الرياض يتغلب على الخليج بثنائية في دوري روشن للمحترفين    "باعشن".. يشارك في اجتماع تنفيذي اللجان الأولمبية الخليجية    نائب وزير الحرس: ثقة غالية من القيادة الرشيدة    فهد بن سعد يشكر القيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير القصيم    في حائل.. الطموحات تتحقق وتبشّر بمنجزاتها    الذهب ينتعش 3 % مع انخفاض الدولار وتقلبات اقتصادية.. والأسهم العالمية ترتفع    شؤون الأسرة يرأس وفد المملكة في تمكين المرأة ب«العشرين»    جهود دبلوماسية سعودية في الأزمة الهندية - الباكستانية    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    فهد بن سلطان يرعى حفل تخرج بجامعة تبوك الأربعاء    موعد مباراة الأهلي والشباب في الدوري السعودي    تدريبات النصر من دون رونالدو    الاتحاد والقادسية.. قصة أربع مواجهات في «أغلى الكؤوس»    100 ألف ريال غرامة الحج دون تصريح    الرياض تُصدّر العمارة النجدية للعالم    المملكة وضيوف الرحمن    زراعة سماعة عظمية إلكترونية في 20 دقيقة    مقتل 20 سجينا في السودان إثر غارة جوية    وزير «الشؤون الإسلامية» يلتقي برؤساء وأعضاء المجالس العلمية لجهة مراكش    أوكرانيا وحلفاؤها يقترحون هدنة شاملة لمدة 30 يومًا    اكتمال 13 مشروعا للمياه بالمشاعر المقدسة    هيئة الصحفيين بنجران تنظم ورشة الإعلام والتنمية    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفيًا من وزير خارجية المملكة المتحدة    إبادة عائلة في غزة وتحذيرات دولية من كارثة إنسانية خانقة    القبض على 11 مخالفًا لتهريبهم 165 كجم "قات" في عسير    المواطنة الرقمية المسؤولة    اختتام أعمال البعثة التجارية إلى الولايات المتحدة    علاج جديد لالتهابات الأذن    الأطعمة المعالجة بشكل مفرط تزيد من خطر الوفاة المبكرة    احتفال الجمعية السعودية للروماتيزم باليوم العالمي للذئبة الحمراء    ولي العهد يجري اتصالين هاتفيين مع ملك البحرين وأمير الكويت    الحرفيين الاماراتيين يجسدون الإرث الإماراتي الأصيل خلال مشاركتهم في مهرجان الحرف الدولي بمحافظة الزلفي    باكستان: السعودية شاركت في محادثات وقف النار مع الهند    فليك: برشلونة مستعد لاختبار ريال مدريد    رونالدو يضع شروطه للبقاء مع النصر    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم        "ياقوت" من "زين السعودية" أول مشغل يتيح لزوار المملكة توثيق شرائح الجوال من خلال منصة "أبشر"    الفرق بين «ولد» و«ابن» في الشريعة    الهلال الاحمر بمنطقة نجران ينظم فعالية اليوم العالمي للهلال الاحمر    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يتنافس مع 1700 طالب من 70 دولة    الأرصاد: رياح نشطة على الرياض والقصيم    بث مباشر من مدينة الملك عبدالله الطبية لعملية قسطرة قلبية معقدة    بعد تعيينها نائبًا لوزير التعليم بالمرتبة الممتازة .. من هي "إيناس بنت سليمان العيسى"    نادي القادسية يحصد ذهب ترانسفورم الشرق الأوسط وأفريقيا 2025    'التعليم' تعتمد الزي المدرسي والرياضي الجديد لطلاب المدارس    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    الحج لله.. والسلامة للجميع    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الواقعية في الملف السوري
نشر في الحياة يوم 27 - 12 - 2013

من المثير أن تزدهر السياسة الواقعية في العالم على وقع مقتل مئات الآلاف من السوريين في جريمة لا يحتاج القاتل فيها إلى إخفاء وجهه بقناع وليس مضطراً لإخفاء أدواته وطرقه في القتل، وفي مندرجات هذه الواقعية يقف العالم على أعتاب مرحلة من التغيرات الايديولوجية والإستراتيجية تمتد لتشمل قوساً واسعاً من الواقع والمواقف.
تحت ظلال هذه السياسة، يحصل في الميدان السوري أن يصار إلى التلاعب بالمعطيات لتتوافق مع ظروف اللاعبين ومدى قدراتهم الديبلوماسية وطبيعة المقاربات التي يؤسسونها للحل السوري. جملة من التحركات على ساحة الحدث السوري، تشير إلى وجود هذا النمط من الفعل بقصد تجهيز بيئة مناسبة لتنفيذ التصورات الإقليمية والدولية للحل في سورية، حيث تجرى صناعة آليات الحل واشتراطاته وعدّته الميدانية والميثاقية، وهو ما يؤكد نظرية ان الحل السوري بات رهين توافق دولي وليس لأطرافه المحلية تأثير ولا وزن كبير في هذا الحل.
