لقد أوصانا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بأنه إذا أصبحنا لا ننتظر المساء وإذا أمسينا لا ننتظر الصباح وذلك استعدادا للموت في أي لحظة فكانت كذلك صالحة السروجي، أصبحت لكنها لم تمس فكانت أياما قلائل مرت بسرعة كسرعة البرق لم نكن نعلم ان تلك الساعات ساعات وفاتها عند الاحتضار ووصاياها وطريقة كلامها وحدثت تغيرات كثيرة بشكل مفاجئ لم تكن تعلم انها أيامها الأخيرة. سبحان الله لم تكن تُضيّع في الكلام «وتخرّف» بل كان كلامها كأنها واعية فسبحان الذي ثبتها على الإيمان حتى آخر لحظة من حياتها حتى لدرجة انه سألها أحد الأطباء عن معلومة في يوم الخميس قبل وفاتها بيوم فأجابت له اجابة شافية وشرحت له كأنها تشرح لأحد طالباتها في الكلية.. فسبحان الله الذي ثبتها على الإيمان حتى اللحظات الأخيرة. فقبل وفاتها بأسابيع ذهبت إلى مكة لتأدية العمرة وجلست في الحرم من بداية شهر رمضان حتى انتصافه ثم رجعت للمدينة فكأن رجوعها للتوديع، تودع أولادها وبناتها وأهلها وسافرت إلى جدة يوم السبت 23/9 لأخذ الجرعة السادسة لكنها لم تأخذها لأن المرض استفحل بها فبقيت بعد ذلك أسبوعاً فقط ثم توفيت يوم الجمعة 29/9 ليلة الثلاثين، آخر ليلة من رمضان وكانت في ذلك الأسبوع أوصت بمكتبتها بالتبرع ونشر كتاباتها ومقالاتها وطبع كتاب لها تاريخي كان جاهزاً لكن بسبب المرض لم تتمكن من طباعته وأوصت زميلاتها، وأوصت بدفنها في المدينة بالبقيع، وأوصت بأمور كثيرة، وكانت آخر مقالة كتبتها في جريدة المدينة في زاويتها الأسبوعية «لحظة صدق» كانت بعنوان «روحانيات إيمانية» تكلمت فيها عن شعورها وهي في جنبات الحرم وعن العشر الأواخر. وقيل في المثل «كما تدين تدان» فكما هي جلست عند والدتها واعتنت بها حتى آخر لحظة من حياتها فسخر الله من يعتني بها حتى آخر لحظة من حياتها فسبحان الله العظيم. ولكن الحمد لله كانت خاتمتها كريمة والكل يغبطها على ذلك حيث انها توفيت وهي تقرأ القرآن وتسمعه وهي في الغيبوبة، وفي يوم الجمعة وفي ثلث الليل الأخير ، في آخر ليلة من رمضان يغفر الله لجميع عباده المؤمنين ويعتق رقابهم من النار، وصلوا عليها في مغرب يوم الثلاثين من رمضان في المسجد النبوي ويقال انه إذا صلى على الميت مائة نفر غُفر له، فكيف إذا كان أكثر من مائة ألف؟ رحمها الله رحمة واسعة. وسبحان الله فإنها وهي في الغيبوبة لم تنم إلا على اليد اليمنى وهي على القبلة، وفي يوم الخميس ليلة الجمعة نامت تلك الليلة ثم استيقظت فجأة وهي فرحة وتنادي «سامية» قد رأيت رؤيا بأرض خضراء.. ولكنها لم تقدر على الوصف الجيد من شدة الفرح، ثم صلت الفجر وقرأت القرآن «سورة يس» ثم أفطرت وكانت أول مرة تفطر وتأكل ولم تخرج ما أكلته. ودخلت في غيبوبة كانت تضحك فرحة ومسرورة طوال الوقت حتى جاءت الساعة الثانية ليلا وكنت أصلي وسمعت في صلاتي غرغرة وكنت أظنها غصة فقطعت صلاتي ورفعتها وضربت على ظهرها لكن الغرغرة لم تذهب ولم أكن اعلم ان هذه هي الروح تخرج ثم خرج من فمها دم بكميات كبيرة فاستدعيت الممرضة فأخذت تمسح الدم الذي على الفراش والملابس ومن ثم زادت كمية خروج الدم من الفم والأنف معا ثم نظرت إلي وأمسكت بي وما رفعتها إلا وخرجت روحها وهي على يدي وحدث ذلك كله في دقائق، ثم نقلت من جدة إلى المدينة ودفنت في البقيع.. فرحمها الله رحمة واسعة وأدخلها فسيح جناته وجعل قبرها روضة من رياض الجنة فقد تحملت وصبرت في هذه الدنيا ما لم تتحمله الجبال ولم تكن تشتكي همها إلى غير الله تعالى.