وزير الرياضة يعتمد تشكيل مجلس إدارة الإتحاد السعودي للملاكمة    يايسله يكشف موقف لاعبه من مواجهة الخلود    بترومين راعٍ رئيسي لفريق نيسان فورمولا إي في سباق طوكيو إي - بري    محافظ حوطة بني تميم يرعى احتفالات الأنوار بصعوده للدرجة الأولى .. غداً    إطلاق النسخة الثالثة من معرض "إينا 3" للقطاع غير الربحي في الرياض بمشاركة خليجية ودولية واسعة    الزخم السعودي في أعلى تجلياته    موقف الفتح من ضم مدافع منتخب مصر    باخشوين ل"الرياض": 1200 خدمة رقمية تقدمها الوزارة عبر منصات متطورة    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    لاعب الاتفاق يجري عملية جراحية في الدوحة    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    "الداخلية": تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 4966 طالباً وطالبة في جامعة حفر الباطن    رابطة العالم الإسلامي تُثمِّن إعلان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رفعَ العقوبات عن سوريا    الجامعة العربية تدين رفض الاحتلال الإسرائيلي الانصياع لقرارات مجلس الأمن    أسبوع الرياض للصناعة 2025 يؤكد الحراك السعودي لتشكيل مستقبل القطاع    الصحفية السعودية التي وقفت بثقة بين ولي العهد والرئيس الأمريكي    البث الموسيقي الرقمي (Streaming 2.0): عودة الفنان إلى مركز صناعة الموسيقى    العمري ل"الرياض" : زلزال 14 مايو ناتج عن انزلاق صفيحة أفريقيا تحت بحر إيجة    الماجستير لعبير أبو ربعية    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "تجهيز العروس الجيزانية"    الجمعية العمومية لجمعية الإعاقة السمعية بمنطقة جازان تعقد اجتماعها العادي الأول    2400 مشروع لتطوير 9200 غرفة فندقية في مختلف المناطق    انطلاق "هاكاثون الابتكار الصحي الرقمي الأول"    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    أفراح الزواوي والتونسي بعقد قران عبدالرحمن    كفيف.. فني تصليح أجهزة كهربائية    تأمين ضد سرقة الشطائر في اسكتلندا    أسرار رونالدو!!    برشلونة في مهمة حسم اللقب أمام الجار    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    الملا يكرم العنود وحصة والصحفي في "رواية وفيلم"    وكالة الفضاء السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي    ميناء جدة الإسلامي يستقبل أُولَى طلائع حجاج 1446ه    الأغذية المعالجة بوابة للإصابة بالشلل الرعاش    «الغذاء والدواء»: ضبط 1621 منشأة مخالفة خلال شهر    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج    10 مسارات إثرائية دعوية في المسجد النبوي    عظيم الشرق الذي لا ينام    ماركا: لابورت يعود للدوري الإنجليزي    السعودية وأميركا.. خارج إطار النفط    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    فعالية «تراثنا» تبرز الهوية الثقافية للمدينة المنورة    «الرئاسي الليبي» يدعو للتحلي بالوعي والصبر    «فهارس المخطوطات الأصلية في مدينة حائل»    لا حج إلا بتصريح    تعليق الحياة ليوم واحد    77% نموا بمطالبات التأمين    عماد التقدم    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
لاجئ في مخابئ الزمن نورة العقيل
نشر في الجزيرة يوم 13 - 07 - 2012

بينما كنت أسترسل بنظري بين دفتي كتابي القديم ذي الوريقات الصفراء تحت ضوء خافت يمرق على أحرف الكتاب.. يظهر بعض من كلماته وبعضها يختبئ، فلا أراه فأحرك السراج يمنة ويسرة لعله يطلعني على بقية الكلمات التي تكسي أسطر الكتاب فتبدو وتظهر لتقضم عيناي معناها المندثر بين أحرفها فتتمتع النفس ويزهو الخاطر عندما يصل إليّ تعبير عن موضوع شيق يمس حلم النفس ومبتغاها.
أحببت القراءة، فقرأت في كل كتاب يحوي المعنى اللغوي الرفيع الذي يزخر بالثقافة الجمة.
إذ بأصوات مزعجة وصرخات تقترب تحملها حبيبات الهواء لتزعج أذني، وبعد لحظات إذ بأقدام تهرول نحونا، وبسرعة لست أدري كيف حدث؟ وماذا جرى؟
إذ أحدث بعضهم قرعاً شديداً على الباب، ففزعت ثم دوت طلقات نارية هبت في أنحاء القرية.
ففزع من في المنزل جميعاً وقبل أن تصل الأيدي الشرسة لتقتحم الباب وتحطمه.
صرخت بأعلى صوتي تجاه من في المنزل، هيا أهربوا من النوافذ الخلفية وأسرعوا ومن ثم اختبئوا بين الأشجار هيا.
وما زالت صرخاتهم ومحاولاتهم لفتح الباب ودفعه وسحبه من الحائط مستمرة.
وعندما برق ضوء الشمس من خلال فتحات برزت بين الباب والحائط أخذت تكبر شيئاً فشيئاً عندها عرفت..! إن نهايتي قد اقتربت.
