أكد تقرير اقتصادي حديث أن مواصلة الحكومة إصدار السندات السيادية في ظل ارتفاع أسعار فائدة القروض بين البنوك السعودية «السايبور» ستوفر لمؤسسة النقد العربي «ساما» أداة إضافية للسياسة النقدية، تجعلها تتحكم في تدفق السيولة على أساس يومي في النظام المالي. كما أن إصدار تلك السندات خلال العام الجاري 2016 لن يؤدي إلى مزاحمة القطاع الخاص على القروض المصرفية؛ لأن السيولة المحلية كافية لكليهما، غير أنه يعتقد أن مثل تلك الإصدارات سيكون لها انعكاسات على السيولة في النظام المالي في حال استمرت فترة طويلة. وتوقع التقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار استمرار ذات السياسة التمويلية للحكومة التي تزاوج بين السحب من الاحتياطيات الأجنبية وإصدار سندات دين خلال عام 2017، مع احتمال ميل الحكومة أكثر نحو إصدار الدين. مبيناً أن حجم السيولة الفائضة في النظام المصرفي السعودي يقدر بنحو 356 مليار ريال في يناير الماضي، بالرغم من أنها تراجعت عن مستواها في الفترة نفسها من العام 2015؛ إذ كان عند 448 مليار ريال، إلا أنه أشار إلى أنها ستكون كافية لتمويل جزء من عجز الميزانية على المدى المتوسط. كما كشف عن توقعاته بهبوط احتياطيات «ساما» من النقد الأجنبي إلى 500 مليار دولار (1874 مليار ريال) بنهاية 2016، بانخفاض 98 مليار دولار (367.5 مليار ريال) عن مستواها مطلع العام الجاري، وقد كانت 598 مليار دولار (2242.5 مليار ريال). لافتاً إلى أن هذه الأرقام تتسق مع توقعات الشركة بأن المملكة تواجه عجزاً في الميزانية بقيمة 402 مليار ريال، وعجزاً في الحساب الجاري بقيمة 72 مليار دولار (270 مليار ريال)، وأن تصدر سندات دين جديدة، تبلغ قيمتها الإجمالية 120 مليار ريال. واستبعد التقرير أن تلجأ مؤسسة النقد إلى خفض قيمة الريال، وأن تبقي سعر الصرف ثابتاً، نتيجة لثلاثة أسباب أساسية، هي: أولاً أن الحافز الاقتصادي للمملكة هو الإبقاء على ربط الريال بالدولار؛ إذ إن تخفيض قيمة العملة من أجل تعزيز الصادرات وزيادة دخل الحكومة لا يتحقق على الأرجح حتى في الأوقات التي تشهد انخفاضاً في أسعار النفط وعجزاً في الميزانية برقم من خانتين. وتشير في تبريرها إلى أن الصادرات الرئيسية للمملكة (النفط) هي سلعة غير مرنة تجاه التغييرات في سعر الصرف، ومن غير المرجح ارتفاعها نتيجة لخفض قيمة الريال. كما أن خفض قيمة الريال سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الواردات؛ ما سيؤدي إلى امتصاص جميع المبالغ الإضافية التي ستحققها الحكومة، خاصة إذا كان هدف الحكومة من خفض العملة هو زيادة الإنفاق الحكومي. أما السبب الثاني فيتمثل في أن تغطية الاحتياطي الأجنبي للواردات لا تزال عند مستويات مريحة جداً؛ إذ تغطي الاحتياطيات الأجنبية للمملكة نحو 45 شهراً من الواردات، وتعتبر هذه تغطية مرتفعة جداً بحسب المعايير الدولية. ولتوضيح ذلك فإن مستوى تغطية الاحتياطي الأجنبي للواردات بالنسبة للكويت وعمان والإمارات يبلغ 11 و8 و7 أشهر على التوالي. ومعلوم أن التغطية المرتفعة تعزز بدرجة كبيرة قدرة أي اقتصاد على مجابهة الصدمات الخارجية، ومن ثم تقليل تأثير المضاربة على عملة ذلك الاقتصاد. فيما يتمثل السبب الثالث في إجمالي التسوية الفعلية (كمقابل لصافي التسوية)؛ إذ إن من السهل على «ساما» - بما أن المملكة تتمتع بوضع جيد من حيث صافي الموجودات الأجنبية (تعادل 100 % من الناتج الإجمالي المحلي) - أن تطلب من الأطراف المقابلة التي تضارب مقابل الريال تسديد المدفوعات بالريال من أجل تسلم مشترياتهم الآجلة من الدولار. ويمكن استخدام هذه الميزة مقرونة بسيطرة مؤسسة النقد الكاملة على إمدادات الريال في تفادي قيام سوق خارجي للريال، وتقليل تأثير ضغوط المضاربة إلى حدها الأدنى.