القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات    موسم الرياض 2025 يتجاوز 8 ملايين زائر    المملكة وقطر والإمارات حققت قفزات كبيرة لبناء أنظمة طيران متقدمة عالمياً    البرهان يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير منطقة الرياض    المغرب يبلغ نهائي كأس العرب بفوزه بثلاثية على الإمارات    جمعية مشاة الزلفي تنفذ برنامج المشي على الرمال بمشاركة 14 مدينة    بلدية محافظة الشماسية تنهي معالجة آثار الحالة المطرية التي شهدتها المحافظة    ارتفاع الطلب العالمي على النفط ب 860 ألف برميل يوميا خلال 2026    الذهب يسجل 4338.26 دولارا للأوقية مدعوما بضعف الدولار    القادسية في مفترق طرق.. غونزاليس يغادر ورودجرز قريب من الإشراف الفني    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلّف    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل منتخب جامعة جازان    سهم كابيتال تستضيف قمتها العالمية الأولى للاستثمار في الرياض    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    فيصل بن مشعل يتسلّم التقرير الختامي لمبادرة "إرث ينطق"    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    ومن الهذيان ما قتل AI الإنسانية    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    تقييم الحوادث يعلن نتائج تحقيقاته في عدد من الادعاءات المنسوبة لقوات التحالف    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    أمير منطقة جازان يستقبل إمام المسجد النبوي    دور إدارة المنح في الأوقاف    لقاء تاريخي حافل لأبناء عنيزة القاطنين بمكة المكرمة    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات بحق 40 سفينة من " أسطول الظل"    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    1.9% نسبة التضخم في السعودية خلال نوفمبر 2025    إسقاط 130 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    السعودية تدين الهجوم الإرهابي.. دمشق توقف 11 عنصراً للتحقيق في هجوم تدمر    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    من القمة.. يبدأ السرد السعودي    رابطة العالم الإسلامي تدين الهجوم الإرهابي بمدينة سيدني الأسترالية    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الأسد والطوائف المُتخوِّفة
شيء من

هناك على ما يبدو هلع لدى بعض السوريين واللبنانيين خوفاً من سقوط نظام أبناء الأسد وأنسابهم ومحاسيبهم. الهلع هذا مصدره أن هناك وهماً متغلغلاً في ذهنية بعض أقطاب الطوائف في لبنان، وربما في سوريا أيضاً، مفاده أنّ سقوط نظام الأسد في سوريا يعني أنّ (المتطرّفين) الإسلامويين قادمون، وأنّ قدومهم يعني أنّ وجود الأقليات من غير أهل السنّة والجماعة في خطر.
الطوائف والإثنيات في بلاد الشام قديمة قدم الوجود الإنساني على هذه الأرض، ولم تكن طارئة أو جديدة، وبالتالي فإنّ (التعايش) بين هذه التشكُلات الإنسانية هو جزء من ثقافة شعوب المنطقة؛ وإنْ وجدت أصوات طائفية (إقصائية) متزمّتة، فإنها لا تعدو أن تكون عرضية، وطارئة وليست أصيلة؛ وهي بمثابة الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا يلغيها. وفي تقديري أنّ أولئك الذي يدفعون بهذه المخاوف إلى السطح من أبناء الطوائف الأخرى، ويكرسونها، ويقفون في الخندق ذاته دفاعاً عن الأسد وزبانيته وظلمه وتجاوزاته الإنسانية الفظيعة، هم يقحمون طوائفهم في صراعات لا علاقة لهم بها. فالمنتفضون في سوريا لم ينتفضوا على النظام لأنّ الأسد مال مع هذه الفئة على حساب مصالح فئة أخرى، وإنما لأنه نظام فاسد، قمعي، ظالم، مستبد، متخلّف، فاشل، يتحكّم فيه مجموعة من اللصوص وقطّاع الطرق، عاثوا في بلادهم فساداً وتدميراً وتخريباً على كافة المستويات؛ ومن الخطأ الشنيع أن يقف زعماء (الطوائف) الأخرى مع هذا النظام، ويدعمونه، ويدافعون عن بقائه، وهم يعلمون يقيناً أنّ سقوطه مسألة وقت، وأنّ العالم تخلّى عنه، ويُحاصره؛ مثل هذا الموقف غير المحسوب بعناية يعني أنك سوف تُذكي الأحقاد، وتعطي الغوغاء - فيما بعد - الأدلة والذرائع للانتقام منك، على اعتبار أنك ساندت عدوّهم، ووقفت معه، وبذلت كل ما تملك من جهود لإبقائه سيفاً مسلطاً على رقابهم. مثل هذه التصرفات في تقديري هي في غاية الخطورة، ليس فقط لأنها ستفضي حتماً إلى الفشل، وإنما لأنها أيضاً ستضع الطوائف المتحالفة مع الأسد ضد شعبه في موقف لم يكونوا إطلاقاً مضطرين للوقوف فيه، وستكون انعكاساته عليهم بعد السقوط وخيمة. وأنا هنا لا أتحدث عن حزب الله؛ فهذا الحزب يتلقّى أوامره من طهران، وبالتالي فهو مغلوب على أمره، ويعمل لتحقيق مصالح إيران في لبنان والمنطقة، وإنما أتحدث عن الطوائف المسيحية والإسلامية (الوطنية) الأخرى.
ويبدو أنّ الأسد عندما فقد كل مبرّرات وجوده، لجأ إلى إذكاء التخوّفات الطائفية، جاعلاً من نظامه بمثابة الضامن الوحيد لتعايش الأقليات في سوريا وكذلك في لبنان. غير أنّ التاريخ القريب يقول: إنّ إذكاء العداء بين الطوائف والإثنيات كان لعبة نظام الأسد المفضّلة، والتعايش بين الطوائف كان دائماً ليس في مصلحة بقاء النظام؛ لذلك كان دائماً ما يلجأ إلى إشعال مثل هذه الصراعات لتصب في مصلحة بقائه؛ فالأكراد - مثلاً - وظّفهم لخدمة أغراضه، واستعملهم كورقة ضغط على تركيا، ثم باعهم، وطرد زعيمهم عبدالله أوجلان، عندما شعر بالخطر، واستنفد أغراضه منهم. والفلسطينيون كذلك استخدمهم كورقة ضغط، ووظف قضيتهم لتكون مبرراً لوجوده، بينما أن الجولان ما تزال منذ 40 سنة تحت الاحتلال الإسرائيلي ولم يحرك ساكناً. كذلك فإنّ النظام السوري هو من استخدم الصراع الطائفي في لبنان سبباً لبقائه، مناصراً هؤلاء على أولئك تارة، وأولئك على هؤلاء تارة أخرى طوال سنين احتلاله للبنان؛ ولم تبق طائفة لبنانية واحدة لم يصلها نظام الأسد ومخابراته واغتيالاته ومؤامراته.
إنني على يقين أنّ هذه التخوفات التي تدور في المنطقة، ويروّجها كثير من أساطين الطوائف غير السنية في منطقة الشام، هي ورقة نظام الأسد الأخيرة؛ أما الحقيقة فإنّ تعايش الأقليات والطوائف والإثنيات ثقافة ضاربة في أعماق المنطقة، لا يستطيع أحدٌ أن يجتثها، أياً كان شكل النظام الذي سيخلف الأسد.
إلى اللقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.