توقفت أعمال الترميم في ساحة عبد الحميد كرامي في مدينة طرابلس (شمال لبنان) بعد خلاف نشب بين فعاليات في المدينة حول شعار «قلعة المسلمين طرابلس». ووفق مصادر طرابلسية، فإن «حركة التوحيد الإسلامي» وضعت بعد سيطرتها على المدينة سنة 1984 في الساحة الواقعة في مدخل طرابلس الجنوبي، مجسماً لاسم الجلالة «الله» على المنصة التي كانت مخصصة لتمثال رجل الاستقلال عبد الحميد كرامي الذي نسفه مسلحون أثناء حرب السنتين. وبعد مضي نحو 7 سنوات وضعت الحركة وكان يرأسها حينها الشيخ سعيد شعبان، مجسم «الله» ودونت على واجهة النصب الغربية الآية القرآنية «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون»، وعلى الواجهة الشرقية عبارة «قلعة المسلمين طرابلس»، وأضيف من حينها إلى الساحة اسم جديد هو «ساحة النور». ودرجت منذ 1984 على إجراء تحسينات وأعمال ترميم كل سنة عشية عيد الأضى، وهذا ما قامت به هذا العام لكن رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي تمنى عليها تبديل شعار «قلعة المسلمين» ما أدى إلى خلاف عملت فعاليات المدينة على تذليله. وذكرت المصادر نفسها، أن البلدية لم تعط الحركة ترخيصاً لإعادة الترميم بل تمنت عليها تغيير الشعار الذي يوحي وكأن المدينة قلعة محاصرة وأنها لفئة من اللبنانيين دون سواهم علماً أنها ليست كذلك وهي عاصمة الشمال وعاصمة لبنان الثانية أيضاً، لكن الحركة لم تتجاوب بعد مع هذه الدعوة وأرادت التمسك بالشعار. وأجريت سلسلة اتصالات لمعالجة الموقف شارك فيها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار وجمالي ومنسق تيار «المستقبل» في المدينة عبد الغني كبارة والأمين العام ل «حركة التوحيد» الشيخ بلال شعبان. وشددت الاتصالات على ضرورة حل هذه القضية بكل حكمة وروية وعدم السماح لأي طرف باستخدامها لإحداث فتنة. وتزامن ذلك مع رفع لافتتين على السور الحديدي المحيط بالساحة، تردد أن مناصري «المستقبل» وضعوهما، خطّ عليهما عبارة: «طرابلس قلعة اللبنانيين مسلمين ومسيحيين». لكن هذا الأمر حال دون استمرار الاتصالات، علماً أن جهة أمنية رسمية أزالت اللافتتين منعاً لتفاقم الأمور، وهكذا كان فمرّ العيد بسلام. وأوضحت مصادر الشيخ الشعار أنه يتمنى رفع كل الشعارات ليس فقط من طرابلس بل من كل لبنان، وبخاصة من الطرق والساحات وهي أملاك عامة لا يحق لأحد وضع يده عليها لأنها أملاك للدولة تدار من جانب البلديات التي لها وحدها مع مجلس الوزراء، حق اطلاق التسمية عليها، مشيرة إلى استعداده للقاء الحركة وتوضيح الأمر لها علماً أن هذا الأمر لا يمس بالدين الإسلامي الحنيف وهو دين تسامح وتعايش. أما في ما يتعلق بالبلدية، فأشارت المصادر إلى أن الرئيس السابق للبلدية العميد سمير شعراني أعاد خلال فترة ولايته، تسمية الساحة باسمها الأصلي «ساحة عبد الحميد كرامي» ولم يحصل شيء، وأن الرئيس الحالي (جمالي) الذي وصل بالتوافق، تمنى تغيير الشعار فقط وأن الأمر ليس مطروحاً كصراع بين «المستقبل» و«التوحيد» بقدر ما هو سعي إلى إظهار المدينة على حقيقتها بأنها مدينة تنوع وتعايش وليست لفئة معينة بل هي لكل اللبنانيين علماً أنها كانت أول مدينة ترفع خطوط التماس عام 1975 بينها وبين زغرتا، إضافة إلى وجوب معاملة رجل الاستقلال عبد الحميد كرامي بشكل يليق به، لا أن يستمر وضع اليد كأمر واقع. وكان منسق تيار «المستقبل» كبارة قال «إن أشخاصاً راجعونا بالموضوع عند بدء ترميم النصب، فطلبنا منهم مراجعة البلدية بصفتها المرجع المعني بالموضوع، ولأننا نؤمن بدولة المؤسسات ونرفض القفز فوقها». وأضاف: «نؤمن بعدم تهميش أي فئة، أو تصوير طرابلس قلعة منغلقة ومتقوقعة، بل نريدها مدينة للعيش المشترك، وحاضنة لجميع أبنائها وللبنانيين وأفكارهم، وأن يعبّر الكل عنها ضمن إطار القانون». ودعا الى «حوار هادئ بين فاعليات طرابلس حول هذا الموضوع برعاية البلدية، والرأي الذي يتم التوافق عليه يعتمد». أما «حركة التوحيد» فنقل عن مصادرها قولها: «منذ 25 سنة نرمم النصب بلا مشاكل، وقدمنا طلباً بهذا الخصوص الى البلدية قبل أسبوع كما في كل مرة، لكن تبيّن أن هناك اعتراضات صدرت من البعض بدأت بطلب تبديل آيات وشعارات، على خلفيات سياسية». وأضافت: «نزولاً عند رغبة بعض المراجع تم استبدال الآية التي كانت موجودة بآية «الله نور السماوات والأرض»، أما عبارة «قلعة المسلمين طرابلس» فلا تعني أننا ضد المسيحيين بل على العكس الحركة على علاقة ممتازة بكل المراجع المسيحية السياسية والدينية».