بصعوبة بالغة، شق المغني أيمن زبيب طريقه. كان وحيداً، قلة آمنت به. كان مؤمناً بنفسه وبموهبته اكثر من الجميع. و لم يكن يطلب الا... الوقت الكافي ليثبت انه يتحلى بالكفاءة العالية. لم يجد معيناً في شركة انتاج ولا في محطة تلفزيونية ولا في «مكتب» يدير الفنانين ولا في مدير أعمال صاحب خبرة. و مع ذلك استمر يصارع. و لولا تلك القوة التي اسمها الارادة لانصرف الى عمل آخر. بهذا القدر من القسوة عاش ايمن زبيب سنوات البداية التي تجاوزت الخمس، قبل ان يكتشف «الآخرون» انه سهم طائر ويصيب. مذذاك دخل زبيب في حال البداية الفعلية مع الأغاني والانتاج والجمهور والإعلام ولا يزال. واذا كان «استوديو الفن» هو المنبر الأفضل لنجوم الغناء أو لهواة الغناء في تحقيق أمنية الانتماء الى النجومية، بخطوة أولى عريضة الانتشار، فإن هذا المنبر كان خطوة أولى... فقط، ذلك ان زبيب كان يتمنى ويتوقع الانضمام الى مكتب استوديو الفن لإكمال الطريق، فاصطدمت أمنيته بواقع يقول ان «المكتب» عاجز عن تحمل جميع «خريجي» البرنامج وتالياً عليه هو ان «يدبر رأسه» (يجد الحل بنفسه). بالفعل دبر زبيب رأسه، و لكن بعد معاناة. صوت ايمن زبيب من الصنف الرقيق. قوته ليست في حجمه بمقدار ما هي في عذوبته وحساسيته. تضاف الى تلك القوة العاطفية، طريقة خاصة في الأداء اكتسبها زبيب بالخبرة، فضلاً عن التخطيط لها، بمعنى أنه حاول ابتكار اسلوب غنائي خاص به ونجح، وهذا الاسلوب يمزج الجملة اللحنية بنوع من «الألم» أو «التأوهات» ثم يمر ذلك عبر حركات اقرب الى التقطيع الصوتي. اما الأغاني التي يسعى زبيب في سبيلها فهي التي تحمل نكهة الفولكلور والطابع العصري في آن: «الفولكلوري» تعني اللبناني على... عراقي. اما العصري فتعني اللبناني على رومنسي – شعبي. ما هو سر الارتباط بين صوت ايمن زبيب واللون العراقي؟ علاقة قديمة ترجع الى مطلع الصبا حين غرق زبيب في حب اللون الغنائي العراقي حتى ذاب فيه منشداً في «ستديو الفن» اغاني عراقية لفتت الانتباه اليه. وبعد ذلك، اي بعد انتشار اسمه، ذهب في اتجاه هواية هي معرفة «فولوكورات» اخرى، فكلما كان في بلد عربي او اجنبي لإحياء حفلة غنائية، بذل جهداً جدياً في طريق معرفة فولكلوره، واقتنى تسجيلات غنائية وموسيقية تنتسب الى طابع البلد الفني، وحفظها ورددها ولون اداءه بها الى درجة ان مكتبة زبيب الفنية في هذا المجال اغنى مما يمكن ان يتصوره أحد، وأن صوته حين ينطلق في انشاد تلك الالوان الغنائية والموسيقية «الغريبة» لا يعود يعرف انه صوت ايمن زبيب لفرط الإجادة والاتقان. هل استطاع ايمن زبيب تكوين شخصية غنائية متكاملة في نظر الجمهور؟ حتى الآن الجواب هو كلا، ذلك ان ملامح الشخصية الغنائية لدى ايمن لم تكتمل كلياً بعد. كأنها لا تزال في مرحلة التجريب مع انها بلغت شوطاً واضحاً من الاستقلالية عن التقليد. والاكتمال يمكن الوصول اليه عبر مزج الألوان التي يتقنها زبيب في لون واحد. و هذا صعب طبعاً لأنه ليس خاضعاً لرغبة زبيب فقط بل لمدى وجود ملحن يمكنه التركيز على صوته واكتشاف قدراته الكامنة. ومن الآن الى حين الالتقاء بين صوته والملحن الموعود، يسجل ايمن زبيب اغاني ناجحة – و يصور كليبات مقبولة، ويطور نفسه ما استطاع. ويكبر اسمه ويدخل نادي النجومية خطوة خطوة... والبومه الأخير يصب في هذا الاتجاه.