6 مليارات قروض الخدمات الائتمانية    معرض للمجوهرات الثمينة بالمنطقة الشرقية    8 توصيات لتعزيز التنافسية في لوجستيات الأحساء    وزير الصناعة والثروة المعدنية يختتم زيارته الرسمية إلى مملكة الدنمارك    تعزيز الأمن الدوائي    باكستان تؤكد «استمرار التزامها» بوقف إطلاق النار    الشباب يخشى الأهلي والفيحاء يحل ضيفاً على الاتحاد    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. إقامة نهائي كأس الملك الجمعة في ال3 من ذي الحجة    ولي العهد يجري اتصالين بملك البحرين وأمير الكويت    وصول أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من الصومال لأداء فريضة حج هذا العام    "باعشن".. يشارك في اجتماع تنفيذي اللجان الأولمبية الخليجية    نائب وزير الحرس: ثقة غالية من القيادة الرشيدة    فهد بن سعد يشكر القيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير القصيم    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    في حائل.. الطموحات تتحقق وتبشّر بمنجزاتها    موعد مباراة الأهلي والشباب في الدوري السعودي    تدريبات النصر من دون رونالدو    فهد بن سلطان يرعى حفل تخرج بجامعة تبوك الأربعاء    100 ألف ريال غرامة الحج دون تصريح    المملكة وضيوف الرحمن    زراعة سماعة عظمية إلكترونية في 20 دقيقة    الثقافة السعودية تحضر في بينالي البندقية    وساطة تنهي أخطر مواجهة منذ عقود بين الهند وباكستان    وزير «الشؤون الإسلامية» يلتقي برؤساء وأعضاء المجالس العلمية لجهة مراكش    أوكرانيا وحلفاؤها يقترحون هدنة شاملة لمدة 30 يومًا    القبض على 11 مخالفًا لتهريبهم 165 كجم "قات" في عسير    إبادة عائلة في غزة وتحذيرات دولية من كارثة إنسانية خانقة    هيئة الصحفيين بنجران تنظم ورشة الإعلام والتنمية    المواطنة الرقمية المسؤولة    علاج جديد لالتهابات الأذن    الأطعمة المعالجة بشكل مفرط تزيد من خطر الوفاة المبكرة    احتفال الجمعية السعودية للروماتيزم باليوم العالمي للذئبة الحمراء    ولي العهد يجري اتصالين هاتفيين مع ملك البحرين وأمير الكويت    الحرفيين الاماراتيين يجسدون الإرث الإماراتي الأصيل خلال مشاركتهم في مهرجان الحرف الدولي بمحافظة الزلفي    أخبار سارة في برشلونة قبل الكلاسيكو    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني التطورات الإقليمية    باكستان: السعودية شاركت في محادثات وقف النار مع الهند    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم        الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الحج لله.. والسلامة للجميع    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحة تاريخية عن مطالع سُهَيْل عند العرب «1»
نشر في الجزيرة يوم 19 - 09 - 2016

لا شك أن للنجوم شأن عظيم عند العرب فبها يهتدون وعليها يسيرون
قال تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}
يقول عبدالله بن عبيد الله الأكلبي المشهور بابن (الدُّمينة):
أحد أبناء بيشة وأبرز شعراء العرب في العصر الأموي:
ألا أَيها الركب الذين دليلهم...
(سُهَيْل) أما منكُم على دَلِيلُ
ففيه معرفة نظام المواسم، وبه يعرف التغير الفصلي ،وفيه يلاحظ امتداد الظل وميل اشعة الشمس بالانخفاض تدريجياً وبطلوعه تستغني الإبل عن مناهل المياه، يقول ذي الرّمة:
إذا عارض الشعرى (سهيل) بجهمة... وجوزاؤها استغنين عن كلّ منهل
وكذلك أوقات الزرع، والحصاد، ومواسم المحضار والانتجاع.
