التزايد المفْرط لحظوظ النفس وعدم التجرد من آفة الهوى أمر يقود في معظم الأحيان إلى التلبس بكل مامن شأنه الإجحاف بالرؤية المخالفة وخنقها بدل أن تتاح لها الفرصة لتشق الطريق وتأخذ مسارها الطبيعي كأحد المكونات لفضاء فقهي يتسم بتنوعٍ ينم عن تلك السعة التي عبرعنها القاسم بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة حينما قال:»لقد وسع الله تعالى على الناس باختلاف أصحاب محمد,أي ذلك أخذت به لم يكن في نفسك منه شي» طغيان الهوى ورسوخه كروح متجذرة أوكنسق يتم التحرك عمليا وفق إملاءاته سيفضي حتماإلى صياغة أفق ضيق وبالغ المحدودية أفق ذهني شديد النفور من المختلف حيث يضيق ذرعا بالمغاير ويعجز عن استيعاب المنتَج المبايِن فهو شديد التبرم به حاد المناكفة له بل وقد يقف - وبكل إصرار وتعنت - حتى ضد مجرد وجوده هذا هو مايلمسه المتابع ويعايشه وبشكل يومي حيث ترتفع حدة الصراع البيني وتشيع الروح القمعية وتستحكم النزعة التسلطية ويتغول هذا المنطق الاستبدادي «ماأريكم إلا ماأرى» اللافت أن تلك المفاصلات البالغة الحدة لاتكون في معظم الأحيان إلابين الأتباع والعوام وذلك بخلاف الأئمة المتبوعين إذهم على العكس من ذلك حيث يتوافرون على مرونة ملحوظة في هذاالمضمار مرونة تستوعب كافة المفردات الفقهية وعلى نحو يثير الإعجاب وحسبك ماجاء عن الإمام أحمد رحمه الله:»لاأعنف من قال شيئا له وجه وإن خالفناه»وهكذا فبهذه اللغة المستوعبة وبهذا الاحتواء المكثف يتعامل أولا الفقهاء العظام بينما الأتباع على الضد إذ ينطلقون من منطلقات وثوقية صارمة, ويستشري لديهم المنطق السلطوي هذاالمنطق الذي تجد مظاهره متناثرة سواء فيما ترصده كتب التاريخ أومايقف عليه المتابع عن كثب مما يدور في الفضائيات أو فيما ينشر في الصحف والمجلات, أو مايشاهد في كثير من المواقع النتية والتغريدات التويترية والوسوم (الهاشتاقات) النشطة والمقاطع اليوتيوبية فضلا عما يدور في الغرف المغلقة والمجالس الخاصة حيث الجميع يحيل التهم إلى الجميع والقاسم المشترك هوتزكية الذوات ومنحها قيمة إطرائية لافتة وكأنهاالناطق الرسمي باسم الحقيقة مقابل رمي الآخر بسوء الطوية وفساد السريرة وبشاعة المقصد والبوار المعرفي!