لا يمكن لأحد أن يحقق نجاحاً في الحياة دون أن تكون ثقته بنفسه كبيرة لا يأخذه الكسل، لأن ذلك يدفعه إلى خوض غمار الحياة بجرأة، ومن غير تردد يحجزه عن الثقة بنفسه بعد الله، ولا يأخذه اليأس وكربة الشعور بالإعجاز، يخلصه في الوقت نفسه من الاعتماد على الآخرين بحيث يعتمد على نفسه في كل قراراته وأعماله، ويرى في ذلك الطريقة المثلى في سيرة الحياة الطويلة لتحقيق الأهداف والتطلعات للإنسان الواثق بنفسه، يغتنم الفرصة السانحة في ذهن متألق وخطوات جريئة واطمئنان لعمله ورضا عن نفسه. أما الفاقد لطمأنينة فلا يستقيم له مقصد ولا تتضح في ذهنه خطة، ولا يجد من نفسه جرأة على الإقدام في تنفيذ أو إنجاز أي عمل دون أن يواجه الآخرين، أو تجبره ظروف الحياة بحيث يظل مذبذباً بين إقدام أو إحجام وعزم وتردد وحماس وفتور إلى أن تضيع عليه فرص الحياة. إن تربية أبنائنا على الثقة بالنفس هي تربية على خلق جيد وطباع جميلة تجعلهم يقبلون على الحياة بهمة ونشاط وتفاؤل بالنجاح، لا يحتقرون قدراتهم أو يستصغرون نفوسهم، فما يعيشون في أعلى أحوالهم مخيبي الرجاء ضائعي الحيلة، مشتتي الفكر ساخطين على الحياة، ناقمين على الأحياء. وعلينا أن ندرك أن تمكن الشعور بالعجز في نفوس بعض الأبناء لم ينشأ بين عشية وضحاها بل هو ثمرة لمجموعة من التراكمات والعوامل، وهو إفراز لظروف التربية والتنشئة الخاطئة من التحطيم والسخرية أو الخوف والدلال المبالغ فيهما مما أدى إلى مزيد من الإحباط واليأس والفشل. وكم نحن بحاجة إلى أن نتخلص ونخلص أبناءنا من تردد (لا أستطيع ومستحيل)، هاتان الكلمتان اللتان تتكرران على الألسنة كثيراً وهما سبب رئيس لحالة الفشل العام والخاص التي تعيشها مجتمعاتنا، ولا شك أن منبع هاتين الكلمتين هو العجز العقلي قبل أن يكون عجزاً حقيقياً واقعياً، والعقول العاجزة لا تصنع إلا الفشل، وكم تعلق بهاتين الكلمتين أناس جعلوها مدارس لحياتهم ومنهجاً لتفكيرهم ومنطلقاً لشعور بعدم التقصير وأساس الرضى بواقع مرير. إن واجبنا أن نربي أبناءنا على أن الثقة بالنفس فضيلة يضع بها الإنسان رجله على أرض صلبة، وأن النجاح في الحياة مبني على معادلات دقيقة من إدراك الواقع ومواجهة بحقيقة قدرات الإنسان وتذليل صعابه بإقدام لا يشوبه فتور، وحماس لا يخالطه غرور، وجرأة لا يقترفها كبر ولا استعلاء ولا يأس. وعلينا أن ندرك أن من الأخطاء التي تحول بين الكثيرين وبين تحقيق أعظم الأهداف وأعلاها ثمناً تصور أنه لا يحقق النجاح إلا الأذكياء، وقد أثبتت الدراسات عن عدد من عظماء التاريخ كانوا أناساً عاديين بل إن بعضهم فشل في كثير من المجالات، ولا شك أن الأغبياء لا يصنعون التاريخ، والذكاء أمر نسبي يختلف فيه الناس ويتفاوتون، وحكم الناس غالباً على الذكاء الظاهر بينما هناك قدرات خفية خارقة لا يراها الناس بل قد لا يدركها صاحبها إلا صدفة، وعندما يصرون على تحقيق هدف ما فسرعان ما تتغير تلك المواهب مخلفة وراءها أعظم الانتصارات والأمجاد. كل الناس يعيشون أحلام اليقظة ولكن الفرق بين العظماء وغيرهم أن أولئك العظماء لديهم القدرة وقوة الإرادة والتصميم على تحويل تلك الأحلام إلى واقع ملموس وحقيقة قائمة وإبرازها في العقل الكامل إلى شيء يراه الناس ويتفيأون ظلاله.