ما زالت الجلابية تمارس دلالها، فبالرغم من أنَّها زي تقليدي ضارب في عمق التاريخ، لكنها ما زالت تمارس جاذبيتها العالية، وتستقطب الأفكار التصميمية الجديدة، مع محافظتها على اللمسة التقليدية فيها.. لتصبح مطلبًا لكل الأجيال.. دون أن يصيبها وهن الشيخوخة.. أو يكتسحها مد الموضات والصرعات. معرض (ليالي رمضان في بلادي) المقام في معرض نيارة، استقرأ الواقع المحلي، واستقطب أذواقا شتّى من المدارس التصميمية المتألقة في مجال الجلابيات، كما كان مقصدًا للعديدات الباحثات عمّا يرضي أذواقهن الشرائية، خصوصًا وأن الموسم هو موسم رمضان الذي يشتد فيه الإقبال على الجلابيات، كما أنه موسم لعيد الفطر المبارك، الذي يرفع من شدة الإقبال على كلّ جديد في مجال الجلابيات وخطوط التصميمات الجديدة المتعلقة بها. (الجزيرة) جالت في المعرض، والتقت مجموعة من المصممات باختلاف جنسياتهن للتعرف على موروث الجلابية ومصدر إيحائهن لتصميمها. خامات خاصة منيرة ماجد العاصمي، مصممة أزياء سعودية، تخصصت في تصميم الجلابيات بعد أن كانت بداياتها تقديم الرأي للصديقات بشأن التصميم، لكنها أصبحت الآن تسلك طريقها في مجال التصميم للجلابيات بهدوء، وهي ترى أن هذا العمل مهما أخذ من وقتها، فهو مجرد هواية فقط ولم تفكر أبدًا في احترافه، حيث إن الأولوية في رأيها هي أن تؤدي عملها الأساسي كربة بيت. العاصمي ترجع حب النساء للجلابيات في رمضان خاصة دون المواسم الأخرى لما لرمضان من جو خاص ومميز، وتشير باعتزاز إلى تصاميمها في هذا المجال: «جلابياتي لجميع الفئات العمرية حتَّى فئة الأطفال، لكن الإقبال في رمضان يكون بشكل عام من الكبيرات، والجلابيات التي نقوم بتصميمها خامات خاصة ولا نقوم بتكرارها». والمغاربة حاضرون في ركن آخر، حدثتنا سعيدة الحميدي، وهي مغربية ومتخصصة بتصميم الجلابيات المغربية، مشيرة إلى أن تصاميمها مطوّرة للتماشى مع الذوق الخليجي: «رغبة ارتداء الجلابيات تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي المنطقة الغربية تفضَّل النساء ارتداء الجلابيات في رمضان والأعياد، لكن النساء في الرياض يفضلن ارتداء الجلابيات طوال السنة». وترى المصممة المغربية أن حب المرأة السعودية لارتداء الجلابيات في رمضان يرجع إلى سبب روحاني لأنَّه شهر عبادة وتعلّق بالدين، والجلابية ترمز للحشمة وتراعي جانب الفئات العمرية: «الشابات يرغبن بالشيء العصري فأحاول دمج هذا الذوق بالتقليدي لإرضائهن بخامات وألوان تناسب أعمارهن، أما كبيرات السن فيلجأن لخفيف ومريح جدًا كالشيفونات والحرائر واعتمادهن يكون على الأقطان في شهر رمضان المبارك، واستوحي 90 في المئة من تصاميمي من شخصيّة المرأة السعودية، من حيث معرفة رغباتها وطلباتها.. بحكم تعاملي مع السيدات السعوديات لأكثر من عشرين عامًا في المملكة، وخبرتي لاثنى عشر عامًا في مجال التصميم». تميز في القرقيعان ومن مملكة البحرين وصفت سعاد العبد الله جلابياتها الخليجيّة بالتطوير ودمجها بالشرقي: «الميزة الأساسية هي تصميم جلابيات للأطفال ليوم القرقيعان وهو اليوم 14 أو الخامس عشر من رمضان، وتلك عادات وتقاليد موروثة بين بعض دول الخليج». وخصت سعاد فئة الكبيرات في السن بجلابيات تعتمد فيها اللمسة التقليدية: «أما الشابات فيفضلن جلابيات بقصات مختلفة لإبراز أنوثتهن»، تواصل: «وبعضهن يفضلن الواسع أو ميني جلابية (القصيرة)، ويوجد إقبال لشراء التقليدي بتفاوت أسعارها، والألوان تختلف حسب المواسم، ففي الشتاء تلجأ النساء إلى الغوامق، بينما في الصيف تميل السعوديات للجلابيات التقليدية» تكمل حديثها. ارحمونا من الأسعار! أما الأسعار، فحالها حال، حيث كانت مثار سجال بين المصممات، اللاتي يرين أن سعر المعروضات معقول قياسًا بالجودة والجماليات، ترى زائرات المعرض أن الأسعار نارية.. ليست في متناول الكثيرات من الزبونات: «جئت للمعرض خصيصًا لشراء جلابية للعيد، ولكنني تفاجأت بغلاء أسعارها، خاصة أن الميزانية التي وضعتها تكفي لسعر جلابية واحدة» تقول إحدى الزائرات للمعرض.. من جانبها، تذكر مريم، وهي فتاة عشرينية، أنها جاءت للمعرض بحثًا عمّا يناسب عمرها بشراء جلابية تصلح للعيد وتكون بستايل فستان: « فوجئت بأن ذلك مستحيل، فما يروق لي يتجاوز كل تقدير.. وقد صدمتني المفاجأة حين اخترت جلابية أعجبتني، لأجد أن سعرها تجاوز الألفي ريال»! بينما تذكر نورة محمد وهي ربة بيت وأم لطفلين أن الجلابية هي زي رسمي يعطيها هيبتها في مناسبات كالأعياد أو في الاستقبالات: «صحيح أن الإنسان يرغب بالتميز ولكن ليس من المعقول أن أدفع كل ما أملك في حقيبتي لشراء جلابية.. الأسعار نار وفوق المعقول».