جاء في علم النجوم للخطيب المتوفى: (463ه): أن الْعَرَبُ تَبْذُرُ بَيْنَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ إِلَى سُقُوطِ الْغَفْرِ،قلت: وهو من الأوقات المفضلة للفلاحين لجَثِّ النخل ونقلها من مكان إلى آخر يحرص العرب كثيراً في مراقبة طلوعه وتتجلى تلك الصورة في قول الشاعر النُميري:
ويعرف به العرب الحساب والأوقات لنتاج ابلهم
قال بعضهم:
عجّت كُتب العرب بذكره وأطنب الشعراء بوصفه واستشهد به الخُبراء في أقوالهم وأمثالهم ولا غرو في ذلك لأنه مستوحى من بيئتهم وبخاصة في صحرائهم الشاسعة وقد حاولت جمع ما لدىّ من مصادر تاريخية لأسلافنا العرب مما يصعب استقصاؤه ومن ذلك:
1- ما جاء في كتاب (أدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري) من أعلام القرن الثالث للهجرة
(ق 3 ه) :» سُهَيْل كَوْكَب أحمر منفرد عن الكواكب ولقربه من الأفق تراه أبداً كأنه يضطرب».
وقال عمرو بن العلاء سهيل فى الكواكب ، يعارضها ولا يجرى مجراها
وقال الصولي: ولا يجرى معها.
وقال وكيع في حديثه: بمنزلة الشعرى في النجوم تعارضها ولا تجرى معها
قلت: سهيل نجم يمان مُضيء يقابله الجَدي من الشمال
وصفه راشد الخلاوي وشبه لمعانه بقلب الذيب اليقظ فقال:
وإلى مضى عقبه ثمان مع أربع = الخامسة طالع (سهيل) يحايد
تشوفه مثل قلب الذيب يِلْعَج بنوره = موِيْقٍ على غِرّات حِدْبَ الجرايد
2- ورد في كتاب (أساس البلاغة للزمخشري المتوفى: 538ه)
في ذكر بيضاء القيظ، وهي صميمه وهي التي تسبق مطلع سهيل والتي يبلغ فيها أوج الحَرّ
قال الشماخ:
طوى ظمأها في بيضة القيظ بعدما... جرت في عنان الشعريين الأماعز
3- أشار بقُطْرُب البصري (ت 206 ه) في كتابه (الأزمنة وتلبية الجاهلية)
فأَوَّلُ القَيْظِ طلوعُ الثُّرَيّا وآخِرُهُ طلوعُ سُهَيْلٍ، وأَوَّلُ الصَّفريَّةِ طلوعُ سُهَيلٍ وأخِرُهُ طلوعُ السِّماكِ.
وأوَّلُ الصَّفرِيّةِ أربعون ليلةً، يختلِفُ حرُّها وبَرْدُها والعَرَبُ تُسَمِّي أَياماً من أوَّلِ ما يطلُعُ سُهَيْلٌ شدِيداتِ الحَرِّ مُعْتَدِلاتٍ، أي شديدة الحَرِّ.
والصفَرِيةُ: نباتٌ في أولِ الخَرِيْفِ؛ تَخْضَرُ الأرْضُ ويُوْرِقُ الشَّجَرُ
وتَصَفَرَتِ الإبِلُ: سَمِنَتْ في الصَّفَرِية.
وَقَالَ أَبُو سَعيد الصفَرِيَّة: مَا بَين تَوَلِّي القَيْظ إِلَى إقبال الشتَاء.
قلت: رحم الله علماؤنا العرب فقد أجادوا وأتقنوا الوصف وسجلوا تلك الأمارات وما نحن بصدده هذه الأيام من نشاط رياح (هَبُوب الصَّفريَّ) المثيرة للغبار بمشيئة الله مع أول الصَّفريَّةِ وطلول سهيل وانفطار أغصان العِضاة أي ظهور أوراق خضراء جديدة وهو ما يسمية أهلنا في البادية ب (الفَطْرة) ومع هذه الرياح التي من خلالها يتساقط التمر من رؤوس النخل ليلتقطه غير الميسورين في زمن المساغب والمجاعات ومن ذلك جاء المثل العامِّي القديم الذي طالما سمعته من أهلي في بيشة
(ما كُل يومٍ عَجّةٍ ولقيط) ويضرب المثل في اغتنام الفرص السانحة.
