القبض على (6) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (90) كجم "قات"    والد الإعلامي صالح العمري ذمة الله    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم البرنامج الدعوي في الأمن الفكري    رسوم ترمب الجمركية.. ضغط سياسي أم هيمنة اقتصادية؟    الصين تجدد التحذير من الموجة الحارة في عدد من المناطق    فحوصات طبية شاملة واختبارات بدنية للاعبي الهلال    سون يعلن نهاية حقبته مع توتنهام    أمير القصيم يدشن انطلاقة حملة "كبدك"    أسواق المملكة تزدان بأجود أصناف العنب وكميات الإنتاج تتجاوز (122.3) ألف طن    تحديد مطالب نانت لبيع مصطفى محمد إلى نيوم    30 شهيدًا في غزة اليوم و 169 وفاة بسبب الجوع منذ بدء الحصار    السمحان ل«الرياض»: هيكلة الصكوك تعزز الشفافية وتفتح المجال لتمويل المشاريع    محافظة جدة تستضيف فعاليات "مختبر الذكاء الاصطناعي" لدعم رواد الأعمال    الأطفال نجوم معرض المدينة للكتاب    تطورات مفاوضات الهلال لضم نونيز    سبيس إكس تنقل طاقمًا جديدًا إلى محطة الفضاء الدولية في رحلة قياسية    الداخلية : ضبط (22147) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    أمطار غزيرة وسيول متوقعة جنوب وغرب المملكة    ورشة في معرض المدينة تحذر من الضجيج المعرفي    أمانة الطائف تكثِّف جهودها بالتزامن مع الحالة المطرية التي تشهدها المحافظة وضواحيها    ارتفاع أسعار الذهب    مهرجان كأس العالم للرياضات الإلكترونية يعلن عن إقامة مباريات استعراضية للألعاب    الأهلي يتعاقد مع أبو الشامات ويمدد عقد فلاتة    رمزية «القائد» تلهم السعوديين        جامعة الإمام تمنح الباحثة البحرينية أسماء خالد درجة الدكتوراه بامتياز    كأس العالم للرياضات الإلكترونية.. فريق Team Liquid يواجه SRG.OG في نهائي بطولة ML:BB MSC    شراكة بين جمعيتي "سقيا جازان" و "بر أبوعريش" لدعم العمل الخيري بجازان    ليون الفرنسي يمدد تعاقده مع تاجليافيكو حتى 2027    "الهلال": القحطاني يلتحق بمعسكر الفريق الخميس المقبل    مستشفى الملك فهد الجامعي يفعّل اليوم العالمي لالتهاب الكبد الوبائي    البحث عن مصطفى سعيد بحث عن المعنى ورواية يقتحمها مؤلفها ليصبح واحدا من شخصياتها    الحذيفي: تقوى الله طريق النجاة والصراط أعظم ساعة كرب    الشيخ الدوسري: المملكة نموذج يُحتذى في التقدّم التقني دون تفريط بالقيم    العادات الدخيلة على مجتمعنا    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    أمير المدينة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    الغرق.. أسبابه والحاجة لزيادة الوعي    اكتشاف جديد يمهد لعلاج التوحد    مدارس الرياض.. خمسة عقود من التميز والعطاء    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    أمير منطقة المدينة المنورة يزور معرض الكتاب ويشيد بمكانة المدينة الثقافية    السعودية ترحب بإعلان حكومة البرتغال عن بدئها بالإجراءات التي تمهد لاعترافها بالدولة الفلسطينية    محافظ الطائف يوجه بإغلاق منتجع شهد سقوط إحدى الألعاب والتحقيق في ملابسات الحادثة    تكريم "التخصصي" لدوره في تعزيز الصحة المجتمعية بالمدينة المنورة    مؤتمر حل الدولتين: إطار زمني لإقامة دولة فلسطينية خلال 15 شهرا    هجوم روسي على منشآت تدريب أوكرانية    14 قتيلاً برصاص الاحتلال في غزة.. نزيف مستمر قرب مراكز المساعدات    9 مليارات ريال كفالات تمويلية    موجز    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    ضبط 12 مروجاً ومهرباً و380 كجم من المخدرات    التجارة تستدعي 96 طقم أكواب زجاجية للأطفال    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القَرَويّ الأَخِيرُ
نشر في الجزيرة يوم 09 - 03 - 2020

يبدو أنني «آخر القَرويِّين» الذين ينتمون إلى جيل نشأ في قرية صغيرة ما قبل ثورة الإنترنت التي جاءت لتنهي حقبة تنافسية طويلة بين مجتمع القرية والمدينة، والتي كان معيار التفوق خلالها يعتمد على القرب من منافذ الاتصال والتواصل والارتباط بمصادر الخدمات والمعرفة والأعمال مما مكّن سكّان المدينة في تلك الفترة من توظيفها لصالحهم وتطوير أسلوب حياتهم، بينما بقي سكان القرية في شبه معزل عن ذلك العالم الخارجي مما نتج عنه ذلك الاختلاف في مواكبة مظاهر الحضارة بمختلف أوجهها.
