أمير الرياض يرعى حفل تخريج الدفعة ال68 لطلاب جامعة الإمام.. غداً    "آلات" تطلق وحدتَين للتحول الكهربائي والبنية التحتية    الذهب يرتفع مدفوعا ب"التوترات" وآمال خفض الفائدة    "البيئة": 54 بحثًا للابتكار وتنمية المجتمعات الريفية    الدكتور الربيعة يلتقي وزير الدولة البريطاني للتنمية والشؤون الأفريقية    مفاوضات القاهرة تتعثر.. والهدنة تتهاوى    المملكة تحذر من مخاطر استهداف قوات إسرائيلية لمدينة رفح    7 غيابات في كلاسيكو الأهلي والهلال    ماذا قدم فراس البريكان في 6 مواجهات أمام الهلال؟    وزير العدل: تطور تشريعي كبير في السعودية وصولاً للعدالة بأيسر الطرق    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي كلية التقنية بالمحافظه لحصولهم على جائزة المركز الأول في مسابقة الروبوت والذكاء الاصطناعي    تقديم الاختبارات النهائية بمدارس مكة    دوريات «المجاهدين» بجازان تقبض على مخالف لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين    نائب وزير الخارجية يستقبل وزير الدولة البريطاني للتنمية وأفريقيا    خطط وبرامج لتطوير المساجد في الشرقية    استشهاد عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي على مدينة رفح    إعلان نتائج أرامكو غدا.. ترقب من سوق الأسهم وتوصيات المحللين    أمير تبوك يقلد مدير الجوازات بالمنطقة رتبته الجديدة    التخصصات الصحية: التقديم على برنامج مساعد طبيب أسنان    سمو وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    «البلسم» تجري 48 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية في أول يومين من الحملة الطبية باليمن    القدية تطلق أكواريبيا.. أكبر متنزه ترفيهي مائي في المنطقة    أمير تبوك يستقبل الأمين العام لمجلس منطقة جازان    أمير المنطقة الشرقية يفتتح يوم المهنة ال39 بجامعة الملك فهد    لماذا شرعت روسيا في إجراء تدريبات نووية؟    تقديم الإختبارات النهائية للفصل الدراسي الثالث بمنطقة مكة المكرمة.    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    تعليم الطائف ينظم اللقاء السنوي الأول لملاك ومالكات المدارس الأهلية والعالمية    انطلاق "مهرجان الرياض للموهوبين 2024".. غداً    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُنظم مؤتمرًا دوليًا في كوريا    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق    مساعدات إيوائية لمتضرري سيول حضرموت    السعودية.. الجُرأة السياسية    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    انطلاق بطولة كأس النخبة لكرة الطائرة غدا    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    المجرشي يودع حياة العزوبية    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    شوريًّون: المعلمون مثقلون بالمهام وضعف النتائج يستدعي المعالجة    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    بدر بن عبد المحسن المبدع الساعي للخلود الأدبي    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    مهرجان الحريد    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة بين الثقافة والفكر.. استقصاء تاريخي وسرد تجربة
نشر في الحياة يوم 23 - 12 - 2014

عندما يتم طرح موضوع بهذا الحجم في وقت محدود ومن حديث عهد بصحافة ربما اكتنفه الكثير من القصور والخلل، وحسبي أن أثير معكم من خلال هذه الورقة أسئلة التنمية التي مرت بها بلادنا وارتقى بها طرحنا وتسامى حضورنا في المشهد السياسي والثقافي والاقتصادي. أقول ذلك كوني آمنتُ بأن جَلْد الذات والتركيز على مواطن ومواضع النقص (سلبية معرفية)، والحديث عن الصحافة في مطلع نشأتها حديث عن وسائل اتصال وتواصل في زمن لم يملك الناس وقتاً لهذا الترف، فآباؤنا وأجدادنا كانوا يحررون صحافة يومية من خلال الكتابة على الأرض حرثاً وصرماً وتنقيةً ورعياً؛ لتحقيق الإنتاج بحكم أن لقمة العيش أهم من القراءة والكتابة، بل لم يكن بعض الآباء يحرص على تعليم ابنه؛ لكي لا يخسره من قائمة العمل المنزلية.
***
ارتبطت الصحافة في المملكة في بدايتها بالأدب ارتباطاً وثيقاً أدى إلى اكتساب صحف الأفراد صبغة أدبية مميزة، ومما يؤكد هذا الارتباط قول عبدالوهاب آشي أول رئيس لتحرير لصوت الحجاز إن الصحيفة أنشئت لتكون «رابطة أدبية بيننا نحن أبناء هذه البلاد، توحد بين أفكارنا وميولنا وثقافتنا». كما ركزت صحف الأفراد في معالجاتها على القضايا الأدبية وعلى فنون المقالة المختلفة النقدي والتحليلي ولم تتخلص المقالات الافتتاحية من تناول بعض القضايا الأدبية.