والثريا عدة نجوم متلاصقة كثيراً تُشاهد عند الفجر في أول أنواء الصيف بعد غيابها عن الأنظار وهو ما نسميه ب(الكَنَّة) وطلوع الثريا ومن ثم التُويبع ثم الجوزاء وهو وقت اشتداد الحَرُّ والذي يعتبر عامل مهم بعد ارادة الله في عملية نضوج الثمر وتسمى تلك الفترة عند العامة ب(طوابيخ البَلَح) وأصلها عند العرب القُدماء ما أشار اليه ابن منظور في كتابه لسان العرب « طبخ الحر التمر أي انضجه « بخلاف بعض المناطق الأقل حرارة عن بيشة حيث ترى النخل يثمر ولا يكاد ينضج حتى وقت تصريفه.
وبالرجوع لنجم سهيل أتذكر جيداً ما كان يلقيِّه عليّ والدي - حفظه الله - في صغري عند مقياظنا بصحراء المتن شرق بيشة ولا أنسى تلك الدروس الميدانية عن مجرى الكواكب والرياح وبخاصة هذا النجم النيِّر الوضاء.
يقول أحد شعراء الدواسر لا يحضرني اسمه:
ونسيبك الطيب يجي كنه (سهيل) = ما يختلف من موقعه واشتعاله
4- جاء في كتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشاء للقلقشندي ثم القاهري (المتوفى: 821ه): ان العرب في هذا الفصل وغرات: وهي الحرور؛ منها: وغرة الشّعرى، ووغرة الجوزاء، ووغرة سهيل، أوّلها أقواها حرّا ؛ يقال إن الرجل في هذه الوغرة يعطش بين الحوض والبئر، وإذا طلع سهيل ذهبت الوغرات.
قلت: ومما يؤكد ذلك قول العربي الفصيح عبدالله الأكلبي المشهور بابن (الدُّمينة):
حتّى إِذا الهَيْفُ ساقَ النّاسَ وانْسَفَرَتْ = مِنْ وَغْرَةِ القَيْظِ فَيْحٌ لَمْ تَدَعْ رَطِباَ
5- يقول الأزهري من علماء اللغة (المتوفى: 370ه) في كتابه التهذيب وَإِنَّمَا تُعْطِن العربُ الإبلَ على المَاء حِين تَطْلُع الثريّا، وَيرجع النَّاس من النُجَع إِلَى المحاضِر، فَلَا يزالون كَذَلِك إِلَى وَقت طُلُوع سُهَيْل فِي الخريف، ثمَّ لَا يُعْطِنُونهَا بعد ذَلِك يشتد فيها ظمء الابل فَتَرِدُ الماءَ وتَصدُرُ، وفي ذلك يقول الازهري وَقد ترق كروش الْإِبِل فِي القيظ وتنجرد من أوبارها فَإِذا طلع سُهيل وتنفّس الْبرد ثابَت لُحُوم المَال وطلعت أوباره ونبتت أكراشه يقول الشاعر يَصِفُ إِبلًا أَصابها عَطَشٌ شَدِيدٌ:
حَتَّى إِذا مَا اشْتَدّ لُوبانُ النَّجَرْ... ورشَفَتْ ماءَ الإِضاءِ والغُدُرْ
واللُّوبانُ واللُّوابُ: شِدّةُ العطشِ. وسُهَيْلٌ: يَجِيءُ فِي آخِرِ الصَّيْفِ
وإِقْبالِ البَرْدِ فَتَغْلُظُ كُروشُها فَلَا تُمْسِكُ الماءَ وَلِذَلِكَ يُصِيبُها العطشُ الشَّدِيدُ.
وفي رواية ابن سيده من علماء اللغة [ت: 458ه]: والراعية حَتَّى إِذا مَا اشْتَدَّ لُوبانُ النَّجَرْ 321ه) في كتابه جمهرة اللغة ومعتذِلات سُهيلٍ: أَيَّام شَدِيدَة الْحر بَارِدَة اللَّيْل،
7- جاء في مقاييس اللغة لابن فارس (المتوفى: 395ه) ويسمى العرب سهيل الفحل: تشبيها بالفحل الذي يقرع الإبل ثم يعتزلها، وَقيل: سُمِّي بِهِ لعِظَمِه
وَقَالَ ذُو الرمة يصف سهيل وشبّهه بفحل قد جفر وانفرد
وَقد عارض الشَّعري سهيلٌ كَأَنَّهُ... قريُع هجانٍ عارضَ الشولَ جافرُ.
- عبدالرحمن بن فائز المقيطيف الجهمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.