عندما نتحدث عن شخصية مثل شخصية الشهيد الملك فيصل -رحمه الله- فنحن نتحدث عن شخصية عالمية، 43 عامًا (1395ه) على وفاته، حيث بقي بذاكرة كبار الشخصيات العالمية من أمريكية وأوروبية وآسيوية حتى دوّنو ذلك في مذكراتهم التاريخية لدوره العظيم الذي قام به للعرب والمسلمين ومن أجل القدس والمسجد الأقصى، فإني أكتب هذه المقالة دون البحث عن هذه الشخصية العظيمة أو الرجوع إلى المكتبة، فمقالتي هذه للتذكير بالملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله-، فهو يحتاج منا العشرات من المقالات الصحفية حتى نوفيه حقه وهو جزء لا يتجزأ من تاريخ المملكة المعاصر، حيث لم يكن الملك فيصل قائدًا وزعيمًا عربيًا وإسلاميًا يعمل لنفسه بل عمل من أجل أمة وتاريخ حيث أصدر أمره التاريخي بإيقاف تصدير النفط عالميًا من أجل أهداف سامية، فأصبح هذا الحدث حديث الصحافة والإعلام العالمي والأمريكي والأوروبي، حيث طُرحت أسئلة كثيرة، من هو فيصل وأين تقع السعودية وكيف برجل واحد يقف بوجه أمريكي وأوروبا، حتى صار الملك فيصل -رحمه الله- حديث المجتمع الأمريكي وصحافتها وشاغلها الشاغل وصار كالصاعقة عليهم، حتى زعماء دول عدم الانحياز انبهروا وتفاجؤوا من قرار الملك فيصل بمجابهته لأمريكا بإيقاف تصدير النفط لها، بل وصل التفكير بزعماء (أوروبا الغربية) بذلك الوقت بأن الملك فيصل حوَّل علاقته الدولية وصار بحماية القطب الروسي (الاتحاد السوفيتي سابقًا) ولكن حقيقة الأمر أنهم لا يعرفون ويجهلون الكثير عن شخصية الملك فيصل كزعيم عربي وإسلامي تكمن تحت مظلته الحرمين الشريفين حيث إنه رجل تميز بكثير من الخصائص والصفات من فراسة وحكمة وصمت وفكر وثقافة، إلى جانب تحدثه وإجادته التامة للغة الإنجليزية حيث نجده هنا سياسي محنك سابق لعصره ومتحدث قوي في المؤتمرات الدولية، حيث أجبر كثيرًا من الشخصيات السياسة العالمية للاستماع إليه والأخذ بأقواله، ولم لا وهو وزير خارجية المملكة لأكثر من أربعين عامًا، إذن نحن نعيش مع شخصية أعطت هيبة ومكانة للمملكة في المحافل الدولية ولا غرابة في ذلك حيث إنه الابن الثاني لموحد المملكة ومؤسسها الأول الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-. ولو رجعنا إلى بداية المقال عن الشخصيات العالمية الذين كتبوا بمذكراتهم وتحدثوا فيها عن الملك فيصل، فهذا وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية السابق الألماني الأصل هنري كسينجر تحدث في مذكراته عن الملك فيصل (نشره في صحيفة الشرق الأوسط) ونختصر بما يتعلق بشخصية الملك فيصل حيث كلفت الحكومة الأمريكية وزير خارجيتها كسينجر بالذهاب إلى السعودية لمقابلة الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية بشأن عدم إيقاف تصدير النفط، فقال كسينجر تم تحديد موعد الذهاب وتزويدي بملف الزيارة، حيث قالت الحكومة الأمريكية أنت سوف تذهب لمقابلة شخصية عربية غير عادية، وتم تزويدي لأول مرة ببرنامج الزيارة وكيفية مقابلة الملك فيصل فقرأته ولم أعط أي اهتمام لمعرفتي وكثرة زيارتي للبلاد العربية ومقابلة كثير من قادتها. ولكن عند مقابلة الملك فيصل وجدت أمامي شخصية قوية وعظيمة ويجبرك أن تخضع له من قوة شخصيته ومهابته وأن تلتزم الصمت حتى يبدأ بالحديث معك لذا نجد أن كسينجر كوزير خارجية لأكبر دولة في العالم فشل فشلاً ذريعًا بإقناع الملك فيصل بعدم إيقاف تصدير النفط لأمريكا وهو الوزير الملقب بمهندس السياسة الأمريكية، إذا نحن أمام حدث تاريخي حيث أصدر الملك فيصل أمره بإيقاف تصدير النفط لأمريكا وبعد مرور (43) عامًا على وفاة الملك فيصل -رحمه الله- صار هذا الحدث العالمي جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الأمة الأمريكية وأصبح قرار الملك فيصل من ضمن وثائق وأرشيف وزارة الخارجية الأمريكية، ومن هنا نجد رجال خلدّهم التاريخ من أجل أهداف ومبادئ سامية يتحدث بها أجيال وراء أجيال والمهتمين بالسياسة والتاريخ. وبالله التوفيق..