ويعود اهتمام الصحف السعودية بالقضايا الأدبية على حساب الاهتمامات الأخرى إلى أسباب عدة، منها أن القائمين على صحف الأفراد من الأدباء والمثقفين الذين جل ثقافتهم تقوم على العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية. وشهدت الصحافة السعودية طفرة ثقافية من خلال معارك أدبية ولحضور تجربة الحداثة في الثمانينات من القرن الماضي، كون فريق من الأدباء والصحافيين تبنَّوا خيار الحداثة والتجديد أمام فريق متعصب للتقليد والمحافظة والأصالة. وشهدت الملاحق الأدبية في الصحف حراكاً أنتج طبقة ثالثة من أدباء وسطيين أسهمت في تفتيق وعيهم وجهات النظر المتعددة وبث مفهوم تنوع الآراء واختلاف الرؤى والمعايير، بل وبدأت أسماء منظرين ونقاد غربيين وعرب ونظرياتهم تطرق مسامعنا ونتلمسها بحدب ورصد؛ لأنه لم تكن هناك وسائل تواصل ولا فضائيات، بل كانت الصحيفة والمجلة نافذة لنا من العالم وإليه. وأتصور أن من مقومات حضور الثقافة في الصحافة أننا أمة خطابية وشفاهية ومن خصائص بعضهم أنه يفاخر بتنوع ثقافته وتوسع مداركه وتعدد اطلاعه، ولا يمكن له حيازة الجديد إلا من خلال الصحف. ولذا قال شوقي: (لكل زمان مضى آية**وآية هذا الزمان الصحف).
ومن أبرز خصائص الثقافة في الصحف السعودية أنها رسخت الثوابت وعززت اللحمة الوطنية، كون القائمين عليها من رؤساء تحرير ونواب ومساعدين وطنيين ومهنيين ومثقفين ثقافة واسعة وكتاب وأدباء، ومع الاحتفاظ لكل بمقامه ومكانته وتجربته إلا أنني أتحدث عن تجربتي الخاصة، فأقول إن صحيفتي «عكاظ» تقوم على روح التجديد من خلال رئيس التحرير الدكتور هاشم عبده هاشم، الذي يجمع بين الرؤية الوطنية والمهارة الثقافية والروح المهنية، وهو ما لمست معه من تركيزه كثيراً على تفعيل الصفحات الثقافية خبرياً وإبداعياً وفنياً، ودعوته لعرض جماليات النصوص ومحاربة التطرف بالجمال النصي والمعرفي والفني والإبداعي، وتهذيب الذائقة بتعزيز حضور الطرح الإنساني من خلال استقطاب القدرات من الكتاب والشعراء والأكاديميين في مواضيع القراءة النقدية أو كتابة المقالة الثقافية والفكرية، وهناك نماذج كاتبة لافتة في القضايا الثقافية. ومن خلال العمل في صحيفة «الشرق» منحنا قينان الغامدي، رئيس التحرير، مساحة للتجريب بمعناه الحداثوي بمعنى التفكير في صفحات وزوايا محدثة وتفعيلها، منها تنفيذ صفحة البئر الأولى التي استعدت من خلالها مع عدد من الرموز سيرتهم الأولى، ومنهم الوزير الفلسطيني يحيى يخلف والدكتور محمد المسفر. أما صحيفة «الحياة» فكانت تجربة مختلفة كونها لها تقاليد عريقة وحضور الثقافة والفكر فيها علامة بارزة من خلال ملاحق تراث وتيارات وآفاق، وهي منذ تأسيسها صحيفة نخبة، وجاءت في طبعتها السعودية كطفرة وإضافة على يد رئيس تحرير مغامر هو جميل الذيابي الذي يتبنى شعار «افعل ولا حرج». ولعل أبرز حواراتي في «الحياة» كانت مع الشاعر سعدي يوسف والناقد الدكتور سعيد السريحي والشعراء محمد الثبيتي ومحمد بن زايد الألمعي. ولا برحت أشعر أن التجربة لا تزال في بدايتها أو مربعها الأول؛ إذ لا يمكنني تقييم الصفحات الثقافية بموضوعية ومنهجية اليوم إلا برصد دقيق لعدد القراء والاستماع لوجهة نظرهم وحماية الصفحات الثقافية من مزاحمة الإعلان. وأنا على ثقة أن قارئ اليوم له اهتمامات اقتصادية ورياضية وسياسية واجتماعية وفنية وثقافية، لكنه لم تعد هناك محفزات لتعود الملاحق الثقافية إلى ما كانت عليه كملحق المربد الثقافي في صحيفة «اليوم» الذي أسهم فيه أساتذة ورموز ثقافية منهم محمد العلي وعلي الدميني وعبدالعزيز مشري وعبدالرؤوف الغزال وحسن السبع، والمجتمع صولاته الكبرى حول فتاوى وآراء فقهية مكرورة ومستهلكة. وربما لا يتكرر قريباً حراك كحراك الثمانينات كون الحداثة حاضرة في مجتمعنا بفضل التحديث ولم يعد هناك مناوئون بالقوة المضادة ذاتها، إضافة إلى افتتان الناس بوسائل التواصل والانفتاح الفضائي، علماً بأنه من خلال تجربتي المتواضعة يتوافر هامش حرية كبير ربما لا يتوافر عند آخرين سبقونا في إصدار صحف. وأرى أن سقف الحرية ذريعة وهمية، فكل شيء يمكن أن ينشر متى صيغ بمهنية كما يقول الدكتور هاشم. وتظل المنافسة الحقيقية على ما وراء الخبر ثقافياً أو اجتماعياً أو سياسياً. أما الفكر بمفهومه الفلسفي فربما لا تستوعب عقولنا ولا تتسع صدورنا للطرح الفكري بمعناه الاصطلاحي، كونه لا يؤمن بحدود أو ضوابط، وإن كانت هناك قضايا تطرح وأفكار تعرض، إلا أن قبول المجتمع السعودي بالتحولات من خلال إطار عولمي، أذهب الكثير من التحسس من التجديد والمواكبة. ولم تعد الحداثة إشكالية، ونحن نعيش زمناً كونياً لم يعد يعترف بالحدود ولا بالقيود.
* كاتب سعودي. والمقالة جزء من ورقة قدمت في مناسبة ثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.