لا زلت أتذكر عندما كنت صغيراً مستوى التباين الذي كنت أعيشه في زيارتنا الربع سنوية حين كنا ننتقل من قريتنا الصغيرة «عودة سدير» إلى منزل جدي لوالدتي عبدالله بن عبدالرحمن أبو حيمد -رحمه الله- في حي أم سليم بالرياض قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، لقد كانت المحلات المحيطة بدوار (أم سليم) تمثل وجهة سياحية بالنسبة لي، بل كانت هي ال «داون تاون» بمقياسي الإنساني آنذاك، تفاصيل صغيرة عالقة بذاكرتي لا يمكن نسيانها تبرهن على تلك المسافة الحضرية بين المدينة والقرية لطفل صغير لم يتجاوز السبع سنوات، ثمة حوار كان بداخلي حينها لم أتمكن من خلاله الوصول إلى نتيجة تمكنني من فهم ذلك المشهد.
اليوم وبعد دراستي وتجربتي العملية في التخطيط والتصميم العمراني وإدارة المدن طوال السنوات الماضية بدأت أجد إجابات مقنعة لذلك الحوار الذي أشغل فكر طفل عاش نشأته بين القرية والمدينة، فهو في الأخير نتاج بيئته، الفرق الجوهري يكمن في الأدوات الحضرية التي تساعد في إدراك المكان وبالتالي استثمار مقوماته في تعزيز وتطوير ما يمتلكه الفرد من قدرات بشرية فطرية.
يتحدث عالم الاجتماع «كلايد ميتشل» عن فكرة الانتقال إلى المدينة والإقامة فيها كشرط للتحضر أو كما يصفه بنمو أشكال وقواعد السلوك التي تميز المناطق الحضرية، ربما كان هذا المفهوم مقبولاً قبل الثورة التقنية أما الآن فالأمر مختلف تماماً، وربما لو عاد السيد «ميتشل» لمراجعة ذلك حتما سوف يتنازل عن هذا المعيار بعد التحول الذي طرأ على تنافسية التجمعات الحضرية بمختلف أحجامها.
قاطنوا القرى والمدن الصغيرة عاشوا معاناة كبيرة مع تلك العزلة إبّان حقبة (اللا إنترنت)، لكن اليوم اختلفت المعادلة، حيث يقف الجميع على مسافة واحدة، فلم يعد هناك فروقات تذكر، فتقنية الاتصال ساهمت في تطور العلاقة بين مقدم الخدمة والمستفيد وبناء منظومة تمكن كلا الطرفين من الإيفاء بمتطلبات الآخر فمن يسكن القرية يمكنه الوصول إلى أي مصدر معرفة على وجه الأرض، والاشتراك في أي خدمة عن طريق شبكة المعلومات العملاقة والحصول على أي منتج حتى عتبة بابه، لقد تلاشى متغير المكان ولم يصبح عنصراً تنافسياً، وباتت تقنية الاتصال العامل الأول في فرض تكافئ الفرص.
لطالما كانت «القرية» مصدراً رئيساً للثقافة والحضارة والعلم والمعرفة، وانطلق من أروقتها أغلب المفكرين والعلماء ورواد التنمية، وهي الحاضن للقيم والمبادئ الإنسانية، أنا ابن القرية وأفتخر بأنها المرحلة الأهم في رحلة الحياة، وأجمل محطات العمر، والأرض الأكثر إلهاماً نحو مواصلة الطريق إلى المستقبل، الانتماء إلى الأماكن يعزز الرغبة في معانقة تفاصيلها، فلا قيمة لأي إنسان لا يعتز بالمكان الذي تشكلت فيه هويته وثقافته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.