جامعة الملك سعود تخترع ربورت لمكافحة الحرائق    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    جلسة علمية تستعرض تاريخ الجزيرة العربية    الأمم المتحدة.. إسرائيل ارتكبت إبادةً جماعيةً بحق الفلسطينيين    المملكة تقدم أربعة ملايين دولار دعماً إضافياً لقوات خفر السواحل اليمنية    دبلوماسية سعودية ترسم ملامح الدولة الفلسطينية    خيسوس: هدف النصر الأول هو التتويج بالدوري السعودي    الهلال يحوّل تأخره إلى فوز مثير على الدحيل القطري في افتتاح «النخبة الآسيوية»    الزعيم بريمونتادا جديدة يعبر الدحيل    الرئيس الأوكراني يطالب الغرب بالوفاء بتعهداته    عالم افتراضي    وزير الدفاع وقائد القيادة المركزية الأميركية يستعرضان التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية    إحباط تهريب (10) كجم "حشيش" في عسير    أمانة الشرقية تشارك في المنتدى العالمي للبنية التحتية بالرياض    تصعيد جديد في الحرب مع الحوثيين    "وزير الشؤون الإسلامية" يوجّه خطباء الجوامع للحديث عن نعم الوطن ووحدة الصف في خطبة الجمعة القادمة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ أكثر من 90 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد    خطى ثابتة لمستقبل واعد    الإعلام في مهرجانات الإبل والهجن من صوت التراث إلى صناعة المستقبل    مجلس الوزاء يوافق على عدة قرارات ويجدد الدعم لفلسطين وقطر وسوريا    ولي العهد يستقبل أمين مجلس الأمن القومي الإيراني    إنجاز عالمي.. "برق" تتوج ب 3 جوائز من Visa خلال مؤتمر Money20/20    جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع الخاص وتعزيز بيئات العمل    الوقوف في الأماكن غير المخصصة مخالفة مرورية تعطل انسيابية السير    "طوّر مسيرتك المهنية" لمساعدي الأطباء وأخصائيي صحة الأسنان    سلمان بن سلطان يفتتح منتدى المدينة للتعليم    القيادة تهنئ رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية بذكرى استقلال بلادها    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    40 طبيبا يبحثون أحدث طرق علاج أمراض الدم بالمدينة    زين السعودية تستثمر في قطاع التأمين الرقمي مع شركةPrevensure العالمية    مرايا غامضة تظهر في مختلف المدن السعودية... ما الذي تعكسه؟    "موسم الرياض" يشهد أضخم حدث لكرة القدم الأميركية بنظام العلم    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الراجحي الخيرية تدعم مصابي التصلب المتعدد ب50 جهازاً طبياً    أكد تطبيق متطلبات الضمانات.. وزير الطاقة: السعودية تواصل مشروعها النووي للتنمية المستدامة    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال يستضيف الدحيل القطري    هل أدى فرض الرسوم على الأراضي إلى حل مشكلة السكن؟    مجرفو التربة في قبضة الأمن    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    أعلنوا رفضهم للاعتداء على قطر.. قادة الدول العربية والإسلامية: ردع إسرائيل لحماية أمن واستقرار المنطقة    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    الأرصاد: حالة مطرية بمحافظات مكة حتى الجمعة    الخرف الرقمي وأطفالنا    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    عزنا بطبعنا    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حدود جديدة للتطور
نشر في الجزيرة يوم 11 - 06 - 2015

كانت الاختراقات التي تحققت مؤخراً في فهمنا للآليات الجزيئية سبباً في إحداث ثورة في العديد من مجالات البيولوجيا (علم الأحياء)، بما في ذلك بيولوجيا الخلية وبيولوجيا التطور. لذا فليس من المستغرب أن تزودنا هذه التطورات برؤى قيمة في مجال بيولوجيا التطور أيضاً، بما في ذلك الأدلة التي تدعم النظرية شبه المحايدة للتطور الجزيئي التي وضعتها عام 1973. وكما هي الحال في عالَم العلوم عادة، فإن كل اكتشاف في مجال بيولوجيا التطور يثير من التساؤلات بقدر ما يجيب عن تساؤلات أخرى. والواقع أن مجالاً عملياً يمر الآن بواحدة من أكثر الفترات ديناميكية في تاريخه الذي امتد مائة وخمسين عاماً.
وعلى مدى قرن من الزمان تقريباً بعد نشر تشارلز دارون كتابه «في أصل الأنواع» كان العلماء يعتقدون أن الطفرات الجينية محكومة بعملية مشابهة لتلك التي وصفها مؤسِس نظرية الانتقاء الطبيعي. وكانت الفكرة تتلخص في أن الأفراد الذين يتمتعون بمتغيرات جينية متفوقة أكثر قدرة على البقاء، والتكاثر، وتمرير جيناتهم مقارنة بأولئك الذين لا يتمتعون بمثل هذه الجينات.
ونتيجة لهذا فإن الطفرات الضارة سرعان ما تختفي، وتنتشر الطفرات النافعة إلى أن يحملها جميع أفراد النوع. وكان من المتصور أن التغيرات التطورية، بما في ذلك المورفولوجية (المتعلقة بالشكل والهيئة)، تأتي نتيجة لتراكم وتوزيع الطفرات النافعة، وأن التركيبة الوراثية لمجموع أفراد النوع أقرب إلى التجانس، في ظل قِلة نادرة من الطفرات العشوائية التي تخلق الاختلافات بين فرد وآخر.
