باكستان: الهند أطلقت صواريخ باليستية سقطت في أراضيها    الخليج يجدد عقد "بيدرو" حتى عام 2027    أرتيتا يصر على أن أرسنال «الأفضل» في دوري أبطال أوروبا    ميلان يقلب الطاولة على بولونيا في "بروفة" نهائي الكأس    القبض على 3 هنود في عسير لترويجهم (63) كجم "حشيش"    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يصعد إلى 63.91 دولار    الهلال يعلن انتهاء موسم لاعبه"الشهراني" للإصابة    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    محمد الدغريري يكتب.. الملكي يُعاقب القارة    مشروع البحر الأحمر: أيقونة الجمال وسرعة الإنجاز    الإعلان عن أندية الدرجة الأولى الحاصلة على الرخصة المحلية    المملكة تبحث مع الدنمارك فرص توطين الصناعات الدوائية    بدء محادثات بوتين مع السيسي في الكرملين    «سلمان للإغاثة» يختتم مشروع نور السعودية التطوعي في جزيرة زنجبار بتنزانيا    المملكة توزّع 2.000 سلة غذائية وحقيبة صحية في محافظة الحسكة السورية    من أجل ريال مدريد.. ألونسو يُعلن موعد رحيله عن ليفركوزن    مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر يعزز ريادته في مجال التنظير العلاجي بإنجاز طبي جديد    أموريم يقر بأن يونايتد يستحق الانتقادات رغم وصوله لنهائي يوروبا ليغ    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    جوازات المدينة تستقبل أولى رحلات حجاج جيبوتي    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    إيران والردع النووي: هل القنبلة نهاية طريق أم بداية مأزق    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    أمير منطقة الجوف يختتم زياراته التفقدية لمحافظات ومراكز المنطقة    مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في صبيا يشهد إقبالًا استثنائيًا في يومه الثاني    قيمة المثقف    الرياح الأربع وأحلام اليقظة    أوامر ملكية: تغييرات في إمارات المناطق وتعيينات قيادية رفيعة    الحج لله.. والسلامة للجميع    الرواية والسينما وتشكيل الهوية البصرية    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    مرضى الكلى.. والحج    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    الحجيج والهجيج    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم الملتقى العلمي الرَّابع لطلبة المنح الدِّراسيَّة    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    تصاعد التوترات بين البلدين.. موسكو وكييف.. هجمات متبادلة تعطل مطارات وتحرق أحياء    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    الرُّؤى والمتشهُّون    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن العلي التركي العمرو.. للرحيل لونٌ آخر..


(1)
** كان أصيلًا بطعم الغسق، غادره الشعر، وهجرته المشاعر، وبدا بلون الريح العاصف والرعد القاصف والحلم الثقيل والليل الطويل؛ فهاتفُ الدقيقة الواحدة أعاد التوقع إلى التقوقع والخطة إلى خبطة والأمل إلى يباب، ولم يبدُ الفاصلُ ذا مسافةٍ مكانية أو بعدٍ زماني؛ فقد انتقل من المتعة إلى العتمة ومن الاشتياق إلى الاحتراق.
** وكما الحبر أسود؛ فالانتظارُ أسود والتوجس أسود، واختزالُ الوقت يشبه الموجة الغائمة، والقفز على المكان سباحة عائمة، والبحر لجيٌّ، وليس الشجيُّ كالخليّ.
** لم يسقط فنجانُه من يده لكن قلوبًا سقطت من أعماقها، ولم يكتمل الحديث فانداحت الدائرة، ولم يصل الموعد للوعد، ولم يكتمل اليوم بالغد، وما كان الفارق غير أيامٍ صار لها حجمُ الأعوام.
** لمس رأسَه كمن يشكو من دوران، ثم مال به على كتفه كإغفاءة استراحة، لم يَتعبْ ولم يُتعبْ، بقيت في قاع فنجانه قطراتٌ لم تكن من نصيب دنياه، ضج الفضاء حوله وظل هادئًا في مرقده، وتوقعها الأطباء جلطة فوعوا وسعوا وبذلوا وبدَّلُوا، ولم يعد الغائب، وأُعلن الرحيل ولم تكمل الإغفاءة سبعين ساعة.