فأخذ الخوف يصرخ في داخلي ويمزق أحشائي ويبث سمومه في جسدي، والعرق يتصبب والفزع اقتلع قلبي من جذوره وتركه عرضة للصدأ والألم.
فرفعت رأسي وتسمرت عيناي على الباب فبدأت أعصر فكري، أين سأذهب وفي أي مكان ألوذ؟ آه قدماي لا تستطيع الحراك والهرب.
ماذا أعمل؟ وبينما أستدير برأسي في أرجاء المنزل وقع نظري على خزانة الملابس من الخشب القديم فتكومت فيها وأغلقتها بإحكام شديد، وبعدها سكنت حركتي داخلها والتف وانطوى جسمي فيها باستسلام ولله الحمد.
عندها فقط كسر الباب.. وزجت أقدام كثيرة تبعثر هذا وتضرب هذا وصراخهم وضرباتهم مسدساتهم تُطلق هنا وهناك حتى أشعلوا حريقاً عرفت ذلك من رائحة الدخان التي لامست أنفي، فصرخت في داخلي رعباً وخوفاً.
وبعد لحظات رحلوا حيث لم أسمع أي حركة لهم لكن الرائحة تزداد وكأنها تقترب مني ماذا أعمل؟
كيف الخروج من هذا المأزق؟ من سيفتح لي؟
فأخذت أقاوم، وأضرب بقدمي أحد أطراف الخزانة وبدأت أشعر بسعال يجيش في حلقي، فأخذت أضرب، وأضرب وازدادت الرائحة والسعال الحاد مزق حنجرتي.
وفجأت وجدت قلما رأسه حاد في جيبي قطفته بسرعة وحاولت الحفر على طرف أحد أبواب الخزانة والعرق يتصبب وعضلاتي مشدودة.
الخوف ومعانقة الحياة تصارعني، فأزيد في الضرب إلى أن أحدثت خدشاً في إحداها، ثم شيئاً فشيئاً تسلل النور من خلال ثقب ضيق ضحك أمام ناظري، بعد جهد جهيد بدأت أتنفس الصعداء خرجت وبحثت هنا وهناك، لا أثر لأحد..!
عندها اجتاحني شعور بالغربة.. آه.. فحفرت دمعتي طريقاً لها على خدي، إذ بالنار قضمت كل شيء.
جمعت نفسي وأسرعت، ماذا أرى حريق دخان والغربان السود تتجول في أرجاء المدينة تمزق الأحياء وتقذف بهم في وحل الموت البطيء.
من شدة التعب ارتميت في أحضان غابة كثيفة من الأشجار سبحت نظرتي في السماء، انساح جسمي المنهك بتوجس وخوف على البساط الأخضر، غسلت وجهي الدموع.
إذ بهتاف وصدى لدوي مدافع وصراخ أطفال فصحوت من غفوتي فقفزت واختبأت خلف إحدى الأشجار، إذ بأقدام تقترب أحدهم يصارع فتاة يريد اغتصابها، وما إن اقتربت حتى أخذت الغيرة وحب الثأر تأكل مني ويغلي الدم في عروقي.
فاندفعت بقوة على الرجل المتوحش وأوجعته ضرباً وأطحت بمسدسه، قفزت الفتاة وأمسكت بالمسدس بقوة فأطلقت الرصاص عليه، فهدأت نفسي.
هربت بعد أن تنكرت بزي الجندي، حاولت التخفي بين ضفاف العدو.
تجمهر بعضهم للهجوم على أحد المنازل واغتيال من بداخله فأوسعهم ضرباً وتكسيراً، رأيتهم يمزقون ثياب بعض الفتيات فتعرى أجسادهن، فقذفوني بإحداهن لأخذ نصيبي، فما كان علي إلا أن آخذها معي.. بعيداً.
فهمس لها بصوت خافت حزين..
لا تخافي فأنت في مأمن، ثم اقترب منها وأسر في أذنها حديثاً وبعد لحظات، أخذت الفتاة تمزق ثيابها لتخفي معالم الحقيقة.
تقاذفته الأحزان والذل والمهانة وهو يندرج من مكان إلى آخر ومظاهر التعذيب وفنونه تحاك في موطنه ويداه مكبلتان عن فعل شيء فجمع شتات نفسه المتبعثرة أحزاناً وأشلاء ورحل.
واقتنى سيارة من أحدهم، وحاول إحداث بعض الخدشان والتجرحات على أجزاء وجهة لتخفي ملامحه.
فرحل إلى موطن الأعداء ضمن حملة يراد تغيير بعض أفرادها فلجأ إلى بلد غريب نظر إلى عنان السماء وأخذ يتمتم بالدعاء فثارت في نفسه نار الانتقام وأخذ المعهد على نفسه أن يحاول تبديد خططهم وبعثرة أفكارهم بكل ما يستطيع من قوة، ويداه ممدودتان.. تدعو وترجو الرحمن ثم رحل إلى وادي عميق جرف كل أخبار وطنه، وغاص فيه ولم يبق له غير الذكرى.
تجلجل صداها في أعماق قلبه وأصبح بلا هوية، شيء أشبه باليتم والتشرد.
لاجئ، غريب في وطنه، وبانتظار المصير المجهول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.