ومن المعلوم أن لكل لغة من لغات العالم ما تستحقه من اهتمام وعناية وتقدير لدى الناطقين بها وللغة العربية في المنظور العربي والإسلامي منزلة عالية هي جديرة بها وقد شهد بتفوقها باحثون ومتخصصون ليسوا محسوبين على العرب بخاصة ولا على المسلمين بعامة ولكنهم من خلال دراستهم للغة العربية والتعرف على مزاياها شهدوا بما علموا بحيادية وبإنصاف انظر المقالة المنشورة في جريدة الجزيرة بتاريخ 5 محرم 1433ه تحت عنوان «اللغة العربية الفصحى في منظور العلماء والمفكرين» وشهد للغة العربية بالتفوق باحثون ومختصون من العرب قديماً وحديثاً وطالبوا بسيادة اللغة العربية في التعليم العربي في جميع مواد المناهج. وفي هذا السياق يقول أحمد سليمان وهو متمكن من اللغة العربية والإنجليزية وأستاذ كبير للطب الشرعي في جامعة الملك سعود في وقت سابق «إن الطالب الذي يتعلم الطب باللغة الإنجليزية لا يتقن في سنته النهائية أن يتحدث أو يكتب أو يقرأ باللغة الإنجليزية فإذا كانت أداة التعبير لديه ضعيفة فكيف يتقن ما تعلم ويقول إن طالب الطب حتى سنته الأخيرة لايجرؤ على الحوار والنقاش باللغة الإنجليزية والحوار والنقاش أساس التعليم الطبي الخ ما ذكره ويقول الدكتور زهير أحمد السباعي أنه وجد في كلام الدكتور أحمد سليمان الكثير من الحقيقة ويقول إنه بدأ اهتمامه بتعليم الطب باللغة العربية يزداد ويقول عنيت بملاحظة طلابي فوجدتهم يتعلمون باللغة الإنجليزية وهي لغة لا يجيدونها -في غالبيتهم- كتابة أو قراءة أو حديثاً ومن النادر أن تجد منهم من يجرؤ على قراءة كتاب باللغة الإنجليزية في موضوع خارج عن إطار دراسته ووجدت أن حصيلتهم من الكلمات الإنجليزية -في الغالب- تكاد تكون محدودة بحدود ما قرؤه في مذكراتهم وملخصاتهم الخ ما ذكره وإذا كان ما اشير إليه ملفت للنظر فإن ما يلفت النظر بقوة التطبيق العملي والمقارنة بين اللغة العربية واللغة الأجنبية من حيث سرعة القراءة ومدى الاستيعاب. وجرت دراسة في هذا الخصوص في جامعة الملك فيصل وقد تبين أن نسبة التحسن في التحصيل العلمي لو كان التعليم باللغة العربية حسب التأثير المركب لسرعة القراءة ومدى الاستيعاب يصل إلى 64% و55% لأطباء الامتياز والمقيمين و80% لطلبة الطب بتأمل هذه النتيجة يفهم الضد وهو أنه حينما تكون الدراسة بغير العربية فإن الخسارة في سرعة القراءة والتحصيل العلمي بالنسبة لأطباء الامتياز والمقيمين تصل إلى 6% و 55% وأن نسبة الخسارة للطالب العربي حينما يدرس بغير اللغة العربية تقدر بثمانين في المائة 80% إذا افترضنا صحة نتيجة الدراسة هذه وهي صحيحة وقانونية ومفصلة في كتاب الأستاذ الدكتور زهير السباعي الصادر تحت عنوان (تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية) فإن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تجاهل العرب فائدة التدريس بالعربية وخسارة التدريس بغير العربية. وساروا دون وعي حقيقي في ترسيخ التعليم بغير العربية في ميدان التعليم على مختلف أنواعه ونعني بذلك علوم العمران من طب وهندسة وحاسب وعلوم بحتة كعلم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والأحياء. ألا يمكن أن يقال إن تخلف الأمة العربية أسهم فيه غباء الأمة العربية في هذا المجال وتجاهلها لجدوى التعليم باللغة العربية للطالب العربي وهو مسلك اختصت به الأمة العربية وحدها مخالفة في ذلك جميع دول العالم الذين عرفوا قيمة لغاتهم ودرَّسوا العلوم بها فتفوقوا وخسرت الأمة العربية الوقت والمال والعلم فبقيت متخلفة وختاماً نقول إنه على الرغم من بطئ التحرك العربي نحو استثمار إيجابيات اللغة العربية لصالح التعليم العربي على مدى عقود من الزمن متطاولة إلا أنه في وقتنا الحاضر حصل ويحصل نوع من اليقظة والاهتمام باللغة العربية من خلال الإعلام بأنواعه ومن خلال البحوث وتأليف الكتب ونشر المقالات والندوات وتأسيس مراكز لخدمة اللغة العربية وجوائز عالمية سخية للترجمة كما حصل بوجه خاص في المملكة العربية السعودية كل ذلك يبشر بخير ويبشر بوعي سيؤتي ثماره حاضراً ومستقبلاً لا محالة.