبر عنها بالانترنت وصرخات بعض الزعماء العرب غير المفهومة لفتح الحدود لهم من اجل التوجه الى فلسطين. وكأن الجماهير المستمعة اليهم تتخيل ان العائق هو الدول العربية المجاورة للحدود وما ان تفتح هذه حدودها حتى تتدفق الجماهير العربية وفي مقدمتها هؤلاء الزعماء وابناؤهم وبناتهم وبطانتهم وموظفوهم نحو فلسطين ليتلقوا بأجسادهم قذائف ورصاص القوات الاسرائيلية، كلام يذكر بعامي 67 و48، ليست هذه الصرخات التفشيشية التنفيسية التي تطرح ما هو غير ممكن إلا الوجه الآخر للعجز ولتجنب فعل ما هو ممكن. يجب ان نفهم السياق السياسي لما يجري، والسياق السياسي هو رفض المجتمع الفلسطيني والقوة السياسية المنظمة املاءات اسرائيل والولاياتالمتحدة فيما يتعلق بشروط التسوية منذ كامب ديفيد مروراً بالتفسيرات الإسرائيلية لمشاريع ميتشل وتينت التي قبلتها السلطة الفلسطينية، لقد بات هذا الرفض الفلسطيني عائقاً ليس فقط، أمام استقرار المجتمع والدولة في اسرائيل ذاتها، بل اصبح أيضاً عائقاً أمام تنفيذ مخططات امريكية عديدة في المنطقة، يعد اهمها للعراق والخليج بشكل عام. لماذا يشكل الرفض الفلسطيني لشروط التسوية الاسرائيلية عاملاً لعدم استقرار المجتمع والدولة في إسرائيل؟ لان الحالة حالة احتلال، وهذه تحول رفض الاملاءات الى حالة مواجهة. والأمور لا تتوقف عند رفض شروط التسوية كما هو الحال مع سوريا أو أي دولة عربية اخرى، بل يعني رفض التسوية في حالة احتلال استمرار المواجهة، ولا يستطيع ياسر عرفات ولا السلطة الفلسطينية ضبط شروط واصول هذه المواجهة. وذلك لعدم وجود قيادة موحدة للمقاومة الفلسطينية تضبط ايقاع المقاومة وفقاً لتكتيك يخدم استراتيجية تنسجم مع هدف سياسي، هذا في أفضل الحالات، ولكن الواقع تجاوز التعددية الى التنافس والخصومة والاحباط والافشال المتبادل بين التوجهات المتعددة في السلطة والمعارضة، كان رفض الاملاءات السياسية الاسرائيلية، ومازال، وسوف يبقى تعبيراً حقيقياً عن موقف المجتمع الفلسطيني في الداخل والشتات، ولكننا اكدنا دائماً ان هذا الموقف يجب ان ترافقه استراتيجية مقاومة تذهب الى جعل ثمن الاحتلال غير ممكن التحمل بالنسبة إلى الإسرائيليين على المدى البعيد اضافة الى تمكينه المجتمع الفلسطيني على تحمل النضال لفترة طويلة يستطيع خلالها ان يعيش ويناضل، وان يواصل الحياة ويقاوم، وهذا يعني ترشيد وسائل النضال. وهذا لا يعني اخضاعها لاستراتيجية سياسية موحدة فحسب، بل يعني أيضاًً تقسيط النضال وتوزيع ايقاعه، حتى عندما يتم داخل الارض المحتلة عام 67، بحيث لا يجر الاحتلال الى حرب وعملية «كسر عظم» شاملة. فحركة المقاومة بحكم تعريفها لا تدفع باتجاه المواجهة الشاملة كالجيوش، بل تتجنبها بحثاً عن الاستمرارية التي لا تستطيع دولة ذات سيادة مثل دولة الاحتلال ان تتحملها ولكن الشعب الواقع تحت الاحتلال يتحملها. لقد فات وقت هذا النقاش حالياً وأصبحت العملية كسر عظم ومواجهة شاملة، ولكننا نرجو الاستفادة من هذا النقاش مستقبلاً، لان احتلال المدن الفلسطينية من جديد سوف يتطلب استراتيجية مقاومة موحدة مرة أخرى، وهذا يعني تشييد البنى التنظيمية اللازمة لذلك والقادرة فيما بعد على رفض الاملاءات السياسية التي لم تقبل قبل الهجمة الاسرائيلية الاخيرة، وطرح البديل السياسي اللازم، لو توفرت البنى التنظيمية القادرة على الاستمرار بالمقاومة ضمن استراتيجية سياسية موحدة تكون هذه الهجمة الاسرائيلية الاخيرة آخر جولات الاحتلال وصولاته، ومقدمة لحسم المعركة معه، لان العودة