11 مبادرة تنفيذية لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    27.25 ريال سعر السهم.. صفقات مليارية في تداول أسهم أرامكو    الاقتصاد السعودي.. محركات قوية للنمو المستدام    مستثمرو النفط يتطلعون لانتعاش الأسواق بعد خسارة أسبوعية    سعود بن نهار يدشّن الصالة الإضافية بمطار الطائف    نائب أمير جازان يطلع على تقرير صندوق التنمية الزراعية    الوزاري الخليجي يبحث مسيرة العمل المشترك ومستجدات غزة ورفح    90 % من أطفال غزة يعانون سوء التغذية    العطلة الصيفية واستغلالها مع العائلة    "السمكة المتوحشة" تغزو مواقع التواصل    تحديث واتساب يكشف حالة نشاط الأصدقاء    الأخضر يرفع استعداده لمواجهة الأردن.. ومانشيني يستبعد تمبكتي    في ختام بطولة العالم للبلياردو.. د الشمري: دعم القيادة جعل المملكة واجهة عالمية لاستضافة الأحداث الرياضية    .. وتقيم المعرض المتنقل (لا حج بلا تصريح)    محافظ الأحساء يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    «فتيان الكشافة» يعبرون عن فخرهم واعتزازهم بخدمة ضيوف الرحمن    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (18) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج    وزارة الحج تعقد دورات لتطوير مهارات العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    إعادة تدوير الفشل    رسالة جوال ترسم خارطة الحج لشيخ الدين    شرائح إنترنت واتصال مجانية لضيوف خادم الحرمين للحج    تفويج ضيوف الرحمن في ميقات ذي الحليفة    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    القيادة تهنئ ملك الأردن بذكرى يوم الجلوس    أمير الرياض يطلع على عرض لمركز صالح العسكر الحضاري بالخرج    أرصفة بلا مشاة !    «التجارة» تضبط 374 مخالفة ضمن جولاتها التفتيشية في المدينة    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    «طيبة»: إتاحة فرصة التحويل الداخلي والخارجي للدراسة بالجامعة وفروعها    رئيس الأهلي!    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    فشل التجربة الهلالية    جابر عثرات الاتحاد    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    وفد الشورى يطّلع على برامج وخطط هيئة تطوير المنطقة الشرقية    التخبيب يهدد الأمن المجتمعي    رئيس جمهورية قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق    الأمير سعود بن نهار يتفقد مواقيت الإحرام ونقاط الفرز الأمني بالمحافظة    «ضربه وبكى وسبقه واشتكى».. عمرو دياب هل يلقى مصير ويل سميث؟    الجبير يلتقي وكيل "وزارة الخارجية البرازيلية للشؤون السياسية"    اليحيى يتفقد جوازات مطار الطائف الدولي واللجان الإدارية الموسمية بمركزَي التنعيم والبهيتة    فيصل بن سلمان يرأس اجتماع مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية    د. العيسى: ما يعانيه الشعب الفلسطيني سيبقى محفورًا في كل ضمير حيّ    أمير القصيم يوجه بتوثيق الطلبة المتفوقين في كتاب سنوي    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعتني بثقافة الحج وتاريخ الحرمين    أمير تبوك يواسي عامر الغرير في وفاة زوجته    قطاع صحي ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "مكافحة التدخين"    الوزاري الخليجي: ثروات المنطقة المغمورة للكويت والسعودية فقط    فريق طبي "ب"مركزي القطيف" ينقذ حياة مقيم    الأرصاد: ابتداء من غد الاثنين استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 48 درجة مئوية    وزير الخارجية يصل قطر للمشاركة في اجتماع المجلس الوزاري ال 160 لمجلس التعاون الخليجي    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقترب موعد الرحيل
نشر في الجزيرة يوم 22 - 04 - 2016

أرى عن بعد من خلال النافذة الصغيرة أضواء متناثرة هنا وهناك والهواء يحمل الطائرة ويلاعبها ويهدهدها كدمية في يد طفل عابث فتتمايل الطائرة وتنثني كصغير بين أحضان الحنان يتنهد.
تلمع عيناه بأمل وينساب الهدوء على جنباته من رقة الأيدي التي تحمله وأرجوحة الحياة تتناغم على وترٍ هامس وهي تحلق في أجواء الأحلام.
وتبحر النظرات بتثاقل تعد الثواني تتأرجح الطائرة تعانق السحب، فتزهو النفوس وتبحر في الأحلام وانتظار الوصول وتقفز القلوب مهرولة عند اهتزازها وتلاعب الهواء بها، فتتشبث الأيدي بالمكان هلعاً، فتغزو الفكر تساؤلات يا ترى كيف يحمل هذا الهواء تلك الطائرة على هذا العلو الشاهق؟.
هل نبضات قلوبهم مثلي تقفز بين حين وآخر؟ أم أن زمجرتها وتمردها تُمارس في جسدي فقط؟!
