تفاعلت الأزمة التي تشهدها جماعة «الإخوان المسلمين» أمس بعدما حسم جناح المحافظين أو ما يسمى ب «الحرس القديم» النزاع لمصلحته، ولو موقتاً، بعدما وافق المرشد العام محمد مهدي عاكف على التنازل عن بعض صلاحياته لنائبه الدكتور محمد حبيب المحسوب على المحافظين. وتجاوزت الجماعة مسألة «تصعيد» الدكتور عصام العريان إلى أعلى هيئة قيادية في «الإخوان»، وهو الرأي الذي كان يتشبث به المحافظون. ويقول متابع لشؤون الجماعة إنها «باتت أمام مفترق طرق بعدما تصاعدت الانقسامات الداخلية بين الأجيال المختلفة فيها، بما يمكن أن يعزى إلى خلافات هيكلية بين جيل الشباب من جانب والحرس القديم من قيادات الجماعة من جانب آخر». وعلى رغم أن قادة الجماعة أكدوا أن الخلافات في وجهات النظر لا تدل على وجود انقسامات، غير أن المؤكد أن هذه الجماعة التي تُعتبر أكبر فصيل معارض في مصر باتت أمام أمرين: فإما أن تخرج من نفق الانقسامات ثم تحاول البحث عن مكان لها في صدارة المشهد السياسي في البلاد، وإما أن أزماتها الداخلية ستدفع بها إلى التواري إلى الخلف بسبب عدم قدرتها على تجاوز انقساماتها. وأقر مرشد الجماعة محمد مهدي عاكف ل «الحياة» بأنه «أراد التخفف من أعبائه وإعطاء الفرصة لآخرين»، لكنه في الوقت ذاته استنكر تضخيم الأمور وتصعيد شأن الخلافات. وقال: «منذ اليوم الأول لاختياري الدكتور محمد حبيب كنائب أول وهو يمارس هذه الصلاحيات في حال غيابي وهو أمر طبيعي تشمله اللائحة الداخلية للإخوان». ونفى في شدة أن يكون تقدم باستقالته كما تردد في وسائل إعلامية «لكنني أعطيت الفرصة لأشخاص هم جديرون بها». ويرى مراقبون أن انتخابات مكتب إرشاد الإخوان والمقرر عقدها خلال الأشهر القليلة المقبلة ستشهد احتدام الصراع بين الأجنحة المنقسمة على بعضها خصوصاً في ظل سيطرة تيار الشباب على غالبية مقاعد مجلس شورى الجماعة والذي تم الانتهاء من انتخابه خلال الأيام الماضية. وأكدت مصادر في الإخوان ل «الحياة» أن الحياة عادت إلى طبيعتها داخل مكتب إرشاد الجماعة بعدما حضر السيد مهدي عاكف في الصباح إلى مكتبه ومارس مهمات عمله، وفي الوقت ذاته شهد يوم أمس تغيّب النائب الأول محمد حبيب عن الحضور على غير العادة، وهو ما يؤكد أن خلافات من الممكن أن تنشب بسبب تصريح حبيب في وسائل الإعلام بأن عاكف تنازل له عن صلاحياته. ولفتت المصادر إلى أن عاكف كان قد اقترح في وقت سابق على أعضاء مكتب الإرشاد بأن يتنازل عن بعض صلاحياته لنائبه، غير أن أعضاء المكتب رفضوا ذلك في شدة. وشددت المصادر على أنه في حال صحة ما قيل عن تنازل عاكف لمصلحة حبيب فإن ذلك لا يعني أن «الإخوان» سيختارون الدكتور محمد حبيب المرشد العام الثامن للجماعة. واستنكر المرشد السابع لجماعة «الإخوان» الاهتمام الإعلامي الضخم بما يحدث داخل الجماعة. وقال: «مسألة أن أستقيل من منصبي من عدمه هي شأن إخواني وليس لأحد أن يتدخل فيه». وأضاف: «في الوقت الذي يتم تصدير الخلافات إلى الواجهة لا نجد اهتماماً باعتقال 320 شخصاً غالبيتهم من قادة الجماعة في حملات دهم شنتها الأجهزة الأمنية على مدى الأشهر الأخيرة». ونفى عاكف (81 سنة) في تصريحات خاصة إلى «الحياة» نشوب انقسامات بين أعضاء مكتب الإرشاد، معتبراً أن ما يشاع عن ذلك الهدف منه شغل الناس عن قضايا أهم. وأكد «تقدير الجماعة للدور الذي يقوم به الدكتور عصام العريان». وأقر بوجود خلافات في وجهات النظر في شأن تصعيده إلى عضوية مكتب الإرشاد، وأوضح: «البعض وأنا منهم كان يرى أن من الضروري تصعيده، فيما كانت وجهة النظر الأخرى الانتظار إلى الانتخابات وليأت من يأتي». وقال عاكف: «الخلافات في وجهات النظر لا تستحق كل هذه الضجة الإعلامية وليس من شأن أحد التدخل في الشأن الإخواني... نحن ملتزمون اللوائح التي تنظّم عمل الجماعة». وأقر عاكف ضمنياً بأنه تنازل عن بعض صلاحياته لنائبه محمد حبيب، إذ قال: «يتبقى لدي شهر وأعتزل رئاسة الجماعة لذلك أعطيت الفرصة للآخرين... ما المشكلة حين أقول للأخوة شدوا حيلكم أنتم وأنا سأرتاح؟ لكن القول عن سحب صلاحياتي هو «تخريف» لا يستحق الرد». وأوضح: «منذ اليوم الأول لاختياري الدكتور حبيب كنائب أول وهو معه هذه الصلاحيات ويمارسها في حال غيابي». وأرجع عاكف الضجة إلى أن «الناس في مصر غير معتادة على أن يترك شخص منصبه». وشدد على «أن الجماعة مستمرة في العمل ولن تؤثر فيها تلك الإشاعات».