(2)
** الصمت في حضرته صوت؛ فإما إفادة أو استفادة، والصوت عنده أفقٌ يضيءُ، فلا لغوَ ولو لغَوا، ولا إسفاف ولو ولغُوا، الكتاب لا يفارقُ عينيه، يتفقد مكتبته، ويُقلقه ألا يجد كتابًا في موقعه، وفي آخر أيامه تساءل عن كتاب «تجديد ذكرى أبي العلاء» بعدما استعاد بقراءة متجددة: (مع أبي العلاء في سجنه)، وكلاهما للدكتور طه حسين، واهتم حتى يومه الأخير بالأستاذ عبدالله القصيمي واستعاذ من الحَور بعد الكور، ورأى أن كتابه (هذي هي الأغلال) في منتصف المسافة بين تطرفين، وتمنى لو وجد من يحاوره فلم يجعله كافرًا ولم يرقَ به مفكرا.
** يُسأل فلا يستعجل الإجابة ادعاءً ولا يتمهل استرخاءً، يحب الحوار العلمي ويأنس بالمتحاورين، ويسعده البحث عن معلومة تائهة والتدقيق في مسألة شائكة، وقبل أن يتقاعد عُرض عليه التدريس الجامعي فاعتذر عن الرسمي لكنه استجاب للتطوعي مخصصًا وقتًا لبعض طلبته فتدارس معهم أحد كتب النحو في المسجد، وما كان شيءٌ أحبَّ إليه من النقاش في قضايا النحو والبلاغة والأدب والتأريخ.
** كان يقرأ للتعلّم فصار يقرأ للمتعة، وكان يوثق للتحقق فصار يوثق للتدفق، وبجانب الكتاب سجله «الأصفر» يُدون عليه بعضَ ما يستوقفه بعدما شاخت الذاكرة الاستدعائية، وفي مناسبة وفاءٍ قريبة طلب منه الحديث فأوجز مستشهدًا ببيتي الأديب السوري إبراهيم الحوراني:
أسفًا عليها ذاكرةْ
سبقت لدار الآخرة
كانت تدور على النهى
دارت عليها الدائرة
(3)
** لم يكن الورقُ رفيقَه الأوحد فقد استجاب لمتغيّرات التقنية فاعتاد -عبر جهازه اللوحي «الآيباد»- على قراءة الصحف ومتابعة الأخبار ومطالعة «اليوتيوب»، ولن يعجب من يراه ملمًا بأخبار الدوري الكُروي حين يعلم أنه محبٌ للرياضة ماقتٌ لتعصبها.
** بقي ممتَّعًا بسمعه وبصره وحضوره الذهني شاكرًا أنعُم الله عليه؛ فلم يحتج إلى سائق ولم يركن إلى أدوية ولم يفرغ له طبيب ولم يشكُ من ضغط أو سكر، ولولا معاناته القديمة من آلام الديسك التي لم تُعقه عن الحركة لما أجرى عملية ولما ارتاد مستشفيات.
** ابتدأ حياته سائقًا في خفر السواحل بجدة وكاد يستقر هناك لولا استدعاء والده له، وأقنعه أصدقاؤه -وقد عرفوا مقدرته العلمية وشغفه بالقراءة- بالعودة للدراسة فقُبل في الصف الثاني التمهيدي «ما يعادل السادس الابتدائي» وأكمل دراسته حتى تخرّج في كلية اللغة العربية منتظمُا، وخبر التدريس أكثر من ثلث قرن في المدرسة الفيصلية بعنيزة وفي معهدي حائل وعنيزة العلميين.
** والدي: عبدالرحمن العلي التركي العَمرو -رحمه الله -؛ ولد في شهر شعبان عام 1352ه وانتقل إلى جوار ربه في الرابع من شهر الله المحرم 1441ه (1933-2019م)، وكانت جنازته مشهودة ووداعه مهيبًا، وإذ رسمت الهيبةُ معلمَها في حياته فقد رافقته في مماته بالجامع والمقبرة والمنزل وما امتلأت به الوسائط الرقمية؛ فاللهم إنا استودعناك إياه فأودعه رحمتك.
(4)
** الغياب فاتحةُ الإياب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.