التفت ونظرت إلى المكان القريب مني؛ رجل مسن وضع رأسه بين يديه فوق المنضدة التي أمامه في ركوع هادئ وأنفاسه تتردد بهدوء، ووانسجام تام، وقد رحل في أدغال نوم عميق، وبجانبه يجلس شاب تتلاعب أنامله بصفحات جريدة يومية وعيناه تسبح بين حروفها، وعلى مقربة منه امرأة تجلس مسندة رأسها إلى الخلف على المقعد.
أثناء تأملي وشرودي وتنقل نظراتي بين الجالسين كأني أبحر في قراءة كتاب شيق.إذ بصرخةٍ دوت فشقت عباب الصمت الذي يغلف الوجوه فانشدت الأنظار إلى حيث الصراخ فإذا بطفلة تسحبها والدتها وهي تنتقل بين المقاعد لتصل إلى مكان القيادة، فضول طفو لي، يدفع بها لاستكشاف ما هناك.
وتعود نظرتي إلى نافذتي القريبة، تتوغل بين السحب وتلك الأجنحة التي تتمرغ على حبيبات الهواء بهدوء، وصوت المحرك يدويّ جاهداً، وأثناء تأملاتي المحلقة في فضاء أحلامي الممزوجة بالفضاء الخارجي الذي تبحر به عيناي إذ بصوت يصافح أذني.
هل ترغبين بكوب من الشاي؟ نعم وإذا بمشروب لذيذ تفوح رائحته الزكية لتعانق انفي بنشوة أخذته على عجل وعدت مجددا إلى رحلة أفكاري العذبة وأحلامي المتناثرة تحملها الطائرة على متنها.
وبعد لحظات وجيزة، إذ بهزةٍ أطاحت أكواب الشاي هناوهناك؛ وبدأت تتمايل أجساد الأشخاص الذين يقفون على الممرات فتقاذف بعضهم على بعض فأسرعوا للتمسك بالمقاعد وشهقات الفزع وصراخ الهلع أخذ يشق أجواء الطائرة فأخذ يعلو الصراخ في لحظة تبدل الهدوء إلى صخب مزمجر جثم بثقله على هؤلاء الناس، فركض بعضهم إلى حيث (الميكروفون ) ليعلن أن لا شيء حدث فليلزم الجميع الهدوء، هذا مجرد (مطب هوائي) نتيجة الضغط من جراء علو بعض الجبال واستعداد الطائرة للهبوط، فقد أقبلت وشارفت على المطار فلا داعي للخوف.
وفي هذه الأثناء، إذا بموجة هواء أخرى تمسك بالطائرة وتهزها هزاً عنيفاً وكأنها تريد إلقاء ما بداخلها إلى الخارج.. مثلما يريد شخص تنظيف سجادته من الغبار فيهزها بشدة.!
وعاد الصراخ والفزع يُنثر على عباراتهم.فأفاق الرجل الغارق في سبات عميق من غفوته ونظر في فزع وتساءل !! فعرف أن هناك شيئا ً أثار الرعب فعم الخوف أرجاء نفسه فأخذ يتمتم بالدعاء، ثم شد مقبضه ودموعه تهطل باستحياء وفي المقعد الخلفي هرعت المرأة وأمسكت بابنتها وعانقتها بقوة وفزع.
والشاب استدار وحاول تماسك أعصابه ولكن، نهض واتجه إلى الطيار ليسأل عما حدث.
عندها فقط تلاشت أنسجة الخيال الخصب لمروج أحلامي وتبعثرت آمالي خيوطاً تناثرت فوق أرض الواقع الأليم فقبّلت دمعتي مقلتي فأخذت أبذل الدعاء، ثم رأيت الرجل المسن يتجه إلى أحدهم يسأله أن يكتب له رسالة، يرصد بها وصاياه فانسابت دمعته مع كلماته بوجل.
فقال: اكتب إلى محمد سالم وأخبره إنني قد سامحته عن المال الذي استدانه مني قبل بضعة أشهر، و اكتب لعمر بن موسى أن يسامحني عن إساءتي له يوم أن طردته من مسكنه الذي استأجره مني، واكتب... وانهال بالوصايا والألم يعصر فؤاده ويتردد خوفه من الله وحزنه لاقتراب الساعة الموعودة التي تقتل أمله وحباله التي سردها في طريقه.. آه .. حانت ساعة حساب النفس وعتابها، والشاب أخذ يرفع يده إلى الله يدعو ويستغفر ذنوبه ويتمتم بالتوبة الصادقة التي تبدو بين دموعه عندما عصفت بها عيناه.
وفي هذه الأثناء بعد توجم وتحفز.. ودعوات تُتقاذف على الألسن هنا وهناك.. إذ تحرك المذياع، وهتف قائد الطائرة.. بكلمات زف البشرى خلالها، حان موعد الهبوط فقد رأيت أنوار المطار، لقد اقتربت الطائرة، وها نحن نتأهب للهبوط، فدَعوا القلق وليمسك كل منكم بمقعده.. هيا ....
- قصة قصيرة/ نورة عبدالعزيز العقيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.