الى مفاوضات جزئية باتت غير ممكنة، ولان ما هو مقبول اصبح واضحاً وكذلك ما هو غير مقبول، والاهم من ذلك كله، لان هذه العملية الاخيرة سوف تثبت ان القوة في اقسى حالات استخدامها لن تكسر ارادة الشعب الفلسطيني. تحاول اسرائيل عبر هذه الحملة العسكرية المعدة الخطط سلفا في ادراج وزارة الامن الاسرائيلية ان تجتث الحركة الوطنية من جذورها، ويتم ذلك عبر تقسيم المدن الفلسطينية الى مربعات «squares» يتم بعدها تمشيط عمارة عمارة وشقة شقة بحثاً عن السلاح وعن جيل بأكمله قادر على حمل السلاح ولو بالاحتمال، ستقوم اسرائيل بتعبئة كومبيوترات وزارة الامن بالمعلومات عن هذا الجيل وسوف تعتقل البعض وتعدم البعض الآخر بناء على قوائم معدة سلفاً، وبشكل عشوائي بغرض الارهاب والتخويف. فشارون يؤمن بالعقيدة الرهيبة ان «القوة تنفع» وان «الارهاب يكسر الإرادة» ولذلك فهو يقوم حالياً بارهاب المجتمع الفلسطيني بشكل منهجي اضافة الى استهداف جيل كامل من الفلسطينيين بتجريده من السلاح او من الأمل او من الجدوى، أي من الايمان بجدوى النضال. كما تستهدف اسرائيل القوى السياسية الفلسطينية المنظمة بما في ذلك من يقاوم من السلطة الفلسطينية ذاتها. ان ما يجمع هذه القوى المستهدفة هو القوة على قول لا لاملاءات اسرائيل وامريكا، وتعتقد الحكومة الاسرائيلية انه بعد الانتهاء من هذه القوى سوف يكون بالامكان مفاوضة الفلسطينيين أنفسهم الذين تمت مفاوضتهم في الماضي مع تمكينهم من قول نعم. هذا ما يقصده شارون عندما يقول: سيكون بالامكان التوصل الى تسوية بعد «اجتثاث»، وبما ان الهدف السياسي الاسرائيلي واضح من المفروض ان تكون استراتيجية المقاومة واضحة أيضاً. وفي الوقت الذي يتركز فيه الانتباه الجماهيري والإعلامي على ما يجري في «مبنى المقاطعة» في رام الله حول الرئيس المنتخب المحاصر، فإنه يتم تنفيذ الجريمة في المدن الفلسطينيةالمحتلة ومن بينها رام الله. لماذا استهدفت اسرائيل ياسر عرفات أيضاً؟ كل من يعرف ياسر عرفات يعرف أيضاًً انه شكل في السنوات الأخيرة العائق السياسي داخل السلطة الفلسطينية في وجه الاملاءات الإسرائيلية، ومن لم يكن متأكداً من ذلك تأكد منه بعد كامب ديفيد..ومنذ فشل كامب ديفيد تركز التحريض الإسرائيلي على عرفات شخصياً إلى درجة التسريب المستمر للصحافة الإسرائيلية «المقربين منه» قد ضاقوا ذرعاً برفضه وتملصه الدائم. والتملص الدائم هو سلاح الضعيف عندما يرفض القبول ولا يستطيع الرفض صراحة، لأنه يتجنب المواجهة الشاملة، ولكن ياسر عرفات لم يتمكن من التحكم في ايقاع المقاومة التي جرته إلى مواجهة شاملة، لا أعتقد أنه كان راغباً بها أو مستعداً لها. لقد عزل ياسر عرفات عن العالم الخارجي لكي تثبت إسرائيل نظريتها أنه لم يعد مهماً أو ذا علاقة بما يجري irrelevant، فالعزل الإسرائيلي القسري عما يجري هو تجسيد لحالة اللاعلائقية irrelevancy، وقد يصل هذا العزل حد الطرد والابعاد خارج الوطن في عملية مراجعة نهائية لاتفاقيات أوسلو وافرازاتها. ولكن ليس بالضرورة أن تنجح إسرائيل فيما تعد له في هذا السباق أيضاً، فالرئيس الفلسطيني يرفض ويقاوم الابعاد، وهذا يعني أن تستنتج إسرائيل نتائج أخرى تماماً، وهنالك لحظات تاريخية يشكل فيها قرار القائد الشخصي ولغته عاملاً حاسماً في اتجاه التطور السياسي. لا شك أن عملية عزل ومحاصره الرئيس عرفات هي عملية اذلال للشعب الفلسطيني والأمة العربية ولذلك يلقى هذا الحصار رد فعل غاضباً بهذا الشكل في العالم العربي، فمنذ بدأ الصراع بين الصهيونية