إذا كانت الكوميديا السياسية تعاني في ولاية باراك أوباما، فالرئيس ذكي ونادراً ما يخطئ، فانها كما قلت أمس تتجاوز الطرف العنصرية فلا يبقى لها إلا الأزمة المالية المستمرة مصدراً للترفيه عن النفس. خلال الحملة الانتخابية، وقبل دخول أوباما البيت الأبيض، لم يكن كتّاب الكوميديا قادرين على تحميله مسؤولية الأزمة، ولاحظت أنهم اختاروا نقطة عادوا اليها باستمرار، فأنصار أوباما عاملوا مرشحهم وكأنه المخلص أو المسيح المنتظر، فكان أن وجد طلاب السخرية زاوية ينفذون منها الى المرشح ثم الرئيس المنتخب. قرأت شيئاً لم أعد أذكره حرفياً، ولكنه كان من نوع أن أوباما حل مشكلة الاقتصاد في اليوم الأول، وكسب الحرب في العراق في اليوم الثاني، وكسبها في أفغانستان في اليوم الثالث، وأنهى الجوع في اليوم الرابع، وقضى على الإيدز في اليوم الخامس، وكسب معركة البيئة في اليوم السادس... وفي اليوم السابع استراح. وبالمعنى الديني، ومن العهد القديم في الكتاب المقدس الى العهد الجديد، والسؤال لماذا لا يكشف أوباما شهادة ميلاده الأصلية؟ والجواب: لأنها ستثبت أنه لم يولد لامرأة عذراء. وقال جاي لينو إن أوباما قضى الأيام الأولى بعد انتخابه في اختيار مساعديه، وسيعلن غداً أسماء تلاميذه (حواريه) الأثني عشر، وله أيضاً: العرض انتهى بشكل رائع وأوباما يصعد الى السماء فوق غيمة. وكان لينو قال خلال الحملة: إن جون ماكين يفضل الحديث الى الجمهور في قاعة بلدية المدينة، وأوباما يفضل أن يعظهم من فوق جبل (اشارة الى الموعظة على الجبل للسيد المسيح). وقال الكوميدي جون ستيوارت إن أوباما زار الشرق الأوسط وقابل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثم ذهب الى بيت لحم لزيارة المهد الذي ولد فيه. كانت هناك طرف أخرى ذات مغزى من بينها أن بيل كلينتون أصبح مستشار أوباما، وهذا أغضب ميشيل أوباما وأخافها. غير أن كتّاب الكوميديا السياسية وجدوا مادة كافية في المرشحين الآخرين مثل جو بايدن الذي أختاره أوباما ليكون نائب الرئيس معه. وشكا كوميدي من صعوبة اطلاق النكات عن أوباما إلا أنه شكره لإدراكه هذه الصعوبة واختياره بايدن ليسهل عمل الكوميديين. وعندما تبين أن خلافات نشبت بين موظفي ماكين ومرشحته لنائب الرئيس ساره بيلين قال أحدهم إن رجال الأمن المولجين بحراستها أطلقوا عليها اسماً حركياً هو «جو بايدن». وقال بايدن بعد القاء خطاب إنه مبحوح ولا يستطيع الكلام، وعلق أحدهم أن هذا دليل على أن حظ أوباما الطيب مستمر. ووزع الجمهوريون دمية على شكل بيلين، فزعم كوميدي أن الديموقراطيين وزعوا دمية منافسة على شكل بايدن ميزتها أنك لا تستطيع أن توقفها عن الكلام. وسخر جاي لينو من شعار أوباما التغيير ثم اختياره نائباً له مضى عليه في مجلس الشيوخ 35 سنة. طبعاً ماكين وبيلين كانا هدفاً أسهل كثيراً، وجاي لينو نفسه، وبمعنى ما، سبق له أن لاحظ أن ماكين شكا من قلة خبرة أوباما وأنه لا يجوز له أن يتعلم العمل وهو يمارسه، ثم اختار بيلين الجاهلة تماماً نائبة له. ولاحظ بيل ماهر أن ماكين ألغى مناظرة له مع أوباما من دون تفاهم وعاد الى واشنطن لمتابعة الأزمة المالية، ثم عاد عن الالغاء من دون اتفاق ليكمل حملته، وقال إنه عندما يتصرف مسن عمره 72 عاماً بهذا الشكل يبدأ أبناؤه بالبحث عن مأوى عجزة يخفونه داخله. وأعلن أوباما أنه سيخوض حملة الانتخابات في الولايات الخمسين، وعلق كوميدي أن ماكين رد عليه بالقول إنه سيخوض الحملة في المستعمرات الأميركية الثلاث عشرة. غير أن أسهل هدف في الحملة كلها، وحتى اليوم، كان ساره بيلين، فقد كان جهلها من مستوى فاجأ الجميع، وبينهم حملة ماكين نفسه، حتى لو لم يعترف أحد بخطأ اختيارها. وقرأت: - اتصل أوباما بعد فوزه بجميع الذين ساعدوه على الفوز وهو بدأ بشكر ساره بيلين. - شكا مساعدو ماكين من جهل بيلين الى درجة انها تعتقد بأن افريقيا دولة، وعذرها أن من الصعب رؤية افريقيا من نافذة بيتها في ألاسكا. - العالم كله احتفل بفوز أوباما وبيلين رأت الروس يحتفلون من نافذة بيتها في الاسكا. - توقفت ساره بيلين في ثلاث محطات خلال جولتها الانتخابية: ساكس ونيمان وبلو منغديل (متاجر تقصدها النساء الثريات). - لم تحزن بيلين لأنها خسرت الانتخابات بل لأنها ستعيد الفساتين التي قدمت لها خلال الحملة. أقول إننا إذا لم نستطع أن نؤثر في السياسة الأميركية فعلى الأقل نشارك في الضحك منها أو عليها.