يدخل في هذا السياق قيام كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بوقف الدعم العسكري «غير القاتل» للجيش الحر، بالتزامن مع إطلاق مفاوضات مع قيادة جبهة القوى الإسلامية، بذريعة ان هذه القوى لديها سيطرة اكبر وقدرات وإمكانيات تؤهلها للقيام بوظائف قد تتطلبها الحالة السورية مستقبلاً، وكان سبق ذلك تحذير المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) مايكل هايدن، من سيناريوات «مرعبة جداً جداً» تلوح في الأفق السوري، ليس من بينها انتصار المعارضة، ولعل المفارقة الكبرى اعتبار انتصار الأسد من أفضل تلك السيناريوات، ولا شك في ان مثل هذه الرؤى يؤثر في عمليات تقدير المواقف التي تجريها الأطراف الغربية تجاه الحدث السوري وتالياً التأثير في صناعة القرار الخاص بالحدث.
هذه التحولات وغيرها من المواقف الغربية حول المسألة السورية، يجرى بناؤها في ظل ما يسمى بالتوجه الواقعي في التعامل مع الأزمات العالمية، وقد جرت ترجمته الحرفية في اتفاقي الكيماوي والنووي مع نظام بشار الأسد في سورية ونظام الملالي في إيران، وقد جرى تبرير عقد هذين الاتفاقين تحت ذريعة أفضل الممكن والمتاح، على اعتبار أنه الخيار الأقل سوءاً من الخيارات الأخرى والتي كانت تتطلب إجراءات عسكرية غير مضمونة النتائج.
هذه السياسة الواقعية تحاول تكريس مرتكزاتها عبر المختبر السوري تحديداً، حيث نقطة الانطلاق تتمثل بالتوافق الدولي، وهو ما يتطلب أن تضمن التوافقات المدرجة في إطارها قبول الأطراف الدولية بصيغة الحل، مما يعني انطواء الحل المطروح على توليفة معينة تناسب تلك الأطراف، أما المرتكز الثاني فيقوم على تكييف الأوضاع الميدانية مع مقتضيات الحلول السياسية ومقاساتها بحيث تتوافق تلك الأوضاع مع التصاميم المعمولة للحلول وليس بناء الحلول تبعاً للأوضاع الميدانية ومتغيراتها.
تبعاً لهذا التحليل، صار واضحاً أن حالة «الستاتيكو» التي تكرست لفترة طويلة في الواقع الميداني السوري، لم تكن تعبّر عن أوضاع ميدانية حقيقية، بقدر ما هي إدارة خارجية لمسرح العمليات وهندسة دقيقة كان المقصود منها تجهيز مسرح الحدث للحل، بعد إقناع الأطراف المتصارعة باستحالة الفوز بالمعركة.
غير ان عملية بناء المعطيات الجديدة في الواقع السوري بدا وكأنها تطلبت تدخلات دولية عنيفة وترتيبات خاصة لإجراء تعديلات معينة في تأثير بعض الأطراف الداعمة للمعارضة، فليس سراً التداخلات الهائلة التي تنطوي عليها قوى المعارضة واختلاف طبيعة عملها وتكتيكاتها وإستراتيجياتها الميدانية والسياسية تبعاً لأهداف الأطراف الخارجية الداعمة، بل وطبيعة رؤيتها للصراع وأهدافه ومآلاته. وعليه، فإن تظهير فصيل سوري وتهميش فصيل آخر يعنيان الحد من أدوار الأطراف الإقليمية الداعمة له.
والسؤال الذي يطرح نفسه تالياً، بناءً على جملة المناقلات الحاصلة في المسرح السوري وتغيير أدوار ومواقف الأطراف ذات التأثير المهم استباقاً لمؤتمر جنيف، وبالنظر إلى السياسة الواقعية التي تحاول تأطير الحل وإخراجه وفق مقتضياتها: كيف ستكون طبيعة الحل المنتظر وما هي احتمالاته؟
في الواقع، تشير التوجهات الأميركية الجديدة، والموقف الروسي الداعي إلى تشكيل قوى جديدة من النظام والثورة لمحاربة الجهات المتطرفة باعتبارها الخطر الأساسي والملح في هذه المرحلة، إلى نمط جديد من الحلول يقوم على صيغة قريبة من هذه الطروحات، بحيث تتم المحافظة على جزء من النظام والإبقاء على هيكلية المؤسسات الموجودة، مع تطعيم هذه المؤسسات بقوى جديدة تمثل المعارضة أو الجزء الذي يراد تأهيله وتجهيزه لهذه المرحلة، على أن تجرى لاحقاً قوننة هذه الحالة من خلال دستور جديد يمثل العقد الاجتماعي الجديد لسورية يتضمن الضمانات المطلوبة لمختلف أطراف الصراع وحقوق المكونات كافة.
هل من الممكن توطين مثل هذا الحل في البيئة السورية؟ الجواب: الصراعات الوطنية التي غالباً ما تفتح على تدخلات خارجية تصبح رهينة توافق المتدخلين، ذلك أن القرار فيها يصبح بدرجة كبيرة للطرف الممول والداعم والحامي... متى؟ عندما تفقد أطراف الصراع الداخلية كل عوامل القوة الذاتية. هل وصلت أطراف الصراع السوري إلى تلك العتبة؟
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.