والعرب لم تقدم إسرائيل على اعتقال قائد عربي أو اهانته أو التنكيل به. وتحاول إسرائيل بمحض هذا التصرف أن ترمز إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني والغريب في الأمر أن اقتراح شارون في جلسة الحكومة كان من أجل ابعاد عرفات، ولكن قرار العزل اتخذ كحل وسط نتيجة لاعتراض حزب العمل على الابعاد، ولكن قادة حزب العمل يبدون مبالاة أقل بمصير عرفات كلما مر الوقت، أما ران كوهين أحد قادة ميرتس الأشاوس والذين يعبرون عن قرفهم واشمئزازهم من عرفات بمناسبة ومن دون مناسبة فيقول إن مصير عرفات يهمه «كقشرة توم» «تشبيه عبري ذو رائحة غير لطيفة». تم العدوان الإسرائيلي الهمجي على المجتمع الفلسطيني وقواه السياسية بتنسيق مع أمريكا وبوجود زيني المأمور بالاستمرار بالتواجد في المنطقة وكأن العدوان جزء من مهمته أي إنه سيتابع نتائج العدوان السياسية، لم يتم هذا العدوان بضوء أخضر أمريكي بل بمشاركة أمريكية في تخطيطه سياسياً وبرأي أمريكي مخابراتي أمني أيضاً، وازاء تشابك العلاقة الأمريكية الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة وازاء حجم هذا العدوان واسقاطاته الاقليمية لا يمكن تصور ما هو أقل من ذلك. وما من شك أن الولاياتالمتحدة تعول سياسياً على نتائج هذا العدوان لوضع مخططاتها العسكرية ضد العراق ومن أجل «استقرار الخليج» بإمكان الولاياتالمتحدة أن ترصد بدقة عبر سفاراتها في المنطقة والعالم ردود الفعل على هذا العدوان وتحث إسرائيل على إنهاء المهمة بأسرع وقت ممكن، ومن هنا أيضاً أهمية ردود الفعل الشعبية في الوطن العربي، ومن هنا أيضاً أهمية الفعل العربي الرسمي ازاء الولاياتالمتحدة، وهو غير قائم حالياً، وما هو موجود هو اتصالات ثنائية بين بعض الدول العربية وأمريكا. قرار المواجهة الإسرائيلي، أي قرار الحرب على السلطة الفلسطينية، هو قرار نهائي ولا يمكن اعتبار هذه الحرب مجرد عملية عسكرية اسرائيلية ترافقها الجهود الدبلوماسية، بل هذه حرب بكل معنى الكلمة، ويجب أن يواجهها الفلسطينيون والعرب، ثم أن يواجهوا نتائجها، وأهم ما في الموضوع ألا تنتهي هذه الحرب بالتوقيت الذي ترغبه إسرائيل لأن نهايتها عندئذ تكون كاعلان انتصار، المهم أن تستمر المقاومة الفلسطينية اليوم وغداً وبعد اعلان إسرائيل لنهاية عمليتها العسكرية، وهذا هو الفشل الإسرائيلي ذاته، والمطلوب هو تشييد البنى التنظيمية القادرة على القيام بهذه المهمة وبحمل الاستراتيجيات السياسية اللازمة، وتشمل هذه فيما تشمل البرنامج السياسي للعمل، أي البرنامج السياسي الذي تطرحه المقاومة للعالم، وكرسالة إلى اسرائيل وإلى المجتمع الدولي بأكمله. ولا يجوز في هذه الحالة التراجع عن المبادرة العربية السياسية من بيروت، فالبرامج السياسية ليست منديلاً للاستخدام لمرة واحدة، وهذه أحرجت شارون، ولا شك أن توقيت الهجمة الإسرائيلية قد أخذ بعين الاعتبار اضافة إلى عملية نتانيا ضد المدنيين في بهو فندق ليلة عيد، واضافة إلى عطلة عيد الفصح في أوروبا والولاياتالمتحدة، قد أخذ أيضاً بعين الاعتبار مأزقه في الاجابة على المبادرة السياسية العربية، ولن يمر هذا المأزق بنهاية هذه الحرب فالأسئلة السياسية لن تتغير وحاجة اسرائيل أن تجيب على هذه الأسئلة لن تتغير أيضاً، خاصة إذا منع الدم الفلسطيني المسفوك أحداً من قبول ما دفع هذا الثمن لرفضه. لقد طالبت الولاياتالمتحدةالأمريكية العرب بقبول المبادرة السعودية دون أن تلتزم بها، ودون أن تدعو إسرائيل لقبولها. فقد اعتبرت أمريكا هذه