ثم جاء اكتشاف الحمض النووي (DNA) لينقض هذه النظرية. وبعد أن أصبح من الممكن تحليل التركيبة الجينية للأفراد بات من الواضح أن هناك قدراً أكبر كثيراً من التغاير بين أفراد النوع مما توقعت نظرية التطور السائدة. والواقع أن الأفراد من الممكن أن يتمتعوا بسمات مماثلة ولكن تسلسلاتهم الجينية مختلفة للغاية. وبدا هذا وكأنه يتعارض مع مبادئ الانتقاء الطبيعي.
وكانت إحدى المحاولات الأولى لضبط ومواءمة النظرية بالأدلة هي تلك التي اقترحها زميلي الراحل موتو كيمورا، الذي افترض وجود طفرات محايدة (متغيرات جينية ليست نافعة ولا ضارة للفرد؛ وبالتالي فإنها لا تتأثر بالانتقاء الطبيعي). وقد فحص كيمورا معدل التغير التطوري للبروتينات، وعَرَض النظرية الحيادية للتطور الجزيئي في عام 1968. والواقع أن نظريته، التي اعتبرت أن التغيرات التطورية على المستوى الجزيئي لا ترجع إلى الانتقاء الطبيعي، بل الانحراف الجيني العشوائي، قدمت تفسيراً جيداً للتباين الجيني الذي اكتشفه الباحثون.
كانت نظرية كيمورا بسيطة وأنيقة، ولكن تصنيف الطفرات في فئات متميزة - نافعة، أو حيادية، أو ضارة - بدا بسيطاً للغاية في اعتقادي. فقد أظهر عملي أن الطفرات الحدية، تلك التي تخلف تأثيرات إيجابية أو سلبية ضئيلة للغاية، قد تكون بالغة الأهمية في دفع التغيرات التطورية. وكانت هذه الرؤية بمنزلة الأساس للنظرية شبه الحيادية للتطور الجزيئي.
إن انفجار البيانات عن الجينوم وعلم وراثة مجموع أفراد النوع في القرن الحادي والعشرين لم يكن داعماً كبيراً لنظريتي التي توصلت إليها قبل 42 عاما فحسب؛ بل إنه كشف أيضاً عن مجالات جديدة واسعة من الأبحاث. على سبيل المثال، توسعت معارفنا حول بنية ووظائف البروتينات إلى حد كبير من خلال اكتشاف عمليات الطي الديناميكي. ومن المعتقد أن هذه العمليات توفر المرونة للكيفية التي تقوم بها البروتينات بوظيفتها، على النحو الذي ربما يكون مرتبطاً بطرفات شبه محايدة.
من بين التحديات الأكثر إثارة للاهتمام في بيولوجيا التطور هو تلك المحاولة لتحديد الآليات الجزيئية للتعبير الجيني، التي تدفع التطور في الشكل والهيئة. ويمر هذا المجال بعملية اكتساب فهم أفضل لمجموعة من الأنظمة المعقدة داخل الخلايا الفردية. وتشكل هذه الأنظمة على المستوى الجزيئي صميم علم التخلق - دراسة التغيرات في الوظيفة الوراثية التي لا يمكن تفسيرها من خلال الاختلافات في تسلسل الحمض النووي.
إن علم التخلق يشكل أهمية بالغة لفهم العلاقة بين التركيبة الجينية، أو النمط الجيني، والسِمات التي يمكننها ملاحظتها فعلياً. ففي الكائنات الحية العليا - مثل البشر - يتحكم في العمليات التخليقية مادة الكروماتين (مادة توجد في نواة الخلية وتشكل الكروموسومات أثناء الانقسام الخلوي)، وهي عبارة عن مجمع من الجزيئات الضخمة داخل الخلايا، ويتألف من الحمض النووي والحمض النووي الريبي. وتتشكل الطريقة التي يعمل بها الكروماتين بدوره وفقاً لعوامل وراثية وبيئية؛ الأمر الذي يجعل من الصعب فهم طريقة عمله. ولكن هذه الجزيئات الضخمة السريعة التطور والعالية التغير تستحق الدراسة المتأنية؛ لأنها ربما تكون السبب وراء بعض الأمراض التي تصيب البشر.
ويتمثل عامل آخر في العلاقة بين التركيبة الجينية والسمات التي يمكن ملاحظتها في الطريقة التي من الممكن أن يطرأ بها تعديلات على البروتينات. على سبيل المثال: من الممكن أن تعمل البروتينات أو تتوقف عن العمل؛ وبالتالي تغير وظيفتها ونشاطها. ويبدو أن هذه العملية، مثلها مثل أشكال أخرى من التعبير الجيني، مدفوعة بتركيبة من العوامل الفطرية والبيئية.
ويبدو أنه من غير الممكن دراسة آلية منفردة بمعزل عن غيرها؛ فعلى مستوى أساسي للغاية تعمل عوامل مثل الانتقاء والانحراف والتخلق بشكل جماعي، وتصبح غير قابلة للتجزئة. وكلما تعمقنا داخل ما كنا نظن ذات يوم أنها عمليات تطورية صريحة ومباشرة تبيّن لنا أنها أكثر إبهاراً وتعقيداً مما كنا نتصور.
***
ميشيما
توموكو أوتا أستاذة فخرية في المعهد الوطني لعلم الوراثة في ميشيما باليابان
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2015.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.