المبادرة «خطوة ايجابية» من العرب، ويستدل من ذلك أنه يجب أن تتبعها خطوات أخرى، لقد شجعت الولاياتالمتحدة العرب إذاً على تخفيض سقف التفاوض كمقدمة لتنازلات أخرى، وكان هذا هو التكتيك الأمريكي في كامب ديفيد، أن يقبل الفلسطينيون أفكاراً غير ملزمة لإسرائيل يبدأ من عندها التفاوض من جديد، يجب أن يصر العرب إذاً على أن هذه المبادرة السياسية هي أساس التفاوض وليست سقفه، كما يجب أن يذكروا العالم أن نفس المجتمع الإسرائيلي المجند والمعبأ للحرب البربرية حالياً كان سيقبل هذه المبادرة لو قبلتها حكومة إسرائيل، أو لو استخدمها حزب العمل كبرنامج سياسي للخروج من الحكومة. لكن حرب العمل هو شريك شارون في السياسة وفي الجريمة، هذه الجريمة التي بدأها باراك ويقوم شارون حالياً بدفعها إلى نهايتها القصوى. خرجت الشعوب العربية للتعبير عن سخطها وغضبها، ولا يمكن إلا أن نعتبر هذه التعبيرات صحية، فالمجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية تغلي كالمرجل، وهي تعبر عبر القناة الفلسطينية الشرعية عن احباطاتها من أمور عديدة، ولكننا شاهدنا هذه المظاهر في بداية الانتفاضة، ولم تتابع هذه، ولم تواصل، ولم تترجم إلى سياسة لأن المعارضات العربية لا تقل عجزاً من الحكومات العربية كونها لم تبلور قوة سياسية ديموقراطية موحدة، والخطاب السياسي الحكومي عاجز ومرتبك ولكن خطاب المعارضة يسوده أيضاً الولولة والنحيب والمبالغة المحبطة والميئسة والدعاوى على إسرائيل التي تكاد تصل إلى حد كتابة الأحجبة لمسخ شارون وحكومته بالنعوت والأوصاف، ولو كان في الدنيا سحر حقيقي لسمخته قرداً منذ فترة طويلة من دون الحاجة إلى رسم صورته كالقرد وتوزيعها على البريد الالكتروني أحجبة على الانترنت والبريد الالكتروني من قبور الأولياء.. هذه آخر التقليعات. وهنا لابد من ملاحظة للتغطية الإعلامية، ليس لأنني أعتقد أن الإعلام صانع الأحداث بل لأن غالبية هذه الأمة تجلس في هذه الأيام وتنتقل من محطة تلفزيونية إلى أخرى باحثة عن المحطة التي تشمل في تقاريرها عدداً أكبر من الضحايا، وتعبر بلغة تصويرية أكثر عما يجري في شوارع فلسطين، فالمحطة التي تقدر عدد الذين استشهدوا بثلاثة وعشرين يجب أن تخجل لأن هنالك أخرى تقول ثلاثين، ولو صحح الأمر صحفي وقال ثلاثة قتلى، وان هذا بحد ذاته كثير في بناية واحدة، وأنه لا يوجد قتلى في بناية الأمن الوقائي خلافاً لما أعلنته احدى الفضائيات فهذا يعني أنه يجمل إسرائيل، ولا يدرك المبالغون المولولون الندابون النواحون أنهم يحبطون عزائم المدينةالفلسطينية عندما يتحدثون عن استخدام الناس كدروع بشرية وعن الترانسفير، لقد قامت مؤسسة الاشاعة الفلسطينية في حينه بتحويل مجزرة دير ياسين، التي حصلت فعلاً دون الحاجة إلى التضخيم، إلى أكبر شاحنة إسرائيلية للتهجير.لا حاجة إلى المبالغة في حجم الجريمة الإسرائيلية، فهي كبيرة بما فيها الكفاية، ولا حاجة إلى الندب والنواح والصراخ في وسائل الإعلام كأن الأمة كلها مجموعة تصرخ وامعتصماه كتلك المرأة الأسطورة التي ظهرت في حلم المعتصم من الفرق أن هذا يتم في الواقع وبالبث المباشر لا في الحلم، ولا معتصم ولا يحزنون. انها معركة، إنها حرب، وفي الحرب يحسم الأمر من يجمع قواه أكثر ومن لديه خطة استراتيجية أفضل، ومن هو أقدر على الصمود لفترة أطول في حالة حرب المقاومة الشعبية، ومن يقدر على مخاطبة الرأي العام بشكل أفضل وأكثر مصداقية، وليس من يكثر من الصراخ بصوت أعلى أو يستدر ويعبئ ويفرغ عواطف الناس في معسكره توالياً.